نبي الرحمة يرسم مسار ولاية الأمة

عدنان أحمد الجنيد

 

 

قد علمت – في المقال السابق – كيف عملوا على تحريف معنى حديث (غدير خم)، وكيف صرفوه عن معناه الحقيقي ، فهكذا ديدنهم لايرون أية فضيلة للإمام علي -ع – إلا وسعوا بكل وسائلهم إلى صرفها عن معناها الحقيقي..
وياليتهم اكتفوا بهذا، بل ذهبوا إلى التقليل من شأن حديث الغدير وكأنه حدث عادي ليس له أية مزية، بل كان وانتهى أمره فلا داعي إلى تكرير ذكره، فليس في ذكره أية فائدة سوى إثارة الأحقاد بين طوائف المسلمين..إلخ..
وهذا هو منطقهم الذي دأبوا عليه..
نقول لهم: كيف لا يكون لحديث الغدير أية فائدة والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قد رسم فيه للأمة طريق سعادتها ونجاتها ، وسبيل رشادها وكرامتها في كيفية اختيار ولاتها وقادتها إلى قيام الساعة ؟!..
فلا يمكن أن يترك النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أمته هملاً دون أن يضمن أمن مستقبلها ويحدد مصيرها وسبيل عزتها ونصرتها..
وإذا كان المنهج الإلهي النبوي الرسالي قد نظّم شؤون الأمة، حتى على مستوى شؤون كل أسرة، فضلاً عن تنظيمه لشؤون المواريث، ولم يترك صغيرةً ولا كبيرةً إلا وقد بيّنها ونظمها، أفيُعقل -بعد هذا كله- أن يترك تنظيم شأن الأمة في أمرها؟!..
فكان الإمام علي -ع – الأنموذج الأعلى ، والوريث الأجلى ، لهذا خلع عليه النبي – صلى الله عليه وآله وسلم- في منطقة غدير خم خلعة القطبية الظاهرة والباطنة ، وهي الولاية العظمى، بحيث يكون له التصرف المطلق فيهم ؛ لأنه نفسه وسر قدسه ، وكما قال العلاّمة الحجة إبراهيم بن عقيل :” ما صبه الله في جوف المصطفى ، صبه المصطفى في جوف الفتى – يعني علياً – ” اه.
فكان الإمام علي -ع – امتداداً لخط الرسالة النبوية التي تجسدت فيه..
وأعلام الهدى من بعده هم امتداد للخط الرسالي النبوي العلوي، فموالاتهم واجبة بصريح القرآن، قال تعالى:[إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَ‌سُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَ‌اكِعُونَ] ، [المائدة :55]..
فسعادة الأمة وانتصارها على أعدائها لن تتحقق إلا بأن تتولى الله وسوله والإمام علي -ع -، ومن بعده أعلام الهدى الذين هم الامتداد الحقيقي لله ورسوله والإمام علي عليه السلام.
لكن الأمة لما تركت من أمرها الله بتوليهم انحرفت عن كتاب ربها، وخالفت توجيهات نبيها، و تركت عترة نبيها ، فباتت يحكمها الظالمون، ويرأسها المجرمون، ويتولاها الفاسقون، بدءًا من بني أمية كمعاوية ويزيد ومن بعدهم من الطغاة المستكبرين، وانتهاء بيومنا هذا الذي أصبح فيه أكثر حكام ورؤساء المسلمين موالين لليهود والنصارى!!..
فلا عجب أن ترى الأمة اليوم مهانة ذليلة خاضعة، ثرواتها منهوبة، وخيراتها مسلوبة، وأراضيها مغصوبة، وأصبحت يحكمها الأمريكي والصهيوني، وما رؤساؤها إلا عبيد للصهاينة والأمريكان، ينقادون بأمرهم، وينفذون لهم كل مايريدونه، وما (محمد بن سلمان) إلا خير دليلٍ وشاهد على ذلك..
لما ابتعدت الأمة عن حديث الغدير أصبحت غير مُحصّنة من الثقافات المغلوطة، كوجوب طاعة الأمير حتى وإن جلد ظهرك وأخذ مالك..
هذه الثقافة التي روّج لها أعداء الإسلام قديماً وحديثاً، حتى جعلوا الأمة تابعة وقابلة لما يقدم لها الأعداء من تلك الثقافات التي تتنافى مع ديننا القويم وإسلامنا العظيم..
فلا سعادة ولا نجاة ولا انتصار لهذه الأمة إلا بأن تتولى مَن أمرها الله بتوليهم، وبهذا سوف تحظى بعزتها وبكرامتها وبنصرها، قال تعالى: [وَمَن يَتَوَلَّ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْغَالِبُونَ]، [المائدة :56].

قد يعجبك ايضا