مجلس الأمن منصة دولية لتبرير العدوان والحصار على اليمن
غارات وقرارات.. مجلس الأمن شريك في العدوان على اليمن (الحلقة التاسعة)
موقف مجلس الأمن من الإجراءات والقرارات الثورية القرار (2201) شجب الإجراءات الثورية والمطالبة بتنفيذها (صدمة وتناقض):
الثورة /
بعد استقالة هادي وبحاح وإعلان اللجنة الثورية العليا كسلطة مؤقتة لإدارة البلد وإنقاذه من الفراغ الدستوري حتى تنفيذ بقية بنود اتفاق السلم والشراكة وصولاً لانتخابات رئاسية ونيابية وتسليم السلطة سلمياً لمن يختاره الشعب، لم يستطع مجلس الأمن ومجلس التعاون الخليجي تحمل انتصار ثورة اليمنيين وإيقافهم أي تدخلات أجنبية في قراراتهم الداخلية أو الاستمرار في انتقاص حق الشعب اليمني في تقرير مصيره وسيادته على أرضه.
نتيجة لذلك توالت بيانات الإدانة والشجب من دول مجلس التعاون الخليجي وأصدر مجلس الأمن قراره (2201) بتاريخ 15 فبراير 2015، الذي أظهر مجلس الأمن مرتبكاً يتناقض مع قراراته ويصر أعضاؤه على الاستمرار في مخالفة ميثاق الأمم المتحدة باستمرار التعامل مع اليمن من خلال الفصل السابع ومحاولة فرض الوصاية والرمي عرض الحائط بكافة المواثيق والقوانين الدولية. حيث جاء في القرار “وإذ يعرب عن استيائه من الإجراءات التي اتخذها الحوثيون من جانب واحد لحلّ البرلمان والاستيلاء على المؤسسات الحكومية اليمنية، والتي تسببت في تفاقم الأوضاع بشكل خطير، وإذ يعرب عن الجزع إزاء أعمال العنف التي يرتكبها الحوثيون ومناصروهم، وهو ما قوض عملية الانتقال السياسي في اليمن وشكل خطرا على أمن اليمن واستقراره وسيادته ووحدته”.
جاء هذا القرار على الرغم من صمت المجلس إزاء كافة الإجراءات التي اتخذها هادي لتقويض عملية الانتقال السياسي باستقالته هو ورئيس حكومته معطلاً الدولة ككل مع عدم تمثيله أساساً لأي مكون وطني بل كان يمثل النظام السابق ومجلس التعاون الخليجي.
وبخصوص جزع مجلس الأمن من أعمال العنف فلم تسجل أي أعمال عنف خلال تلك الفترة سوى إجبار هادي على البقاء في قصره بعد استقالته حرصاً على تثبيت الأوضاع، إلا أن كان يُقصد بالعنف التصدي لتنظيم القاعدة في البيضاء.
في القرار نفسه (2201) عاد المجلس لتكرار تناقضه بمطالبته بتنفيذ مرجعيات متناقضة تتمثل في المبادرة الخليجية واتفاق السلم والشراكة حيث جاء فيه: “وإذ يشدد على أن التقويض طال عملية الانتقال السياسي التي اتفقت عليها الأطراف في إطار مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل، واتفاق السلم والشراكة الوطنية”، فكيف يمكن أن يُلزِم مجلس الأمن الأطراف اليمنية الالتزام بنقيضين وآليتين مختلفتين، الأخيرة منهما ألغت السابقة؟!، وإذا كان الأمر عائداً للمنطق والقانون فالاتفاق الجديد ينقض القديم إذا تعارض معه في مواده وآلياته ومخرجاته، فاليمنيون والمكونات الوطنية مباركون لـاتفاق السلم والشراكة وملتزمون به بينما هادي وبحاح هما من حاول التنصل منه.
