الثورة / إسكندر المريسي
الجرائم الصهيونية في غزة تتواصل بدعم امريكي.. صفقة أسلحة أمريكية لصالح الصهاينة
ليس غريبا أن توافق إدارة بايدن على بيع صفقة أسلحة متطورة وعالية الدقة للكيان الصهيوني في ظل عدوانه المتواصل على الشعب الفلسطيني في الظرف الراهن لأن سجل أمريكا حافل بالدعم والمساعدات المادية والعسكرية للكيان اللقيط منذ ان تم إنشاؤه على أرض فلسطين المحتلة، وبالتالي من الطبيعي أن تساعد وتؤازر ذلك الكيان وتمده بكافة الأسلحة لقتل الشعب الفلسطيني .
حيث وافقت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على بيع أسلحة دقيقة التوجيه بقيمة 735 مليون دولار لإسرائيل – وفق ما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست أمس الاثنين.
يأتي ذلك في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل عدوانا على الأراضي الفلسطينية وخصوصا قطاع غزة، وتتهمها جهات حقوقية دولية بارتكاب جرائم حرب.
فقد أكد مصدر مطلع أن عددا من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين في الكونغرس عبَّروا عن معارضتهم للصفقة، بعدما تم إخطار الكونغرس بهذه الصفقة في 5 مايو الجاري.
ووقع 28 عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي عن الحزب الديمقراطي – الليلة قبل الماضية – على عريضة دعوا فيها بايدن إلى وقف العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة.
ونوه الأعضاء في العريضة وبينهم بيرني ساندرز وإليزابيث وورن وجونأوسوف، بأن أعداد الضحايا كبير في قطاع غزة جراء الغارات والقصف الإسرائيلي، وأن بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء وأثارت صفقة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل غضب المدونين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغرد العديد منهم منددين بالقرار الأمريكي.
من جهة أخرى طالب أكثر من 160 من قادة الحزب الديمقراطي أمريكا بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، وألا تسمح باستخدام دولارات الضرائب الأمريكية في التطهير العرقي لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي.
وحثّ قادة الحزب الديمقراطي – في رسالة وجهوها إلى الرئيس الأمريكي جوبايدن – الإدارة الأمريكية على تقليص المعونة “المساعدات” الأجنبية لإسرائيل، بدلا من وضع حد لحياة الأطفال الفلسطينيين.
ووفقا للشريك المؤسس لمعهد إصلاح السياسات الأمنية لستيفن سيملر فإن المبلغ الذي يسعى الرئيس بايدن لتخصيصه للمعونة العسكرية لإسرائيل (3.8 مليار دولار)، يفوق المبلغ الذي سيخصصه للاستجابة الدولية للتغير المناخي (2.5 مليار دولار).
ودعت الرسالة الولايات المتحدة إلى إظهار روح قيادية فعلية حول حقوق الإنسان بدلا من التغاضي عن معاناة الفلسطينيين، والاعتراف بالمعايير الدولية بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومعاهدات جنيف وقواعد لاهاي لعام1907م.
المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل.. حقائق وأرقام
بدأت المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل عام 1949م، وبلغت ملايين الدولارات، ولكن التعاون العسكري بينهما بدأ فعليا في 1952م بتوقيعهما اتفاقا للدعم اللوجستي الثنائي تلاه اتفاق حول تعاونهما السياسي والأمني.
ومنذ 1958م بدأت إسرائيل تلقي مساعدات أمنية وعسكرية أميركية أصبحت دائمة بعد حرب 1967م، وذلك عقب إنهاء فرنسا علاقاتها الأمنية مع إسرائيل، ووصلت المساعدات الأميركية بعد اتفاق السلام مع مصر في 1979م إلى ذروتها.
وفي 1985م اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل شيمون بيريز مع جورج شولتز وزير الخارجية الأميركي الأسبق في إدارة الرئيس رونالد ريغان على منحة سنوية قيمتها 3 مليارات دولار، معظمها للأمن وشراء المعدات العسكرية.
ورغم أن إسرائيل باتت اليوم إحدى أقوى دول المنطقة لكنها تبدي تمسكها باستمرار المساعدات العسكرية الأميركية رغبة منها في الحصول على غطاء سياسي ودبلوماسي لتحركاتها العسكرية.
