بعد أيام قلائل من حادثتي إحراق وتدنيس المصحف الشريف في مملكتي السويد وهولندا وتصنيف حكومتي البلدين تلك الجرائم والانتهاكات الجسيمة في خانة حرية التعبير المكفول للمواطنين في القوانين النافذة هناك، خرجت جماعة حقوقية سويدية تطلق على نفسها اسم “حركة مقاومة الشمال” في تجمع ضم عددا من أفرادها بالقرب من السفارة الإسرائيلية في ستوكهولم ثم أضرموا النار في العلم الإسرائيلي ورفعوا شعارات تكذب ما يقال عن محرقة “الهولوكوست”، التي جعل منها الصهاينة عنوانا بارزا لمظلومية لم تحدث أصلا، ومارسوا ابتزاز العالم طويلا بهذه الأكذوبة .. حينها تهاوت القوانين واللوائح والتشريعات السويدية وكل ما تتضمنه من مواد وبنود تكفل حرية الرأي والتعبير وقامت الدنيا ولم تقعد على أولئك النشطاء وتم اقتيادهم وحدانا وجماعات إلى مخافر الشرطة السويدية ليجدوا أنفسهم أمام قائمة من الاتهامات باقتراف ما لا يحتمل الصفح والغفران أو التغاضي، فهذه التجاوزات بحسب الشرطة السويدية تحريض صريح ضد جماعات عرقية ونشرٌ لثقافة الكراهية والعنصرية تندرج في الأعمال الإرهابية الخطيرة المنطوية على تداعيات وآثار لا تتوقف عند حدّ معيّن.
-إحراق أفراد حركة ” مقاومة الشمال” السويدية لقماش العلم الإسرائيلي، دفع جهاز الأمن السويدي ” السيبو” إلى وصف هذه الحركة بأكبر تهديد للأمن الداخلي في السويد، لكن من وجهة نظر هذا الجهاز الأمني فإن التطاول على قدسية كتاب الله الكريم والإساءة لرموز وثوابت الدين الإسلامي واستفزاز مشاعر نحو ملياري مسلم في العالم ناهيك عن عشرات الآلاف من المسلمين المقيمين في السويد ممن يحملون الجنسية السويدية فتلك الجرائم لا تعدو كونها اعتيادية وممارسات طبيعية تتماشى مع حرية الرأي والتعبير.
-دأب الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية المهيمنة على السياسة والساسة الأوروبيين خلال العقود الماضية على نشر وتكريس مفاهيم ومصطلحات معينة عن الديمقراطية وحرية التعبير وعن الإرهاب وحقوق الإنسان، ويجب أن تمارس هذه المفردات من قبل كل بلدان العالم ضمن الإطار الذي يحقق مصالح أمريكا وطموحاتها أولا ومن بعدها الغرب وإن خرجت هذه المصطلحات عن السياق الأمريكي فإنها تنقلب رأسا على عقب ويصبح النضال من أجل الحرية والاستقلال إرهابا ويصير العدوان على شعوب آمنة ومستقرة مثل – فلسطين واليمن وسوريا والعراق وغيرها من ضحايا الفكر الغربي المتطرّف – أعمالا مشروعة ودفاعا عن النفس، وتوجّهات محمودة لنشر قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وإذاً الإساءات للأديان السماوية والمقدسات مجرد حرية تعبير!!
الحوالات المنسيّة
أغرب ما تناهى إلى مسامعي خلال الأيام القليلة الماضية – حيث طغت فيها أخبار وتسريبات الكشوفات الخاصة بالحوالات المصرفية المنسيّة – دعوة إحدى شركات الصرافة الشهيرة في الساحة جمهور المستفيدين من الحوالات المنسيّة إلى إحضار صورة من سند وإشعار التحويل للمبلغ المُرسَل كشرط لاستلام الحوالة..
-الشركة إياها وغيرها من شركات الصرافة التي استثمرت على مدى سنوات طويلة مليارات الريالات من أموال الغافلين، تواصل الاستخفاف بعقول ومشاعر الناس وتتعاطى معهم بكثير من التعالي واللّامبالاة وكأنها لا تعلم أن المستفيد لا يعلم شيئا عن الأمر ولو كان فقط يدري أن لديه مالاً مرتهناً في خزائنها لما ظلت أمواله في أيادِ غير أمينة لبرهة من الزمن.
-أجهزة الدولة والجهات المصرفية الرسمية صاحبة الاختصاص معنية بإنصاف الناس وإعادة الأموال المنهوبة مع أرباحها أو على الأقل احتساب مبلغ الحوالة بما كان عليه سعر الدولار في زمن الإرسال، إذ ليس للشركات أي عذر أو مبرّر لصمتها وعدم إبلاغها الناس بما معهم عندها كل هذه السنوات، مع أن أرقام هواتفهم مسجّلة مع كل حوالة.
-لا يكفي أن تُسلم الأموال لأصحابها دون معاقبة الشركات وإلزامها أولا بنشر الكشوفات المنسية منذ التأسيس في الصحف الرسمية لا الاكتفاء بالسنوات التي تختارها الشركة، كما فعلت عدد منها تحت ضغط التسريبات وبدت كمن يتفضّل على الناس وكذلك بدفع التعويضات المناسبة للمتضررين من هذا الصمت غير المقبول، وهو ما يجب أن تضطلع به الدولة والحكومة، وحسنا فعل مجلس النواب في جلسته السبت الماضي بتكليف لجنة الشؤون المالية بطلب وزير المالية ومحافظ البنك المركزي للاستيضاح منهم حول الحوالات المصرفية المنسية، وموافاة المجلس بتقرير إزاء ذلك.. وسننتظر ما سيكون من أمر هذه اللجنة وهل سيتحقق الإنصاف المنتظَر أم سيستمر مسلسل العبث بحقوق من لا يمتلك سنداً أو نصيرا غير الله؟؟!