> أكاديميون : لا فائدة علمية من الرحلات التي تنظمها المدارس حاليا .
> وزارة التربية : قصور في تنفيذ الخطة المدرسية وغير راضين عن برامج الرحلات.
> مدراء مدارس : الرحلة تجدد نشاط الطلاب ورسومها رمزية .
تعتبر الرحلات المدرسية جزءاٍ لا يتجزأ من العملية التربوية والتعليمية باعتبارها نشاطاٍ رديفاٍ للمنهج الدراسي وهذا ما تضمنته الخطة المدرسية التي وضعتها وزارة التربية بداية كل عام دراسي حيث تنمي هذه الرحلات مفاهيم وقيم الطالب للتعرف على تراث وتاريخ بلاده وتعزز قدراته التعليمية والثقافية إلا أن هذا البعد العلمي الثقافي لم يعد موجوداٍ بعد أن تحولت الرحلات العلمية في المدارس إلى أنشطة جبايات مالية من الطلبة لا تعود بنتائج مْرضية .
وفي هذا التحقيق يقيم تربويون واقع الرحلات التي تقيمها المدارس فإلى التفاصيل :
في البداية قالت نهى اليدومي – طالبة في المرحلة الثانوية : قاربنا على التخرج من الثانوية العامة ولم تبادر إدارة المدرسة بعمل رحلة علمية نستفيد منها وأن الرحلات دائما ما تكون إلى الحدائق فقط ولا ننكر أنها ممتعة لكن نريد رحلات مفيدة علمياٍ .
ويوافقها الرأي محمد أبو طالب – ثانوية عامة- الذي يقول: نريد الخروج مما هو معتاد في تنظيم الرحلات والتنوع في شتى المجالات لننمي معارفنا ومعلوماتنا إلا أنه وبحجة الانفلات الأمني لا تستطيع إدارة المدرسة تنظيم رحلة هادفة .
ندعم مصلحة الطالب
أما بعض أولياء الأمور فلهم وجهة نظر تختلف عن وجهة نظر الطالب وإدارة المدرسة حيث يقول عبدالله البرطي : لا داعي لعمل أي رحلة مهما كان هدفها وذلك لأن الوضع الأمني غير مناسب نهائيا وقد يتعرض الطلاب بسببها للخطر .
فيما يرى أحمد الجبلي- ولي أمر- أن الطلاب بحاجة كبيرة إلى ما ينمي قدراتهم ويعزز ثقافاتهم ويجب أن تكون الرحلات ضمن تعليمات المنهج الدراسي والقيام بها على الأقل مرة كل شهر وتحديد الوقت المناسب لذلك ونحن كأولياء أمور ندعم ذلك لمصلحة أبنائنا ولكن ما نراه الآن هو رحلات ترفيهية لا فائدة منها والأمر أن رسومها تزيد دون نتائج هادفة ولذلك لابد من إعادة ترتيب الخطط التي تضعها وزارة التربية وأيضا عمل قرار تلتزم به جميع المدارس دون استثناء في تحديد الرسوم الخاصة بالرحلات وتحديد أهدافها.
لا تخدم المنهج
من وجهة نظر أكاديمية تربوية يقول الدكتور صالح النهاري – نائب عميد كلية التربية صنعاء -: الكثير من المدارس تقيم رحلتين في العام وأكثرها ترفيهية إلى الحدائق وغيرها من المنتزهات والتي قد لا يستفيد منها الطالب شيئاٍ وغابت معها الرحلات العلمية التي تخدم الطلاب وتربيتهم الروحية والبدنية وتعزز الثقافة التاريخية بمشاهدة بعض المعالم والآثار وغيرها وتزيد من أواصر العلاقات والأخوة بين الطلاب فأصبح هناك مبالغة في رسوم الرحلات وقد يحرج الطالب الصغير ولي أمره إن كان لا يوجد لديه المال الكافي خاصة إذا لديه العديد من الأطفال في مدرسة واحدة ويريد إرضاءهم جميعاٍ وأضاف: يجب أن تقوم وزارة التربية والتعليم بالحد من هذه الظاهرة التي تؤثر على الطلاب لأنها أولاٍ لا تخدم المنهج ومن ثم تؤثر على أولياء الأمور وحالتهم المادية وعلى مدراء المدارس أن يشعروا بأن أبناءنا لديهم أمانة وأن لا يجعلوا الرحلات ترفيهية فقط وإنما يجب أن يكون فيها نوع من التعليم وغرس بعض القيم المصاحبة للمنهج .
