رئيس الزراعية العليا: اليمن يستعيد أمجاده في زراعة الحبوب والبقوليات والجوف نموذج واعد بالعطاء
المدير التنفيذي – بنيان:ماضون في إحياء الموروث الزراعي التقليدي اليمني الأصيل وتعميم تجاربه
قال رئيس اللجنة الزراعية والسمكية العليا إبراهيم المداني: نعمل مع شركائنا في التنمية على تحفيز كل الجهات ذات العلاقة ونتشارك معهم في تمكين المجتمع اليمني من استغلال الموارد وعناصر الإنتاج الزراعية المحلية المتاحة من أرض وميكنة زراعية وتأهيل موارد بشرية في مجال زراعة واستصلاح الاراضي بالتركيز على زراعة الحبوب، ورعاية وتنمية الثروة الحيوانية والداجنة، ونعمل في ذلك على إحياء تفعيل روح المشاركة المجتمعية للانطلاق نحو المبادرات التنموية التي تعتمد على إمكانيات وحلول المجتمع نفسه.
وفي اللقاء الذي أجرته معهما «الثورة»، أكد المدير التنفيذي لمؤسسة بنيان التنموية المهندس محمد المداني قائلاً : «نختلف عن منظمات المجتمع المدني الأخرى بأننا نعمل على التمكين ولسنا مقاولين، نحن نبحث عن الإنسان وإمكاناته المحلية، ونعمل بالتعاون المشترك مع شركاء التنمية من الجانب الرسمي في الزراعة والجهات الرسمية ذات العلاقة بالتنمية والقطاع الخاص والمجتمع على إزالة المعوقات وتذليل الصعوبات وتشكيل شبكة توعوية مستمرة ثقافيا وزراعيا وتنمويا»، اللقاء يناقش العديد من القضايا الزراعية والتنموية، فإلى التفاصيل:
الثورة / يحيى الربيعي
الثورة نود أن نتعرف على نوع وحجم الإشكاليات التي واجهتكم خلال رحلة الصمود من أجل استنهاض الوعي المجتمعي؟
-المدير التنفيذي. بنيان: مهامنا الأساسية هي التحفيز وخلق التعاون والشراكة بين الجهات الرسمية والمجتمعية.. ومن الطبيعي أن تكون هناك مشاكل، فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك مشكلات تتمحور حول عدم توفر وسائل المواصلات.. ونقص القوى العاملة المدربة والمؤهلة لتقديم الخدمات الإرشادية الزراعية والحيوانية.. وغياب التنسيق الكامل بين الجهات ذات العلاقة بالجانب الزراعي على مستوى المراكز والفروع أو على مستوى العلاقة الجهات ذات العلاقة والمزارعين أو مع الجمعيات التعاونية.. وعدم توافر البرامج الإرشادية التوعوية عن الآفات التي تصيب المحاصيل الزراعية والحيوانية بشكل عام.. وعدم وجود أو عدم فاعلية مركز إرشاد زراعي وبيطري، وغياب التدريب والتأهيل للكادر المتواجد.. وغياب وعي كوادر الإرشاد الزراعي في بعض المناطق، وغياب روح تبادل الخبرات في ما بينهم مما يؤدى إلى تفشي عشوائية العملية الزراعية برمتها.
ربما نواجه ضعفاً في وعي مزارعي بعض المناطق في ما يخص مخالفة بعض القواعد الزراعية؛ كضعف الالتزام بالعمليات الزراعية الجيدة من حراثة متناسبة مع المواسم الزراعية أو تحديد نوعية التربة المناسبة لزراعة المحاصيل، واختيار البذور الجيدة، وتطبيق أساليب الري المناسب، واتباع طرق التقليم الجيد، وتنظيم استخدام المبيدات والأسمدة الآمنة على الإنسان والنبات، واستغلال الأعداء الحيوية بدلا عن العشوائية الضارة بالنبات والإنسان والتنوع الحيوي، والجني في الأوقات السليمة التي لا تضر بالثمار، وأخيرا، وهو الأهم غياب آلية التسويق المناسبة.
الثورة نريد توضيحاً أعمق للمعاناة من خلال التفاعل المباشر مع المواطنين؟
-المدير التنفيذي. لبنيان: الجميل أننا جميعا نفهم أن سبب ما نحن فيه من ضياع هو الابتعاد عن هدى الله، وأن من عوائد هذا البعد ظهرت لنا تغيرات مناخية ربما تكون قد أثرت على العملية الزراعية، لكن الأجمل أننا جميعا نؤكد أنه في هذه الحالة، لن يكون العلاج في يد الحكومة، ولا هو بيد أحد منا، وإنما العلاج في إرادتنا جميعا.. العلاج هو الرجوع إلى هدى الله التزاما بالفرائض وأداء للزكاة، والابتعاد عن محاربة ذات الله بالقروض الربوية.. وهذا لا يعني أن هذا المزارع أو ذاك لا يشكي.. بالتأكيد المزارع يطالب الجهات المعنية بسرعة النزول الميداني للاطلاع عن قرب على مجمل ما تواجهه من مشكلات، وعمل بحوث ودراسات وتحليل بيانات بشكل دقيق.. كما يطالب بقدر كاف من الإرشاد والتوعية.
