تقدمت وزارة السياحة باعتراضها الكامل على مشروع القرار الخاص (بالإجراءات والضوابط اللازمة لتنظيم وإدارة أعمال الحج والعمرة ) المقدم من قبل وزارة الأوقاف والإرشاد إلى مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة يوم أمس لما فيه من إصرار على التدخل والازدواج في اختصاص وزارة السياحة الثابت في القوانين واللوائح النافذة بشأن تنظيم عمل الوكالات والشركات السياحية في تقديم خدمات وأعمال الحج والعمرة وطالبت بقرار من مجلس الوزراء بتحديد آليات واضحة ومحددة بشأن التنسيق والتعاون المتكامل الذي يخدم الصالح العام والمحقق لتنفيذ الاختصاصات أو إحالة الموضوع برمته إلى جهة مختصة قانوناٍ (وزارتي الشئون القانونية الخدمة المدنية والتأمينات) للبت في الاختصاص والصلاحيات المحددة في القوانين واللوائح السياحية النافذة, والموضحة تفاصيلها وحججها في الرؤية التالية:
رؤية وزارة السياحة بشأن مشكلة الاختصاص على أعمال وخدمات الحج والعمرة
مقدمة:
إيماناٍ من وزارة السياحة بالمصلحة العامة للمواطنين اليمنيين: الحجاج والمعتمرين من جانب والمستثمرين في منشآت شركات ووكالات السياحة والسفر من جانب أخر وانطلاقاٍ من مسؤوليتها المستندة على المرجعية القانونية المحددة والنافذة ومعطيات الواقع العملي لتقديم خدمات الحج والعمرة فإن وزارة السياحة تضع هنا بشفافية كاملة هذه الرؤية بشأن إشكالية اختصاص الإدارة والتنظيم والإشراف والرقابة على أعمال وخدمات الحج والعمرة بشكل موضوعي وبتجرد عن المصلحة الذاتية الشخصية أو الإدارية وذلك بهدف التوصل إلى إنهاء حالة الازدواج والتداخل في الاختصاص القانوني والعملي حول هذه الإشكالية.من خلال توضيح الجوانب الآتية:
أولاٍ: جوانب المشكلة بمرجعيتها القانونية والآثار المترتبة عن التداخل والازدواج في الاختصاص و جوهر وطبيعة المشكلة و الحلول المطلوبة قانونياٍ وعملياٍ للمشكلة و جوانب مشكلة الاختصاص المتمثلة في:
اختصاص السياحة الدينية حيث حدد المْشرع اليمني مرجعية قانونية واضحة بموجب قانون السياحة رقم (22) لسنة 2009م واللائحة التنفيذية للقانون الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (454) لسنة 2010م واللائحة التنظيمية لوزارة السياحة الصادرة بالقرار الجمهوري رقم (54) لسنة 2008م وحدد بما يعرف ويصطلح عليه السياحة الدينية كأحد أغراض السياحة بأنها: السفر أو الانتقال لفرد أو مجموعة من الأفراد إلى الخارج لمدة مؤقتة لأغراض السياحة الدينية (المادة (2) في قانون السياحة). وأن السياحة الدينية ترتبط”بالجانب الروحي والاعتقادي للإنسان” وتقوم على زيارة الأماكن المقدسة لتأدية الشعائر الدينية والتعرف على المعالم الدينية” (المادة (4) الفقرة(2) من اللائحة التنفيذية لقانون السياحة). والمقصود هنا بشكل محدد وواضح “كل ما يتصل بالبرامج والرحلات من نقل وإقامة وخدمات مرتبطة بأنواع السياحة المغادرة(المعاكسة) من الجمهورية إلى الخارج بما في ذلك خدمات السياحة الدينية والحج والعمرة والزيارة” (المادة (10) الفقرة ثالثاٍ من اللائحة التنفيذية لقانون السياحة). وبذلك نحن في وزارة السياحة ندرك ونعي تماماٍ بأن هناك فرقاٍ واضحاٍ عملياٍ بين ثلاثة مسائل وهي:
المسألة الأولي: الحج والعمرة كفريضة وشعيرة دينية لها أعمال ومناسك دينية يقوم بها مباشرة المواطن اليمني – الحاج أو المعتمر- خارج اليمن في أراضي المملكة العربية السعودية فالجانب الديني الاعتقادي والتعبدي للحاج أو المعتمر هنا يحتاج فيه وخلاله إلى دعوة وإرشاد وتوعية دينية قبل وأثناء أداء الفريضة شأنها شأن بقية الأركان والفروض الدينية ووزارة السياحة لا علاقة لها أو شأن بهذا الجانب.
