مدينة القدس تشهد هجمة إسرائيلية شرسة وغير مسبوقة

اعتداءات العصابات الصهيونية على المسلمين في القدس تنذر بثورة تقتلع الاحتلال

يوم القدس العالمي يوقد نار الغضب تُجاه الانتهاكات المستمرة لدول الاستكبار

تعيش فلسطين والعالم الإسلامي اليوم أهم حدث سياسي ومصيري في المنطقة، وهو يوم القدس العالمي.
يوقد يوم القدس العالمي- الذي يصادف آخر جمعة من شهر رمضان من كل عام، الذي أطلق شرارته الإمام الخميني الراحل عام 1979م- نار الغضب تجاه الانتهاكات المستمرة لدول الاستكبار ضد كل المستضعفين في العالم، وهو البصمة الحقيقية التي تضع العار فوق جبين كل من يتخلى عن المشروع الإسلامي والإنساني في العالم المملوء بالتناقضات.
وتحول شهر رمضان إلى انتفاضة عارمة تسحق البغاة والمستكبرين والمحتلين للأراضي الفلسطينية، حيث مثلت هذه الانتفاضة القوة الحقيقية للشعب الفلسطيني التي سوف تحرر القدس وكل الأراضي الفلسطينية . فهي قد أفشلت استخدام القوة من قبل المحتلين وأكدت أن النصر حليفها بإذن الله.
الثورة / محمد دماج

تشهد مدينة القدس المحتلة هجمة إسرائيلية شرسة وغير مسبوقة منذ بداية الشهر الكريم، تستهدف المقدسيين إما بالملاحقة والاعتقال تارة، أو بالاعتداء الجسدي بالضرب والقمع وإلقاء القنابل والأعيرة المطاطية في شوارع المدينة وعند أبوابها، ومنع من الجلوس في باب العامود تارةً أخرى.
وتتحول شوارع البلدة القديمة مساء كل يوم إلى ساحة مواجهة مفتوحة، و”كرّ وفرّ” بين الشبان المقدسيين وشرطة الاحتلال والقوات الخاصة وفرق الخيالة، التي تلاحق هؤلاء الشبان وتعتدي عليهم بالضرب بشكل وحشي، وخاصة في بابي العامود والساهرة.
وأصيب عشرات المقدسيين، جراء إلقاء القوات الإسرائيلية القنابل الصوتية والأعيرة المطاطية، ورش المياه العادمة، بالإضافة لاعتقال مجموعة منهم.
وأظهرت مقاطع فيديو هجوم عناصر شرطة الاحتلال بهمجية على المقدسيين المتواجدين في باب العامود، وإطلاق قنابل الصوت تجاههم.
وتواصل شرطة الاحتلال منع الأهالي والشبان من الجلوس والتجمهر في ساحة ومدرج باب العامود، الذي يشهد توترًا شديدًا، بالتزامن مع خروج المصلين من المسجد الأقصى، عقب الانتهاء من صلاة التراويح.
وفي اليوم الأول من رمضان، صعدت قوات الاحتلال من وتيرة اعتداءاتها بحق المسجد المبارك، واقتحمت بالقوة مآذن المسجد بعد قص أقفال الأبواب بمعدات خاصة، وقطعت أسلاك المآذن الرئيسة، ما حال دون رفع أذان صلاتي العشاء والتراويح عبر مكبرات الصوت.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل منعت سلطات الاحتلال إدخال وجبات الإفطار للصائمين المتواجدين في باحات المسجد الأقصى، كما اقتحمت المصلى القبلي، ومنعت المصلين من الاعتكاف.
ويحاول الاحتلال دومًا التنغيص على المقدسيين في مناسباتهم وأعيادهم الدينية، من أجل إفراغ المسجد الأقصى من المصلين، وفرض وقائع جديدة على الأرض.

حرب مفتوحة
ويقول الناشط المقدسي أمجد أبو عصب: إن اعتداءات الاحتلال المتواصلة بحق المقدسيين منذ بدء شهر رمضان تأتي ضمن الحرب المحمومة والمفتوحة، والتي تستهدف البلدة القديمة والمسجد الأقصى لتفريغهما من المصلين والسكان.
ويوضح أن سلطات الاحتلال تبذل جهودًا كبيرة لأجل تغيير المكان وتهويد المعالم في القدس وبلدتها القديمة، مستخدمة كافة الوسائل لأجل تحقيق هذا الهدف.
ويضيف أبو عصب: “ما يحصل ليس عبثيًا وإنما مخطط له، بحيث تستغل حكومة الاحتلال جائحة “كورونا” لتفريغ البلدة القديمة، وتخويف المقدسيين عبر استهدافهم بالقنابل الصوتية والأعيرة المطاطية والاعتداء عليهم بطريقة وحشية”.
ويشير إلى أن الاحتلال اعتقل منذ بداية الشهر الفضيل عشرات الشبان المقدسيين، منهم من تعرض للاعتداء الجسدي والتنكيل والدفع بقوة.
وبحسب أبو عصب، فإن الاحتلال ينفذ إجراءات العنصرية بالقدس في ظل تهافت عربي غير مسبوق للتطبيع مع “إسرائيل”، وما يجري من اقتحام للمسجد الأقصى يتم على مرأى ومسمع كل العرب والمسلمين دون أن يُحرك أحدٌ ساكنًا.
لكنه يؤكد أن كل ما يحدث من إجراءات إسرائيلية ظالمة، واستعمال للقوة والقبضة الحديدية بالقدس فشلت أمام صمود وإصرار المقدسيين للدفاع عن مدينتهم وأقصاهم.

