لكن إذا ما كانت الزراعة لصالحهم فسيزرعون (المانجو) ليبيعوه بالملايين، ويصلحون تلك الأراضي الواسعة ومن مال من يصلحونها؟ الله يعلم من مال من يصلحونها؟ وتلك العائدات التي تدرُّ عليهم هذه المزارع الكبيرة, مزارع (المانجو) الله أعلم في أي بنوك تودع؟ الله أعلم من هو الذي يستثمرها فيجني من ورائها أكثر مما يجنونه هم من تلك المزارع؟ ألم تصبح حينئذ الأراضي قابلة للزراعة؟!. لكن للحبوب غير قابلة للزراعة، لمختلف المنتجات الزراعية التي المواطنون بحاجة إليها غير قابلة للزراعة!.
القروض الكثيرة جداً تتوارد على البلاد أيضاً لا تصرَّف إلى المجال الزراعي. لماذا مشى كل هذا؟ لأننا لا نتفوه بكلمة، نحن لا نعرف مصالحنا، ما قالوا هم بأنه مصلحة لنا نُسلِّم! حتى عندما يقولون: نحن سنكافح الإرهاب، وأمريكا تريد منا أن نتصدى للإرهاب, لأي كتاب إرهابي، لأي مدرسة إرهابية، لأي مدرسة تحفيظ قرآن إرهابية تُصَنَّف عند أمريكا إرهابية، لأي شخص يقال أنه إرهابي سنضربه حفاظاً على مصلحة الوطن لأن لا تضربه أمريكا، أو نواجه بحصار من جانب أمريكا!. أليسوا هم من يرسمون لنا المصالح، ونسلِّم؟ مع أنها ليست مصالح حقيقية.
الأمر الذي يكف عنكم الضغط الأمريكي، الذي اضطركم إلى أن تجندوا أنفسكم وتستعدوا لمكافحة كل ما قالت أمريكا أنه إرهابي، وأنتم من رأيتموهم يسألونكم عن مدارس تحفيظ القرآن، ويسألونكم عن (مركز بدر)، وسيسألونكم عن مراكز [الشباب المؤمن]، وسيسألونكم عن المساجد الفلانية، وعن العلماء الفلانيين، وعن، وعن… قائمة طويلة عريضة.
دعوا الشعب يصرخ في وجه الأمريكيين، وسترون أمريكا كيف ستتلطف لكم.. هي الحكمة. ألسنا نقول: أن الإيمان يماني، والحكمة يمانية؟ أين هي الحكمة؟ إن من يعرف اليهود والنصارى، إن من يعرف أن كل مصالحهم في بلادنا، لو وقف اليمن ليصرخ صرخة في أسبوع واحد لحولت أمريكا كل منطقها، ولعدّلت كل منطقها، ولأعفت اليمن عن أن يكون فيه إرهابيين.
هكذا عمل الإيرانيون، هل انطلق رئيسهم، هل انطلق قائدهم الأعلى ليقول: اسكتوا أمريكا تهددنا؟ والمواطنون يعلمون فعلاً أنهم مستهدفون، وقد عانوا من حصار اقتصادي طويل، لكن الإمام الخميني كان يقول لهم: إنه في مصلحتكم، إنكم حينئذ ستتجهون لبناء أنفسكم, والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف المجالات داخل وطنكم.
هؤلاء هل انطلقوا ليقولوا للناس اسكتوا؟ أم أنهم خرجوا إلى الميادين زعماء، وإمام، وشعب ليتحدوا أمريكا؟. ويأتي التهديد من كل المسؤولين بما فيهم وزير الدفاع نفسه يتهدد بضربة مباشرة. ألم تغير أمريكا منطقها؟ تأملوا أنتم، لأن الكثير منا يخافون أيضاً [قد يضربنا الأمريكيون، قد يحصل.. قد يحصل
إذا كنت تريد أن تسلم أولئك فامش على قاعدتهم هم، هم الذين يقولون: [إذا أردت السلام فاحمل السلاح] هذا مثل أمريكي [إذا أردت السلام فاحمل السلاح].
عرفات ألم يبحث عن السلام؟ هل وجد سلاماً؟ متى فقد السلام؟ ومتى فقد الفلسطينيون السلام؟ يوم القوا بأسلحتهم وانطلقوا على طاولات المفاوضات، مفاوضة بعد مفاوضة، مفاوضات طويلة عريضة ثم بعد فترة تتلاشى كلها وتتبخر. هل حصلوا على سلام؟ إن هذا هو منطق الأمريكيين أنفسهم: [إذا كنت تريد السلام فاحمل السلاح].
إذا كان اليمنيون يريدون أن يسلموا شر أمريكا فليصرخوا جميعاً في وجهها، وليتحدوها، وليقولوا: ليس هناك إرهاب داخل بلادنا. لكن ما الذي يحصل؟ أمر بالسكوت من الكبير والصغير، وكله يُقدم تحت عنوان [حفاظاً على مصلحة الشعب].
نحن نقول: إن القرآن الكريم هو الذي علمنا مصالحنا، إن الله سبحانه وتعالى هو الذي قال لنا أن من يسارع إلى اليهود والنصارى لا يمكن أن يبرر مسارعته بأنه من منطلق الحفاظ على المصلحة, وأنه فيما لو قال ذلك وكان في واقع نفسه معتقداً لذلك فإنه مخطئ، فإنه مخطئ؛ لأنها ليست مصلحة، أنت تريد أن تحافظ على مصلحة شعبك دع شعبك أن يصرخ كله، وأن يخرج في مسيرات كبيرة.. إذا ما قال الأمريكيون: أن هناك إرهابيين في اليمن، وهم من سيكفون أيديهم، وسينسلون، ويكممون أفواههم حينئذ ستحافظ على مصلحة شعبك.
