كيف فشل الدعم الأمريكي البريطاني في تحقيق النصر للصهاينة خلال العدوان الأخير على غزة
صواريخ المقاومة الفلسطينية وبطولات المجاهدين وتضحياتهم دفعت قوى الاستكبار إلى البحث عن وسائل لإنقاذ العدو
الثورة / حمدي دوبلة
لم تتغير السياسة الأمريكية أبداً فيما يتعلق بالدعم المطلق للعدو الصهيوني وجرائمه بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، وكذلك فعلت إدارة الرئيس بايدن ومعها الحكومة البريطانية وعدد من أنظمة الشر والاستكبار في بلدان أوروبا خلال العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة المحاصر وعلى مقدسات وحقوق الفلسطينيين في القدس وكل أراضي فلسطين التاريخية المحتلة وما كانت المساعي الأمريكية البريطانية المتأخرة لوقف العدوان الصهيوني إلا لإنقاذ العدو بعد أن تلقى ضربات موجعة على أيدي المقاومة الفلسطينية.
لكن ذلك الدعم الكامل والانحياز الأعمى لصالح الكيان الصهيوني على كافة المستويات السياسية والعسكرية والإعلامية لم يمنع من هزيمة العدو على أيدي المقاومة على الرغم من فارق الإمكانيات الهائلة لصالح العدو الذي ألقى بكل ثقله وقوته العسكرية في تدمير غزة وتوسيع ممارسات البطش الإجرامية ضد المواطنين في القدس ومختلف مدن الضفة وحتى داخل الخط الأخضر غير أن أداء مجاهدي المقاومة اثبت أن الشعب الفلسطيني متمسك بكامل حقوقه واستطاع ببسالة واضحة إعادة قضيته إلى صدارة الاهتمام العالمي وتجسد ذلك من خلال مظاهرات الدعم والمساندة للحق الفلسطيني التي اندلعت في مختلف بقاع العالم وحتى في الداخل الأمريكي والبريطاني، وتعالت أصوات العديد من القوى المجتمعية في هذه البلدان المنادية بالتصدي للجرائم الصهيونية وأنه لم يعد مقبولا استمرار الأمر الواقع فيما يتعلق بالاحتلال الصهيوني لفلسطين.
الدعم الأمريكي الكامل
منذ وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض في 20 يناير الماضي، ورغم بعض التصريحات والبيانات الصادرة عن إدارته والتي تتضمن في مجملها عبارات دبلوماسية عن دعم ومساندة حقوق الفلسطينيين “والإسرائيليين” في العيش بسلام إلا انه لم يصدر عن هذه الإدارة أي ردود فعل على جرائم طرد وتهجير الفلسطينيين من منازلهم وهدمها ومصادرتها وعربدة المتطرفين والعنصريين الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية وصولا إلى الدعم والتأييد العلني لعدوان العدو الصهيوني الشامل على غزة وتبرير قتله المدنيين من النساء والأطفال وهدم البيوت والأبراج السكنية على رؤوسهم والاستهداف الممنهج للاعيان المدنية واعتبار كل ذلك حقا للكيان المحتل في الدفاع عن نفسه وفق معايير بايدن وطاقم إدارته والذي ظل يردد هذه المزاعم طيلة الأيام الأولى من العدوان وعملت على إفشال صدور بيان من مجلس الأمن الدولي يدعو إلى إيقاف العدوان وذلك كله بسبب الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل والذى طالما اعتبرها في حالة دفاع عن النفس، لتستخدم الفيتو مجددا في مجلس الأمن لصالح العدو الصهيوني والذي استخدمته قبل ذلك 43 مرة. وكل ذلك لصالح الكيان الغاصب دون أن يكون أي نصيب للشعب الفلسطيني الذي ظلت الإدارة الأمريكية الحالية تغازله بكلمات دبلوماسية عن حقه في الحياة دون وجود أية مؤشرات عملية على ذلك من قبلها لتمضي على نهج السياسة الأمريكية العتيقة في دعم ومساندة المحتل على أصحاب الأرض والحق والمقدسات والتأكيد الدائم على الالتزام الأمريكي لضمان امن “إسرائيل” ولم تتردد حتى أثناء العدوان على تزويده بأسلحة وصواريخ اكثر فتكا لاستخدامها في قتل أطفال ونساء غزة وتدمير مقومات الحياة في القطاع الأكثر كثافة سكانية على مستوى العالم.
واستغرق الأمر 10 أيام، واحتاج 4 مكالمات هاتفية؛ قبل أن يعلن البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن حثّ بنيامين نتنياهو على وقف التصعيد في غزة، وذلك تحت تأثير ضربات المقاومة الباسلة.
