يتميز شهر رمضان المبارك بالعادات والطقوس المختلفة من حيث المأكولات والحلويات الشهيرة التي يشتهر بها كل بلد عربي، لكنها بطبيعتها تتقارب في التراث العربي والقرب الجغرافي الذي عزز التشابه في الأكلات المفضلة، لذلك تتفنن الشعوب بإعداد طبقها المفضل في أول أيام الشهر الفضيل باعتباره ثقافة موروثة من جيل إلى جيل.
فما الطعام المفضل لدى العرب في أول يوم من شهر رمضان؟ وما الأكلات الأشهر في رمضان؟ وهل هناك مقبلات أساسية لا تغيب عن الموائد العربية؟ وما أصل الحكاية لأشهر أسماء أكلات دول البحر المتوسط التي قد يكون بعضها غير عربي واسمها غريب؟
دول المغرب العربي
أما دول المغرب العربي فـ “الطاجين” و”الكسكسي” من أبرز الأكلات في بلاد المغرب العربي، ورغم اختلاف تفاصيل إعداد هذه الأكلات وطرق تقديمها، فإنها تتشابه إلى حد كبير في دول المغرب العربي، ولا تفارق سفرة رمضان في هذه الدول كافة.
ويكمن سر “الطاجين” في التوابل والبهارات المستخدمة فيه مثل الزنجبيل والقرفة والزعفران وغيرها التي توضع على اللحم والخضار وتقدم بطريقة مميزة، كما تشتهر بلاد المغرب بإعداد طبق “الكسكسي” وهي الوجبة المعتادة لأغلب العائلات في أول يوم من رمضان، وتتكون من اللحم والقمح والسميد الذي يتم تبخيره مع تشكيلية متنوعة من الخضار كالقرع والبصل والكوسة.
بلاد الشام
تختلف الأكلات المشهورة من منطقة إلى أخرى داخل سوريا، حيث تشهر مدينتا حمص وحماه والمناطق الوسطى والجنوبية بالكبة النية والكبة المقلية والشوربة والسمبوسك بالجبنة واللحمة والفتوش وفتة الحمص بالسمنة والبابا غنوج ومتبل الشوندر ومتبل الباذنجان واليالنجي والطبق الرئيسي اختياري، ويتنوع من منطقة إلى أخرى ما بين ورق العنب والمحاشي والمنسف في الجنوب، والمحاشي والكبب في حلب وجميع أنواع “الفتات”، كما تشتهر بعض المناطق بأكلة الملوخية وشيش برك، في المقابل تفضل بعض العائلات السورية أن يكون اليوم الأول من رمضان “خفيف على المعدة” وتقتصر سفرتها على “الحواضر”.
و تتشارك السفرة اللبنانية مع السورية إلى حد كبير، فالكبة والتبولة والفتوش وورق العنب واللحم بالعجين أطباق لا يمكن أن تغيب عن أي مائدة رمضانية في لبنان.
وعلى صعيد المشروبات، تشتهر عصائر مثل العرقسوس والخرّوب والكركديه، ولا يكاد يخلو بيت مصري من الخشاف وقمر الدين والرقاق والجلاش والحلويات مثل الكنافة والبسبوسة بالقشطة وأم علي والأرز بالحليب.
وإلى جانب الأكلات الرئيسية والسلطات والمقبلات والشوربات والعصائر، تشتهر الكثير من الحلويات في شهر رمضان بشكل خاص في الدول العربية بشكل عام، هذه أبرزها وقصص انتشارها:
المعروك
المعروك الشامي هو نوع من المعجنات المحشوة بالتمر وجوز الهند ويرش عليها حبة البركة والسمسم، المنتشرة منذ أكثر من قرن في سوريا بالتحديد، ومن ثم تدرجت إلى بلاد الشام، وهو من الأكلات الشعبية الرمضانية التي يرغب بها الفقير والغني، وسبب تسميتها بهذا الاسم أن كلمة “معروك” اشتقاقًا من “العرك” أي الخلط بشكل جيد حتى تصبح متماسكة، ففي القديم كان المعروك يحضر يدويًا لعدم وجود آلة العجن وقتها.
أم علي
أمّ علي، حلوى مصرية عبارة عن رقائق من العجين والحليب وبعض المكسرات، تقول الحكاية إن هذه الحلوى تنسب إلى زوجة عز الدين أيبك وهو أول سلاطين المماليك بعد الأيوبيين وزوج شجرة الدر الملقبة بعصمة الدين أم خليل التي تزوجته بسبب رفض مماليك بلاد الشام أن تتولى حكمهم امرأة، وبعد تزوج عز الدين أيبك من شجرة الدر طلق امرأته الأولى أم علي وتبرأ من ابنه، ثم بعد فترة قرر الزواج من غيرها فكادت له شجرة الدر وقتلته.
ولما سمعت أم علي بمقتل أيبك دبرت لها مكيدة وقتلتها، ثم نصّبت ابنها علي بن عز الدين أيبك سلطانًا، وبهذه المناسبة أمرت أم علي بخلط الدقيق مع السكر والمكسرات، إلى آخر المقادير المعروفة في طبق أم علي، وتقديمها للناس، فدخل هذا الطبق الشهير إلى المنطقة العربية بشكل عام، وفي غرب العراق تسمى بالخميعة، أما في السودان فتسمى فتة اللبن، واشتهرت أيضًا في السعودية وتقدم في الحفلات الكبيرة.
لقمة القاضي
هي حلوى منزلية سهلة التحضير، وتكون على شكل كرات ذهبية هشة وهي من الحلوى المحببة في شهر رمضان، ويطلق عليها المصريون اسم “لقمة القاضي” أو “الزلابية”، ويسميها العرب باسم “حلوى اللقيمات” أو “العوامة”.
يعود أصل هذه الحلوى للشعب اليوناني الذي يطلق عليها اسم “لوكوماديس”، وتحظى بشعبية كبيرة في اليونان، ويفضل المواطنون تناولها مع “الآيس كريم” بنكهة “المستكة” أو مع “القرفة”، وتقدم “لقمة القاضي” في تركيا، وأغلب الدول العربية مع القهوة أو الشاي بعد الوجبات أو عند استقبال الضيوف.