مفتاح أبواب الهداية وتمام النعمة وكمال الدين والانضمام إلى حزب الله الغالبون وصمام أمان وضمانة لاستقامة الدين وقبول العبادات والاستجابة والطاعة العملية لله ورسوله والتولي الصحيح لله ورسوله وورثة الكتاب من أهل بيت النبوة وعلى رأسهم الإمام علي عليه السلام وفق المنهج الذي أمر الله به ووجه إليه رسول الله وسطره الله تعالى في القرآن، هذه من اهم ثمار التولي لله تعالى ورسوله صلوات الله عليه وآله والإمام علي عليه السلام، ولهذا يعتبر إحياء المسلمين ليوم عيد الولاية (عيد الغدير) مظهراً إيمانياً يعبر عن الشكر لله تعالى على نعمه الكبيرة والكثيرة التي لا تعد ولا تحصى وفي مقدمتها نعمة الهداية ونعمة الدين ونعمة الاستجابة لله تعالى ولرسوله صلوات الله عليه وآله بالتولي الصادق والوعي والثابت والمستمر لله ورسوله وللإمام علي عليه السلام ولأهل البيت أعلام الهدى والنور عليهم السلام، ولهذا نجد أن إعلان رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله لولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في يوم الغدير بعد ذلك نزل قول الله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) وهذا يعني أن اكتمال إيماننا لا يتم إلا بالتولي الصادق والكامل لله ورسوله و للإمام علي عليه السلام.
ومن أهم الأمور التي يجب أن يستوعبها كل مسلم هي أن ولاية الأمر في الإسلام تعتبر محور ارتكاز أساسياً لكل شؤون وقضايا الأمة، وان التمسك والطاعة لولاية الأمر الربانية المحمدية العلوية أمر مرتبط بمصير الأمة ليس في الدنيا فحسب بل في الدنيا والأخرة في مختلف المجالات السياسية والثقافية والعسكرية والأمنية وفي مختلف ميادين الصراع المتعددة، لأن ولي الأمر الذي يقود الأمة وفق هدى الله يرشدهم إلى ما فيه مصلحتهم في شؤون حياتهم ودينهم ودنياهم وآخرتهم ، ولاية الأمر لها علاقة بمصير الأمة في حاضرها ومستقبلها وفي كل شؤون حياتها وخصوصاً في ميدان الصراع بين الحق والباطل بين الإسلام والكفر وبين المؤمنين واليهود والنصارى ولهذا نجد إن الله سبحانه وتعالى جعل التولي له ولرسوله وللإمام علي عليه السلام والتولي لورثة الكتاب من أهل البيت عليهم السلام شرطا أساسيا للنصر والغلبة في مواجهة اليهود والنصارى وأوليائهم وجعل النصر مرهونا بالتولي لله ورسوله والأمام علي واهل البيت عليهم السلام، بقوله تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) ــ قال بعدها (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ).
ولقد استطاع الرسول صلوات الله عليه وعلى آله أن يقطع الطريق على كل أولئك الذين يحاولون تزييف الحقائق من خلال منطلقات سلالية أو طائفية أو مناطقية أو عائلية أو غير ذلك في ما يتعلق بموضوع إعلان ولاية الإمام علي عليه السلام حين تحدث في حديث الغدير بقوله ((أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله)) ولو نأتي إلى مضمون هذا الحديث الصحيح والمتواتر سنجد انه ينسجم تماما مع قول الله تعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ راكعون} وفي هذه الآية وهذا الحديث نجد أن الموضوع عقائدي وديني وأمر إلهي لا مكان فيه للنقاش، بل يستوجب الطاعة العملية لله ورسوله على كل مسلم، لما لذلك من أهمية كبرى تتعلق بطاعة الله ورسوله وعزة الأمة وكرامتها وفلاحها في الدنيا والآخرة.
إعلان ولاية الإمام علي عليه السلام هو بداية الانضمام إلى (حزب الله الغالبون) الذين تحدث الله عنهم في القرآن، والانضمام يبدأ من التولي الصادق والمطلق لله تعالى ولرسوله صلوات الله عليه وآله وللإمام علي عليه السلام، لأن (حزب الله الغالبون) الذين تحدث الله عنهم في القران وجعل الشرط في نصرهم وفي تغلبهم على عدوهم هو التولي المطلق لله تعالى ولرسوله وللمؤمنين الذين على رأسهم وفي مقدمتهم علي ابن أبي طالب عليه السلام، هم من باستطاعتهم خوض غمار ميادين الصراع بكلها مع الأعداء بكلهم بقوة وعزة وكرامة وصلابة وحكمة، وهم من باستطاعتهم وباستعاتهم بالله تحقيق الانتصارات والإنجازات على الأعداء في كل زمان ومكان وفي كل ميدان من مياديان الصراع مهما كانت التحديات والصعوبات، لأن الله تعالى قد وعد بذلك والله لا يخلف وعده قال تعالى {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ}.
ولهذا نجد أن أهمية الاحتفاء بعيد الغدير تكمن في ضرورة استلهام الدروس والعبر من المفهوم القرآني لولاية الأمر في الإسلام التي يجب أن تكون مرتبطة بالله تعالى، وقائمة على أساس شريعته وفق ما ارشد إليه في القرآن الكريم، بحيث تكون حياة الأمة في كل شؤونها الدينية والدنيوية قائمة على الحق والعدل والخير والبناء والصلاح والعزة والكرامة والقوة وخالية من مظاهر الظلم والغطرسة والهيمنة والذل ، ولو كانت ولاية الأمر في الإسلام مجرد فوضى لا علاقة لها بالله ولا برسوله ولا بالقرآن الكريم فلا شك أنها ستكون ركيكة وهزيلة وغير قوية، ولنا عبرة في ما هو حاصل اليوم في مختلف بلدان وشعوب الأمة العربية والإسلامية التي يتولى أمرها أنظمة طاغوتية تنهب ثرواتها وتمتهنها وتجعل منها فريسة سهلة لأعدائها ، ولن تستطيع الأمة أن تستعيد مجدها وقوتها وتحظى بالحرية والاستقلال إلا إذا عادت بجد وعمل إلى مفهوم الولاية الحقيقي المتمثل في التولي الخالص لله تعالى ورسوله صلوات الله عليه وآله وللإمام علي وأهل البيت عليهم السلام.