ولا تتوقع أنهم سيحاصرونك اقتصادياً، هم جربوا عندما حاصروا إيران اقتصادياً أنهم هم من خسروا، أن الشركات الأمريكية هي من صرخت في وجه الحكومة الأمريكية جرّاء الخسارات الكبيرة التي فقدتها، بينما شركات أخرى فرنسية، وألمانية، وصينية، وغيرها هي التي كانت هي المستفيدة، من الذي خسر في الحصار ضد إيران؟ إنهم الأمريكيون أنفسهم، من الذي خسر من الخروج من إيران؟ إنهم اليهود, إسرائيل هي التي خسرت.
وما الذي يحصل أيضاً مع الأمر بالسكوت؟ من يتأمل – وحاولوا أن تتأملوا وتسمعوا كثيراً – هناك منطق يتكرر كثيراً، منطق يقوم على أساس أن يرسخ في نفوسنا أنه لا شرعية لأحد أن يتحرك ضد أمريكا اللهم إلا إذا كان قد أصبح يُعاني ويُضرَب كما هو الحال في فلسطين، حينئذ يمكن أن يقال: أن المقاومة مشروعة، ولكن بمنطق بارد، وقليلٌ من يؤيد هذا
ألسنا نسمع الآن بأنه نحن نمنع أن تكون حماس إرهابية؟ أو أن يصنف الفلسطينيون بأنهم إرهابيون؟ أو أن يصنف حزب الله بأنه إرهابي؟ لأنهم ماذا؟ لأنهم يقاومون احتلالاً.. لكن آخرون ينطلق منهم مواقف ضد أمريكا في أي بلد عربي إسلامي سيقول الجميع: أنتم إرهابيون! لماذا؟ لأنه لا مبرر لكم أن تتحركوا، أليس هذا هو ما يحصل؟ يفهموننا نحن أنه لاشرعية لأحد أن يتحرك ضد أمريكا اللهم إلا متى ما أصبحت وضعيته كوضعية الفلسطينيين.
أي لا شرعية لك أن تقاوم وأن تتحرك وأن تواجه إلا بعد أن يصل بك اليهود والنصارى إلى وضعية لا يكون لتحركك أي جدوى، فحينئذ سيتفضل عليك هؤلاء الزعماء ويقولون: لا بأس أنت لن نسمح بأن تصنف إرهابي. لكن لن يقدموا لك شيئاً، ولن يدفعوا عنك شيئاً، أليس هذا هو ما يحصل مع الفلسطينيين أنفسهم؟.
يتمنن زعيم من هنا أو هناك أن يقول: لا، الفلسطينيون ليسوا إرهابيين، هم يقاومون الاحتلال.. ويرى هذه كلمة كبيرة، ويراها منّة على شعبه، ويراها منّة على الفلسطينيين، لكن هل عمل هؤلاء للفلسطينيين شيئاً؟ ألسنا نرى الفلسطينيين يذبحون كل يوم، وتدمر مساكنهم، ومزارعهم تقلع وتدمر؟ ما الذي عمل هؤلاء للفلسطينيين؟ ماذا عمل هؤلاء لحزب الله؟ ماذا عمل هؤلاء لحماس؟.
لماذا أما الغربيون: دول، وشعوب، وأفراد وهو ما حصل بعد حادث [الحادي عشر من سبتمبر] بشكل صريح.. ألم ينطلق المواطنون في فرنسا، وفي بريطانيا، وفي أمريكا، وفي استراليا، وفي ألمانيا، وفي مختلف المناطق ضد المسلمين في تلك البلدان؟ ألم تنطلق الصحف؟ ألم تنطلق وسائل الإعلام كلها لتهاجم الإسلام والمسلمين؟ هم انتظروا أحداً يمنحهم شرعية؟ أم أنهم يرون أن لهم شرعية؟ لأنهم يعتبرون الإسلام والمسلمين أعداء ولك حق في أن تقف في مواجهة عدوك.
لكننا نحن المسلمين نُثقف هكذا: ليس لليمنيين حق أن يقفوا في مواجهة أمريكا وإسرائيل، وليس للسعوديين حق، وليس للإيرانيين حق، وليس لأي مواطن في أي بلد عربي حق أن يقف ضد أمريكا، سيقولون ماذا تعني؟ ماذا تريد؟ ماذا تريد عندما تقول هكذا؟ أنت الآن إرهابي، هل ضربتك أمريكا الآن أو عملوا بك شيئاً؟.
نقول: أنت تريد أن أنتظر حتى يدوسوني بأقدامهم، ثم فقط يكون كل ما أريده وأنا منتظر منك، كل ما أريده منك أن تقول لي في الأخير: أنني لست إرهابياً, وأنت في الأخير لا يمكن أن تعمل لي شيئاً!.
الزعماء أنفسهم هم من سيقعون فيما وقع فيه عرفات.. وهل أحد من زعماء العرب عمل لعرفات شيئاً؟ بل يقول بعض الكتاب في الصحف: أنه فعلاً حتى الاتصالات، الاتصال من زعماء العرب أنفسهم بعرفات كلهم أقفلوا الاتصالات معه, ولا كلمة يسمعها، ويسجن داخل بيته ولا أحد يقدم له شيئاً، ولا أحد يتصل حتى يواسيه بكلمة!. هذه ما يجب أن نقاومها.. هذا ما يجب أن نرفضه.