هبة شعبية
أما المختص في شؤون القدس خالد زبارقة، فيرى أن الاحتلال يعمل على عدة مستويات، أولًا: أن الأعداد الكبيرة التي تؤُم المسجد الأقصى خلال رمضان لا تروق لهذا المحتل، الذي فشلت سياساته السابقة في تفريغ المسجد من المصلين.
ويضيف “لهذا السبب ما زال الاحتلال يعمل بشكل ممنهج، ومن خلال اعتداءاته، على خلق حالة رعب وبيئة طاردة للأقصى، ويسعى لإرسال رسالة لأهل القدس والداخل الفلسطيني بأن هذا المكان ليس آمنًا للصلاة فيه”.
والمستوي الثاني، وفق زبارقة، فإن الاحتلال يُريد تغيير هوية باب العامود الإسلامية وفرض وجود يهودي في البلدة القديمة، عبر منع التواجد الفلسطيني على مدرجاته، وتنغيص الأجواء الرمضانية بالمكان.
وأما المستوى الثالث، فإن” هذه الأحداث تُذكر الاحتلال بأن الشعب الفلسطيني لم يرفع الراية البيضاء ولم يستسلم أمام قوته وجبروته يومًا، لذلك يمارس حالة من الضغط الشديدة على أهالي القدس من خلال قمعهم والاعتداء عليهم”.
ويحذر المحامي زبارقة من خطورة هذه الاعتداءات، والتي قد تنذر بهبة شعبية عارمة، في ظل حالة احتقان كبيرة تسود أبناء الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية.
ويؤكد أن هذه الأحداث وجهت رسالة قوية للاحتلال بأن “المقدسيين لن يتركوا مدينتهم، ولديهم الاستعداد الدائم للحفاظ عليها وحمايتها هي ومسجدها الأقصى”.
وبنظره، فإن” الاحتلال ظن أنه أخمد جذوة الثورة الشعبية بالقدس، لكنه واهم، لأنها ما تزال مشتعلة، فالمقدسي يمتلك نفسًا قويًا في مقاومة وتحدي مخططاته وسياساته الفاشلة”.

حرب على أشدها
من جانب آخر اعتبر المرشح عن قائمة “القدس موعدنا” النائب محمد أبو طير أن ما يجري بالقدس “حرب على أشدها” تدور رحاها على المسجد الأقصى وباب العامود.
وأشار أبو طير إلى أن الاحتلال حاول أن يحول بين المسجد الأقصى والمصلين من خلال قطع الأسلاك عن مآذن المسجد الأقصى ووضع حواجز حديدية على مدخل باب العامود، بهدف محاولته فرض أجندة جديدة على المقدسيين، لكنها قلبت على “رأسه”.
وأكد أبو طير أن الضغط الذي يمارسه الاحتلال على المقدسيين كان نتيجته هذا الانفجار الذي انتظره الناس طويلا، وكذلك “حالة الكبت والملاحقة التي لا حدود لها، من خلال الاستهتار بحياة الناس ويومياتهم فقد اعتدى الاحتلال على البيوت والأرزاق وفرض إجراءات قاسية، ولا شك لأن هذه الإجراءات تداعيات تفرض نفسها على أرض الواقع”.

