يبدو أن مصدر الخطر بالأمس لا يزال على حاله اليوم في ظل أوضاعُ أرست استشراء فيروس شلل الأطفال بالقرن الأفريقي وانتشاره بشكل واسعº ليس في الصومال وحدها بل وحتى في كينيا وأثيوبيا.
غير أن الصومال غدت الأسوأ حالاٍ من جاراتها فقد شهدت موجة انتشار للمرض صْنف بالأوسع عالمياٍº مْسجلة (190)حالة إصابة مؤكدة بالفيروس طوال فترة امتدت من أبريل في العام الفائت وحتى مطلع فبراير2014مº وسط أوضاع سياسية غير مستقرة تكتنف هذا البلد الواسع غير البعيد عن الأراضي اليمنية والذي يقع على الطرف الآخر من خليج عدن.
ثم لم تمض أسابيع كثيرة على موجة انتشار وباء شلل الأطفال بالجوار الأفريقي حتى شهدت سوريا ظهوراٍ مفاجئاٍ للفيروس بصورة وبائية بعد غياب طويل دام نحو (15) عاماٍ لم تسجل فيه أي حالات إصابة جديدة بالمرض- على الإطلاق- ما أسفر عن إصابة (32) طفلاٍ بفيروس الشلل حتى فبراير2014م في وقتُ أكدت فيه الفحوصات المخبرية للجينات أن مصدره باكستان البعيدة جغرافياٍ عن حدود سوريا والتي لا يزال يستوطنها الفيروس.
ولم يكن ليقف انتشاره وتمدده وإنما تعدى الحدود السياسية لسوريا مْسجلاٍ ظهوراٍ آخر في بيئات بلدانُ مجاورة لها- كالأردن ومصر والأرضي العربية المحتلة وسط مياه المجاري- أعزكم الله من دون تسجيل أي حالات إصابة بالفيروس.
واليوم يحل على الأراضي العراقية بعدما رصد ظهور للفيروس في بغداد خلال فبراير الماضي الأمر الذي تزايدت معه المخاوف حتى على البلدان ذات المستويات العالية في التحصين بكامل اللقاحات والتي تشهد أوضاعاٍ صحية متميزة لا ترقى إليها أي بلدان أخرى بالمنطقة!
فكيف ببلد كاليمن تمضي فيه جهود مغمورة بإصرارُ دأبت عليها وزارة الصحة وشركاؤها بأقصى إمكاناتها وطاقاتها رغم كل التحديات لتحافظ على خلوه من فيروس شلل الأطفال والذي لم يكن سهلاٍ حصاده عام 2006م وكذلك الحفاظ عليه حتى يومنا هذا.
تصاعد التحذير مخافة عودة فيروس شلل الأطفال إلى اليمن مع أنه لم يعد له وجود في البلد منذ العام 2006م ونال اعترافاٍ من منظمة الصحة العالمية بعد ثلاث سنوات فقط من خلوه من الفيروس وتحديداٍ في مايو2009م بينما تستمر على أرض السعيدة جهود تحصين الأطفال وتنفيذ المزيد من حملات التطعيم من وقتُ لآخر على خلفية استمرار تدفق لاجئين ومهاجرين من القرن الأفريقي إلى اليمن بطرق غير رسمية وبقاء الكثير منهم بهذه الكيفية طلقاء بمعزلُ عن الإجراءات الصحية الاحترازية المتبعة في كافة المنافذ الحدودية والتي تتبعها وزارة الصحة العامة والسكان على الدوام بإسناد ودعم من منظمة الصحة العالمية واليونيسف ووكالات وجمعيات الإغاثةº شاملة بهذه الإجراءات كل اللاجئين والمهاجرين الذين يفدون عبر المنافذ الحدوديةº منعاٍ لتسرب الأوبئة إلى الأراضي اليمنية وعلى رأسها وباء شلل الأطفال.
من هنا تبقى مسألة عودة فيروس شلل الأطفال أمراٍ محتملاٍ جداٍ ما لم يحصن جميع الأطفال دون سن الخامسة بما يكفي من جرعات اللقاح الفموي المضاد للفيروس بمعية رفع نسبة من يتلقون جرعات التحصين الروتيني لترقى إلى أفضل مما هي عليه حالياٍ .
فالكل يكمل بعضه بعضا وقد اجتمعت حملات التحصين الماضية ضد شلل الأطفال مع التحصين الروتيني المعتاد على غاية واحدة وهي وقاية جميع الأطفال بشكل دائم ومستمر من الإصابة بفيروس شلل الأطفال والحيلولة دون عودته إلى اليمن من جديد.
ويبقى على الآباء والأمهات وسائر ذوي الأطفال دون سن الخامسة واجب الاستعداد والحرص كل الحرص على تحصين فلذات أكبادهم المستهدفين في عموم محافظات الجمهورية من منزلُ إلى منزل خلال الجولة الأولى من الحملة الوطنية للتحصين ضد شلل الأطفال من(7-9أبريل الجاري) فلا يزال في هذه الحملة متسعاٍ للجميع للوفاء بواجبهم الأبوي والديني والإنساني نحو أبنائهم الصغار.
وليس من عذر للتقاعس عنه بأي حال أو الاكتفاء بما تلقاه الأطفال من جرعات متكررة من اللقاح المضاد لفيروس الشلل مهما تزايد عددها حتى وإن وجد بينهم من يعاني حمى طفيفة أو إسهالاٍ أو نزلة برد وسائر المصابين بالأمراض الشائعة وكذلك المصابين بمرض شديدة قد يتطلب ترقيداٍ بالمستشفى مادام ليس هناك مانع طبي.
في حين أن اللقاح آمن ويحقق وقاية أكيدة تمنع الإصابة بفيروس شلل الأطفال متى حرص الجميع على تلبية النداء ولم يمنعوا أطفالهم دون الخمس سنوات من نيل حقهم في التحصين باللقاح الفموي المضاد للفيروس.
كما يتحتم على الوالدين خلال الحملة الحالية تطعيم جميع المولودين حديثاٍ وسائر من لم يسبق تطعيمهم مسبقاٍ فالكل ومن دون استثناء يجب أن يحصنوا في هذه الحملة وعليهم- أيضاٍ- دعوة المحيطين بهم من الأقارب والجيران لتلبية نداء التحصين ليبقى اليمن خالياٍ من الفيروس على الدوام .
* المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني
بوزارة الصحة العامة والسكان