إن اليهود والنصارى يقاتلوننا كافة، والله يأمرنا أن نقاتلهم كافة كما يقاتلوننا كافة، إنهم يتحركون في كل شعب، وهل هناك دولة إسلامية تضرب بريطانيا، أو دولة إسلامية تضرب فرنسا حتى ينتظر الفرنسيون أن يوجد لهم المبرر أن يتحركوا ضد المسلمين؟ أم أن كثيراً من المسلمين الآن ما يزالون سجناء بما فيهم يمنيون؟ سجناء في أمريكا، وسجناء من مختلف المناطق، وأشخاص قتلوا.
حتى نشرت بعض الصحف أن أربعة يمنيين من مدينة [القاعدة] قتلوا واستجوب كثير منهم؛ لأن في وثائقهم اسم [القاعدة] – والقاعدة هي مدينة في اليمن – ظنوا أنه من تنظيم القاعدة تنظيم [أسامة بن لادن] وهو من مدينة القاعدة مدينة هنا اعتقد في محافظة [إب]. محل الميلاد [القاعدة], قالوا: إذاً أنت من القاعدة .. قتل أربعة أشخاص لاشتباههم في الاسم.
لكننا نحن لا يجوز لنا أن نصرخ في اليمن، ولا في أي بلد عربي آخر، ونحن نُضرب في كل مجالات حياتنا، ونحن نرى ديننا يهدد، أولسنا كلنا نعرف أن الإسلام والمسلمين يواجهون بهجمة شرسة جداً من دول الغرب كلها؟. أليس هذا هو ما نلمسه؟. فلماذا يريد هؤلاء أن لا نتكلم لا في اليمن ولا في أي منطقة أخرى؟. لأنه لاشرعية لك أن تقول إلا بعد أن يصل أولئك إلى عندك فيدوسونك بأقدامهم.
تأملوا ستسمعون هذه العبارات تتكرر، ودائماً وسائل إعلامنا تخدم إسرائيل من حيث تشعر أو لا تشعر، وترسخ في أذهاننا شرعية بقاء إسرائيل كدولة، وشرعية تحرك أمريكا ودول الاستكبار ودول الكفر دول اليهود والنصارى ضد المسلمين شعوباً وحكومات ولا تمنح الشرعية إلا لفئات معينة!. ماذا يعني هذا المنطق عندما نسمع [أنه لا أما حماس وحزب الله وحركة الجهاد والفلسطينيين لا نسمع أن يصنفوا أنهم إرهابيين] ماذا يعني هذا؟، أما الباقون فإذا ما صرخ أحد ضدكم فهو إرهابي، أما الباقون في مختلف الشعوب الإسلامية فإذا ما تحركوا لمواجهتهم فهم إرهابيون وسنكون معكم ضدهم
أليس هذا هو ما يعني حصر؟ حصر ماذا؟ حصر من نعزلهم عن قائمة اسم إرهاب في منظمات معينة بحجة أنها تقاوم احتلالاً مباشراً أولسنا محتلين في اقتصادنا، في سياستنا، في كل شئون حياتنا؟.أوليس العرب مستعمرين الآن؟ هم مستعمرون، أي زعيم يمكن أن يقول كلمة جريئة إلا ويسحبها بعد ساعة أو ساعتين؟ أليس هذا يعني استعمار؟.
استعمار في كل مجالات شؤوننا، وحرب لديننا نراها ونشهدها، وإفساد في أرضنا، وإفساد لشبابنا، وإفساد لنسائنا، وإفساد لكبارنا وصغارنا.. أليس هذا هو ما يحصل في البلاد العربية كلها؟.
إن الله هو الذي منح المسلمين الشرعية أن يقاتلوا أعداءهم كافة كما يقاتلونهم كافه، هو يقول: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}(البقرة: من الآية217) هو يقول: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التوبة:29) هو من أمر المسلمين جميعاً أن يقفوا صفاً واحداً وبكل ما يمتلكون من وسائل في مواجهة أعدائهم، سواء كثر أعداؤهم أم قلوا.
التوزيع للشرعية إنما جاء بعد ما وزعت البلاد الإسلامية إلى قطع صغيرة، ثم بعد وزعت المواقف: فهذا مشروع, وهذا ليس مشروعاً.
إن كل ذلك هو يخالف منطق القرآن الكريم، وسيقولون ماذا؟ حفاظاً على مصالح، سيقولون ماذا؟ مقابل قروض نُعفى عنها، أو مساعدات، أو تنمية موعود بها.. كل ذلك يصنف في قائمة ماذا؟. في قائمة (بيع الدين بالدنيا)، فهل يجوز أن نرضى؟ سنقول: نحن مسلمون, وإذا كنا نرى دول الغرب كلها حكومات وشعوباً ينطلقون لمحاربة الإسلام والمسلمين كافة فإن كل مسلم يجب أن يكون جندياً يعاملهم بمثل ما يعاملون به المسلمين، ويقف في وجههم كما يقفون بكل إمكانياتهم في وجه المسلمين.