حجم المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل
تشكل المساعدات الأميركية لإسرائيل 55% من جميع المساعدات الأميركية للعالم، وبلغت منذ عام 1948م قرابة 130 مليار دولار، وتفيد تقديرات أخرى بأنها وصلت إلى 270 مليار دولار، وأقرت الولايات المتحدة حزمة مساعدات لإسرائيل لأعوام2019-2028 بقيمة 38 مليار دولار، وتشمل تمويل مشاريع عسكرية مشتركة للحماية من الصواريخ.
وتمثل المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل 18% من الميزانية العسكرية للأخيرة، وبموجبها تشتري أسلحة بقيمة 815 مليون دولاراً سنويا، وتخصص 500 مليون دولار لتعزيز الدفاعات الصاروخية، بما فيها القبة الحديدية.
أين تتركز أوجه الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل؟
ساهمت المساعدات العسكرية الأميركية في تطوير منظومة القبة الحديدية المضادة لصواريخ المقاومة الفلسطينية، وذلك بما يزيد على مليار دولار، وتطوير المنظومة المضادة للصواريخ “حيتس” بأكثر من ملياري دولار، ونشرت الولايات المتحدة نظام رادار “إكس-باند” (X-Band) في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي يمتلك القدرة على اكتشاف الصواريخ المعادية، فضلا عن إمداد إسرائيل بالطائرات المقاتلة “إف-35” (F-35).
ويشمل الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل قيام واشنطن بتخزين إمداداتها العسكرية لدى الأخيرة، بحيث يمكن لقواتها أن تطلب استخدامها من واشنطن في أوقات الطوارئ كما حدث في حرب لبنان الثانية 2006م وحرب غزة الثالثة 2014م.
لماذا تحتاج إسرائيل للمساعدات العسكرية الأميركية؟
زاد عدد اتفاقيات التعاون العسكري الأميركي الإسرائيلي في المجالين العسكري والأمني على 25 اتفاقية، كلها تصب في مصلحة إسرائيل من أجل زيادة قدرتها العسكرية، وإدخال التكنولوجيا المتقدمة في وسائلها القتالية ونظمها التسليحية، وبما يضمن تحقيق تفوقها على الدول العربية المحيطة بها على الأقل.
ولعل أحد التفسيرات الأميركية لتقديم هذا الكم الكبير من مساعداتها العسكرية لإسرائيل أنها ليست عضوة في حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO)، وتسعى لحماية نفسها.
ولا تخفي إسرائيل ارتياحها، لأن المنحة العسكرية الأميركية السنوية تقدم لها حصريا كاملة بداية كل عام وليست مقسطة أسوة بدول العالم، كما أن العمق الاستراتيجي لإسرائيل محدود، وتحتاج حدودا آمنة ونجدة سريعة، ولا يتحقق ذلك من خلال قواها الذاتية وإنما من الدعم الأميركي.
كيف تؤثر المساعدات العسكرية الأميركية على تفوق إسرائيل النوعي؟
ساهمت المساعدات الأميركية المقدمة لإسرائيل بصورة فاعلة في تقويتها عسكري طوال العقود السابقة، وباتت تشكل مصدر تمويل أساسي وجهة تزويد مركزية للوسائل القتالية التي تطلبها.
وتسببت المساعدات العسكرية الأميركية في حيازة الجيش الإسرائيلي المعدات القتالية الأميركية أولا بأول، للمحافظة على التفوق النوعي والكمي لإسرائيل على دول المنطقة في الجوانب التسليحية والعسكرية.
وفي 2008م أقر الكونغرس بأن إسرائيل ستتمكن بهذا التفوق من الإطاحة بأي تهديد تقليدي من أي دولة منفردة، أو من خلال تحالف لعدة دول، أو عدة مجموعات وتنظيمات ليست دولية.
وتعكس المساعدات الأميركية الخاصة بالجيش الإسرائيلي رغبتها في تعزيز قوته، والحفاظ على تفوقه العسكري النوعي على الجيوش المجاورة، لتعويض بعض نقاط الضعف التي تعانيها إسرائيل كونها تسيطر على مساحة صغيرة من الناحية الجغرافية ومن حيث السكان مقارنة بأعدائها المحتملين.
