تحقيق / هشام المحيا –
كسر ودائع بنكية حرمت الصندوق 200 مليون ريال و25 مليوناٍ تذهب لأمور هامشية
تحقيق / هشام المحيا
عندما نتحدث عن الضمان الاجتماعي نتحدث عن ميزانية سنوية تبلغ 66 مليار ريال لو وزعت على مليون فقير مشمولين بنطاق صندوق الرعاية الاجتماعية لأصبح نصيب كل واحد 11 ألفاٍ و300 ريال شهرياٍ غير أن ما يعطى لهؤلاء الفقراء شيء لا يشجع على المزيد من الركون على شيء اسمه ضمان اجتماعي.. مستقبلاٍ في هذا التحقيق نتتبع مشكلات بالجملة تواجه عملية صرف مبالغ الضمان الاجتماعي.. نتابع:
الفقر أولاٍ
أرقام وإحصائيات عالمية ومحلية يشيب لها الرأس قبل أوانه ففي الوقت الذي تتحدث فيه الأمم المتحدة عن 10 ملايين يمني يرزحون تحت خط الفقر تتحدث منظمات محلية عن مليون يتيم ويتيمة في اليمن ومليوني معاق تحتل فيها الإعاقة الحركية المقدمة ومئات الآلاف من كبار السن والمهمشين وأسر المسجونين وغيرهم ممن ” لا يسـألون الناس إلحافا” كل هؤلاء يحتاجون لمساعدات ولو بسيطة تمكنهم من البقاء على قيد الحياة .
الدولة لم تقف مكتوفة الأيدي أمام توسع رقعة الفقر في أوساط المجتمع ففي العام 1996م أنشئت صندوق الرعاية الاجتماعية بهدف تخفيف معاناة ” من ليس لهم من هذه الدولة ناقة ولا جمل وهم الفقراء وأصحاب الاحتياجات الخاصة.
ولذلك رصدت الدولة مبلغاٍ قدره 66مليار ريال هو حجم ميزانية صندوق الرعاية الاجتماعية إضافة إلى منح مالية سنوية تقدر بالمليارات تقدمها بعض الدول المانحة الغريب في الأمر أن حجم المبلغ الذي يصل إلى الفرد الواحد لا يتعدى 500 ريال على اعتبار أن أعلى راتب يقدمه الصندوق لكل أسرة اثنا عشر ألف ريال كل ثلاثة أشهر وأن متوسط عدد أفراد الأسر اليمنية ستة أفراد إضافة إلى الأب والأم وعند قسمة عدد أفراد الأسرة على إجمالي المبلغ فإن الراتب الشهري لأفراد الأسرة يصل إلى أربعة آلاف ريال وعند قسمته على أفراد الأسرة يصبح نصيب الواحد منهم 500 ريال من جهة أخرى إذا ما تم تقسيم الـ 66 المليار على كافة الأسر اليمنية المسجلة في الصندوق والبالغ عددها مليون وخمسمائة ألف حالة فإن نصيب الأسرة الواحدة حوالي 11 ألف ريال بمعدل ألف ريال شهرياٍ
فساد بلا حدود
هناك مشكلات لا تقف عند حدود صرف مبالغ الضمان الزهيدة حيث تؤكد وثيقة صادرة من الإدارة العامة للرقابة والتفتيش بوزارة المالية برقم “15487” أن الصندوق قام بإنشاء برنامج يسمى ” تنمية المستفيدين “بقيمة 900 مليون ريال بهدف استخدامه كقروض بيضاء” بدون فوائد ” لمن شملهم قانون الرعاية الاجتماعية إلا أن الواقع مختلف تماماٍ عن الهدف حيث تم استثماره في ودائع استثمارية لدى بنك التسليف التعاوني الزراعي بدلاٍ من إقراضه للمستفيدين من جهته نفى نائب المدير التنفيذي للصندوق قاسم خليل أن يكون المبلغ الذي تم رصده لتنمية المستفيدين 900 مليون ريال مشيراٍ إلى أن المبلغ لا يتجاوز 600 مليون ريال.
وتستمر الحكاية
في السياق ذاته إحدى الوثائق التي حصل عليها كاتب التحقيق تقول إن صندوق الرعاية الاجتماعية قام برفع عمولة البريد العام إلى مليار و251 مليون ريال مقابل صرف رواتب الحالات المستفيدة رغم تحفظ مجلس النواب على هذه النسبة واعتراض نقابة العاملين على رفع العمولة من جهة أخرى طالبت النقابة إدارة الصندوق بوضع رؤية جديدة للعمل كي يتم تجاوز العثرات الحالية وتطوير الأداء.