ترفيه فقط
مقبل نصر – مستشار تربوي بجامعة صنعاء يقول: إن ما تقوم به المدارس الآن هو رحلات ترفيهية مرة في السنة لا علاقة لها بالمقرر ويجب أن تكون الرحلات المدرسية تعليمية في إطار المنهج والمقرر المدرسي ليستنبط منها الطالب معلوماته بنفسه بالمشاهدة الواقعية وسماع ذوي العلاقة وتدوين الملاحظات بدلا من التلقين في الفصل لأنه يستخدم السمع والبصر في تلخيص دروس عدة من رحلة واحدة وقد يشارك ببعض الأنشطة العملية.
أماكن قليلة ومحصورة
كي تتضح الصورة أكثر التقينا عبدالكريم الضحاك – مدير الأنشطة المدرسية في مكتب التربية بأمانة العاصمة- الذي يقول :
– تتضمن الخطة التي نضعها بداية العام الدراسي نشاطات منها الجانب الاجتماعي ووجود الرحلات ويتم التنسيق بين الإدارة المدرسية والمنطقة التعليمية المعنية والمسئولة عن المدارس الحكومية أو الأهلية وهناك موجهون موزعون على المناطق التعليمية إلا أنه لا يوجد كادر متخصص في جانب متابعة الأنشطة المدرسية كالرحلات ويتم التركيز على مدراء المدارس بأخذ الطلاب لزيارة الكثير من الأماكن إلى جانب دعوتهم للمشاركة في المهرجانات وهناك حرية للمدارس ولا نقيدها لارتباطهم بخطة تعليمية إلا أن هناك قصوراٍ في عدد من المدارس لتنفيذ الخطة ونحن غير راضين عن البرامج التي تنظم فيها الرحلات لأن الأماكن التي يجب زيارتها تركزت في العاصمة صنعاء على المتاحف والحدائق العامة والمصانع وهي قليلة ومحصورة.. وتابع بالقول: كما أنها تلعب دوراٍ مهما وتعكس الجانب الايجابي في تنظيم الرحلات إلى جانب أن الازدحام والكثافة داخل المدارس يشكل عائقاٍ أمام الاستفادة من الرحلات ويضيف: إن الرحلات الخارجية والأثرية من محافظة أو منطقة إلى أخرى عامل مهم لكن الجانب الأمني يلعب هذه الأيام دوراٍ كبيراٍ حتى على مستوى أمانة العاصمة بسبب الخوف على الطلاب من الجانب الأمني وإن كان هناك رحلة فلا تنفذ إلا بعد الكثير من الموافقات والإجراءات وليست بالشكل المطلوب مما يجعل هذا البرنامج ضعيفاٍ رغم أنه من أهم البرامج الترويحية لطلاب المدارس .
ويؤكد الضحاك: إن للرحلات أهدافاٍ تربوية ونرفض أي أهداف مالية وأعتقد ليس هناك استفادة تعود لإدارة المدرسة ومن الصعوبة أن توفر وزارة التربية والتعليم ميزانية تشغيلية لرحلات المدارس وما هي إلا مساهمة من الطالب فقط للباص وليس هناك أي جباية مالية أخرى يقدمها الطالب .
نشاط مهم
الجميع يتحدث عن الأهمية لكن كيف¿ تقول آمنة سالم – مديرة مدرسة بسمة وطن- : إن الرحلات المدرسية من أهم الأنشطة التي توضع في الخطة المدرسية سنويا ومنها الرحلات الترفيهية والعلمية أو الثقافية والتي من فائدتها تجديد نشاط الطلاب وترغيبهم في المدرسة وأيضاٍ تثبيت المعلومات من خلال زيارة أماكن لها علاقة ببعض الدروس وتساعد على خروج الطالب من الجو المعتاد في المدرسة حيث يفضل الطلبة الرحلات مع المدرسة أكثر من الرحلة مع أفراد الأسرة لاجتماع الزملاء .
وقالت :عادة تكون رسوم الرحلات رمزية ولا تثقل كاهل ولي الأمر كما تحرص إدارة المدرسة أن لا تحرم من يرغب بالذهاب ولا يملك المبلغ المطلوب فتتكفل بالرسوم أو قد يكون هناك عائد فائض من المبلغ المجموع للرحلة فيعطى جزء منه لمن لا يستطيع الدفع وأضافت: الغالبية من أولياء الأمور يرحبون بمشاركة أبنائهم في الرحلات المدرسية لأنهم يشعرون أنهم لا يتفرغون للترفيه عن أبنائهم لانشغالهم في العمل والبعض يعارضون وتختلف الأسباب منها مادية ومنها عادات عائلية أو خوف وحرص أو تشدد وفي كل الأحوال فإن الرحلات المدرسية مهمة ولا بد منها ومن تنوعها .