إلى أي حد تستفيد إسرائيل من المساعدات الأميركية في الحروب؟
تهدف المساعدات العسكرية الأميركية إلى تمكين إسرائيل من تحقيق تفوقها في أي مواجهة عسكرية بوقوع الحد الأدنى من الأضرار المادية والمصابين، وذلك عبر استخدام أدوات وأسلحة قتالية غاية في التقدم.
كما توفر المساعدات الأميركية لإسرائيل الكميات المطلوبة من الأسلحة وأجهزة السيطرة والتحكم والاتصالات والاستخبارات والتعقب وجمع المعلومات، وجميعها إمكانات متوفرة لدى إسرائيل تجعلها قادرة على مواجهة دولة واحدة أو عدة دول ضمن تحالف عسكري معاد.
وقد استفادت الصناعات العسكرية الإسرائيلية من الدعم الأميركي، فأصبحت سابع أكبر مصدّر للأسلحة عالميا، وباعت معدات تسليحية بما يزيد على 6 مليارات دولار.
وما زال الإسرائيليون يذكرون ما حصل إبان حرب أكتوبر 1973م حين نالوا مساعدات غير مسبوقة تمثلت في الجسر الجوي الأميركي الذي حمل أسلحة حديثة تقدر قيمتها بملياري دولار.
لماذا يعارض إسرائيليون المساعدات العسكرية الأميركية؟
رغم ما تحققه المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل من امتيازات وإنجازات لكنها لم تمنع ظهور أصوات إسرائيلية رفيعة المستوى تطالب بوقفها، وهي دعوة بدأت في عام 1992م.
وحين انتخب بنيامين نتنياهو رئيسا للوزراء أول مرة في 1996م اقتنع بالفكرة وبدأ سياسة الإلغاء التدريجي لهذه المساعدات.
أحد التحفظات الإسرائيلية على استمرار تدفق المساعدات العسكرية الأميركية يتمثل في أنها توجه ضربة موجعة للصناعات التسليحية المحلية، فبعض شروط الاتفاقيات العسكرية الثنائية تؤكد ضرورة إنفاق جميع أموال المساعدات العسكرية الأميركية في الولايات المتحدة، ما يعني أن الشركات الإسرائيلية المحلية قد تفقد ملياري دولار سنويا ويخسر 22 ألف عامل إسرائيلي وظائفهم.
وقد أكد وزير القضاء الإسرائيلي الأسبق يوسي بيلين أن “إسرائيل مدينة للولايات المتحدة بمساعداتها السخية، لكنها من جهة أخرى تجعلها تعتمد عليها،ومع مرور الوقت لا يصبح الإسرائيليون أحرارا بشراء المعدات العسكرية من سواها وبأسعار معقولة، ما ينجم عنه إضعاف الصناعات العسكرية الإسرائيلية”.
وحذر رئيس اللجنة المالية في الكنيست موشيه غافني من أن “المساعدات العسكرية الأميركية قد تتسبب في أضرار غير مقبولة، وبينما ستزداد المساعدات فإن المجتمع الإسرائيلي سينهار من الداخل”.
كما حذر الجنرال إيال بن رؤوفين قائد الكليات العسكرية السابق ونائب سابق لقائد القيادة الشمالية من أن “المساعدات العسكرية الأميركية قد تتسبب في أن تخسر إسرائيل استقلالها في أوقات الطوارئ”.
الدعوات الأميركية لوقف المساعدات العسكرية لإسرائيل
بالمقابل، ألمح العديد من المسؤولين الأميركيين إلى أن المساعدات العسكرية المقدمة لإسرائيل تحتاج لإعادة نظر، وذكّر الرئيس السابق دونالد ترامب مرارا بالحاجة لدفع تكاليف المساعدة الأمنية الأميركية لإسرائيل، ورغم أن هذه المساعدة لا يتجاوز نطاقها 1% من الناتج الإجمالي لإسرائيل لكنها تحولت إلى عادة.
وطالب المرشح الرئاسي الديمقراطي السابق بيرني ساندرز بتغيير سلوك إسرائيل جذريا تجاه الشعب الفلسطيني كشرط لاستمرار المساعدات العسكرية الأميركية لها.
كما أظهر استطلاع رأي لمركز التقدم الأميركي في 2019م أن 56% من الأميركيين طالبون بتقييد المساعدات المالية.