أولياء أمور: العادات والتقاليد تفرض علينا الإنفاق والبذخ في الأعراس دون إرادة منا لإسعاد أبنائنا
إسراف وبذخ في إقامة الحفلات ومبالغة في مقاضي الأعراس..المجتمع عدو نفسه!
مختصون: المباهاة في الأعراس تؤثر على الفرد والأسرة والمجتمع اقتصاديا
المجالس الإسلامية: علم اجتماع: الرغبة في التفاخر هي من جعلت البذخ في الأعراس حاجة ملحة
رغم الظروف الاقتصادية والأزمة التي تمر بها البلاد جراء الحصار إلا إنها لم تمنع كل من يرغب في الزواج من إقامة عرس وتقديم كل ما يملك وأحيانا أخرى تضطره لأستلاف المال لأجل ذلك لرغبة في إقامة مراسيم عرس أفضل ممن سبقوهم وهذا ما يؤدي إلى رفع سقف الخسائر مع تقادم الأيام ..التفاصيل عن السبب الرئيسي للبذخ في الأعراس والطرق الممكنة للحد من هذه المشكلة تجدونها في التحقيق التالي:
الاسرة / ..
يرى المواطن ياسين أحمد – أن الأعراس الفاخرة مظاهر خداعة ويقول أنا بالسبة لي لا أريد التفاخر في عرس أبنائي ولكن عاداتنا وتقاليدنا تجبرنا على فعل ذلك فنحن ملزمون بذبح الذبائح وعمل مائدة من أصناف الطعام .
أما لطيفة عبده /وهي أم لست بنات فإنها لا توافقه الرأي، حيث ترى انه لابد من تقديم المزيد في العرس حتى يصبح أجمل عرس لابنتها كي تدخل السعادة والفرحة في قلوب بناتها فهي تقوم بالاستدانة حتى تستطيع الصرف على لوازم العرس وتختم حديثا قائلة : أنا أكلف نفسي فوق طاقتها لكي يصبح زفاف ابنتها مشرفا لعائلتنا .
ضرورة ملحّة
الشاب احمد محمد يقول: ليست مفاخرة في الأعراس وإنما يعتبرها ضرورة ملحّة لابد منها فهو يريد راحت ضيوفه وأن يكون يوم عرسه في ذاكرة جميع من حضروا وحتى من لم يحضره يسمع عنه وأن يصبح يوم عرسه يوماً لا ينسى و يقول: إن النقود ستذهب وستنفق في كل الحالات ولكن العرس سيكون ليوم واحد لن يعود .
أما جمال السنحاني فهو يرى أن المفاخرة في الأعراس لا تجوز لأن المسكين يكلف نفسه فوق طاقتها ويقول: أنا لا أقصد أن يكون عرساً سيئاً ولكن الوسط فخير الأمور أوسطها.
أما الشاب علي بن علي- موظف مقدم على الزواج يقول: أي شخص يريد أن يكون عرسه من أروع الأعراس ولكن يقول المثل (مدّ رجلك على قدر دفاك) فكل شخص وقدرته فأنا أرى أن المبالغ المالية التي سوف نصرفها في يوم واحد استطيع السفر بها مع زوجتي إلى الخارج مثلا أو شراء بعض الأثاث المنزلي أو حتى وضعها في البنك لحين الحاجة.
سباق القدرات
يؤكد الدكتور عبد الرحمن القوسي باحث سياسي واقتصادي أن الزواج لا يتم إلا بالإشهار وهو المعروف بإحياء حفلات الزفاف ولكن من المفترض أن يكون العرس بالحد المعقول وللأسف انتشرت في الآونة الأخيرة المباهاة بالأعراس الذي يجعل المسكين يكلف نفسه فوق طاقتها ويقول: إن الإنفاق في كل المناسبات خصوصا الأعراس أمر لا مفر منة والعرس الذي يجذب الانتباه ويشد جميع الأهل والجيران والأصدقاء إلى الحضور والتفاعل معه هو الذي يكون فيه البذخ والترف في الأكل والشرب والغناء وغيرهما
ويواصل حديثة قائلا: إن قضية المباهاة أو التفاخر حد يصل إلى الترف والعبث ويعتبر إحدى حالات أمراض المجتمع و أنانية استعراض القدرة والتنافس وهو ما يجعل الأمر يخرج عن المعقول ويصبح من العبث ما يسمى اقتصاديا (اندثار) وذلك بعرض المزيد مما يقدم من ماء وأكل وقات لا تستخدم كاملة بل قد تزيد من حاجة الحضور ويصبح منها 50 % مخلفات لا تصلح للتقديم ويتم رميها في براميل القمامة و للأسف قد تصل هذه النفايات العبثة إلى مستوى إمكانية تغطية أكثر من تكاليف عرس متزن لعدة أشخاص .
ويختم القوسي حديثه: إن هذه الظاهرة يجب أن تكون ثقافة إرادة وتحكم وليس سباقاً في المباهاة والإحساس بالعظمة ومتى يصل السلوك السوي فهو يعكس نفسه اقتصاديا للفرد والأسرة وبالتالي على المجتمع كله ولابد من الاقتصاد في كل شيء.
مباهاة الأعراس
الدكتور جميل حفظ الله- أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء يلفت انتباهنا إلى أن القضية ليست عبارة عن مباهاة في الأعراس بقدر ما تمثل خطورة خروج المجتمع اليمني عن عاداته وتقاليده فالناس أصبحت تأخذ عاداتها وتقاليدها من المجتمعات الخارجية باسم تقاليد مجتمعنا .. ويقول حفظ الله: لقد اختفى العرس التقليدي القديم في المجتمع اليمني وحل مكانه شكل جديد أشبه بسباق محصور يتحدى الطرف الآخر أما في الماضي فكان العرس سواء في المدينة أو الريف ضمن قواعد وضوابط محدودة في عاداتنا وتقاليدنا، أما الآن فقد أصبح كل شيء مفتوحاًومقتبساً من مجتمعات أخرى ويضيف أيضا أن الناس أصبحت تتفاخر في الأعراس ضمن السياسة على سبيل المثال من المسؤول الذي حضر.. ومن أين جاء الفنان وما هي الصالة أو الفندق.. وهل سيعرض في الأخبار وينشر في الصحف وكم عدد الذبايح هل فاق عدد الضيوف وكم سيارات الموكب وغيرها من هذه المظاهر، ويختم حديثه بقوله: أتمنى أن يرجع العرس اليمني إلى الطابع التقليدي القديم وليس العرس المقتبس من الخارج .
الكرم من شيم العرب والكريم حبيب الله ولكن في حدود ومعرفة أما المبذر فيقول المولى عز وجل في كتابة الكريم: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا).
فالله عز وجل نهانا عن البخل وحذرنا من الإسراف في قوله تعالى ( وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ) فقد بين لنا سبحانه وتعالى الفرق الواضح بين الكرم والإسراف وللأسف أصبح الإسراف يأخذ اسم الكرم والبذخ الذي يهدر في الأعراس والمباهاة الذي لو اقتصر الإنسان لاستطاع حقا معرفة الكرم الحقيقي ولكن ما يزيد الطين بلّه أن يرمى في النفايات وكان يمكن بقيمة تلك النفايات أن يكفل أسرة فقيرة فكم من عائلات تنام من دون عشاء ولو حاربنا هذه الظاهرة الخادعة لبارك لنا الله بدلا من النقمة علينا .