جس نبض
وعن هدف الاحتلال من الاعتداءات بالقدس، أوضح أن دولة الاحتلال تحاول جس نبض الناس واستفزازهم، بهدف التحقق من مدى قرب الشعب الفلسطيني بالقدس من قضيته وارتباطه به، وأنه هل حان الوقت ليضربوا ضربتهم، معتقدين أن الشعب الفلسطيني في “غيبوبة”.
وتوقع أبو طير ألا تستمر هذه المواجهات طويلا، كون الاحتلال سيحاول التراجع لعودة الأمور كما كانت قبل اعتداءاتها الأخيرة.
وأثنى على تضحيات شباب القدس الذين قدموا “ضريبة من دمائهم لدينهم”، وقال: “هؤلاء الشباب هم أهل النخوة والفتوة، وكانت لهم صولات وجولات عام 2017م حينما أفشلوا مخطط الاحتلال بوضع بوابات إلكترونية بالبلدة القديمة وأعطوه درسا لن ينساه”.
موجها رسالة للاحتلال أن “الاعتداء على الأقصى ليس نزهة، وكل شيء له تكاليفه وضريبته”.
واعتبر أن المسجد الأقصى هو عنوان المواجهة الحالية للتأكيد أن القدس عربية إسلامية، وأن الاحتلال “سيرحل في يوم من الأيام ويبقى الشعب الفلسطيني نبض الأمة التي يجب عليها إعادة حساباتها حتى تصحو”.
وأشار النائب المبعد عن مدينة القدس إلى أن التجمهر المقدسي الكبير والاشتباكات المستمرة في القدس تبرز الروح المعنوية لشباب القدس في مواجهة المستوطنين.
ورغم تصاعد المواجهات الشعبية في مدينة القدس وخاصة البلدة القديمة، لكن أبو طير يرفض أن يصف ما يجري بـ “الهبّة” لكنها في الوقت ذاته مؤشر أن أي اعتداء على الأقصى بهدف أن يحول بينه وبين المصلين المسلمين لا يمكن أن يمر، وأن أهل القدس مستعدون لكسر وتخطي كل الحواجز لأجل القدس والأقصى.
واستدرك: “لكن الاحتلال ورغم ما جرى خلال الأيام الماضية والتي وصلت الاحتلال فيه الكثير من الرسائل لم يعتبر ويحاول أن يخرج بأجندة جديدة”، مؤكدا أن “ممارسات الاحتلال وانتهاكاته بالقدس تحيي صورة التحدي في قلوب الناس”.
وفيما يتعلق بالانتخابات، أكد أن “الاحتلال الإسرائيلي لا يملك القدرة على حرمان الشعب الفلسطيني من إجراء الانتخابات كونها خياراً فلسطينياً شعبياً”، مشيرا إلى وجود خيارات وبدائل كثيرة لفرضها.
وشدد أبو طير على ضرورة فرض الانتخابات على الاحتلال، لتتحول الانتخابات في القدس إلى ساحة اشتباك معه في كل الأماكن بالمدينة المقدسة المحتلة”، محذرا ” كما لا يمكن لأي طرف تأجيلها لهذا المبرر”.

خيارات وبدائل
وأوضح أنه يمكن إجراء الانتخابات بالقدس من خلال البريد كما جرى في الانتخابات التشريعية عام 2006م، وذلك وفق الاتفاقيات التي وقعت عليها السلطة، وكذلك يمكن إجراء الانتخابات بضواحي القدس والقرى شمالها كما جرى في الانتخابات السابقة ولا يحتاج ذلك لموافقة الاحتلال وهذه المناطق يتواجد فيها نحو 220 ألف مقدسي.
وأشار إلى وجود خيارات أخرى كوضع صناديق الاقتراع في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وبقية المساجد وكذلك في المدارس التعليمية، أو وضع صناديق الاقتراع داخل الممثلات والقنصليات الأجنبية، مؤكدا أن القنصليات أبدت استعدادها لفتح أبوابها لإجراء الانتخابات.
وحذر أبو طير من أن أي تأجيل لن يكون في صالح الساحة الفلسطينية وأن المستفيد الوحيد من تأجيلها هو الاحتلال الإسرائيلي، وأن تأجيلها “يعني خلق حالة من الإرباك والفوضى على الساحة الفلسطينية، لأن الشعب يريد أن يختار قياداته وممثليه”.
واتهم النائب عن القدس “أطرافا فلسطينية بمحاولة إفشال الانتخابات لاستمرار حالة الترهل الحالية، وكذلك خوفهم من الخسارة في الانتخابات”.
وشدد على أهمية إجراء الانتخابات، لوضع حد لكل الفساد الذي مر على القضية الفلسطينية وحالة الترهل والضياع في المؤسسات الرسمية، وإصلاح المؤسسات كافة ووقف المحسوبية، مؤكدًا أنه إذا “ألغيت الانتخابات، فإن حالة الترهل الحاصلة في المؤسسات ستبقى بلا حسيب ولا رقيب”.
وبشأن ضغط بعض الأطراف من بين الاحتلال وأنظمة عربية لتأجيل الانتخابات، قال: “هم يريدون التأجيل لأنهم يخشون من المفاجأة المتمثلة بفوز حركة حماس كما يتوقعون لذلك يحصل كل هذا الضغط، حتى لا يحصل أي تغيير على الحالة الفلسطينية خاصة المشهد الأمني بالضفة الغربية”، مشددا على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها و”يعرف كل طرف حجمه الحقيقي بين الناس من خلال صناديق الاقتراع”.
واعتبر أن الحديث عن التأجيل، يهدف لتهيئة الرأي العام لذلك، لكن طالما لم يصدر مرسوم بتأجيلها فيجب عدم الالتفات لهذه “الفقاعات الإعلامية”.
وقال: “طالما كانت الانتخابات خياراً شعبياً فلسطينياً واستحقاقاً انتخابياً فلماذا نريد موافقة الاحتلال، وأما أن يكون موافقة الاحتلال من عدمها شماعة للتأجيل، فهذا يعني أن نقطة الضعف فينا نحن كفلسطينيين”.

