مشروبات غازية، قشطة، مكائن حلاقة، شوكلاتة، كيك بأنواع وأحجام مختلفة… وباختصار: كافة أنواع المواد الغذائية والاستهلاكية في أسواقنا من إنتاج دول العدوان، فنجد مكتوبإً على كل سلعة: (صنع في الإمارات العربية المتحدة)، (صنع في السعودية)، يحاصروننا لمنع المشتقات النفطية، ويغرقوننا بمنتجاتهم من المواد الغذائية وغيرها من المواد الاستهلاكية، ونحن نشتري بلا وعي ولا محاسبة ضمير.
متى يصحو الضمير المحلي ويعتقنا من التبعية الاقتصادية لدول العدوان، ومتى سنفعِّل المقاطعة التفعيل الحقيقي بالإنتاج المحلي، ومتى سنرفض منتجاتهم الاستهلاكية ونحن شامخي الرؤوس.
لو أننا أوقفنا قاطراتهم الوافدة من مدخل الوديعة مثلاً لفاوضونا على المشتقات النفطية .. وعلينا أن نفهم لعبة الحرب في شقها الاقتصادي، كما وعيناها سياسياً، وكما تفوقنا فيها ميدانياً.
ولتكتمل الصورة، هناك سلع لاداعي لها، وليست من الضروريات، فما معنى أن تكون السوبر ماركت مكتظة بأنواع متعددة من سلعة واحدة، ألا نستطيع التعويض عن ذلك محلياً، ولماذا رؤوس الأموال المحلية لا تستثمر في الجوانب التي تنقصنا محلياً ؟! .. وإذا سألنا أحد رجال الأعمال أجاب بأن الدولة تيسر دخول هذه البضائع، وأنه لا يستطيع المنافسة في ظل غرق السوق بأنواع متعددة لسلعة واحدة وبمستويات جودة متباينة.
الكل مختلف حول هذه المسألة، والعدو واحد، وهدفه واحد، وهو إخضاع الشعب اليمني وتركيعه، وفي سبيل ذلك يسلك كل طريق ووسيلة، وبتخطيط سادته أصحاب العلامات التجارية لهذه السلع، فليست السعودية والإمارات وغيرهما إلا وكلاء لشركات عالمية معظمها تتبع الماسونية التي تحكم العالم اقتصاديا، وكل ما نشتريه وكل ما ندفع ثمنه يعود ريعه إلى خزائنهم، وبه يصنعون الأسلحة التي بها يدمرون أوطاننا، بأيدي جيراننا، ويفرضون علينا الحصار.
حتى المياه المعدنية – التي ننتجها محلياً بوفرة – غزونا بها، فنجد -على سبيل المثال- مياه معدنية سعودية بأنواع مختلفة، والهدف من ذلك محاربة إنتاجنا المحلي، والتسابق على المستهلك اليمني.
اليمن بتعداد سكانها الكبير، مقارنة بدول الخليج وقربها الجغرافي، تعد سوقاً مثالية لدول الخليج المعتدية، إن الإمارات تبيع من سلعها ومنتجاتها في اليمن أضعاف ما تبيعه داخل حدودها، وبالنسبة للسعودية فإن نسبة لا بأس بها من صناعاتها الغذائية والأدوات المنزلية ومواد البناء كالسيراميك تذهب إلى اليمن.
ولنسأل أنفسنا ماذا يريد المستثمر المحلي لتشجيعه على خدمة وطنه وشعبه بإنتاج بدائل لهذه السلع التي خنقتنا؟!
المستثمر يريد الأمان وتوفير البيئة المناسبة- بشتى صورها – لضمان استمراره ونمو رأس ماله، يجب إشراك القطاع الخاص في سن القوانين التي نلزمهم بها، يجب أن لا ننظر إلى المستثمر المحلي باعتباره مستغل، يجب تغيير النظرة العدائية من قبل الشعب تجاه أصحاب رؤوس الأموال، يجب أن نجعلهم يعيشون الأمان، لا أن نشعرهم به فقط، المستثمر يريد الربح، فلنجعله يربح مرتين، مرة بالعوائد المالية، ومرة ثانية بحب الشعب له أن جَعَلَه يتخلص من (زنقة) ذيل العدوان والاحتلال المتمثل بالتبعية الاقتصادية لدول العدوان، وإذا ما فعل، فإنه آنئذٍ سيفوز بما هو أفضل وأعظم من ذلك كله، وهو الفوز برضاء الله سبحانه وتعالى، و(ذلك هو الفوز العظيم).
إن صاحب كل رأس محلي سوف يخلصنا من سلعة مستوردة واحدة يجب أن يعتبر بطلاً محلياً، إن الاقتصاد هو من يحكم العالم حالياً .. فلنتعامل مع رجل الأعمال كشريك لا كأجير. إن جميع المجتمعات التي حققت نجاحاً لم تقم إلا بالتعاضد بين القطاعين العام والخاص بصورة متعادلة تحقق الفائدة والنماء لكلا الطرفين.
يجب أن نكون أصحاب قرار ووعي لا متشنجين .. إننا نواجه خطر المحو والزوال، كشعب وتاريخ وحضارة، من قبل من ليس لديهم حضارة ولا تاريخ ولا أخلاق، فلنسمو بقراراتنا ولنتخذ حلاً جذرياً لما سيحقق لنا النصر، ويخلده لأجيالنا من بعدنا.