عادل شلي
يعتبر جبل عولي من الجبال المنيعة التي تفصل بين مديرية الشراقي ومديرية بني العوام.
ويمثل -وجبل حقيل- الحد الفاصل لمديرية ريف حجة مع المديريات الأخرى.
ويتم الصعود إلى قمته من منطقة الشمة التابعة لمديرية بني العوام من جوار سد الشمة.
عبر طريق تم شقه على حساب السلطة المحلية بمديرية حجة ومديرية بني العوام. وعند اقترابك من قمة الجبل تجد أثار النوب والسور الغربي لعولي.
ويسمي المدخل الغربي لعولي باب السلام الذي يصفه الإستاد عبدالله الزبيري بالباب الرئيسي لعولي، حيث كانت تدخل منه الجمال المحملة، مما يشير إلي أن جبل عولي كان محطة تستريح فيها القوافل التجارية.
ـ ويضيف الإستاد عبدالله الزبيري أن بيوت السكان كانت على حافة الجبل، وأشار إلى أثارها التي لازالت قائمة على الحافة الصخرية للجبل.
ـ وفي قمة الجبل قاع واسع ومنبسط ينحدر بشكل بسيط من الشرق والجنوب باتجاه الشمال والغرب.
ويذكر العقيد رصاص النمر – مدير عام مديرية بني العوام – أن المساحة المزروعة في جبل حقيل حوالي 1400 لبنة .
مما يعني أن المساحة المستوية على سفح الجبل أضعاف ذلك.
ـ وأعجب ما يميز جبل عولي وعورة الطريق، وانبساط قمته وخصوبة تربته.
ـ وتقع منازل ساكنيه في الجهة الشمالية الغربية من الجبل، ويتكون الجبل من ارض مستوية مزروعة بالحبوب، وبعض أشجار التالوق والطنب .
ـ انتشار المقابر والمجنات «1» على سطح الجبل بشكل لافت يشير إلى قدم الحياة على سطحه وامتدادها إلى عصور موغلة في القدم.
ـ يوجد بسطح الجبل من جهة الشرق حصن قديم مسور بأحجار صخرية كبيرة ولازالت أثار نوب الحراسة والمواشيق المخصصة لصد الغزاة ظاهرة.
ويذكر الإستاد عبدالله الزبيري انه كان يوجد باب واحد للحصن هو باب النصر، وكان يحيط به خندق عميق يحول دون الوصول إلي الحصن إلا من باب النصر
وتوجد في الحصن آثار لعدد من المباني والبرك ومدافن الحبوب والسراديب العميقة التي كانت تستخدم كسجون أيام الأتراك ـ حسب إفادة الأهالي ـ والواضح أنها سراديب وممرات سرية للحصن، كانت تستخدم لأغراض متعددة .
ولازال مبني المسجد التابع للحصن قائما .. يقول الأهالي انه بني في عهد الأتراك
ويوجد بجوار المسجد بركة واسعة تراكمت فيها أحجار كثيرة تساقطت من المباني المهدمة بالحصن، ويقول الأهالي أن بجدران البركة العديد من النقوش والكتابات القديمة، والتي لم نتمكن من الاطلاع عليها.
ـ وبقية البرك وخزانات المياه قام الأهالي بتغطيتها بالزنك للحفاظ على المياه.
ـ ويقول الأهالي بأنهم سمعوا من أجدادهم أنه كان بداخل الحصن ثمانية مباني رئيسية يتكون كل مبنى من العديد من الطوابق، ولم تكن ترى من خارج السور، وذلك لارتفاع سور الحصن.
ويقول أحد السكان أن المسجد القديم كان يقع جنوب الحصن، وان الأتراك قد قاموا بهدمه ونهب خشب الصندل الثمين الذي بسقفه.
وربما يكون المسجد القديم أحد المعابد القديمة، خاصة وان اليمنيين كانوا يبنون معابدهم على رؤوس الجبال.
ـ المساحة الواسعة والمستوية بأعلى الجبل والتربة الخصبة ووعورة وصعوبة مسالكه جعلت منه مسكنا فريدا للوعول التي تكاثرت على سفحه، وهذا يفسر وجود الكهوف والسراديب والممرات بأسفل الحصن.
واستمرت الوعول تتكاثر على سطحه حتى تمكن الإنسان من اكتشافه واستيطانه والاستفادة من خصائصه، فبدأ في مزاحمة الوعول التي انسحبت إلى الجهة الشرقية والجنوبية.
وهذا يفسر لنا سبب تسمية الجبل بعولي، وسلسلة الجبال التي تقع إلى الشرق منه بجبال عويله أي موطن الوعول.
