الكسارات معامل الياجور.. كمائن الموت بالتلوث



أمانة العاصمة: أغلقنا 11 محرقة ياجور 45 سيتم إزالتها خلال 3 أشهر
6 كسارات تلوث سماء صنعاء وتعمل بصورة مخالفة

عندما نتحدث عن البيئة فإننا نتحدث عن عدد من الظواهر السلبية التي تعصف بالمجتمع ووصلت إلى حد يفترض معه تكاتف جهود المسؤولين لوضع الحلول الحاسمة لها ومن هذه الظواهر محارق الياجور التي تنتج الطوب الأحمر المستخدم في البناء كذلك كسارات الصخور وكلاهما تلوث الأجواء بما تنفثه من الدخان والغبار وتشكل سحابة من التلوث يراها الجميع بوضوح في الصباح الباكر والمصيبة بأن هذه الظاهرة تتركز في أمانة العاصمة الآهلة بالسكان ورغم تحذيرات حماية البيئة من أن ما تسببه هذه المحارق والكسارات يفوق المعايير الدولية لمخلفات المصانع في المدن العالمية وهو نفس التحذير الذي كشفته أمانة العاصمة.. (الثورة) تسبر أغوار المشكلة عبر هذا التحقيق..

تحقيق/حاشد مزقر
بعد أن كثرت شكاوي المواطنين وزاد عدد المطالبين بالتحقق من الأخطار الناتجة من غبار الكسارات وأدخنة محارق الياجور المنتشرة في بعض مديريات أمانة العاصمة كان ?بد من القيام بجو?ت استطلاعية والبحث عن كثب وعلى مدى 10أيام للتحقيق من المشكلة وأبعادها.
وقد ?حظنا وجود سحابة كبيرة من الغبار في شرق العاصمة وتحديدا في منطقة سعوان ومديرية شعوب وعند سؤالنا للجهات المختصة في صحة البيئة أفادونا بان الكسارات المتواجدة في هذه المناطق تعد الملوث الأول لجو شرق العاصمة واحد الكسارات الكبيرة تخلف نسبة كبيرة جدا من الغبار وهي تتبع الدولة وتحديدا الأشغال العسكرية
اخبرنا أحد المواطنين القاطنين بالمنطقة بأنه قد شهد عددا من الحالات المرضية وخاصة بين النساء والأطفال وكبار السن كونهم ?يستطيعون أن يتحملوا هذا الجو الخانق معلوماتنا التي حصلنا عليها من سكان المناطق المجاورة للكسارات ومحارق الياجور من خلال استطلاع عدد من الآراء تفيد بأن معاناتهم كبيرة والخطر الذي يحدق بهم يتضاعف مع كل شهقة أكسجين يشهقونها وسبق بأن قدموا شكواهم إلى الجهات المعنية مرارا وتكرارا أسفرت عن عددا من الحملات من قبل أمانة العاصمة لازالت الكسارات ومحارق الياجور لكنها لم تشملها كلها فيما عاودت بعضها العمل مرة أخرى.
التقينا بأحد أصحاب الكسارات وطلب عدم ذكر اسمه وسألناه عن سبب امتناعهم عن إيقاف العمل فأجاب: تكاليف إنشاء الكسارات باهظة ونحن نطلب التعويض العادل فمن غير المعقول أن يسمح لنا بمزاولة العمل ثم يتم منعنا بعد أن أنفقنا الملايين في شراء المعدات مع العلم بان التوسع العمراني قد أدخلنا في دائرة الأحياء السكانية فيما كنت من قبل خارجها.
صالح علي مالك إحدى محارق الياجور بمديرية بني الحارث يقول : تم منحنا تصاريح لمزاولة هذه المهنة قبل نزول المخطط وبعد التوسع العمراني ونزول المخططات يريدون نقلنا إلى مناطق ستدخل في النطاق السكاني بعد سنوات قليلة وكأنهم ?يبحثون عن حلول نهائية و?يرغبون تعويضنا التعويض المناسب والعادل رغم أن هذه المهنة تعتبر واحدة من أدوات أساليب البناء المعماري القديم.
حلول وقتية
وحول الوضع الحالي لمحارق الياجور قال محمد البدوي مدير صحة البيئة في مديرية بني الحارث: صدرت تعليمات بإزالة هذه المحارق لضررها الكبير على الإنسان والبيئة من قبل النيابة وبتعاون أمانة العاصمة تم نقل بعضها إلى أماكن غير آهلة بالسكان غير أن هذا الحل ?يقتلع هذه المشكلة من جذورها والمفترض أن يتم تطوير هذه المهنة وإضافة فلترات لتنقية الأدخنة المتصاعدة من المحارق كما يجب أن يتم تصميم ودراسة ورسم مخططات حضريه للكسارت والمحارق بحيث ?يأتي يوم من ا?يام ونضطر لأزالتها مرة أخرى
56 محرق ياجور