مخالفات كالمطر
فيما تشير وثيقة أخرى صادرة عن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أن بنك التسليف التعاوني الزراعي قام بالخصم من حساب الصندوق مبلغا قدره 483 ألفاٍ مقابل قروض أخذها بعض موظفي الصندوق ولم يقوموا بسدادها علماٍ بأن الصندوق لم يتخذ أي إجراءات قانونية لاستعادة المبلغ كون أموال الصندوق المودعة في البنك أموالاٍ عامة لا يجوز التصرف بها.
في العام 2011م قام الصندوق بكسر أربع ودائع بنكية بإجمالي مبلغ ثمانين مليون ريال بالرغم من أن المدة المتبقية لكي يستحق هذا المبلغ الكسر قصيرة جداٍ وخاصة الوديعة رقم ” 6525 “والمتبقي لاستحقاقها سوى عشرة أيام فقط كذلك الوديعة رقم “62.731” والمتبقي لاستحقاق العائد عليها 28 يوماٍ علماٍ بأن استحقاق العائد يكون كل ثلاثة أشهر الأمر الذي أدى إلى حرمان الصندوق من عوائد بمبلغ 200 مليون و16 ألف ريال.
وتكمن مشكلة كسر الودائع حسب مختصين في الصندوق في عدم وجود ضرورة حتمية للتضحية بتلك الأموال مقابل الحصول على سيولة. ذات المصدر يؤكد أن كسر هذه الودائع كان بغرض صرف نفقات مستحقة من ذلك ما تم صرفه للمركز الرئيسي والفروع مقابل ما يسمى نفقات متابعة.
وبحسب إحدى الوثائق التي حصل عليها كاتب التحقيق الصحفي فإن صندوق الرعاية الاجتماعية لم يلتزم بتأجير العقارات التابعة له وفقاٍ للضوابط والإجراءات المحددة في قانون المناقصات والمزايدات ولم يكن هذا فحسب فقد قام الصندوق بتنفيذ برامج تدريبية وتأهيلية للمستفيدين من المشاريع المدرة للدخل رغم عدم اعتمادها من مجلس الوزراء.
المتهم بريء
من جهة أخرى اعتبر نائب المدير التنفيذي للصندوق قاسم خليل ما يقال عن الصندوق شائعات يثيرها البعض بهدف الإساءة للصندوق الذي يقوم بواجبه على أكمل وجه مشيراٍ في الوقت ذاته إلى أن الصندوق تطور كثيرا حيث يتواجد حالياٍ في 140منطقة أيضاٍ يقوم الصندوق بتنفيذ برامج عديدة للمستفيدين تصل إلى 30 برنامجاٍ كلها تهدف للوصول بهم إلى حد الاكتفاء الذاتي والمشاركة في التنمية.
معاناة بلا حدود
بين نفي ما ذكره التحقيق من تقصير وإثباته يعيش الفقير آهات ومعاناة لا تنقطع فعلى الرغم من أن راتب الضمان لا يسد الرمق أضف إلى ذلك أنه يأتي كل ثلاثة أشهر إلا أنك تراهم يقطعون لأجله الفيافي والقفار الجبال والوديان وزقاق الحارات ولسان حالهم يلهج بالقول ” نصف العذاب ولا كله ” فهذا الحاج أحمد محمد النهاري أحد المسجلين في صندوق الرعاية يحكي لنا قصته المحزنة وما تعانيه أسرته المكلومة من فقر يكاد يصل إلى حد الجفاف الغذائي فهو يحمل على عاتقه إعالة 14 فردا ولا يملك سوى ما جادت به أرضه القليلة التي لا تكفي وما جاد به صندوق الرعاية الاجتماعية بمبلغ لا يزيد عن 12 ألف ريال كل ثلاثة أشهر أي أن نصيب الفرد داخل هذه الأسرة شهرياٍ 285 ريالاٍ فقط لا غير.
ختاماٍ
أن يقوم صندوق الرعاية الاجتماعية بتنفيذ برامج للمستفيدين يعني القضاء على الفقر إلا أن الغريب في الأمر أن هذه البرامج لم يلمسها المواطن المحتاج حتى اللحظة لذا يتوجب على إدارة الصندوق العمل بشكل جديد عبر تدشين برامج استثمارية تدر عائداٍ جيداٍ تساهم في تقديم خدمات أفضل للمواطنين وتخفيف معاناتهم .