والغريب أن القرار أعرب فيه المجلس عن قلقه البالغ من احتجاز هادي وبحاح ومجلس الوزراء تحت الإقامة الجبرية رغم ان أغلب وزراء الوزارات السيادية وغيرها كانوا متواجدين في القصر الجمهوري أثناء الإعلان الدستوري وكانوا يظهرون في وسائل الإعلام خلال أدائهم لمهامهم في مقرات عملهم بعد الإعلان الدستوري وتشكيل اللجنة الثورية العليا(1).
أما الأغرب فقد كان في هذه الفقرة من القرار “وإذ يؤكد أهمية أن تسمح جميع الأطراف لجميع اليمنيين بالتجمع السلمي، دون خوف من التعرض للهجمات، أو الإصابة، أو الاعتقال، أو الانتقام”، فبالمقارنة مع القرارات السابقة التي كان يطلب فيها المجلس تطبيق المبادرة الخليجية واتفاق السلم والشراكة كان المجلس يركز على تطبيع الأوضاع ورفع الاحتجاجات الشعبية، بل وقد جاء في القرار (2140): “ويشدد على ضرورة أن يتخذ الأطراف جميع التدابير اللازمة لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين، ولاحترام السكان المدنيين وحمايتهم”، بمعنى آخر السماح بفض الاحتجاجات لكن مع تجنب سقوط مدنيين، وفي هذا القرار نجد مجلس الأمن يحرض بشكل غير مباشر لأول مرة “جميع اليمنيين بالتجمع السلمي دون خوف من التعرض للهجمات أو الاعتقال”، الأمر الذي لو حصل كان سيضع سلطة اللجنة الثورية العليا في موقف ضعف غير قادرة على تثبيت الأمن والاستقرار في البلد.
تكرر في القرار نفسه ذكر اتفاق السلم والشراكة لعدة مرات كما في هذه الفقرة: “وإذ يشدد على أن تسوية الوضع في اليمن تتأتى من خلال عملية انتقال سياسي سلمية وشاملة ومنظمة ويقودها اليمنيون وتلبي المطالب والطموحات المشروعة للشعب اليمني في التغيير السلمي وفي حدوث إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي ذي مغزى، حسبما ورد في مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية التنفيذ، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل، واتفاق السلم والشراكة الوطنية، ويؤكد من جديد، في هذا الصدد، دعمه الكامل لجهود المستشار الخاص للأمين العام المعني باليمن، السيد جمال بن عمر، والتزامه بتلك الجهود”، في تأكيد من مجلس الأمن أن الاتفاق من المرجعيات الأساسية لتحقيق وتلبية طموحات الشعب اليمني، كما أكد المجلس دعمه وتأييده لجهود مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن “جمال بن عمر”، الذي كان يؤكد في جميع إحاطاته أن عملية الانتقال السياسي في اليمن جارية وإن وقعت لها بعض العراقيل، وأكد المجلس التزامه بهذه الجهود، ويمكن العودة هنا لإحاطات المبعوث ومقابلاته مع القنوات الفضائية والتي كان آخرها قناة الجزيرة حيث يبين فيها “بن عمر”، أنه حتى بعد الإعلان الدستوري كان الحوار ما زال قائماً وكانت العملية السياسية تتحرك بشكل إيجابي. التأكيد هذا جاء أيضاً في كلام المبعوث “جمال بن عمر”، في مؤتمر صحفي بتاريخ 9 فبراير 2015م قال فيه: “يسعدني أن أخبركم أنه وبعد مشاورات مع الأطراف السياسيين وتواصلنا المباشر مع السيد عبد الملك الحوثي وافقت الأطراف على استئناف المشاورات للتوصل إلى حل سياسي يُخرج اليمن من الأزمة الحالية”، وقال “إنني أرحب بهذا التوجه الإيجابي وأعلن لكم أن الجلسات تستأنف يوم غد الاثنين التاسع من شباط/فبراير”(2).
(1) “الثورة نت” ينشر الإعلان الدستوري لتنظيم قواعد الحكم خلال المرحلة الإنتقالية – الثورة نت (althawrah.ye)
(2) اليمن – جمال بن عمر يعلن استئناف المفاوضات في اليمن – YouTube