تدرج موقف الرئيس بايدن -كما عبرت عنه بيانات البيت الأبيض التي أعقبت إجراء المكالمات الهاتفية مع رئيس وزراء العدو على نحو عكس تفهما أميركيا لما اسماها الخطوات الإسرائيلية خلال أيام العدوان الأولى وكان ينتظر أن تحقق حسما سريعا ونصرا حاسما للصهاينة لكن ذلك لم يتحقق .
وتضمن بيانا البيت الأبيض الأول والثاني دعما واضحا من بايدن لنتنياهو، حيث عبر بايدن عن “دعمه القوي لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الصاروخية التي تشنها حماس والجماعات الإرهابية الأخرى في غزة حسب وصف بيانات البيت الأبيض التي حرصت كالعادة، على إدانة هذه الهجمات الصاروخية من قبل المقاومة على البلدات والمدن في مختلف أنحاء الكيان المحتل “.
في حين أشار البيان الصادر بعد المكالمة الثالثة إلى أن بايدن أعرب “عن دعمه لوقف إطلاق النار”، وذلك دون أن يطالب أو يقترح وقفا لإطلاق النار، وتضمن البيان كذلك تأكيدا على ما تراه إدارة بايدن حقا إسرائيليا في الدفاع عن نفسها.
وتغيرت لهجة ولغة البيان الأمريكي والذي جاء عقب المكالمة الرابعة منذ بدء العدوان، وجاء فيه أن بايدن “ناقش مع نتنياهو التقدم الذي أحرزته إسرائيل في إضعاف قدرات حركة حماس ومنظمات أخرى في غزة”، وأضاف البيت الأبيض أن بايدن أبلغ نتنياهو “أنه يتوقع خفضا كبيرا للتصعيد اليوم، تمهيدا لوقف إطلاق النار في غزة” في اليوم الـ11، وبعد أن سفك نتنياهو دماء قرابة 300 فلسطيني وبعد أن تمكنت المقاومة في ضرب مناطق حساسة في عمق العدو الصهيوني لتتسارع الجهود لإنقاذ نتنياهو من ورطته ناهيك عن المظاهرات الجماهيرية الحاشدة التي أقيمت في مختلف المدن الأوروبية والأمريكية والعربية دعما للفلسطينيين وتنديدا بالعدوان على غزة وجرائم العدو الصهيوني بحق المدنيين والمعالم المدنية وكل ذلك شكل عامل ضغط إضافي على إدارة بايدن لتقرر بعدها وقف العدوان على قاعدة (مجبر أخاك لا بطل).
المشاركة البريطانية في العدوان على غزة
المساندة البريطانية للعدو الصهيوني في عدوانه الأخير على غزة لم يتوقف على الدعم السياسي والإعلامي والدبلوماسي فحسب بل تجاوزه إلى المشاركة المباشرة في العدوان وهو ما كشفت عنه وسائل إعلام بريطانية.
وفي هذا السياق كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية أن تجهيزات عسكرية بريطانية قد استخدمت في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في الاعتداءات الأخيرة.
واستندت الصحيفة لأدلة جمعتها حملة مناهضة تجارة الأسلحة، وأكدت أن “مكونات وقطع عسكرية بريطانية الصنع استخدمت من قبل القوات الإسرائيلية في تنفيذ ضربات جوية على غزة”.
وهذه المكونات المعنية التي تحدثت عنها الصحيفة هي تلك التي تدخل في تصنيع طائرة إف-35 المتطورة، والتي أعلن متحدث باسم قوات العدو الصهيوني أنها تستخدم في قصف غزة.
ويأتي هذا التورط البريطاني “بالرغم من القواعد الصارمة المفترضة لتصدير الأسلحة في بريطانيا”، لكن “يبدو أن المعدات التي تنتجها بريطانيا قد ساعدت في تأجيج الصراع”، بحسب الصحيفة.
وكانت تساؤلات من نواب بريطانيين قد طرحت في الأيام الماضية، عما إذا كانت الأسلحة البريطانية والطائرات المسيرة التي تصنع في بريطانيا قد استخدمت في قصف قطاع غزة، مطالبين بحظر بيع السلاح لإسرائيل وفرض عقوبات دولية عليها.
وخلال العدوان الصهيوني على غزة زار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون موقعا جديدا لتصنيع قطع الطائرة بريطانيا، وقال إن هذه الطائرة “تظهر كيف أننا نشجع الاستثمار في المملكة المتحدة، للرقي بالبلد مع تكنولوجيا جديدة ووظائف ماهرة جديدة” حسب وصفه.
وتحدثت شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، المصنّع الرئيس للطائرة، عن “بصمات الإبداع البريطاني التي يمكن العثور عليها على عشرات المكونات الرئيسة للطائرة”. ومن جهتها، تقدر مجلة الدفاع البريطانية نسبة المكونات البريطانية في الطائرة بنحو 15 في المئة، حيث إن أكثر من 100 من الموردين في بريطانيا شاركوا في صناعة هذه الطائرة.
