“جاذبية” 2014م.. بدون جاذبية


في عام 1972 م لم يكتف فيلم ” سولاريس” بنزعته في تقديم قصة محشورة داخل علبة منزوعة الأوكسجين في مكان أشبه بالفضاء لقد صنع من رواية ستانسلاف الكثير من الحوارات الدافئة حول الحياة والذاكرة والعلاقات الإنسانية المبللة بالمشاعر وبقدر كل تلك الخلفيات الرسومية التي عكست أفكارا فاتنة إلا أن تاركوفسكي استخدمها في تفعيل البعد القصصي بعيدا عن إبرازها كفيلم مستقل .
وبعكس الكلاسيكية ” أوديسي الفضاء:2001″للمخرج ستانلي كوبريك كان الإنسان غير معجب تماما بنفسه كانت تلك الوحدة القارسة امرأة وذات مكسرة وكثير من الأسئلة الغريبة لم تضع نسخة “ستيفن سودسبيرغ” في العام 2002م قائمتها الخاصة ضمن مسودة إعادة الصنع “Remake” ولجأت إلى المصدر في تأكيد النزعة الفنية لكنها لم تخلص إلى نفس المجابهات النفسية والفلسفية حسنا كانت نسخة غامضة ومسلية لكنها لم تكن مؤلمة أبدا .
كثير من أفلام الفضاء كانت خاوية في أكثر من 500 فيلم بينها 66 فيلما تتعامل مع التحول إلى مشرد بائس لا يعرف ماذا يفعل هنا بالضبط كان هناك سلسلة ” Alien ” وسلسلة “Riddick” وفيلم ريدلي سكوت ” برومثيوس” وحتى بعض أفلام “ستارتريك” وكان هناك تلك الفكرة أقصد الخوف من الاحتمالات والكثير من الثرثرة بين الإيمان وعدمه بين الإنسان والقوة والعدم .
يمكنك الإستيقاظ من هذا الهذيان على فضائيö عجوز يخلق الموسيقى ويجعلها البداية هذه هي “جاذبية” ستيفن برايس الذي عاد بعد سنوات من تأليفه لتلك الموسيقى الساحرة في ” Attack the block ” وكذلك الفيلم الكوميدي الرائع “”The world’s end “جاذبية” يعتقد البعض أنها تجمع ”Deliverance,” “127 Hours,” “Cast Away,” “Rescue Dawn“ في مكان واحد الكارثة والوحدة والمغامرة والنجاة ربما كل هذه الأشياء التي جعلت “تارنتينو” المجنون يضعه في قائمة أفلام السنة بينما توجه ” جيمس كاميرون” عراب ” أفاتار” بنظراته إلى داخل ملامح ” الفونسو كوران ” الطيب ومخرج هذا الطرح ليقول له ” حسنا هذا أفضل فيلم فضاء” بالنسبة لي لأفضل فيلم فضاء وبعيدا عن ” جاذبية” ستيفن برايس فقد كان الفيلم أمرا يمكن نسيانه هذه هي النتيجة التي قد لا يؤمن بها محبي العاب الفيديو كون الكثير ممن عملوا مع ” الفونسو” هم في الأساس يعملون في تصميم الألعاب بمحركات مختلفة مثل ” Unreal Engine” و ” Fox Engine” و ” Ignite Engine” هذه المحركات التي قد تصنع ثورة بصرية فاتنة لكنها لن تستطيع أبدا صنع فيلم سينمائي عظيم .
لست مستاء من ” الفونسو” الذي عاد بعد غياب 6 سنوات كان قد أدهشنا قبلها بثورات بصرية مشابهة مثل الذي حدث في “Harry Potter and the Prisoner of the Azkaban “وإن كان “أطفال الرجال” أفضل منه لست مستاء من دخوله الرهان بقطعتين ذهبتين مثل ” جورج كلوني” و ” ساندرا بولوك ” فقط وترك كل الكلمات الكبيرة عالقة في مكان آخر خارج الفيلم ترك كل تلك القصص الصغيرة التي يمكن توظيفها لجذب بعض الحمقى من حانات الحياة لست مستاء فتلك طبيعة ” الفونسو” القديمة وهذا هو ما يمكن تسميته فيلم فضاء يتسم بالبساطة والمباشرة والسيناريوهات التي لن تشعر أبدا أنها مدبرة لست مستاء أن جوائزه في حفل الأكاديمية انحصرت في التصوير ومونتاج الصورة والصوت والدمج والمؤثرات البصرية هذه أمور كانت جاذبيتها طاغية لست مستاء فهذه هي الأشياء التي تجاوزت كل شيء آخر في الفيلم حتى الفيلم نفسه .
تركتني هذه ” الجاذبية ” مرتبك فعلا في لحظة أشعر أنها أخفقت في تقديم صورة إنسانية أكثر عمقا ثم اسأل نفسي عن ما يمكن للإنسان العادي قوله في موقف مثل هذا أشعر أن ” ألفونسو كوران” راهن على الفضاء ولم يراهن على أبطاله وبعد لحظات أقول من قد لا يفعل ذلك وحتى تلك النزعة السياسية أغرت ” كوران” حين وضع المشكلة برمتها على عاتق مكوك روسي متشرد هل كان هذا الأمر ضروريا ..¿! هناك مئات الأسباب التي قد تضع الإنسان في مشكلة على بعد حنين من كوكب الأرض كوكب الأرض نفسه الذي قد يقتل العائدة من الفضاء د. ريان ستون(ساندرا بولوك) عندما استقبلها ووضعها في مكان كان هو الأكثر رعبا على الإطلاق لكن على الأقل هناك جهات كثيرة يمكن الركض نحوها .
جاذبية فيلم مدهش في الكثير من الجوانب التقنية وحتى في ما أمكن جورج وساندرا عمله لكنه في أماكن حرجه وجد نفسه بدون جاذبية.

قد يعجبك ايضا