وتوافقها عزيزة أبو طالب – وكيلة ومسئولة عن الأنشطة الثقافية والإعلامية والرياضية بمدرسة ثانوية الجيل الجديد- في أن الرحلات المدرسية تكسر الروتين الممل داخل المدرسة ويجدد فيها الطالب نشاطه وتضيف: إن مثل هذه الرحلات تقوم بها إدارة المدرسة بعد مرور النصف الدارسي الأول وتكريم الطلبة الأوائل وتكون الرحلات داخل أمانة العاصمة للحدائق والمتاحف والجامعات التي يستفيد منها الطلاب بمعلومات حال تخرجهم من المرحلة الثانوية واستعدادهم للجامعة وتؤكد أن الطالب تتشكل لديه نظرة بعد زيارة الجامعة عند تخرجه من المدرسة يحدد من خلالها ما يريد حتى يتجه اتجاها سليماٍ إلى التخصص الذي يريده في المستقبل ودعت الإدارات المدرسية والجهات المعنية إلى أن تساعد الطالب على البحث العلمي وزيارة الجامعات التي تعنى بمواهب الطلاب وابتكاراتهم العلمية لتحقيقها ليكون إنساناٍ ناجحاٍ إن شاء الله.
فيما أكد إبراهيم المسوري – وكيل مدرسة الطليعة : إن عدم وجود تنسيق فيما بين المدارس والمناطق التعليمية وكذلك مكاتب التربية على مستوى المحافظات ثم الوزارات والجهات الاستثمارية قد يترك المجال مفتوحا لإدارات المدارس بتحديد الرسوم التي تريد مقابل الرحلات وطالب بوجود تنسيق ليخفف ذلك من الأعباء على أولياء الأمور خاصة فيما يتعلق بالرحلات الترفيهية وما تحتاجه من رسوم كبيرة كما لفت إلى أن التنسيق بين الجهات المختصة يحد من حدوث أي مشاكل أو إرباكات في مكان الرحلة بسبب وجود أكثر من مدرسة وعدد كبير من الطلاب دون موعد سابق مما يؤدي إلى فوضى وأخطار جراء الاحتكاكات التي قد تحدث بين الطلبة.
ويضيف أنه أحياناٍ تزيد رسوم الرحلات من العبء على ولي الأمر خاصة إن كان لديه أكثر من طفل ولكن لا تقام رحلة إلا ولها أهداف لأن الرحلات الجماعية تزرع الحب بين الطلبة والود بين الطالب والمعلم ويكون هناك نوع من الألفة و نحقق في يوم واحد من رحلة ما لم نستطع تحقيقه طوال العام الدراسي ويعود الطلاب أكثر ألفة وتعاوناٍ.
ويرى المسوري: إن عدم الاهتمام بالرحلات العلمية يعود إلى عجز في المنهج الذي لا يعزز بدوره الثقافات التي يجب أن يتعرف عليها الطالب ولابد من ربط المنهج كجانب نظري بجانب علمي وميداني إضافة إلى أن المعلم لم يحصل على مثل هذه المعلومات أثناء دراسته الجامعية أو عمله في الميدان وربما يولد لديهم شعور الخوف من قيام رحلة لشرح وتوضيح درس ما إلى جانب كثير من المعوقات التي تمنع من عمل رحلات علمية لذلك يجب أن تعمل إدارات المناطق التعليمية أو المدرسية على بث برامج توضح أهمية الرحلات العلمية وأدوارها في تعزيز الولاء وحب العلم والرضا سواء بالنسبة للطالب أو المعلم أو لولي الأمر .
تنسيق مسبق
أحياناٍ يكون هناك تنسيق مسبق ما بين الحدائق والمدارس لعمل إجراءات من شأنها ترفيه الطالب مجلي يحيى- إداري بحديقة الثورة يقول : هناك تنسيق ما بين المدارس وإدارة الحدائق قبل الرحلة بأيام لعمل تخفيض في تذاكر الطلاب تصل إلى خمسين ريالاٍ والتنسيق المسبق يكون أغلبه مع المدارس الخاصة لشرائهم التذاكر بأنفسهم وتوزيعها على الطلاب ويضيف: قد يحتاج الطلاب تذاكر إلى جانب ما تم توزيعه من المدرسة فنوفرها لهم وأما عن المدارس الحكومية فالمجال مفتوح ولا تنسيق سابق خاصة أن عدد طلاب المدارس الحكومية قد يفوق في الرحلة الواحدة (400) طالب فيتم عمل خصم 10% من إجمالي قطع التذاكر إلى جانب تقديم تذاكر مجانية للمدرسين كما يتركون للطلاب شراء التذاكر بأنفسهم ولا يتحكمون بعددها ليأخذ الطالب راحته باللعب في الرحلة وينطبق ذلك على بعض الحدائق الترفيهية .
تصوير/مراد مبروك