المسألة الثانية: إن الحج والعمرة كسفر وسياحة دينية معاكسة إلى خارج اليمن وكخدمات تقدم للمواطن اليمني (لمن استطاع إليها سبيلاٍ) قبل وأثناء تأدية هذه الفريضة أو الشعيرة الدينية وتقدم هذه الخدمات من قبل شركات ووكالات السياحة والسفر والحاج والمعتمر من أجل أن يصل إلى الأراضي المقدسة لتأدية نسكه ويقوم بتعبده الإيماني هو بحاجة إلى شكل من التفويج وبرنامج خدمات محددة وبمستوى لائق وجودة عالية من جانب وكالات وشركات متخصصة بالسياحة والسفر لتقديم مثل هذه الخدمات لذلك أقرت حكومة بلادنا (ممثلة بمجلس الوزراء) مراراٍ وبصورة تدريجية منذ عام 2001م حتى عام 2008م “إنهاء احتكار وزارة الأوقاف والإرشاد لخدمات تفويج الحجاج والمعتمرين وطرحها للتنافس أمام المستثمرين من القطاع الخاص” ممثلاٍ بالوكالات والشركات السياحية المفوجة – قرار مجلس الوزراء رقم(227) لعام 2007م والقرار رقم(139) لعام 2008م.
وجاء هذا الأمر ليتوافق مع المتغيرات والظروف الواقعية في بلادنا وفي المملكة العربية السعودية والعالم الإسلامي كما أن عدداٍ من الدول العربية والإسلامية تجعل الحج والعمرة تحت مسؤولية سلطات السياحة كما هو الحال في (مصر ليبيا تونس الجزائر المغرب سوريا والأردن) أو تحت مسؤولية هيئة وطنية للحج كما هو الحال في السودان والعراق وأخرى تحت مسؤولية الأوقاف والإرشاد كما هو الحال في فلسطين ودول مجلس التعاون الخليجي والتي يعتبر مواطنوها مثل المواطنين السعوديين في الإجراءات والمعاملة. كما أن سلطات السعودية تشرط لتفويج المعتمرين والحجاج وتقديم الخدمات لهم عبر شركات ووكالات السياحة والسفر.
المسألة الثالثة: مرتبطة بالتنسيق الخارجي مع الجانب السعودي بشأن تقديم التسهيلات المطلوبة للحجاج والمعتمرين ومع منظمة المؤتمر الإسلامي لتحديد نسبة(حصة) الدول الإسلامية من الحجاج وفقاٍ لعدد السكان وكذا علاقة الوكالات والشركات السياحية في البلدين لتقديم خدمات الحج والعمرة وكذا التنسيق الداخلي مع الجهات ذات الصلة بشأن التسهيلات الخاصة بنقل الحجاج والمعتمرين ومرورهم في المنافذ المختلفة بيسر وانسياب وهذا بحاجة إلى عمل تكاملي منسق مع الجهات ذات العلاقة.
وبذلك تبرز الإشكالية هنا في الخلط وعدم الوضوح القانوني والوظيفي للإدارة المؤسسية المسؤولة عن أعمال الحج والعمرة كفريضة وشعيرة دينية التي يقوم بها المواطن اليمني في الخارج وما يحتاجه عملياٍ لتأديتها كجانب ديني وإرشادي وتوعوي من جهة وتقديم خدمات الحج والعمرة معاٍ أو كل منهما على حدة وما يحتاجه المواطن من نقل وتسكين وغيره كجانب تجاري تخصصي سياحي تقوم به الشركات والوكالات المتخصصة والخبيرة بهذه الخدمات من جهة أخرى وهذا ما يحتاج إلى حل قانوني ومؤسسي في هذا الاختصاص.