فيما أزالت أمانة العاصمة خلال الأيام القليلة الماضية 11محرقة ?نتاج الياجور لكن هناك 45 لازالت تعمل في عدد من المديريات بالأمانة ولتوضيح الصورة التقينا يحيى جميل وكيل أمانة العاصمة حيث قال: نتيجة لتلوث الكبير الذي تخلفه محارق الياجور والتي تنتج الطوب الأحمر الشعبي وكذا كسارات الصخور والمتوجداة في مناطق متفرقة بالأمانة والذي زاد عن المعايير الدولية في المدن الصناعية قمنا باتخاذ إجراءات سريعة بالنسبة لمحارق الياجور أعددنا خطة ?إزالتها وفي المرحلة الأولى أزلنا 11محرق وخلال 3 أشهر سننتهي من إزالتها بالكامل
وشدد جميل بأن أمانة العاصمة ستتخذ إجراءات حاسمة ضد المخالفين وفقا لتوجيهات امين العاصمة كون هذا الوضع يجب أن ينتهي خاصة وعدد سكان العاصمة يتخطى حاجز 2مليون وارتفاعها عن سطح البحر يجعل من نسبة الأكسجين فيها قليل جدا لذا يجب أن تمنع كل أسباب التلوث فيها وتوفر البيئة الصحية للناس كما أن أمانة العاصمة تقوم بالتعويض العادل لاصحاب هذه المحارق وتوفر المكان البديل خارج الأمانة لمن يريد مواصلة هذه المهنة.
وعن الكسارات قال:?تختلف كسارات الصخور في طبيعة عملها عن محارق الياجور فهي تلوث الأجواء بالغبار والأتربة وكانت أمانة العاصمة قد ازالت خلال الفترة السابقة عدد كبير من منها وأخرجتها إلى مناطق بعيدة غير آهلة بالسكان إلا ان الظروف التي مرت بها البلد جعلت من البعض يعاود العمل فيها والإشكالية الان تتمثل في 6كسارات وفي الأيام القادمة سنعالج هذه الإشكالية.
ناقوس خطر
يشير الدكتور محمد الاصبحي مدير عام صحة البيئة في أمانة العاصمة إلى الآثار السلبية بالقول :ما تنفثه هذه المحارق والكسارات من الدخان والغبار في الأجواء يجعلنا ندق ناقوس الخطر كون هذا التلوث يصيب أعضاء الإنسان مباشرة وهو يفوق التلوث الذي تسببه عوادم السيارات بعشرات المرات.
ويضيف: وبهذا الشأن صدر قرار مجلس الوزراء بنقل الكسارات خارج العاصمة وحدد أماكن بديلة لها تحت إشراف وزارة الصناعة و وزارة الثروات المعدنية وبالفعل تم نقل العديد منها لكن بقي عددا منها حيث تعثرت عملية إخراجها بسبب الظروف التي مرت بها البلد .وألان قمنا بإشعار جميع مالكي الكسارات وسيتم نقلها إلى الاماكن المحددة سلفا من قبل وزارتي الصناعة والمعادن.
وقال:ومن المعروف بأن محارق الياجور كانت تتركز في مديرية شعوب وتم نقلها في التسعينات إلى مديرية بني الحارث وبسبب التوسعات السكانية دخلت الإطار الآهل بالسكان وهذا يدل على فشل وإخفاق المخططات في استيعاب النمو السكاني والمعماري ومن المفترض الآن تلافي هذا الخطأ.وعدم الوقوع فيه مرة أخرى.
الأخطار الصحية
ما تتعرض له صحة الإنسان من استنشاق الهواء الملوث بالدخان والغبار يقتضي تضافر الجهود لإزالة كل مسببات التلوث.. عن هذه الأخطار الصحية يتحدث الدكتور عمرو جابر رئيس منظمة صحة وبيئة الإنسان بالقول :الدخان المتصاعد من محارق إنتاج الياجور يتكون من غاز أول أكسيد الكربونCO الذي يمتصه الدم بسهولة عبر الرئتين ليخترق الهيموجلوبين ويقلل من وصول الأكسجين إلى خلايا الجسم وأنسجته واستنشاق الهواء الملوث بهذا الغاز يجعل الإنسان يشعر بالخمول والصداع وهذا ?يحدث مع سكان القرى نظرا لنقاء الجو وصفائه.
وحذر من بقاء الحال في أمانة العاصمة وقال :يحتوي هذا الدخان على غاز ثاني أكسيد الكبريت الذي يتحد مع بخار الماء وبالتالي تزداد خطورته عند هطول الأمطار وحدوث ما يسمى الأمطار الحامضية التي تلوث التربة وتؤثر على البيئة الزراعية كما ان الغبار الناتج من عمل الكسارت والذي ينتشر في الجو وبجزيئات دقيقة يعد العامل الأول الإصابة بأمراض الربو ويستهدف بدرجة كبيرة الأطفال وكبار السن بسبب ضعف الجهاز التنفسي لديهم.
في مديرية بني الحارث يتمركز محرق ?نتاج الياجور وسط مزارع كثيفة الأشجار لكن أوراقها تكاد تكون سوداء اللون واخبرنا مالك مزرعة مجاورة بأن ثمار الأشجار تتساقط قبل نضوجها وأمام تعنت صاحب هذا المحرق نشب نزاع كادت ان تكون عواقبه وخيمة وأهالي هذه المنطقة وغيرها ينتظرون خطوة جادة من الجهات المسؤولة لا تستثني أحد لأنها مصيبة أن يستنشق الناس الأكسجين الملوث نتيجة نشاط تجاري يمارسه بضعة أشخاص.

قد يعجبك ايضا