الاحتفالات متنوعة.. والفرحة واحدة

صعدة تاريخياً تحتفل بالمولد طيلة أيام شهر ربيع الأول بتجهيز ولائم عشاء كبيرة في مركز المدينة

طقوس الاحتفاء بالمولد النبوي في المحافظات
ذكرى المولد النبوي أصبحت جزءاً من الموروث الشعبي اليمني عبر الأجيال
الأجواء الاحتفالية للمولد تصاحبها زخات ماء الورد ورائحة العطر والبخور

منذ القدم يحتفل اليمنيون في كل عام بمولد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، كحدث استثنائي في حياتهم، لما له من تأثير كبير في وجدانهم الروحي والديني من تجديد للقيم الدينية والأخلاقية التي جاء بها رسول الله.. وتختلف مراسم الاحتفالات الشعبية بالمولد النبوي من محافظة إلى أخرى، إذ تبدأ من مطلع شهر ربيع الأول إلى نهايته، وذلك بتوزيع الصدقات وعمل الحلويات وتزيين المنازل والأحياء والشوارع، ويقدم فيها الطعام والحلوى.. وبالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها بلادنا جراء الحصار الجائر على بلادنا، إلا أنه ظل أحد أهم الطقوس الدينية التي صنعت إرثاً ثقافياً وفنياً وتاريخياً في البلاد.
وفي هذا الاستطلاع نستعرض الطقوس التي يقيمها اليمنيون في احتفالاتهم بالمولد النبوي في مختلف المحافظات.
الثورة/خاص

في مدينة صنعاء القديمة فإن الاحتفال بالمولد النبوي زاهٍ مع الورد ورائحة العطر والبخور.
الحاج عبدالله السري (78 عاماً) يصف لنا طقوس وعادات إحياء المولد النبوي في صنعاء القديمة بالقول إن (عاداتنا في يوم مولد الحبيب المصطفى تبدأ من بعد صلاة المغرب ليلة المولد، حيث يجتمع الجيران وأهل الحارة في الجامع الموجود فيها، حيث يقوم خطيب الجامع بالصلاة على الرسول وعلى آله وأصحابه وسرد سيرة الرسول، مولده ونشأته وحياته وأخلاقه وصفاته، فيما المجتمعون في الجامع يصلون على النبي، كما أن النساء يجتمعن في جامع النساء ويقمن بعمل مولد نبوي) ويعددن الحلويات ويقمن بتزيين المنازل باللون الأخضر والأضواء الملونة وإعداد الطعام وتوزيعه على الفقراء والمساكين كل في حيّه الذي يقيم فيه .
ويضيف السري- أنه يقوم أحد المنشدين بالإنشاد بعد قراءة سيرة الرسول فيما يقوم أحد الأطفال برش ماء الورد على الحاضرين وهم يرددون الصلوات ويتم تبخير المنازل وأماكن الاحتفال بالعودة ويستمر الاحتفال من ساعتين إلى ثلاث ساعات متتالية.

طقوس مختلفة
عرفت معظم القرى في مختلف المحافظات اليمنية طقوساً وعادات احتفائية بالمولد النبوي، حيث كانوا يعملون على إحياء المولد من خلال جلسات القات التي يقومون فيها بالإنشاد وترديد أبيات شعرية بألحان مختلفة بحسب عادات المنطقة أو المدينة.
أهالي مديرية شرعب السلام ينتظرون بشغف مناسبة مولد الرسول الأعظم كل عام للاحتفاء به، وذلك بإلقاء القصائد التي تنشد على وقع الدف وتزيين المساجد وزيارة أضرحة الأولياء، ثم بعد ذلك يقام سمر لقراءة القرآن والأحاديث ليلة الـ12 من ربيع الأول في أحد بيوت مشائخ العلم بالمديرية.
كرنفالات احتفالية.
مشائخ في محافظة تعز، يقيمون كل عام احتفالاً كبيراً بالمولد النبوي في منطقة يفرس في مديرية جبل حبشي، حيث يتوافدون من مختلف القرى إلى المنطقة ويقيمون فيها وليمة كبيرة يوزعونها على الفقراء والمساكين. ويتم خلال الفعالية التي تستمر أسبوعاً كاملا قبل وبعد مولد الرسول بقراءة القصائد الخاصة بالمناسبة.