وبسبب المكانة المقدسة للوعول كرمز لإله القمر يجمع على قداسته كل اليمنيين ظلت الوعول تستوطن جبل عولي وسفوح جبال وعيله – حسب وصف الهمداني في كتابه «صفة جزيرة العرب» 2».
ـ وشيدوا معابدهم المقدسة بقممها وحرم حكماؤهم وسدنة معابدهم الاعتداء على الوعل ومنحوا شبابهم فرصة لإظهار قدراتهم ومهاراتهم في العدو والصيد، وكانت فترة اصطياد الوعول تسمى بموسم الصيد المقدس.
وكانت تجري ألعاب موسم الصيد المقدس على سفح جبل عولي حيث يتم دعوة أمهر الصيادين إلى سفح الجبل المقدس.ليقوم الكهنة والحكماء بتدشين موسم الصيد المقدس، والذي من خلاله يتم اختيار أمهر الصيادين للقيام بمهمة حماية الجبل المقدس ومواجهة المعتدين واستقبال القادمين لطلب البركة وتقديم النذور والقرابين للإله عثتر.
ـ ولهذا تطلب مواصفات خاصة لمن يسمح لهم بالسكن في سفح الجبل، الأمر الذي يُفسر لنا اليوم اقتصار السكن على سفح جبل عولي ، أسرة من آل الغزي منذ مئات السنين.
ـ ومع تطور الحياة وصراع الممالك والدول على المواقع الحصينة والمنيعة، وانتقال مهمة حماية المعبود وبيت الإلهه من القبيلة والعشيرة إلى الدولة ظهرت أهمية جبل عولي وسلسلة الحروب والصراعات للسيطرة عليه والكم الكبير من التغيرات التي تعاقبت عليه بتعاقب الدول وتوافق واختلاف معتقداتها لان من يسيطر على جبل عولي يبسط نفوذه على كل ما حوله، ولن يؤثر فيه حصار لشهور أو سنوات، ففي سطح الجبل ارض زراعية خصبة توفر لسكانه محصولا وافرا يكفي سكانه لسنوات والعديد من برك وخزانان مياه.
ـ تغير كل شيء على سفح جبل عولي، إلا أحفاد سلالة الصبادين الأوائل الذين شيدوا دورهم بجوار باب السلام بالجهة الغربية من الحصن، وتحولوا من مهنة الصيد إلى الزراعة مع محافظتهم على مهمتهم في حماية الجبل المبارك والمقدس.
ـ لقد استمتعت بزيارة جبل عولي ولاحظت أن السيول والأمطار تقوم بتجريف التربة من سفح الجبل.
مما سيؤدي إلي تناقص المساحة الصالحة للزراعة علي سفح الجبل .
الأمر الذي يستوجب عمل سياج من الأحجار لحماية التربة من الانجراف.
ـ ينبغي رصف الأجزاء الوعرة من الطريق المؤدية للجبل التي جرفتها السيول ، والاهتمام بالترويج السياحي لجبل عولي، وتمكين الراغبين في زيارته من الوصول إلى قمته.
ـ إيقاف أعمال الحفر العشوائي التي يقوم بها الأهالي وغيرهم للبحث عن الكنوز.
وتكليف فريق متخصص من الآثار والتربة والنبات والميثولوجيا.. لدراسة مظاهر الحياة والعمران التي تعاقبت على جبل عولي منذ فجر التاريخ.
ـ يمكن الاستفادة من خصائص الجبل والإطلالة الخلابة منه لإقامة العديد من المشاريع الاستثمارية وتركيب تلفريك من سفح الجبل إلى منطقة الشمة.
والاستفادة من المساحة التي بجوار السد « سد الشمة» لإقامة منتزه سياحي قادر علي تحريك عجلة السياحة الداخلية وجذب الزوار للاستمتاع بجمال المناظر الخلابة في مديرية بني العوام.
ـ ادعوا كافة المستثمرين والتجار من أبناء مديرية بني العوام للتنسيق مع السلطة المحلية للاستثمار في هذا الجانب ودعم حملات الترويج السياحي .
ـ رفاق رحلتنا إلى جبل عولي:
الصديق العزيز رصاص النمر مدير عام مديرية بني العوام.
والإعلامي المتألق عبدالسلام الأعور، والشاب المبدع راجح عادل، والشاعر الملهم والكاتب القدير عبدالله الزبيري، والسائق المحترف عادل اليتيم، والطفل الرائع ليث النمر
هوامش :
ـ1/ المجنة : اسم يطلق على المقبرة
ـ 2/ كتاب صفة جزيرة العرب الصفحة 113