الأمن السيبراني والمعلوماتي في تكنولوجيا المعلومات

أحمد ماجد الجمال

 

 

المفهوم المتداول بين الناس لمعنى التكنولوجيا هو استعمال الكمبيوتر والأجهزة الحديثة، وهذه الرؤية والنظرة محدودة، فالكمبيوتر نتيجة من نتائج التكنولوجيا، بينما التكنولوجيا هي طريقة للتفكير، وحل المشكلات، وهي أسلوب التّفكير الذي يوصل الفرد إلى النتائج المرجوة أي أنها منهج ووسيلة وليست نتيجة، وطريقة التفكير في استخدام المعارف والمعلومات والمهارات، بهدف الوصول إلى نتائج لإشباع حاجة الإنسان وزيادة قدراته.
ولأن تكنولوجيا المعلومات عبارة عن مجموعة من الأدوات والمنهجيات والعمليات والمعدات التي تستخدم لجمع المعلومات ومعالجتها وتخزينها، ومن الأمثلة على هذه الأدوات: الترميز، والبرمجة، والتخزين، والاسترجاع، والتحليل، ومراقبة النظم، وتحويل البيانات، كما تشمل تكنولوجيا المعلومات( التشغيل الآلي للمكاتب، والاتصالات، والوسائط المتعددة)،كما تعتبر تكنولوجيا المعلومات الأداة التي يمكن من خلالها تخزين ومعالجة المعلومات داخل النظام، بالإضافة إلى اشتمالها على كل ما يتعلق بالحاسوب، والشبكات، والبرمجيات، ومواقع الويب، وقواعد البيانات، والاتصالات السلكية واللاسلكية , كما تساهم التكنولوجيا في تقديم الخدمة الأمنيّة من خلال دخول التكنولوجيا الحديثة في أجهزة الشرطة والجيش لتساهم في رفع مستوى حفظ أمن المجتمع.
لذا أضحت تكنولوجيا المعلومات في عصرنا أحد أهم الأصول الرأسمالية في الكثير من دول العالم المتقدمة والناهضة ، كما أن المنتجات التي تنبع منها هي من ضمن أكثر السلع أهمية وقيمة وتداولا في جميع الأسواق العالمية، لما لها من أهمية بمصالح واهتمام فئات واسعة وكبيرة من المستهلكين في جميع دول العالم.
وكون المعلومات أصبحت سلعة مهمة جدا في العصر الرقمي الذي نعيشه، ولها عوائد بمليارات الدولارات على الشركات المنتجة و المصنعة، والتي غدت في مقدمة القطاعات الاقتصادية جميعها فالملاحظ أنه منذ سنوات نسمع ونرى أنها تأتي في أوائل الشركات من حيث الرأسمال والأرباح المتحصلة الناتجة عنها والاكتتاب على أسهم هذه الشركات التي يتم طرحها للتداول في أسواق المال والبورصة هو الأعلى , الأمر الذي يشير بوضوح إلى مدى أهمية تكنولوجيا المعلومات وتحكمها في الاقتصاديات العالمية القائمة، والتي تحولت إلى اقتصاديات رقمية.
لكن معظم الدول النامية ومنها بلادنا ما تزال من البلدان الساعية في مجال الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات والعمل على توطين هذه الصناعة الحيوية وتحتاج إلى توفير جميع مرتكزات ومتطلبات هذه الصناعة وإلى البنى التحتية اللازمة لإنشائها، والتي تتطلب قاعدة تكنولوجية متطورة ومؤهلة لمواكبة جميع التطورات الحاصلة في هذه الصناعة الفريدة فضلا عن العامل الأهم، وهو القدرات البشرية العاملة في المشاريع الخاصة بتكنولوجيا المعلومات، والتي يشترط أن تتوافر فيها المهارات العلمية والمهنية والفنية العالية والتي تؤهلها للقيام بوظائفها بالصورة المثلى .
ومن أجل ضمان بناء صناعة وطنية في مجال تكنولوجيا المعلومات، لا بد من العمل على إيجاد بنية تحتية “صلبة” لصناعة الحواسيب ومعدات الاتصالات وأشباه الموصلات وضرورة إيجاد شبكة إنترنت فائقة السرعة تغطي كل مساحة الجمهورية بصورة كفوءة , كما أنه من الضروري العمل على تطوير الجانب الآخر من البنية من قواعد البيانات بمختلف الاختصاصات والمهام وضرورة تطوير وتأهيل وتدريب الكوادر والكفاءات المتخصصة من المهندسين والعاملين في هذا المجال لمعالجة البيانات والتعامل معها بالشكل الأمثل والكفوء بحيث يمكن الاستفادة منها أقصى فائدة ممكنة.
ولأن هناك تداخلاً بين مفهومي الأمن السيبراني وامن المعلومات لدى غير المتخصصين فمجال أمن المعلومات هو الوسيلة التي تهدف إلى تأمين المعلومات بكل أشكالها من أي اختراق أو بمعنى الوصول غير المصرح به ,ويهدف إلى حماية المعلومات من التلاعب بها، كالحذف أو التعديل أو حتى استخدامها لأغراض قد تسبب ضرراً على مالكي البيانات أنفسهم بينما الأمن السيبراني يتعلق بالأمن على الإنترنت، هذا المفهوم يأتي من كلمة (سيبراني) المأخوذة من الكلمة الإنجليزية “cyber” أي الإنترنت وهو القدرة على الدفاع من الهجمات الإلكترونية في الفضاء الإلكتروني فقط وبالتالي تخصص أمن المعلومات تأمين البيانات بشكل عام، سواء أكانت عبر الإنترنت أم مؤرشفة في مكان ما, ويخصص الأمن السيبراني للدفاع ضد الهجمات الإلكترونية من الخارج.
لذا من الأهمية بمكان الاستثمار في بناء القواعد الأساسية لصناعة المعلومات وتأمينها وحمايتها في بلادنا وذلك سيعد من الإنجازات ذات الأهمية للاقتصاد، لما لهذه الصناعة من مردودات هائلة جداً على واقعنا الاقتصادي والمساهمة بشكل كبير في نقله إلى المسارات الصناعية الواعدة ، فضلاً عن ما ستشكله هذه الصناعة المتقدمة من ضمانة للتخلص من واقع التخلف العلمي والتكنولوجي والصناعي والمعلومات وبقية الأنشطة الاقتصادية وكذا في جانب الخدمات العامة كالتعليم والصحة وغيرها.
* باحث في وزارة المالية.

قد يعجبك ايضا