حصار المشتقات النفطية يفاقم الخطر على مرضى الكلى أكثر من 528 مريضاً في مركز مستشفى الثورة والأجهزة الموجودة فيه لا تكفي لنصف هذه الشريحة
في إحدى غرف مركز الغسيل بمستشفى الثورة العام، أو ما يسميه المرضى بالديوان الذي يحتوي على 16 جهازاً للغسيل الكلوي يغسل فيها العديد من المرضى واحداً تلو الآخر في اليوم الواحد، مرضى جار عليهم الزمن وزاد العدوان من معاناتهم طيلة ست سنوات بانقطاع الأدوية وكذلك المشتقات النفطية وحصارها ما يجعل حياتهم على المحك.. مرضى تنقطع الكهرباء عن الأجهزة الموصلة لأجسادهم المريضة وتكون سبباً في موت أحدهم على الجهاز.. ولا يكفى أنهم لا يأخذون وقتهم الكافي للغسيل وإنما أجتمع عليهم المرض والازدحام والوقت وانقطاع الرواتب وأنهكت أرواحهم المريضة في الانتظار أو البحث عن مصدر للعلاج، أسباب كثيرة يدفع ثمنها المريض الذي ضاعت حقوقه في بلد اجتمعت عليه عدة دول لنهب خيراته وحاصرته في كل مقومات الحياة الأساسية والضرورية التي تضمن لهم حياة كريمة.. تفاصيل أكثر في الحصيلة التالية..
الثورة / رجاء عاطف
في رحلة البحث عن خدمة صحية مناسبة والبحث عن تكاليف العلاج أما من الأسرة أو فاعلي الخير وفي ظل رواتب منقطعة وحصار وعدوان جائر..مسار يحكي معاناة كل مرضى أبناء الشعب اليمني، وهنا يؤكد رشاد التويتي – 45سنة مريض بالفشل الكلوي – أن خدمة الغسيل الكلوي مجاناً محددة مرتين في الأسبوع ولمدة ساعتين و45 دقيقة فقط للغسلة الواحدة والتي لا يأخذ فيها المريض الوقت الكافي، ومن يريد غسلة إضافية يتوجه إلى مستشفيات خاصة وهذا يكلفهم أكثر من 40 ألف ريال للغسلة الواحدة دون الفحوصات الأخرى.
انقطاع الكهرباء
واختصر التويتي معاناة المرضى الذين يتعالجون بالغسيل الكلوي حيث قال: إن متممات الغسيل يشتريها المريض والتي تكون في كثير من الأحيان غير موجودة في المستشفى مثل إبر الدم وإبر الحديد وإبر اللصق والإبر الفارغة والمغذيات بتكلفة عشرة آلاف ريال.
وتحدث عن وضعهم عند انقطاع الكهرباء وهم في جلسة الغسيل والأجهزة عليهم مما يضطر المرضى جميعهم ممن كانوا يغسلون لفصل الجهاز وعدم إكمال العلاج ولن يتسنى لهم الغسيل مرة أخرى إلا في دورهم الجلسة القادمة، ويعودون إلى منازلهم ويتعرضون لمضاعفات.
وأشار المريض التويتي إلى أن المهندسين يتواجدون وقت الصباح ولكن من وقت الظهيرة والعصر يختفون ولا تجد من يقوم بضبط وإصلاح الأجهزة التي تنفصل أو تنطفئ الكهرباء أو يحدث فيها خلل وأحيانا بسبب هذا الإهمال يتوفى مرضى وهم على الأجهزة رغم أن مركز الغسيل يعمل على مدار الـ 24 ساعة وهناك ازدحام شديد في المركز .
وأضاف: قبل العدوان كنا نغسل جيداً أما الآن لا وقت كافٍ ولا أدوية ولا مشتقات نفطية ، وعلى وزارة الصحة والمستشفيات القيام بدورها تجاه مرضى الأمراض المزمنة، ونطالب بتوفير فلترات وليات مناسبة ومطابقة لأجهزة الغسيل وبيكر (مشغل الجهاز) أن يكون أكبر حتى يستطيع المريض الغسيل وزيادة لمدة ثلاث ساعات وهو مرتاح.
نطالب بالإفراج عن المشتقات النفطية
أما فيصل طاهر- مرافق لزوجته التي لديها غسيل كلى منذ سنه وشهر، يأتي من منطقة سنحان وهناك الكثير يأتون من مناطق بعيدة، ولعدم وجود السكن يضطرون الذهاب والإياب للمركز بنفس اليوم، وهذا يزيد من تعب المريض الذي لا يأخذ وقته الكافي في الغسيل وإن تأخر بسبب المواصلات لانعدام المشتقات النفطية يخصم من الوقت المحدد له للغسلة حتى يأخذ المريض الآخر دوره، ليس ذلك فحسب، وإنما إن حصلت مضاعفات للمريض بعد عودته للمنزل يضطرون إلى إسعافه مرة أخرى لمستشفى خاص كون العودة للمستشفى تجعلهم يضعون المريض في الطوارئ إلى أن يأتي وقت جلسة الغسيل وأحياناً قد لا يوجد أطباء يمرون على المرضى لتقييم ومتابعة حالة المريض.