وثار الجدل سابقا حول المكونات البريطانية في طائرة إف-16، والتي استخدمت في قصف غزة عام 2009، عندما كشف وزير الخارجية البريطاني الأسبق إيد ميليباند عن المسألة.
وتشمل المساهمة البريطانية في طائرة إف-16 معدات استهداف متقدمة، مثل الشاشات ووحدات العرض المطورة.
كما تستخدم طائرات الهليكوبتر الهجومية من طراز أباتشي مكونات بريطانية، مثل أنظمة الرادار وأجهزة الملاحة، وتجميع المحركات وأنظمة مراقبة الحرائق.
من جهتها، قالت حملة مناهضة تجارة الأسلحة، إنه “خلال الأسبوعين الأخيرين قتل مئات الأشخاص، وتفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة.
وقال الناشط في الحملة أندرو سميث: “الحكومة تُخبرنا بأنها تشعر بالقلق، لكنها فشلت في القيام بالحد الأدنى، ورفضت باستمرار تقديم إجابات واضحة عن أسئلة بسيطة للغاية حول ما إذا كانت الأسلحة المصنعة في المملكة المتحدة تُستخدم من قبل (إسرائيل) أم لا”.
وأضاف: “لم تكن هذه هي المرة الأولى. لقد تم استخدام أسلحة ومكونات بريطانية الصنع ضد الفلسطينيين مرارا وتكرارا، ويبدو أن هذا ما حدث مرة أخرى”.
وتابع: “كم من الانتهاكات والفظائع يمكن ستقود بوريس جونسون وزملاء لتغيير سياساتهم، ووقف تصدير العنف والاضطهاد حول العالم؟”.
ورغم إعلان وقف إطلاق النار، إلا أن سميث أكد أنه “لا تمكن العودة ببساطة إلى انعدام العدالة والواقع غير العادل للاحتلال والحصار. حان الوقت لحكومة متواطئة مثل المملكة المتحدة لتدفع باتجاه عملية سلام ذات معنى، وللتوقف عن وضع أرباح الشركات قبل حقوق الفلسطينيين”.
من جهته، قال مدير برنامج الجيش والأمن والشرطة في منظمة العفو الدولي، أوليفر فيلي- سبريج: “حتى إجراء مراجعة كاملة لمبيعات السلاح البريطاني للمنطقة، على الحكومة تعليق صادرات السلاح لإسرائيل أو أي بلد ثالث يمكن أن يستخدم المكونات البريطانية؛ للانخراط في صادرات السلاح لإسرائيل”.
وأشار إلى أن المنظمة دعت مجلس الأمن الدولي لفرض حظر كامل على صادرات السلاح لإسرائيل
وقال فيلي- سبريج إن “على وجه التحديد، على الحكومة البريطانية الإفصاح عما إذا كانت التكنولوجيا البريطانية ما زالت تستخدم في الجيش برنامج الطائرات دون طيار العسكرية الإسرائيلية، وهو أمر ظهر للعلن منذ عام 2006، لكنه ما زال يكتنفه الغموض”.
وأكد أنه دون فرض حظر كامل على صادرات السلاح لإسرائيل، فإن “حديث حكومتنا عن دعم السلام هو ليس فقط خطابا فارغا، لكنه في الحقيقة تواطؤ مع الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين”.
ومنذ انتخاب المحافظين في مايو 2015، منحت الحكومة البريطانية تراخيص لصادرات عسكرية تزيد قيمصتها على 400 مليون جنيه إسترليني لإسرائيل، تشمل طائرات وقنابل ومدرعات وذخائر.
وقالت الصحيفة إنها توجهت بالسؤال إلى الحكومة البريطانية التي تتولى تنظيم صادرات السلاح والمعدات العسكرية الحساسة، لكن متحدثا باسمها اكتفى بالرد بأن “المملكة المتحدة تأخذ مسؤولياتها في تصدير الأسلحة على محمل الجد، وتطبق واحدا من أقوى أنظمة التحكم بصادرات السلاح في العالم”.
وعلى الرغم من هذا الدعم الأمريكي البريطاني المفضوح للعدوان الصهيوني على غزة لم يخلُ من تعرضه لهزيمة نكراء ومدوية على أيدي مجاهدي المقاومة الفلسطينية، وهو ما أكد عليه السيد القائد عبدالملك الحوثي يوم أمس الأول خلال تدشينه فعاليات المراكز الصيفية، مشيرا إلى أن الصهاينة هُزموا رغم الدعم الأمريكي والبريطاني سياسيا وعسكريا وإعلاميا من بلدان التطبيع والعمالة.