ويقول الله سبحانه وتعالى أيضاً عن بني إسرائيل أنهم يشترون الضلالة بالهدى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} (النساء:44) أُوتوا نصيباً وافراً من الكتاب، أُورثوا الكتاب، لكن أصبح الكتاب لا قيمة له لديهم، وأصبحوا هم يشترون الضلالة، يبحثون عن الضلالة.. الضلالة في أنفسهم، والضلالة ليصدروها للآخرين {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} يريدون أن تضلوا السبيل، والذي يريد أن أضل أليس أنه عندما يتمكن, ويحصل على الإمكانيات التي يستطيع بها أن يضلني ألن يعمل على إضلالي؟. لأنه يريد أن يضلني، أليس كذلك؟ هم يريدون أن نضل، وقد أصبحوا يمتلكون إمكانيات هائلة جداً من الآليات والماديات، ألن يسعوا بجد؟ أليس هناك ما يدفعهم إلى أن يتحركوا لتصدير الضلالة إلينا وإلى أن يضلونا؟.
فعلاً هم يمتلكون مليارات، ويمتلكون شركات السينما، ويمتلكون القنوات الفضائية الكثيرة، يمتلكون الآليات بمختلف أنواعها.. ألسنا نرى أنها كلها تُجَنَّد لإضلال الآخرين؟ لإضلال الشعوب؟ ألسنا نعاني من إضلال كبير يأتي من مختلف وسائل الإعلام؟ ومن مختلف وسائل النشر؟ ومن الأقلام الكثيرة التي تكتب؟ وفي كل بلد, وبكل وسيلة؟.
أولسنا نرى أنه هنا في اليمن كل سنة ينتشر فيها الفساد والضلال أكثر من السنة السابقة؟ لأن الله قال عنهم أن أولئك من أهل الكتاب، من اليهود والنصارى اشتروا الضلالة، نبذوا الكتاب وراء ظهورهم ليستبدلوا به الضلالة، وأنهم في نفس الوقت يريدون من الآخرين أن يضلوا {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}.
فلنرجع لنتلمس آثار إضلالهم في واقع حياتنا، تلك نقطة عرفنا أنها.. قضية بيع الدين بالدنيا أليست هي السائدة داخل أوساط المسلمين؟.
هناك فيما يتعلق أيضاً بجوانب كثيرة لأن عبارة {الضَّلالَةَ} تعني أنهم عندما يكونون يريدون أن نضل السبيل كل وسيلة سيسلكونها؛ لأنهم لن يتحرجوا إذا، وما الذي سيدفعهم إلى أن يتحرجوا من أن يستخدموا كل وسيلة فيها إضلال لنا؟ هل دينهم سيمنعهم؟ لقد نبذوا الدين وراء ظهورهم، لقد نبذوا الكتاب وراء ظهورهم، فما الذي سيجعلهم يتحرجون من أن يستخدموا أي وسيلة للإضلال؟ إنهم يستخدمون حتى بناتهم ونسائهم لإضلال الآخرين، إنهم يستخدمون اليهوديات المصابات بمرض (الإيدز) لينتشرن داخل مصر من أجل أن ينتشر ذلك المرض الفتاك، ومن أجل أن يفسدوا شباب المصريين زيادة على ما قد حصل.
هم من يعملون على نشر الفساد الأخلاقي في مختلف البلاد العربية، هم من دفعوا المرأة المسلمة، المرأة المحتشمة، المرأة التي يلزمها دينها وقيمها العربية أن تكون متأدبة ومحتشمة، هي من أصبحت الآن تتبرج، هي من أصبحت الآن تكشف شعرها وبدنها، هي من أصبحت الآن تزاحم الرجل في جميع مناحي الحياة بحجة مشاركتها في المجال السياسي.
الآن في اليمن يطعِّمون المكاتب بالنساء! هنا مدير وهنا سكرتيرة لتكون أجواء المكتب لطيفة، لتكون أجواء المكتب كلها أجواء حب .. ومتى سينصح هؤلاء لشعبهم وأجواء مكاتبهم كلها حب؟!. يسرح الموظف من بيته وهو يحاول كيف يكون شكله مقبولاً أمام الموظفة، أمام السكرتيرة، أو أمام امرأة أخرى تشاركه في مكتبه، الآن يعملون على أن تشارك المرأة الرجل في المكاتب، في الدوائر الحكومية، ويعتبرون أن هذه هي المشاركة الحقيقية للمرأة في الحياة.
تلك المشاركة التي تقوم بها المرأة في الريف, هي من تربي الأبقار، وتربي الأغنام، هي من توفر على أسرتها كثيراً من الأشياء التي يحتاج رب الأسرة إلى دفع فلوس كثيرة في توفيرها، هي تربي الأبقار، وتربي الأغنام، هي توفر الحطب، هي توفر الماء، هي تعمل جاهدةً في المجال الزراعي .. أليست هذه هي مشاركة حقيقية في التنمية؟. مشاركة تجعل الأسرة كلها تتحمل جميعاً أعباء الحياة، تلك الأعباء التي فرضها علينا هؤلاء، هذه الحياة التي أصبحت صعبة.. هذه لم يعترفوا بأنها مشاركة بل يصنفونها بأنها ظلم، وأنها امتهان للمرأة!. من أين جاء هذا التقييم؟ من أين جاء؟.
يقال أن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) قضى على فاطمة الزهراء بأعمال منزلية، وأعمال ترتبط بالمنزل، وعلى الإمام علي بأعمال خارج المنزل.. وهكذا المرأة في اليمن تشارك الرجل في جميع مناحي الحياة. لكن هذه التي هي مشاركة حقيقية، ويلمس الجميع أن زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم يساعدنهم مساعدة كبيرة على تحمل أعباء الحياة، هذه تصنف عند أعدائنا بأنها امتهان للمرأة!. لا، المشاركة الحقيقة هي أن تكشف نفسها ووجهها، وتزاحم الرجل هذه هي التنمية أن تزاحم الرجل في المكاتب، أن تزاحم الرجل في محطات التلفزيون، أن تزاحم الرجل في كل مناحي الأعمال الأخرى.. لا حاجة إلى هذه؛ لأن هذه ليست مشاركة حقيقية.
