التجربة الإثيوبية وفيلم التجربة الدانماركية
ناجي عبدالله الحرازي
لا أعتقد أن هناك مشكلة في أن تتبادل الجهات المختصة في اليمن الخبرات ونتائج التجارب مع دول شقيقة وصديقة لتتعلم منهم أو ربما ليتعلموا منا لكن من المفيد أن يستوفي تبادل الخبرات هذا الشروط اللازمة لنجاحه.
أول هذه الشروط بطبيعة الحال أن تكون الدول الأخرى التي نرغب في الاستفادة من تجربتها تعيش ظروفا مشابهة لظروف اليمن ويعيش فيها شعب أقرب إلى شعب اليمن .
وثاني الشروط هو أن يقوم بالزيارة مسئولون تنفيذيون أو أصحاب قرار لعلهم ينقلون إلينا أفضل ما تعلموه من تجارب الغير ثم يبدأون بتطبيق ما ينفعنا ويلائم ظروفنا ما إن يعودوا إلى أرض الوطن .
أما أن نرسل وفودا لدول تختلف أحوالها عن حالنا ويختلف شعبها عنا تماما أو أن يقوم بالزيارة من اليمن ساسة أو منظرون أو حتى أكاديميون لاعلاقة لهم بالعمل التنفيذي ليلتقوا بأصحاب قرار في الجانب الآخر .. فذلك ليس سوى مضيعة للوقت والجهد وهرا لبدل وتذاكر السفر ناهيك عن هدر وقت وجهد الدول المعنية..
فقد تابعنا مؤخرا أخبار رحلة الإخوة والأساتذة الأفاضل وبعضهم كما قيل أعضاء في مؤتمر الحوار الوطني أو وزراء سابقون أو برلمانيون ونشطاء إلى الدولة الصديقة والجارة غير البعيدة أثيوبيا .
وتابعنا ما تردد بشأن جلسات نقاش ومحاضرات حول التجربة الإثيوبية وما يتعلق بالشئوون الدستورية وحل الصراعات وإقامة هيكل حكومة فيدرالية .. وغير ذلك من الأشياء التي قد تبدو مفيدة من الناحية النظرية تماما كما هي نتائج الزيارة بالنسبة لمن قاموا بها ..
لكن من الناحية العملية وإذا ما تأملنا ما ستستفيد منه اليمن من هذه الزيارة ومثيلاتها فلابد من إجراء مقارنة بريئة بين حال إثيوبيا الأرض وإنسان وحال اليمن
حتى لا نكرر سيناريو وتفاصيل الفيلم السينمائي المصري “التجربة الدانماركية” الذي أدى دور البطولة فيه النجم الرائع عادل إمام … مع الإعتذار له ولمنتجي الفيلم !!
صحيح أن اليمن وإثيوبيا دولتان جارتان من الناحية الجغرافية ولايفصل بينهما سوى مياه البحر الأحمر ودولة إريتريا التي انفصلت عن إثيوبيا …
وصحيح أننا نعلم الكثير عن إثيوبيا منذ عصر الإسلام وحتى وقتنا الحاضر ..
لكن بالله عليكم هل هناك من الصفات المشتركة التي تجمع بين شعبينا أكثر من مجرد تشابه لون البشرة وربما بعض مشاعر الطيبة والبساطة والنزوع إلى السلم والسكينة التي يتمتع بها معظم الإثيوبيين والقليل جدا من اليمنيين طبعا إضافة إلى عادة مضع نبات القات التي تنتشر بشكل كبير في اليمن السعيد بينما لا يهتم بها كثير من الإثيوبيين
فالشعب الإثيوبي غير مسلح ولا يحب السلاح بينما نحن نفخر بحمل السلاح ولا نتردد في استخدامه لأتفه الأسباب ..
والشعب الإثيوبي يعي مفهوم المواطنة الصالحة ومعنى الدولة وعلاقتها بالشعب والأرض بينما شعبنا البطل ما يزال يعاني من مشكلة وهو يبحث عن مفهوم المواطنة .
كما أن غالبية اليمنيين لايعبأون بالأنظمة والقوانين التي يفترض أنها تنظم حياتهم .. بينما الإثيوبيين لا يجرؤون حتى على مخالفة إشارات المرور
والأدهى أن أعضاء الوفد أو بعضهم صرحوا بأنهم ذهبوا إلى إثيوبيا للاستفادة من تجربتها فى تطبيق النظام الفيدرالي لأن النظم الفيدرالية فى النمسا وألمانيا ودول أخرى قاموا بزيارتها لا تتناسب مع الواقع اليمني.
كما صرحوا بأن اليمن أقرت تطبيق النظام الفيدرالي وأنها ترغب في تطبيق نظام فيدرالي مماثل للنظام الذي يتم تطبيقه فى إثيوبيا دون أن يبينوا لنا كيف سنتحول من النظام الحالي “الهوشلي ” الذي لا يعرف الكثير منا ما إذا كان مركزيا- لأنه لاتوجد دولة مركزية قوية بعد – أو اتحادي – لأن مفهوم الوحدة أو الاتحاد لايبدو سائدا حتى على مستوى المحافظات وإلا لما كنا تابعنا بين الحين والآخر أنباء نزاعات قبلية سببها خلاف على الحدود بين أراضي القبيلتين !!!!
الشيء الوحيد الذي قد يجمع اليمن بإثيوبيا هو مؤشر الديمقراطية الذي تعرضه علينا مؤسسة ذاإيكونومست البريطانية سنويا .. فوفقا لهذا المؤشر لا تبعد إثيوبيا كثيرا عن اليمن ففي إثيوبيا نظام الحكم يغلب عليه الطابع الاستبدادي أشبه بنظام الحزب الواحد أما في اليمن فما أكثر أحزابها وتكتلاتها السياسية لك انتخاباتها البرلمانية معطلة لأجل غير مسمى.