وقال فيصل طاهر: نطالب دول العدوان والأمم المتحدة بالإفراج عن المشتقات النفطية المحتجزة في الموانئ التي هي أساس لعمل المستشفيات وتنقذ حياة المرضى الذين يتوفون بسبب انقطاع الكهرباء.. ونتمنى توفير سكن للمرضى قريب من مراكز الغسيل للتغلب على مشقة السفر والأدوية وتخفيف معاناة المرضى ومن يرافقهم ونطالب بزيادة وقت الغسيل إلى 4 ساعات لأنها جلستان في الأسبوع والمريض يحتاج إلى أكثر من ذلك.
أكثر من 528 مريضاً في مركز الكلى
وفي هذا الجانب أوضح الدكتور نجيب أبو أصبع – استشاري أمراض وزراعة الكلى مستشار وزارة الصحة لأمراض وزراعة الكلى – أن مركز الكلى بهيئة مستشفى الثورة العام يقدم العديد من الخدمات للمرضى منها عمليات استثنائية لزراعة الكلى وزراعة المثانة وعملية الأورام للكلى وعملية الحالب والحصوات وزراعة الحالب وأشياء كثيرة، إضافة إلى أن في المركز مرضى رقوداً وكذلك عناية مركزة، وأضاف أن المستشفى هو الأول في الجمهورية الذي بدأ زراعة الكلى، كانت بشكل موسمي ثم أسبوعية ومنذ بداية العدوان توقفت هذه الزراعة وعادت قبل انتشار كورونا حيث تم زراعة 12 حالة ولكن توقفت من جديد وما زالت متوقفة وهناك جهود لإعادتها لكن هذه الجهود تذهب سدى جهود سراب نتيجة عدم وجود الإمكانيات والظروف المحيطة.
وقال: وصول المرضى لمرحلة من الفشل الكلوي هو بسبب أن الكلى لم تعد قادرة على القيام بعمل وظائفها الأساسية لهذا يتم عمل الغسيل الكلوي لهم ليحل محل الكلية الأساسية،ويوجد في مركز الكلى بمستشفى الثورة أكثر من 528 مريضاً حسب الجدول الأساسي، والأجهزة الموجودة فيه لا تكفي لنصف من هذه الشريحة وكلها بسبب استمرار العدوان واستمرار احتجاز سفن الوقود .
(7800) مريض في الجمهورية اليمنية.
وتابع أبو أصبع : لدينا 32 مركزاً للغسيل الكلوي في مختلف محافظات الجمهورية وهناك مركز في حرض دمر من قبل العدوان وأيضا مركز في المستشفى العسكري بتعز وهناك بعض المراكز قد تقف جزئياً ولكنها ما زالت تعمل بطاقتها، ويصل عدد المرضى الذين على الغسيل والدموي بشكل عام إلى (7800) مريض في الجمهورية اليمنية.
وهناك أكثر من 120 أو 140 ألف مريض يعانون من بداية قصور كلوي، وهذا لا شك خلال شهور أو سنين سيلزمهم البدء بالغسيل كلوي ولا نعلم كيف سيتم مواجهة هذه الأعداد بسبب الحصار وعدم وجود الإمكانات والميزانية التشغيلية.
وعن الوقت الكافي لغسيل الكلى للمرضى أشار أبو أصبع إلى أن مريض الفشل الكلوي في كل دول العالم بما فيها الدول النامية يغسل ثلاث مرات أسبوعيا من 5-4 ساعات وهنا للأسف نتيجة الازدحام وشحة الإمكانيات نغسل للمريض مرتين أسبوعيا من 3 ساعات فقط إن لم تكن أقل من ذلك مما يعني أن المريض لا يأخذ حقه الكافي من الغسيل هذا أولاً، ثانياً أن الأجهزة الموجودة لدينا سواء في مركز الكلى أو في المراكز الأخرى لا تفي بالحد الأدنى، نحن نعمل على مدار الـ24 ساعة وهذا الشيء علمياً غير صحيح، لأن الجهاز يحتاج إلى راحة وإلى صيانة وتعقيم إلا أنه ونتيجة للازدحام الشديد لا نقوم بهذه الإجراءات التي لو قمنا بها سيكون هناك كثير من المرضى لن يتوفر لهم الغسيل وقد يتوفون لا سمح الله.
