في ظل مرارة الحياة وضيق العيش بسبب الحصار والعدوان
شهر رمضان..فرصة لفاعلي الخير ورجال الأعمال لإعادة البسمة للأسر الفقيرة
رمضان النفحة السنوية لتزكية النفوس المؤمنة مما يدنسها من آثام خلال العام، ومسار تحول ينتظره الكثير من الناس ففي هذه المحطة التربوية أشياء كثيرة يتعلمها الإنسان لتحصين نفسه من دنس المعاصي ولتعلم معاني حقيقية مثل الصبر والتحكم في النفس وتربيتها على عمل الخير والبر، كما أن الاستشعار العظيم لهذه الشعيرة هو انطلاق نحو الاستشعار الحقيقي لمعاني العبادات الأخرى، والبذل والعطاء دون انقطاع بما تجود به النفس لتحريرها من عبودية التملك والبخل أهم تلك العبادات عدم ارتكاب المعاصي، لذا كانت مسيرتنا نحو البحث عما يفكر فيه الناس من استعداد للترحيب بشهر رمضان وكيف يعيشونه على المستويين المادي والعملي “العبادي”.
رمضان محطة تربوية
يقول الحاج حميد محمد الزبيري65- سنة يسكن أحد الأحياء الشعبية بصنعاء – ما إن يدخل شهر شعبان حتى نكون قد انتهينا من شراء مصاريف رمضان عند اقتراب رمضان خصوصاً بعد العدوان على اليمن نبدأ بشراء احتياجات رمضان مبكراً، فغالباً تكون الأسعار شبه معقولة ولكن في رمضان لا نستطيع أحيانا شراءها كلها فنكتفي بشراء بعض الأشياء الأساسية وبعض الأطعمة التي يفضلها أولادنا خلال رمضان حتى يستطيعوا أن يميزوا بين رهبة رمضان من غيره من الشهور فالمحلبية والشفوت والسنبوسة على رأس مائدة الطعام.
وأردف الحاج الزبيري إن لرمضان روحانية يجعل الناس يهبون لأداء العبادات المختلفة ويحاولون جعلها عادة ومستمرة في أدائها بعد رمضان فإرشادنا لأبنائنا يكون أكثر إلحاحاً مع رمضان كما أننا نستطيع تعليم أبنائنا لقراءة القران فلنا مجلس بعد صلاة التراويح وبعد صلاة الظهر نتدارس القرآن مع الأبناء لتحسين قراءتهم وفهم معانيه وشرحها إن تطلب الأمر.
نقطة انطلاقة لتجارة البسطاء
ومن الناس من يستغل شهر رمضان في العمل لتوفير مبالغ مالية ضرورية في الحياة، تكون عوناً له بعد رمضان فالأخ عاصم عبده الصباحي 22 سنة يقول أنا طالب جامعي وأنا من أسرة فقيرة لا تستطيع عائلتي الإنفاق في الجامعة وتغطية نفقاتها فهي أسرة من ذوات الدخل المحدود لذا اضطررت للعمل في شهر رمضان والسعي من خلال معارفي للحصول على رأس مال بسيط كسلفة أو أعمل لدى أحد التجار خلال موسم رمضان مقابل أجر معين يكون هو عوناً لي في دراستي الجامعية، لقد كان الأمر في البداية صعباً نوعاً ما ولكن بعد ذلك تعودت وأصبح طبيعياً وتكيفت على العمل حتى أنني كنت بعد انتهاء من دراستي كنت أبحث عن عمل وعملت، ولكنني إلى الآن لم أنسَ أن الحاجة والتي كانت في رمضان هي أم الاختراع فقد نجحت في تأمين مصاريف الجامعة بمثابرتي و دعائي لله أولاً في رمضان فجاء التوفيق والنجاح من الله.
