أن تتحدث عن حديقة عامة فذلك بلا أدنى شك يوحي لك بجمال المكان الذي خصص ليكون متنفسا للناس الذين ضاقوا ذرعا بنمط الحياة اليومي بروتينه الممل فتراهم يقصدون هذه الحدائق العامة للترويح عن أنفسهم والاستمتاع بالمناظر البديعة والملاهي والألعاب والأنشطة الترفيهية والتثقيفية… إلخ. غير أن كل ذلك يبدو بعيدا كل البعد عن واقع حدائقنا العامة التي تعاني الإهمال بكل ما لتلك الكلمة من معنى.
أنشئت حديقة الثورة في العام 1975 لتكون إحدى أكبر حديقتين في أمانة العاصمة بل كانت توصف بأنها رئة العاصمة صنعاء وزرعت حينها بأنواع عديدة من الأشجار كالكافور والأثل وغيرها والتي لولاها لكانت الحديقة الآن مجرد أرض قاحلة لا تحمل أيا من معاني اسمها.
وأنت تتجول في حديقة الثورة سيداخلك شعور بأنك في منطقة مقطوعة فلا بقالة ولا كفتيريا ولا مطعم ولا أي من متطلبات التنزه والترفيه ما يعني أنك يجب أن تستعد بكل حاجياتك قبل القيام برحلتك الخلوية إلى هذه الحديقة التي لن تجد فيها حتى مكانا مخصصا للجلوس بل عليك أن تبحث لك عن مكان بين أكوام الأتربة والنفايات ومخلفات البناء التي تتوزع أرجاء المكان.
فيما عدا الألعاب الكهربائية التي تحتل المساحة الواقعة في الركن الشمالي الشرقي من الحديقة والذي استأجره أحد المستثمرين ليس ثمة ما يدل على أن هناك متنفسا حقيقيا يلبي حاجة المواطنين إلى الترفيه والتنزه والترويح عن أنفسهم فكل أرجاء المكان يستعمرها الإهمال مساحات ترابية لم يتم استزراعها أشجار فقدت الأمل فماتت واقفة نفايات وأكياس بلاستيكية متناثرة هنا وهناك شجيرات مطرية يابسة مخلفات بناء مشاريع متعثرة آبار ارتوازية متوقفة كافتيريا مغلقة بعد أن نالها من الخراب ما نال عيادة مقفلة مسرح لم يستكمل بناؤه….. إلخ.
حفريات لا أحد يعلم الغاية منها وأكوام تراب تشغل مساحات كبيرة من الحديقة في حين يتحدث البعض ممن يرتادون الحديقة بشكل شبه دائم عن ناقلات كبيرة تدخل الحديقة وتخرج محملة بالتربة يزعم بعضهم أنه يتم بيعها لأصحاب المزارع..
أما من حيث التكوينات الجمالية فإن الحديقة تفتقر إلى أبسط تلك التكوينات حيث لا توجد نافورة مياه واحدة على امتداد تلك المساحة الشاسعة بالإضافة إلى افتقارها للمسطحات الخضراء وغيرها من التشكيلات الجمالية.
يقال إن الصورة أبلغ من أي وصف سيما في مثل هذا الموقف وهذا التحقيق المصور يعكس جانبا من حالة الإهمال والفوضى التي تعانيها حديقة الثورة ولن نخفي أملنا في أن حصاة قد ألقيت في المياه الراكدة وأن تلتفت الجهات المعنية إلى معاناة هذا المتنفس الهام الذي ظل لسنوات ولا يزال مسرحا للإهمال والفوضى واللامبالاة.