أكدت أهمية تطبيق الشفافية والمساءلة وتوسيع المشاركة المجتمعية في التنمية المحلية
دراسة حديثة تكشف حجم الاختلالات في تنفيذ مشاريع البنية التحتية في بلادنا
الثورة /
كشفت دراسة حول المساءلة في تنفيذ مشاريع البنية التحتية في أمانة العاصمة وبقية المحافظات اليمنية، أن البنية التحتية تفتقر للخصائص الأساسية التي تقوم عليها البنى التحتية المستدامة والمتماسكة، التي تمكنها من الأداء بفاعلية وكفاءة تمكنها من الصمود أمام المخاطر على المدى البعيد.
وأرجعت الدراسة أسباب ذلك إلى العشوائية والفساد المالي والإداري الذي رافق عملية تنفيذها، بالإضافة إلى ضعف وتدني مستوى التنسيق بين الجهات والهيئات ذات العلاقة، وقصور واضح في أنظمة الرقابة والمساءلة.
وأظهرت الدراسة التي تبناها المركز الاجتماعي لمناهضة الكسب غير المشروع (SCMIE) وأعدها خبراء ومهندسون مختصصون في البنى التحتية على خلفية الأضرار التي خلفتها الأمطار والسيول في أواخر 2020، وتلقت الثورة نسخة منها – أن أمانة العاصمة صنعاء احتلت المرتبة الأولى من حيث الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية والخدمات العامة، ولا سيما في مجال المياه والصرف الصحي وشبكات الطرق، والأضرار التي حدثت في المباني الأثرية والبنية التحتية لمدينة صنعاء القديمة، بفعل السيول والأمطار الكثيفة، وتردي شبكات الصرف الصحي، التي كان لها دور كبير في خلخلة أساسات منازلها، بالإضافة إلى تداعيات القصف الجوي الذي استهدف مستشفى العرضي ومنازل قريبة منه.
ودعت الدراسة التي تعد الأولى في بحثها للمساءلة في مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة في اليمن، إلى حشد كافة الإمكانيات والطاقات، وبذل كثير من الجهود لإنقاذ 3000 مبنى في صنعاء القديمة معرضة للانهيار والدمار الكامل، حال استمرار هطول الأمطار بكثافة، وفي ظل استمرار التردي الكبير في شبكة الصرف الصحي الخاصة بأحيائها.
وحذرت من تعرض المدينة لأضرار كبيرة تهدد بخروجها من قائمة اليونسكو للتراث الإنساني، في ظل توقعات باستمرار الأمطار التي تشكل تهديدًا خطيرًا للبنى التحتية والممتلكات الخاصة في كافة المحافظات اليمنية.
وتوصلت الدراسة -التي استمرت عامًا ونصف العام- إلى أن نسبة كبيرة من أسباب تعثر وفشل مشاريع البنية التحتية، تُعزى إلى خلل في المناقصات، والترسية على مقاولين يفتقدون الكفاءة المالية والفنية، وتدني وضعف المشاركة المجتمعية في تحديد الاحتياجات والمساءلة المجتمعية، وضعف أداء الجهات الرقابية وحاجتها للاستقلالية.
وأوصت بإنشاء تصاريف سليمة لمياه الأمطار والسيول، وبناء سدود وحواجز مائية خارج العاصمة يستفاد منها في تغذية المياه الجوفية وري الأراضي الزراعية.
وأكدت على تطبيق اللامركزية وتوسيع المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وإدارة الشأن المحلي في مجالات التنمية، وتطبيق آليات المساءلة في المؤسسات الحكومية بشكل عام، والمؤسسات ذات العلاقة بالبنية التحتية بشكل خاص، وتحقيق المزيد من التنسيق وتبادل البيانات بين هيئات المساءلة القائمة بالفعل، مع تطوير تشريعي يمكنها من أداء دورها كما هو مطلوب.
كما شددت على ضرورة نشر وتعزيز ثقافة المساءلة والحوكمة في أوساط المجتمع، وتنشئة الأفراد على قيم ومفاهيم المدنية والحضارة الإنسانية والمعرفة والكرامة، والاعتماد الأكبر على التعليم في هذا المجال.
ودعت إلى ضرورة إيجاد قنوات تواصل سهلة وسريعة مع المواطنين ومنظمات المجتمع المدني، تمكنها من القيام بدورها في الإبلاغ وتقديم الشكاوى في كل ما يتعلق بالبنية التحتية وتقديم الخدمات العامة.
وانطلقت الدراسة في موضوعها من الرؤية الوطنية وآلياتها التنفيذية التي نصت على مبادئ الحوكمة والمساءلة والشفافية وإعمال مبادئ الحكم الرشيد، وتعزيز الشراكة مع المجتمع المدني وتمكينه من الرقابة والتقييم واعتبار تقاريره السنوية أحد مؤشرات الحكم الرشيد.
واستندت الدراسة في نتائجها إلى تقارير ميدانية ومعاينة ومسح لمشاريع البنية التحتية والأضرار التي تعرضت لها، بالإضافة إلى تقارير الهيئات الرقابية ومنظمات المجتمع المدني، ووسائل إعلام رسمية والى نزولات ميدانية ولقاءات مع أصحاب المصلحة والمواطنين المتضررين ، بما يجعل منها دليلًا عمليًا للجهات المعنية يساعدها على تطوير وتفعيل الخدمات العامة، وإنجاح خطط التنمية بما يلبي احتياجات المواطنين، ومتطلباتهم في العيش بأمان بعيدًا عن الأخطار والكوارث الطبيعية .