النصر موعد هذه الأمة

زيد البعوه

 

في أكثر من معركة وفي أكثر من جولة من جولات الصراع- التي تخوضها الأمة الإسلامية بمقاومتها ومجاهديها في مواجهة أعدائها من اليهود والنصارى وعملائهم في هذا البلد أو ذاك- يرى المؤمنون المجاهدون والأمة الإسلامية بكلها رعاية الله وتأييده ونصره للمجاهدين على الصهاينة والأمريكان بشكل عجيب يزرع في النفوس الأمل بنصر الله والثقة به وبصدق وعده بالتمكين للمؤمنين من عباده، كان آخر ذلك ما حصل في الجولة الأخيرة من الصراع في معركة سيف القدس التي خاضتها فصائل المقاومة الفلسطينية مع كيان العدو الصهيوني والتي لم تستمر سوى احد عشر يوماً، ورأى الجميع كيف أن إسرائيل هُزمت وفشلت وعملت على وقف إطلاق النار خوفاً من بطش المقاومة وجبروتها وفي هذا درس كبيير لهذه الأمة ودلالة إلهية على أن باستطاعتها أن تنتصر وتتغلب على أعدائها وتقهرهم وتضع حداً لظلمهم وطغيانهم إذا وثقت بالله وجاهدت في سبيله واستجابت لما أمرها به وأرشدها إليه.
وعندما نرى ونلمس ونعيش تفاصيل التأييدات الإلهية للمجاهدين في سبيل الله في أي بقعة من بقاع العالم الإسلامي، ونشاهد بأم أعيينا وعود الله بالنصر والتمكين لعباده المؤمنين المجاهدين الصادقين تتحقق قولاً وعملاً في واقعنا في ميدان الصراع الذي تخوضه الأمة مع أعدائها من الأمريكان والصهاينة والعملاء والمنافقين رغم حجم الهجمة وفارق الإمكانيات، ورغم مكر الأعداء وكيدهم وحقدهم وتغلغلهم في أوساط الأمة واختراقهم لها عبر خدامهم من الأنظمة العميلة، ثم نجد أن الله تعالى لا يزال يؤيد بنصره من يتحرك في سبيله في مواجهة أعدائه ويمنحه القوة ويقهر المجرمين على يديه، كما حصل للصهاينة على أيدي رجال حزب الله أكثر من مرة وكما حصل لهم أيضاً على أيدي رجال المقاومة الفلسطينية في معركة سيف القدس، وكما يحصل اليوم في اليمن لدول تحالف العدوان على أيدي المجاهدين من أبطال الجيش واللجان الشعبية وهذا يدل على أن الأمة إذا تحركت وفق ما يريد الله منها فإنها موعودة بالنصر من الله تعالى في أي زمان وفي أي مكان.
إن الأمة الإسلامية وهي تبحث عن العزة والكرامة والحرية والاستقلال والنصر والتمكين، وتعمل جاهدة على رفع سطوة الطغيان عنها وإبعاد أطماع المستعمرين عن بلدانها، وقطع أيادي المجرمين التي تعمل على إذلالها وقهرها، ولكنها لا تعمل وفق ما أمرها الله به ووجهها اليه فتستمر معاناتها ويطول شقاؤها، ويبقى الباطل يتخطفها وينتقص من أطرافها ويستفرد ببلدانها وهي تدور حول نفسها وكأنها لا تملك مقومات القوة الحقيقية التي لو عملت على تفعيلها لصنعت لنفسها التمكين في الأرض والحرية والاستقلال، ولـ جعلت الطواغيت والمستعمرين يركعون تحت اقدامها صاغرين يستجدون منها السلام لتصفح عنهم وهي تملك ذلك، ولكنها للأسف الشديد لا ترى بنور الله ولا تهتدي بهديه ولا تثق بصدق وعده ولا تعمل بما أرشدها اليه ولو فعلت لكان خيراً لها.
ومهما امتلكت دول الاستكبار وفي مقدمتها أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وغيرها من الدول الطاغوتية من الإمكانيات المادية والعسكرية والجيوش والأسلحة المتطورة والنفط والثروات المختلفة والمتنوعة، فإنها لا تزال في دائرة الضعف لأنها تفتقر إلى مقومات القوة الحقيقية والى المعونة الإلهية ولأن أعمالها باطلة والباطل ضعيف، وهو بطبيعته معرض للزوال اذا اصطدم بالحق ولأنها تسخر طاقاتها وإمكاناتها في الإفساد في الأرض والله لا يحب الفساد، ولو دخلت في صراع شامل مع الحق والإسلام بقوته وعظمته وعنفوانه فإنها لا يمكن ان تصمد في مواجهته وسيكون مصيرها السقوط والهزيمة والفشل، وهذه حقائق وعد الله بها في كتبه كسنن إلهية ثابتة على مر التاريخ ولكن الشيء المفقود في عصرنا الحاضر هو كيف يمكن أن تؤهل الأمة الإسلامية نفسها لتكون جديرة بنصر الله؟
الأمة الإسلامية اليوم بينها وبين الوصول إلى العزة والكرامة والنصر والتمكين والحرية والاستقلال مسافة قصيرة جداً وفراغ ضئيل يجب ان تملأه بأعمال ومواقف أمر بها الله ودعا اليها في كتابه وعلى ألسن أنبيائه ورسله تتمثل في الوحدة والاعتصام بحبله والجهاد في سبيله صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، فهي أمة تملك كل مقومات القوة التي تبدأ من المنهجية الواحدة المتمثلة في كتاب الله تعالى (القرآن الكريم) والدين الواحد (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)- والطاعة المطلقة لرسول الله محمد صل الله عليه وآله الذي ارسله الله للناس كافة لأن (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) ومن طاعة الله ورسوله أن تعمل الأمة على الالتفاف تحت لواء قيادة محمدية تقود الناس وفق منهج الله وشريعته لإقامة العدل ونشر قيم الحق في الأرض والتحرك الجاد لمواجهة الطواغيت والمستكبرين وتأهيل نفسها لتكون من حزب الله الذي وعد الله بنصر من خلال التولي لله ورسوله وأهل البيت عليهم السلام (فإن حزب الله هم الغالبون) وهذه المقومات إذا عملت الأمة عليها وبها فسوف تحصل على الرعاية والتأييد من الله وتتمكن من تحقيق العزة والكرامة والحرية لنفسها قال الله تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا).

قد يعجبك ايضا