الإصلاح والوحدة
يكتبها اليوم / أحمد يحيى الديلمي
من سخرية القدر أن نسمع هذه الأيام حالة التباكي وذرف الدموع على الوحدة والجمهورية، بل لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالإصلاح الذي أصدر بياناً على خلفية أحداث شبوة ادعى زوراً وبهتاناً أنه من فجّر الثورة وأنه من أسهم في صناعة الوحدة وأنه هو الذي احتضن أنصار الله واستقدمهم إلى صنعاء، كلها أساليب وخزعبلات مضحكة جداً، وزاد الأمر التباساً وسخرية بما أفصح عنه المسؤول الإعلامي للإصلاح حينما أكد هذه المعلومات وزاد على ذلك بأن ادعى أن حزب الإصلاح نصح الحمدي وحذره من الموت، هذا كلام لا يدعو إلى السخرية فقط بل ويسبب الغثيان لأننا لا نزال قريبين من تلك الأحداث، وكل اليمنيين يعرفون حزب الإصلاح سواءً من ثورة 26سبتمبر 1962م، حيث كان الإصلاح في تلك اللحظة لا وجود له وكان الموجود فقط عدة أفراد يمثلون الإخوان المسلمين، ومعظمهم كانوا في قطر، وكان الجمهوريون آنذاك يخرجون مسيرة لتأييد الثورة وفي اليوم التالي يخرج الإخوان مسيرة كبرى بدعم ابن محمود – مفتي قطر- للتنديد بالثورة واعتبارها فعلاً شيطانيا وفكراً مستورداً يخالف الإسلام ويطالبون بعودة الخلافة الإسلامية.. هذه الأولى التي تتعلق بالثورة..
أما الثانية الخاصة بالوحدة فالكل يعرف ممن كان قد بلغ سن الإدراك في تلك الفترة أن الإصلاح نظم مسيرات حاشدة جيَّش فيها القبائل بشكل عشوائي، وكان القبائل يندفعون لا بفعل انتمائهم للإصلاح وإنما تنفيذاً لتعليمات الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر الذي شكل حلفاً مع الإخوان المسلمين، فجمع الجانب القبلي مع الجانب المتطرف المغالي في الدين.
أما الثالثة فلا تزال عالقة في أذهان الناس وعلى اطلاع بتلك الفتاوى التي أصدرها أشخاص من الإخوان المسلمين استباحوا فيها دم الشهيد إبراهيم الحمدي وقالوا إن مواجهته جهاد في سبيل الله، والرابعة الخاصة بأنصار الله أقول: كذبتم ثم كذبتم ثم كذبتم فأنتم من وقف بكل ما يمتلك خلف تلك الحروب الست، التي أودت بحياة (15)ألف جندي من الجيش اليمني إلى جانب ما خسره الطرف الآخر، ناهيك عن الخسائر المادية الكبيرة، وأنتم من استهدفتم أنصار الله عمداً وفي وضح النهار في مخيمهم الذي أقاموه في ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء، وأنتم من خاضوا الحروب الشرسة في محاولة لتصفية أنصار الله من دماج إلى صنعاء، وفي اللحظة الأخيرة بعد أن قُتل القشيبي في عمران عقدتم اجتماعات متواصلة برئاسة المدعو علي محسن الأحمر وخلالها تم تشكيل جيش من (25) ألف مقاتل تفرق بين القبائل، إلى جانب ما أفصح عنه المدعو محسن، وكان الهدف من هذا الجيش مواجهة أنصار الله في عمران والحيلولة دون دخولهم إلى صنعاء .
أوردتُ هذا الكلام فقط لأحُييه في ذاكرة الناس، وأنا على يقين أنهم يعرفون كل هذه الحقائق وهذه التفاصيل، لأن هذا الحزب المشبوه منذ ولادته وقف ضد كل شيء عظيم يخص الوطن والبناء، يكفي أنه كان سبب إزهاق أرواح الآلاف الذين ذهب بهم إلى أفغانستان لمواجهة ما كانوا يسمونه الاتحاد السوفيتي، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من عاد إلى الوطن يمارس التخريب والقتل والتشريد والخطف والنهب، وكانوا هم وقود حرب 1994م المشؤومة لأنهم كانوا يقاتلون بخلفية عقائدية، ويدفعون بأنفسهم إلى المحارق باعتقاد صادق أنهم يقاتلون الكفار والملحدين، ورحم الله المناضل الكبير الشهيد المقتول غدراً جار الله عمر، فهو الذي استقطب الإصلاح إلى حظيرة البشرية والوطن وساعده في ذلك المناضل الكبير المرحوم الشهيد الدكتور محمد عبدالملك المتوكل “رحمة الله عليه” وكلاهما ذهب ضحية الإصلاح والنوايا الطيبة بل وفي معاقل الإصلاح.
هل يكفي ما أوردت ؟! وإلا فلنا لقاء في الأسبوع القادم لتكملة جرائم هذا الحزب وهذا التكوين المشبوه الذي ولد في السعودية وعاش مجرد خادم صغير للسعودية ولدول الخليج مجتمعة، واليوم حتى وهو في هذه المحنة الكبيرة يواجه إقصاء الإمارات والسعودية، إلا أنه لا يتحدث مطلقاً عن السعودية، كيف يتحدث عن هذه البلاد وهي التي أرضعته المال ورعت نشأته، ورغم ما تظهره من حنق وحقد على جماعة الإخوان المسلمين في العالم وليس في اليمن فقط، إلا أن الخطاب الإصلاحي لا يتحدث عن السعودية إطلاقاً وهي تحاصرهم في كل مكان، يركز فقط على الإمارات باعتبارها العدو الذي يحاول تصفية الإخوان المسلمين في العالم، وللأسف الشديد نصل إلى هذه المعلومة المخزية ومفادها (أن كلهم خُدام خُدام الجرافي) أفكارهم وأعمالهم تقول أنهم مجرد أدوات لبريطانيا وأمريكا، أقول بريطانيا لأنها رأس الأفعى وهي التي تُحيك المؤامرات ضد منطقة الجزيرة والخليج بشكل عام، أكتفي بما أسلفت والله من وراء القصد ..