إن الذي يجب عليكم هو أن تشجعوا المرأة، هو أن تعملوا على تشجيعها، وأن تساعدوها وهي التي تعمل في مجال الزراعة، وتعمل في مجال تنمية المواشي، وهي التي تساعد رب أسرتها، تساعد زوجها، وتساعد قريبها مساعدة كبيرة، إنها تخدم الشعب أكثر منكم .. أين هي مشاريع المياه؟ هل هناك مشاريع مياه؟ من الذي يوفر المياه لنا؟. أليست هي النساء توفر المياه؟ إن النساء ينفعننا أكثر من ما تنفعنا الحكومة، إن النساء يقدمن خدمات للمجتمع أكثر مما تقدمه الحكومة.
أنتم تريدون أن تقولوا لهذه النساء: أن هذا امتهان، وأنه يجب أن تترك كل هذه الأعمال وتنطلق لتزاحم الرجل في المكتب فتخرج زوجتك، وتخرج بنتك لتعمل ساعات داخل مكتب مع شخص آخر، أيّ أجواء ستسود هذا المكتب؟ اقرؤوا إحصائيات عما يحصل في أجواء كهذه في بلدان أوربا.. إحصائيات عن النساء كم من النساء – كما يقال بعبارتهم – يُغتصبن ممن يشاركن الرجل في أعماله في المكتب، من قِبَل مدراء المكاتب، من قبل مشاركين في هذه المكاتب، يجلسون سوياً هم وتلك النساء في مكتب واحد! كم يحصل من جرائم؟.
إحصائيات نشرتها بعض الصحف تذكر كم يحصل من جرائم بسبب مشاركة المرأة للرجل في الأعمال داخل المكاتب، في الدوائر الحكومية، وفي مختلف منشآت القطاع الخاص.. ونحن أيضاً نسلم بهذا، ألسنا تنطلي علينا هذه المسألة، وعلى نسائنا؟ أن يقال: هذا امتهان للمرأة, أن تحمل المرأة الماء، أو تحمل الحطب.
نقول: الامتهان هو عملكم أنتم وأنتم تحملوننا القروض المنهكة هذا هو الامتهان، الامتهان من قبلكم أنتم وانتم تضعوننا تحت أقدام أعدائنا، الامتهان من قِبَلكم أنتم وأنتم لا تعملون على أن نحصل على قوتنا, وأن نحصل على مختلف الأشياء التي نحتاجها من داخل بلدنا، أليس هذا هو الامتهان؟. أليس كل عربي أصبح الآن لا يفخر بأنه عربي؟ من هو العربي الذي أصبح الآن يفخر بأنه عربي؟ هل هناك أحد؟ كل الناس يشعرون بالخزي حتى زعماؤهم يشعرون بالخزي.
وكل الناس لمسوا أن موقف الزعماء كان موقفاً يشهد الجميع بأنه مخزٍ عند ما يكون أحد زعماء العرب وزعيم شعب مظلوم على مدى خمسين عاما مسجوناً داخل بيته، وتحاصره الدبابات الإسرائيلية ثم يقطعون حتى الاتصال عنه، ثم لا يصرخون في وجه أولئك الذين حاصروه، ثم لا يعملون أي عمل .. أليس هذا هو الخزي؟. كلنا يشهد بأنه خزي، هذا هو الامتهان لكم أيها الكبار، والامتهان لنا نحن الرجال، أما المرأة التي تنطلق لتشارك الرجل أعباء وضعية فرضتموها أنتم وأعداؤنا عليها وعليه فإن هذا هو العيش الكريم، هو العيش الكريم.. لا بد أن أعمل، ولا بد أن تعمل زوجتي، ولابد أن تعمل بناتي لنعيش حياتنا بجهدنا، وبعرق جبيننا؛ لنحصل على حياة كريمة ولو بنسبة محدودة.
أنتم تريدون أن ترحمونا، وأن ترحموا تلك النساء، وأن تفكوا عن تلك النساء ذلك الذي تسمونه امتهاناً، اعملوا على توفير المشاريع، وفروا لها الكهرباء، وفروا لها مشاريع المياه، وفروا لها المراكز التي ترعى الأمومة والطفولة، وفروا لها كل شيء. لا تقولوا لها: بأن التقدم، بأن الحرية، بأن المشاركة الحقيقية هي أن تنطلق لتزاحم الرجال داخل مكاتبكم، داخل مكاتب الدوائر الحكومية.
من أين جاء هذا؟. ألم يأتي من عند أولئك الذين قال الله عنهم: {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} يريدون أن نضل فيعملون جاهدين على أن يخرجوا بناتنا ونساءنا ليزاحمن الآخرين في مكاتب الدوائر الحكومية، وفي مكاتب الشركات، ومكاتب ومنشآت القطاع الخاص، {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}.
المرأة التي أصبحت متبرجة .. من أين جاء هذا؟ هل القرآن هو الذي قال لها؟ أم القرآن هو الذي أمر رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أن يأمر نساءه وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن، وأن يضربن بخُمُرهن على جيوبهن، وأمرهن بأن يحفظن فروجهن، وأن يغضضن النظر عن الرجال الأجانب، أليس هذا هو منطق القرآن؟. من أين جاء التبرج؟. من أين جاء السفور؟. ألم يأت من عند من يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل؟. أولم نضل؟.
