جائحة كورونا ما هي إلا ذريعة جديدة يتشدق بها النظام السعودي ويتخذ منها ستاراً للصد عن بيت الله الحرام، ومنع إقامة فريضة الحج إرضاء لأهواء الساسة في أسرة سعود، وإشباعاً لرغبات أسيادهم من أعداء الله في واشنطن وتل أبيب ولندن وغيرهم ممن ينزعجون من الاجتماع السنوي لملايين المسلمين ووقوفهم المهيب على صعيد واحد .
-هذا النظام البائس – وهو الذي رفع الإجراءات والقيود عن حفلات الترفيه وحشود ليالي الفسق والمجون الصاخبة في كل أنحاء المملكة بما فيها الأراضي المقدسة- عمل وحتى قبل ظهور الجائحة الوبائية بعقود طويلة على تحويل فريضة الحج إلى باب لتصفية الخصومات السياسية، وورقة رابحة لتحقيق مآرب ونزوات وأهداف بعيدة كل البعد عن الفريضة وعن الإسلام وأركانه الخمسة.
-استثمر النظام السعودي ضعف وتماهي وهشاشة المراجع العلمية والدينية في بلدان العالم الإسلامي، فراح يختلق الأعذار والحجج الواهية لتحويل فريضة الحج إلى موسم للمساومة والضغط والابتزاز في سبيل تمرير سياسات معينة والترويج لأفكار ظلامية وهدامة يفيض بها مذهبهم الوهابي المتخلف، وإذا به في ظل هذا الواقع الإسلامي المؤسف يمنع أداء الحج عمن يشاء من الخصوم السياسيين ومن يخالفونه في المذهب والتوجه ليصل في نهاية المطاف إلى منع جميع المسلمين من الوصول إلى بيت الله الحرام في سابقة خطيرة وتحت مبررات وحجج لا تنطلي على الصغير قبل الكبير.
-اتهام السلطات السعودية لجائحة كورونا وهي تمنع عباد الله من الحج هذا العام هو افتراء واضح وتجنٍ مفضوح على هذا الفايروس البريء، فقد منعت الكثير من أبناء الإسلام من أداء الفريضة قبل زمن بعيد من ظهور كورونا ونستدل هنا ببعض الوقائع التاريخية، فقد مُنع اليمنيون من الحج في العام 1962م عقب قيام ثورة سبتمبر، كما تم حرمان عشرات الآلاف من أبناء الشعب اليمني من هذا الحق المقدس منذ العام 2015م وإلى اليوم وخاصة في المناطق التي لا تخضع لمرتزقة الرياض، ولم يقتصر الحرمان على اليمنيين فكل من يخالف فكر وسياسة النظام السعودي لا يحق له أداء الحج سواء على مستوى الدول أو الجماعات والأفراد، ويشمل هذا الإجراء السعودي المسلمين في الدول غير الإسلامية إذا لم ترق سياسات بلدانهم لحكام أسرة سعود، ومن الأمثلة الحديثة على ذلك ما حدث قبل بضع سنوات، حينما منعت السلطات السعودية مسلمي كندا من الحج فقط لأن النظام الكندي دخل في مماحكات مع نظام سلمان وقبل ذلك بعقود مُنع الحجاج من ليبيا من أداء الفريضة بعد حادثة لوكيربي الشهيرة أواخر الثمانينيات وقيل حينها أن الرياض اتخذت هذا القرار بضغط من واشنطن ولندن وباريس ليقرر الزعيم الراحل معمر القذافي تفويج حجاج بلاده إلى القدس بدلاً عن مكة المكرمة في حادثة معروفة تناولتها وسائل الإعلام على نطاق واسع في ذلك الوقت.
-من دلائل ووقائع العصر الراهن والتي تثبت وبما لا يدع مجالا للشك براءة فايروس كورونا من التهمة المنسوبة إليه من قبل نظام سلمان، كما مُنع الحجاج السوريون منذ العام 2011 بسبب إعلان الدولة السورية الحرب على الجماعات الدينية المتطرفة الممولة من السعودية بما فيها داعش والقاعدة، ولا يزال الحجاج السوريون ممنوعين من أداء فريضة الحج إلى اليوم، كما منعت الرياض في العام 2015 أقلية “البدون” الكويتية ولا يزال المنع سارياً دون مبررات وجيهة، وهو ما رأته وزارة الأوقاف الكويتية حينها ظلماً وإجحافاً بحق فئة كبيرة من الشعب الكويتي، وفي العام 2016 تم منع الحجاج الإيرانيين بسبب توتر العلاقة بين البلدين، كما تم منع القطريين من أداء مناسك الحج والعمرة على وقع الأزمة الخليجية عام 2017، م ومسارعة نظام بن سلمان إلى تهديد عدد من الدول الإسلامية الفقيرة في إفريقيا بمنع شعوبها من أداء فريضة الحج إذا رفضت قطع العلاقة مع دولة قطر.
-تسييس الحج وتوظيف الفريضة لأغراض سياسية ومذهبية من الأساليب التي دأب عليها النظام السعودي منذ نشأته وأمام تنامي واتساع هذا التوجه السعودي الذي وصل ذروته مؤخراً لا بد من تفعيل الدعوات والمطالبات بجعل الإشراف على الحج مسؤولية لجنة دينية يتم تشكيلها من مختلف بلدان العالم الإسلامي، وهذا أمر في غاية الأهمية قبل أن يحل غضب الله على المسلمين جميعا في مشارق الأرض ومغاربها.