تريم حضرموت
كما يقام احتفال مشابه في مدينة تريم بمحافظة حضرموت، حيث والاحتفال بالمولد النبوي له نكهة خاصة وروحانية، وحضور واسع أشبه بكرنفال احتفالي لا يزال عالقاً في أذهان الكثير.

سيرة عطرة في جميع المنازل
ويحكي محمد السقاف (من مدينة تريم) عن الطقوس المتعارف عليها في المولد النبوي الشريف بمدينة تريم قائلا: (تبدأ الاحتفالات في ليلة الثاني عشر من ربيع الأول من داخل مسجد باعلوي وتستمر حتى صباح اليوم الثاني، لتنتقل بعدها مراسم الاحتفال إلى جامع الإمام المحضار حيث يجتمع مشائخ وطلبة علم من مختلف المناطق لتلاوة القرآن. وفي نفس اليوم بعد صلاة الظهر يتم قراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع منازل المدينة).

زفاف حارات تريم
الاحتفالات تظل على هذا النسق حتى الأسبوع الأخير من شهر ربيع الأول، حيث يتم قراءة الموالد والأناشيد المعبرة عن المناسبة في مسجد الفتح في وقت الفجر، ومسجد الحبيب عبد الله بن شيخ العيدروس بحارة السحيل في وقت العصر. وفي آخر جمعة من الشهر ينتقل المحتفلون إلى مسجد الإمام السقاف، ومن ثم ينتقلون إلى مدرسة أبي مريّم لتحفيظ القرآن الكريم، وقبة الإمام العيدروس بالتربة آخر يوم اثنين، وبعد ظهر نفس اليوم في مصلى أهل الكساء بدار المصطفى، ونفس اليوم بعد صلاة العشاء يتم إقامة الزف السنوي بالساحة الشرقية بدار المصطفى، حيث يشارك شباب من كل حارات تريم بزف معين تعبيراً عن فرحتهم بالمولد النبوي الشريف.

صعدة نكهة خاصة
تعتبر صعدة من أبرز المحافظات اليمنية إحياءً لذكرى مولد الرسول عبر القرون السابقة. وتقام مراسم الاحتفال بالمولد النبوي في صعدة طيلة أيام شهر ربيع الأول، حيث يقوم مشائخ وأعلام المحافظة بتجهيز ولائم عشاء كبيرة في مركز المدينة.
ويعد جامع الإمام الهادي أحد أبرز الأماكن التي يقام فيها الاحتفال، حيث يتم قراءة سيرة الرسول كل ليلة من ليالي شهر ربيع الأول، ويلقي الكثير من الشعراء قصائد في مدح الرسول.

الصوم والتزيين
في محافظة الحديدة بشكل عام وزبيد خصوصاً كان الاحتفال بالمولد النبوي حدثاً عظيماً يحييه الرجال والنساء والأطفال معا.
وطقوس الاحتفال بالمولد النبوي في المحافظة حاضرة في كل عام، وتتمثل بصيام يوم المولد وقراءة القرآن وقت العصر، بعد ذلك يجتمع الأقارب لتناول الفطور معاً، وفي الليل يجتمع الرجال في مجالس القات لقراءة سيرة الرسول والصلاة عليه، وتجتمع النساء في مجالس مماثلة.
ومن مظاهر الاحتفال تتضمن ارتداء الأطفال ثياباً جديدة كما يتم توزيع الطعام على الفقراء.

الموروث الشعبي
بجانب هذه التنوع الرائع في إقامة الاحتفال فإن إحياء المولد النبوي في اليمن أصبح جزءاً من الموروث الشعبي عبر الأجيال، لما له من تأثير كبير في وجدانهم الديني والشعري والفني، إذ أنتجت هذه المناسبة إرثاً ثقافياً وفنياً كبيراً تمثل في العديد من القصائد والموالد والأناشيد النبوية.

زبيد معلم بارز
وتعد مدينة زبيد في محافظة الحديدة معلماً كبيراً لإحياء مناسبة المولد النبوي الشريف على مدى عقود طويلة، وتتميز هذه المناسبة في زبيد بإنتاجها أهم وأشهر الموالد والأناشيد والقصائد في مدح الرسول والتي أصبحت تراثاً شعبياً متعارفاً عليه في جميع أنحاء البلاد.

قد يعجبك ايضا