هنا في اليمن كل سنة هي أسوء من السنة التي قبلها؛ لأن هناك من يعمل جاهداً من أولئك الذين يريدون أن تضلوا السبيل، يعملون على أن تخرج المرأة اليمنية متبرجة مكشوفة، وهي الآن من تحاول على أن ترفع ثوبها قليلاً قليلاً، لتبدو أقدامها، ثم ليبدو ساقها، وتعمل على أن تكشف جزءاً من شعرها قليلاً قليلاً، وتكشف يديها قليلا قليلا،.. وكل سنة نلحظ من المشهد العام في صنعاء أنها أسوء في هذا المجال من السنة الماضية، هناك عمل هناك عمل ممن يريدون أن نضل السبيل، يريدون أن تصبح نساؤنا كالنساء التي نراهن في التلفزيون في مختلف بقاع العالم.
سافر إلى القاهرة، أو إلى عمَّان، أو إلى دمشق، أو إلى بغداد، أو إلى أي بلد عربي إسلامي تجد المرأة العربية المسلمة لا تفرق بين مظهرها وشكلها وبين المرأة الأوربية المسيحية أو اليهودية، حتى النساء في فلسطين وفي (البوسنة) ترى المرأة التي تصرخ وتبكي على ابنها وهو قتيل، أو جريح، أو تبكي على بيتها وهو مهدم على أيدي اليهود هي في شكلها لا تختلف عن أم ذلك اليهودي، عن زوجة ذلك اليهودي الذي هدّم بيتها وقتل ابنها.
لنقول أيضاً: أنه حتى عندما نسير وراء الآخرين فيما نعتبره حضارة وتقدماً، نقول للمرأة عندما تخرجين متبرجة، عندما تخرجين سافرة لوجهك وبدنك مكشوف هل رحموكِ؟. هل رحموها؟ هل كفوا عن تدمير منزلها؟. لأنها أصبحت قد لحقت بركابهم؟ إنهم يرْكُلُون كل من لحق بركابهم من عندنا. هل كفوا عن ابنها؟. هل كفوا عن زوجها؟ ثم هل تريدين أنت أن يكف الله عنك وأنت من تسيرين وراء ضلالة هؤلاء أكثر مما تسيرين وراء هدي الله؟ الله لن يكف عنك، الله لن ينقذك وأنت من تسيرين وراء من يريدون أن تضلي، ويريدون أن تهاني، ويريدون أن تظلمي، وأنت تقلدينهم في كل مظاهر الحياة. أليس هذا هو ما يحصل؟ إن الله لن يكف عن تلك النساء.
حتى أصبح البعض منا فعلاً يوم كنا نشاهد ما يحصل في البوسنة على شاشات التلفزيون، ألم تكن ترى المرأة المسلمة كالمرأة الصربية؟ شكل واحد، وزي واحد، ترى الفلسطينيات وهن يهربن أمام الإسرائيليين كالإسرائيليات سواء. حاول أن تشاهد فيما لو تمكنت أن تشاهد شاشة التلفزيون الإسرائيلي ستجد أنه لا يختلف لا يختلف أبداً عما تشاهده في شاشة أي تلفزيون آخر في البلاد العربية.
لقد ضلينا السبيل، سبيل ديننا، سبيل عزتنا، سبيل كرامتنا.. السبيل كل ما تعنيه كلمة {السَّبِيلَ} الذي يهدي إلى التي هي أقوم، الذي يهدي إلى العزة والكرامة {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}.
وهم عندما يريدون أن نضل السبيل، هم كالشيطان يعرفون سبيل عزتنا ليصرفونا عنه، هم لا يغلطون، يعرفون سبيل الحق فيصرفونا عنه، يعرفون سبيل تنميتنا الحقيقية فيصرفونا عنها، يعرفون سبيل زكاء نفوسنا، وسمو أرواحنا فيصرفونا عنه، يعرفون سبيل قوتنا في توحدنا فيصرفوننا عنها {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}.
وهم يعلمون أن التركيز على الجانب الأخلاقي الذي وسيلته المرأة، المرأة هي وسيلة سهلة، سهل إفسادها، وعظيم جداً إفسادها أيضاً، إنها تفسد بسهولة، وهي من تفسد الرجل بسهولة أيضاً.. يركزون على المرأة لتفسد في نفسها من خلال ما تشاهد.
وهم من حتى يقدمون في المسلسلات العربية – التي يسمونها عربية – يقدمون المرأة التي زيها مازال زياً عربياً هي الشغالة، وهي الخادمة، ألسنا نشاهد هذا في المسلسلات المصرية؟ المرأة التي دورها شغالة، أو خادمة، أو بوابة عملها عمل ممتهن، أليست هي تبدو بالشكل العربي وبزيها العربي؟ لكن المرأة ذات الدور المهم داخل المسلسل، بطلة تلك القصة هي من تبدو مشبهة تماماً للمرأة الأوربية؛ لنقول: هكذا هو التحضر. لا يليق بها حتى ولا أن تمثل دوراً لائقاً إلا وهي بزي المرأة الأوربية، الزي المفضوح، الزي الذي يفسد كل من يشاهده, ويرسخ في أذهان نسائنا أن تلك النساء اللاتي ما يزلن محافظات على زيهن العربي، على حجابهن الإسلامي ها هن منحطات, إنما هن فرَّاشات ويقمن بدور الفرَّاشة، بدور الخادمة، بدور الطباخة في هذا المسلسل الذي يسمونه أيضاً [المسلسل العربي]، والذي يقول مخرجوه: أنه من أجل معالجة مشكلات اجتماعية. أليس هذا هو من يصنع مشكلات اجتماعية؟. أليس هذا هو من يخدم أعداء الله؟. أليس هذا هو من يساعد المرأة، من يدفع بالمرأة التي تشاهد إلى أن تتبرج؟.