يوم القدس أهم حدث
واليوم ستكون فلسطين والعالم الإسلامي على موعد مع أهم حدث سياسي ومصيري في المنطقة وهو يوم القدس العالمي.
يوم القدس العالمي الذي أطلق شرارته الإمام الخميني الراحل يذّكي ويوقد نار الغضب تجاه الانتهاكات المستمرة لدول الاستكبار ضد كل المستضعفين في العالم وهو البصمة الحقيقية التي تضع العار فوق جبين كل من يتخلى عن المشروع الإسلامي والإنساني في العالم المملوء بالتناقضات.

عهد يجدده ملاين المسلمين
فعاليات يوم القدس العالمي رغم تفشي جائحة كورونا فإنها لم تقتصر فقط حول مظلومية القدس فحسب، بل إنها تعبر عن كل مظلوم في العالم وبشكل متعدد.
عهد يجدده ملايين المسلمين في يوم القدس العالمي عبر منصات التواصل الاجتماعي والمسيرات الرمزية، يقول خلالها أحرار العالم انه لا تنازل عن ذرة تراب من ارض فلسطين ولا صوت يعلو على صوت المقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، شعار تزداد أهميته مع تحركات غربية وعربية لطمس الهوية الفلسطينية.. كلمات جددت عهد الوفاء للقدس وفلسطين وأكدت حتمية فشل كل مشاريع ومخططات تصفية القضية الفلسطينية.
نظرة الإمام الخميني الراحل إلى خطر الكيان الصهيوني الغاصب يكمن ضمن التالي: أولاً أن خطر الكيان الصهيوني لا يقتصر على القدس وفلسطين وإنما وفق رأي سماحته هي جرثومة فساد لن تكتفي بالقدس ولو أعطيت مهلة فإن جميع الدول الإسلامية ستكون معرضة للخطر.
ثانياً: يقول الإمام الخميني أن كيان الاحتلال الإسرائيلي لا يريد أن يكون في إيران، لا عالم ولا قرآن ولا رجال دين ولا أحكام إسلامية كي يحقق أهدافه.
ثالثا: أعطى الإمام الخميني أهمية لاستنهاض الشعوب الإسلامية وحكامها ضد الكيان الغاصب وركز سماحته على أهمية محورية استنهاض الشعوب بالتحديد لأنه يعتبر أن المسلمين شعوبا وحكاما كانوا مسؤولين عن إنشاء الكيان الغاصب وينبغي أن يتحملوا مسؤولية إزالته من الوجود أيضاً، ولذا يقول: يجب على المسلمين دولا وشعوبا أن يضعوا أيديهم في أيدي بعضهم البعض لإفشال المخطط الصهيوني في المنطقة.
وكانت قمة استنهاض الإمام الخميني للأمة الإسلامية من أجل قيامها بواجب الجهاد وتحرير القدس وفلسطين هو إعلان يوم القدس العالمي في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك في كل عام، لتنبيه الأمة وتحذيرها من الخطر الإسرائيلي وتحضير الأمة الإسلامية لليوم الذي سيتم فيه تحرير القدس وكل فلسطين من العصابات الصهيونية المتحالفة مع قوى الكفر والاستكبار العالمي لإذلال الأمة وإركاعها.
وإذا كان موقف الإمام الخميني هو الرفض المطلق لوجود الكيان الغاصب وضرورة إزالته فإن موقف خلفه الصالح الإمام الخامنئي الذي يقود اليوم مسيرة الأمة الإسلامية في مواجهة الصعاب والتحديات والمخاطر التي ازدادت وتنامت اليوم ضد الإسلام وأمته لا يختلف عن موقف الإمام الخميني بل هو نفس الموقف لأن كلا القائدين، الخلف والسلف يأخذان وينهلان من النبع الواحد وهو القرآن الكريم والسنة النبوية وأحاديث المعصومين عليهم السلام، وذلك النبع الصافي الذي لم تكدره المؤامرات عبر التاريخ وبقي على نقائه وصفائه.

قد يعجبك ايضا