حصار لا إنساني
ويؤكد الدكتور نجيب أن الحصار زاد من معاناة الناس أكثر وجهاز الغسيل الكلوي يعمل 24 ساعة، بمعنى أنه بحاجة إلى كهرباء، ونحن كمستشفى حكومي نقوم بشراء الوقود من السوق السوداء ونتيجة لغياب الميزانية التشغيلية ليس لدينا القدرة على شراء الديزل، والبترول وقد تتوقف الأجهزة بسبب عدم وجود الكهرباء بين ساعة وأخرى ويحصل لها عطل وهذه معاناة شديدة جداً، ولا نعرف لماذا هذا الحصار اللا انساني.
وأوضح قائلاً: لدينا في مستشفى الثورة 14 عناية مركزة ولدينا غرف عمليات بالعشرات عندما تتوقف الكهرباء أثناء العملية أو مريض على جهاز التنفس الصناعي أو مريض على جهاز الغسيل الدموي قد يحدث تجلط للدم أو يتوفى المريض.
وتابع بقوله : الحروب في العالم لها أخلاق وهناك عمل احتياطات لهذه الشرائح من المرضى ، وأن تتوفر لهم الأجهزة والأدوية اللازمة، وهذا من مهام المنظمات الدولية التي هي جزء من هذه المنظومة وهناك من يحرك الحروب وهناك من يقوم بتغطية النواقص.. لكن للأسف الشديد نحن في اليمن متاهات لا نعرف إلى من نتجه في مثل هذه الأوضاع ، لذلك نعاني ونحمِّل دول العدوان المسؤولية.
وأضاف: بسبب غياب الميزانية التشغيلية للمستشفيات من وزارة المالية والتي كان منها سنوياً لمرضى الغسيل وهناك تغطية لذلك الاحتياج، لكن هذه الجهود الآن ود تقوم بها من هيئة مستشفى الثورة العام ووزارة الصحة واحيانا بعض المنظمات واحيانا فاعلو الخير لتوفير ذلك.
أزمة المشتقات لها أثر كارثي
ونوه استشاري أمراض وزراعة الكلى، أن الأزمة والحصار وأزمة المشتقات النفطية أثرت بشكل كارثي على وضع المستشفى بشكل عام وعلى وضع مرضى الفشل الكلوي بشكل خاص، لهذا نطالب المنظمات الدولية والأمم المتحدة أن تنظر الى النواحي الإنسانية، نحن لا نتحدث في السياسة وإنما نتحدث من ناحية إنسانية ومهنية وحرام ان يموت المريض أمام أعيننا، ونحن لا نستطيع توفير الأشياء اللازمة له.
وقال: هناك بعض القطاعات الخاصة لديها غسيل كلوي وأسعاره باهظة دون رقابة من احد ، حيث يحتاج المريض أحياناً 100 ألف واكثر في الأسبوع لكن المريض اليمني لا يوجد لديه تأمين صحي ولا يستطيع دفع هذا المبلغ لكننا في مستشفى الثورة وبقية المراكز الحكومية للغسيل تقدم الخدمة مجاناً، وفي بعض الأحيان المريض يساعدنا بشراء بعض المحاليل في حال النقص الشديد.
الوفيات موجودة يومياً
وعن عدد الوفيات يقول:حقيقة لا توجد لدينا إحصائية رسمية بالأرقام ولكن الوفيات موجودة يومياً ومن حالة إلى حالتين في اليوم إن لم تكن أكثر، والمريض يصل إلينا متأخراً فنضطر لعمل غسيل كلوي له وقد تكون مراحله متأخرة وأيضا عدم وجود الغسيل الكافي والمريض لا يأخذ حقه بشكل كامل فيدخل في مضاعفات، وقد نقول أن المريض مات ليس من الفشل الكلوي فقط ولكن من التهابات الصدر أو قصور في القلب وهذه كلها بسبب مضاعفات الفشل الكلوي وعدم عمل الغسيل الدموي بالشكل المطلوب.
وزاد بالقول: مرضى الكلى يعانون يومياً ولا يوجد هناك أي توسع من خلال مراكز الغسيل الأمر الذي يجب أن تضع وزارة الصحة الخطط له سواء بشكل ذاتي أو عبر المنظمات،هناك بعض المحافظات لا يوجد فيها مراكز الغسيل فيضطر المريض للسفر مرتين أسبوعياً يبحث عن سكن ويبحث عن مواصلات من أجل الوصول إلى مركز الغسيل، وهذه الأوضاع وغياب الرواتب والحوافز جعلت الكثير من الزملاء والاستشاريين يتجهون للقطاع الخاص ، إذ كيف سيعيش دون أي عوائد، ايضا عدم توفر أي مستلزمات أساسية داخل المستشفى للقيام بالعمليات الكبيرة في جميع التخصصات ككل.
ارفعوا حصاركم عن المشتقات النفطية
وختم حديثه بالقول: نسعى دائماً من خلال وسائل الإعلام إيصال صوتنا لكل من لديه ضميرإنساني بأن يتفهموا هذا الوضع، ونقول لدول العدوان: ارفعوا حصاركم عن المشتقات النفطية واتركوا الناس تعيش.