هل نحن نرى النساء يقلدن من يشاهدنه من النساء داخل تلك المسلسلات ممن لا يزلن يحملن الزي العربي؟. أم أنهن ينطلقن لتقليد تلك النساء التي يتبرجن؟. من يقلدن؟. هي لا تنشد لتقليد تلك المرأة؛ لأن دورها في المسلسل قُدماً دوراً ممتهن إذاً فهذا اقترن الزي بالدور، اقترن الزي العربي الزي الإسلامي بالدور الممتهن للمرأة داخل المسلسل، من أجل المرأة العربية التي تشاهد المسلسل لا تنشد لتقليد هذه المرأة وإنما تنشد لتقليد تلك المتبرجة السافرة؛ لأن دورها في المسلسل هو دور البطلة، هو دور الممثلة الكبيرة، أليس هذا إضلال؟ {وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}.
بل أصبحنا نضل وبأموالنا نحن المسلمين نضل بعضنا بعضا، تموّل كل تلك الأعمال التي فيها إضلال لنساء المسلمين، التي تدفع المرأة إلى السفور والتبرج تمول من الأموال العامة للشعب، تمول, أو تشجع من الأموال العامة للشعب إذا ما كان هناك قطاع خاص هو من يقوم بتلك الأعمال، والمعاهد التي يتلقى التدريب والتعليم فيها من يتخرجون فيما بعد مخرجين أو ممثلين هي أيضاً من المشاريع التي تمول من قبل المال العام للشعب في أي بلد إسلامي.
نشتري الضلالة كما اشتراها بنو إسرائيل، هم يريدون أن نضل السبيل, بل أن نصل إلى ما وصلوا إليه أن نشتري الضلالة، أوليست وسائل إعلامنا تشتري الضلالة بمبالغ كبيرة؟ تشتري الأفلام من المصريين، ومن السوريين، ومن غيرهم لتعرضها أمام نسائنا في بيوتنا، أليس هذا اشتراء للضلالة؟ أليست هذه هي النفس التي حكى الله بأن اليهود يحملونها؟ {يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ} إذا هذه واحدة أخرى.
في نفس الوقت هل هناك أحد يقدم هدى؟ يقدم هدى يصرخ في وجه هؤلاء؟. لا.. لأننا حتى وإن كنت تحمل اسم مؤمن أنت في نفسك قابل لأن تروض حتى يصبح كل شيء أمامك طبيعي وغير مثير، يصبح كل شيء أمامك طبيعي.
لدرجة – كما يقول لنا البعض – أنه فعلاً في البلدان التي أصبح سفور المرأة شيئاً طبيعياً تجد هناك عالم دين، وخطيب وإمام جامع زوجته وبنته متبرجة وسافرة! وهو من يأمر الناس بالتقوى في المسجد، وهو من ينطلق على شاشة التلفزيون ليعمل في برامج دينية تقدم للناس، وزوجته وبناته متبرجات!.. هكذا يتروض الناس أنفسهم حتى تصبح الضلالة لديهم مقبولة.
لكن الله سبحانه وتعالى لا يتعامل معنا ونحن نضل، كما نتعامل نحن مع الضلالة، كل شيء مرصود، وعقوبات الأعمال كلها تحصل حتى وإن كنت تراها شيئاً عادياً وغير مثير.
هذا فيما يتعلق بالجانب الأخلاقي، والجانب الأخلاقي, فساد المرأة هو مما استخدمه الإسرائيليون وكانوا يغرون ولا يزالون يغرون به العملاء من فلسطين ولبنان، وهم من يدفعون النساء، الغربيون هم من يخرجون النساء بشكل سائحات إلى اليمن، ويقولون بأنه يعجبهم البيوت القديمة في صنعاء باعتبارها نمط معماري قديم! إنهم يريدون أن يدخلوا إلى داخل الأحياء السكنية.. هناك بيوت في صنعاء، – وبعضها وللأسف الشديد كانت بيوت علم وعلماء – أصبحت فنادق يتجمع فيها السواح الخليعون من كل منطقة، من بلدان أوربا وغيرها، ثم لا ستائر على الطياق، ولاشيء، سفور، وخلاعة، وتبرج.. وصنعاء القديمة بيوتها هكذا كثيفة ومتقاربة جداً.
يقول بعض الناس: بأنه فسد كثير من البيوت المجاورة, فسدوا بواسطة ذلك البيت الذي قد أصبح فندقاً يأوي إليه السياح؛ لأنه يعجبهم المباني القديمة, ونمط معماري قديم. ليس لهذا، ليس لهذا، إنهم يريدون أن يدخلوا إلى أعماق أحيائنا السكنية, لم يكفهم أن يكونوا في الشوارع العامة، ولا في الأسواق العامة، ولا أن يسير شبابنا وراءهم يتطلعون إلى تلك النساء، بل يريدون أن يدخلوا إلى داخل الأحياء العامة في العاصمة, وفي أي مدينة.