أما الشاب عدنان الآنسي 18 سنة سألناه كيف جاءتك فكرة العمل في بسطة لبيع الشيلان في سوق الزمر يقول كنت أبحث عن عمل فلم أجد أحد ليوظف شاباً لم يكمل تعليمه كما أن معاريفي قليل في هذا المجال فبدأت أفكر كيف أكسب المال؟ ولم يكن هذا السؤال الوحيد فكان هناك عدة أسئلة أخرى متى؟ وأين؟ ومن أين أحصل على المال لمشروعي؟
وأضاف وبعد حصولي على وعد من أحد أقربائي في حصولي على ما احتاجه من المال ولكن شرط علي إخباره بماهية المشروع، ظللت أفكر وأبحث عن مشروع ناجح لمدة أسبوع حتى أتتني الفكرة وهو العمل مع أحد الجيران في بسطة لبيع الشيلان في سوق الزمر.
مساعدة الناس وتلمس احتياجاتهم
أما الأخ عبد الحفيظ سعد 45عاما وهو إمام لأحد المساجد يقول أنا أستاذا أعمل مدرساً في أحد المدارس، أعمل في الصبح حتى الظهر، كما أنني أقوم بواجبي الديني في المسجد بعد الدراسة في الأيام العادية، ولكن عند دخول رمضان يوجد لدي وقت فراغ كبير فالمدارس في شهر رمضان مغلقة ؛ لذا أكون قد وضعت جدولاً لتوزيع فراغي في نشر توعية رمضانية للناس من المصلين في بعض المسائل الفقهية بعد أداء كل صلاة وعمل حلق في المسجد لتدارس القرآن بعد ذلك، كما نحث الناس على العبادة وعلى مساعدة الفقراء وتلمس احتياجاتهم ممن يسكنون الحي، وندعو في المسجد وخارج المسجد فاعلي الخير إلى سرعة مساعدتهم بما يجودون به من أموالهم أو أشياء عينيه من مواد غذائية أساسية تقيهم سؤال الناس، كما يساعدنا ذلك في تحديد من هم محتاجون للمساعدة خلال العام بأكمله بعد دعوة التجار بعمل ذلك.
رمضان شهر الخير والرزق
الأخ كمال العدني 60 عاماً يؤكد أن شهر رمضان عندما يأتي يأتي بخيره ففاعلو الخير لا يقصرون معه، كما أن أقرباءه من ميسوري الحال من داخل البلاد وخارجه من المغتربين لا ينسونه أبداً فمهما صعبت الحياة أمامه يتذكر أن الرزق بيد الله وأن الله لن ينساه أبداً، وأن على الإنسان ألا يقنط من رحمة الله التي وسعت السماوات والأرض، فقد واجه الكثير من المشكلات والأزمات المالية لكن ثقته بالله لم تتزعزع أبداً، كما أنه يعتمد على الإنفاق الرشيد فهو يشتري احتياجاته بحذر دون إسراف ليدخر ما تبقى من الأموال لباقي العام.
ولا تختلف قصة أم صادق القاضي البالغة من العمر 60 عاماً عن باقي القصص فهي امرأة عجوز تقول إن العدوان جعل من معيشتها هي وابنها أكثر صعوبة فقد كانت تعتمد على معاش زوجها التقاعدي قبل العدوان على اليمن إلا أن العدوان ونقل البنك وعدم الاستمرار في دفع المرتبات كانت الأسباب الرئيسية في صعوبة عيشها، وتقول لولا فاعلي الخير لما استطاعت التكيف على الغلاء أو شراء الحاجات الأساسية للبيت، وأضافت أمّ صادق قائلة إن لها ابناً في السعودية من زوج آخر وكان يرسل لها حاجياتها ومصاريفها إلا أنه بعد التشديدات وصعوبة حياة المغتربين في السعودية لم يتمكن من استمرار إرسال الأموال لها من هناك فهو كما تقول موقف عن العمل وما معه من مدخر مالي يساعده في البقاء هناك حتى عودته للعمل مرة أخرى، وقالت أم صادق وهي تبكي لولا رجال الخير لما استطعنا الاستمرار في العيش بكرامة وهنا، وأن قدوم رمضان يمثل لها بهجة كبيرة وتغيراً كبيراً في حياتها كلها ففي رمضان شهر الخير يكثر المساعدون لها من رجال الخير، وما تحصل عليه من أموال أو أشياء مادية يكون مدخراً لما بعده و مساعداً لها في النفقة على البيت.