وأولئك الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً لا يهمهم، لا يهمه وقد يكون بعضهم من أسرة علمية يؤجر بيته مقابل مبلغ من الدولارات ليكون فندقاً، ولا يهمه أن يكون من ينام مكان جده الذي كان عالماً من علماء الدين، أن ينام في تلك الغرفة التي كان يتردد كتاب الله فيها كل حين، أن ينام خليعون من أي بلد من بلدان أوروبا.. أليس هذا هو تنكراً لقيم ألآباء والأجداد؟ أليس هذا هو إساءة للآباء؟ إساءة للأجداد العظماء من أولياء الله؟.
تتحول بيوت كانت بيوت علم ودين، وبيوت فضيلة تتحول إلى بيوت فاسدة، ثم تفسد الحارة كلها وهو لا يبالي يحسب كم سيستلم في آخر الشهر من دولارات مقابل تأجيره لهذا المنزل.. أليس هذا أيضاً من الضلالة؟ ألم يصبح هذا الذي باع دينه يشتري الضلالة, ولا يبالي أن يضل الآخرون؟.
هكذا يصبح العرب أنفسهم, يصبح المسلمون أنفسهم.. وكل هذا شاهد على أنه لو تمكنت أمريكا من بلادنا ستجد الكثير والكثير من الشباب قابلين لأن يكونوا عملاء يسخرون النساء كما يعملون في فلسطين, وكما يعملون في لبنان.. لو تقرؤوا قصص العملاء أشخاصاً فلسطينيين, وأشخاصاً لبنانيين تحولوا إلى عملاء وكان من أكثر الأشياء إغراءً لهم النساء والمال فيتحول إلى عدو يتنكر لدينه، ويعمل على أن يغتال, ويُغتال على يديه العظماء من الأحرار الذين يحاربون من أجل شرفه, ومن أجل وطنه.. إن النساء خطيرات جداً إذا ما أتجه الإفساد إليهن.
ونحن لا نعمل، حتى أولئك الذين كانوا يتشدقون بأنهم دعاة إسلاميين،لم يهتموا بهذا الجانب وهم من تمكنوا أيضاً في السلطة، وهم من أصبح في معاهدهم ومدارسهم مجاميع كبيرة من النساء، يستطيعون أن يوجهوا فلم يوجهوا بالشكل المطلوب الذي يجعل المرأة اليمنية ترفض هذا الشكل, وهذا التقليد الذي يريد اليهود أن تسير عليه.
هذا في الجانب الأخلاقي، وهذا ما يعمله اليهود، مع أننا نجد أن نبياً من أنبياء الله العظماء وهو من بني إسرائيل جعله الله مثلاً للعفة, مثلاً للنزاهة على الرغم من جماله البارع، على الرغم من شبابه المكتمل، وعلى الرغم من الأجواء المهيأة الكاملة لفساد أخلاقي، لفاحشة يرتكبها.. فإذا به يصبح مثلاً للعفة, نبي الله يوسف، سورة يوسف، قصة يوسف في القرآن الكريم هي مثل للعفة، مثل للطهارة، نبي الله يوسف هو مثل لكل شاب مهما رأى نفسه في المرآة جميلاً، الكثير من الشباب متى ما تصفح وجهه في المرآة فرأى شعره جميلاً، وشكله مقبولاً انطلق هنا وهناك، وراء البنات، انطلق وهو بكل غرائزه مستعد لأن يسقط في مستنقع الرذيلة.
إن نبي الله يوسف الذي قد يكون ربما أجمل إنسان خلقه الله، وكان في وقت مكتمل الشباب، هو من قال عندما اجتمعت [المصريات] عليه وبعد أن بـهرهن جماله، وقطعن أيديهن، وهددنه بالسجن إن لم يقبل ما يردن منه قال: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ}(يوسف:33) هذا هو الشاب التقي الطاهر.
أليس من بني إسرائيل؟ نقول لشبابنا، نقول لشاباتنا، نقول لبنينا وبناتنا في كل مكان: أنتم وراء من تسيرون؟ وبمن تقتدون؟ كلنا – سلمنا – وراء بني إسرائيل .. لكن وراء من؟ إنكم تسيرون وراء أولئك الذين يبيعون بناتهم، ويبيعون أعراضهم من بني إسرائيل.. لماذا لا تسيرون بسيرة يوسف نبي الله؟. لماذا لا تسيرون هذه السيرة لتحصلوا على ما وعد الله به نبيه يوسف عندما قال: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (يوسف:22)؟ كونوا محسنين بعفتكم، كونوا محسنين بطهارتكم وستحصلون على الحكمة، وستحصلون على العلم، العلم الذي تزكو به نفوسكم، والعلم الذي تبنون به أمتكم، العلم الذي تبنون به اقتصادكم وحياتكم.
أما أن تسقطوا في مستنقع الجريمة، وتسيرون وراء أولئك الذين يريدون أن تضلوا السبيل، أولئك الذين هم أعداء لكم، فإنهم يعلمون علم اليقين أنكم عندما تسيرون في هذا الطريق، وتسقطون في هذا المستنقع فإنكم ستكونون وسيلة لضرب نفوسكم، وضرب أمتكم، وضرب شعوبكم، وأنكم ستكونون وسيلة لتدمير أنفسكم، وتدمير أمتكم، وأنكم ستصبحون أجساداً لا قيمة لها يدوسونها بأقدامهم وهي تبتسم، وتقبِّل تلك الأقدام.