الثورة ماذا عنكم، أين تقفون من هذه الإرهاصات؟
-المدير التنفيذي. لبنيان: نختلف عن منظمات المجتمع المدني الأخرى في أننا نعمل على التمكين ولسنا مقاولين، نحن نبحث عن الإنسان وإمكاناته المحلية، ونعمل بالتعاون المشترك مع شركاء التنمية من الجانب الرسمي في الزراعة والجهات الرسمية ذات العلاقة بالتنمية والقطاع الخاص والمجتمع على إزالة المعوقات وتذليل الصعوبات وتشكيل شبكة توعوية مستمرة ثقافيا وزراعيا وتنمويا.. الشروع العملي في البحث عن أسباب كل مشكلة، ومباشرة إجراء التجارب، مثلا، في تعيين نوعية المبيد المناسب، وتعيين الأسمدة المفيدة، وتحديد هويتها ومدى فعاليتها، فالعمل على توفير الكميات المطلوبة قبل موعد الرش الوقائي/ العلاجي الذي يتحدد من قبل الوقاية والبحوث ويتأكد بالتجارب الدقيقة توفر ضمانات النجاح.
الثورة ما الذي تعملون على تحقيقه بالتنسيق مع الحكومة ممثلة بوزارة الزراعة والسلطات المحلية والمجالس المحلية وبقية الشركاء في التنمية على المستوى الرسمي والخاص والشعبي؟
-رئيس الزراعية العليا: اللجنة الزراعية والسمكية العليا تنسق في ما بين الشركاء وتخلق التعاون والشراكة لتحقيق الأهداف، ونجاحنا جميعا يتوقف على توفير ما تحتاجه عملية تفعيل المبادرات المجتمعية من وسائل المواصلات والنقل وتوفير الوقود والصيانة أو شق الطرقات- إن لزم الأمر- وذلك من أجل تسهيل التحرك في تنفيذ حملات التوعية الإرشادية والوقائية والبحوث أو الشق والاستصلاح الزراعي أو الحراثة، وتفعيل الإدارة العامة لوقاية النبات في توفير المبيدات والأسمدة المناسبة، ومساندتها بوحدة مجتمعية لتنفيذ حملات مكافحة الآفات، ويتم عقد اجتماعات دورية بين الجهات ذات العلاقة في السلطة المحلية مع فرسان التنمية ومتطوعي المبادرات المجتمعية لعمل خطط عمل مشتركة تضمن شراكة فعالة داخل شبكة تواصل سليمة وفق منهجيات واضحة على كافة المستويات وفي مجمل النشاطات التي نباشرها ونشترك فيها.
كما نعمل مع شركائنا في التنمية على تحفيز كل الجهات ذات العلاقة ونتشارك معهم في تمكين المجتمع اليمني من استغلال الموارد وعناصر الإنتاج الزراعية المحلية المتاحة من أرض وميكنة زراعية وتأهيل موارد بشرية في مجال زراعة واستصلاح الأراضي بالتركيز على زراعة الحبوب، ورعاية وتنمية الثروة الحيوانية والداجنة.
ومن أجل تعزيز مبدأ المشاركة المجتمعية نعمل بالتنسيق مع الشركاء على استنهاض روح العمل التعاوني والمبادرات الذاتية بين أبناء المجتمع لمواجهة العدوان والحصار، كما نعمل على إحياء العادات القديمة التي ميزت المجتمع اليمني عن غيره من المجتمعات وكانت تعرف بالغرم أو المضاهه…إلخِ، بالإضافة إلى تدريب وتأهيل المجتمع على كيفية ابتكار طرق ووسائل ذاتية لمواجهة شحة الإمكانيات على المستويين الشعبي والرسمي، ولما كان المجتمع اليمني قد تميز بما يختزنه من مبادئ تكافل وحب الخير للآخرين، ظهرت المبادرات الطوعية والذاتية فكان لها أثر في إحياء الموروث الحضاري لهذا الشعب العظيم.
هذه المبادرات قادرة على خلق وعي مجتمعي واسع بأهمية الزراعة بصورة عامة.. قادرة على أن تحول التحديات والمعاناة جراء الحصار والعدوان إلى فرص نجاح.. الأرض اليمنية واعدة بإنتاج مختلف أنواع الحبوب كما هو الحال بمحافظة الجوف كنموذج واعد بالعطاء.. المحافظة بدأت في إنتاج محاصيل القمح بجودة عالية وبكميات كبيرة، وبالتأكيد أن نجاح هذا النموذج قابل للتعميم على ربوع اليمن.. كما يعتبر الاكتفاء الذاتي من الفواكه والخضروات في بلادنا حافزا كبيرا نحو الوصول إلى التحدي الكبير والمتمثل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وبقية المحاصيل الزراعية.
الثورة الحصار منع دخول الكثير من المدخلات الزراعية، ومنها الأسمدة، ما هي البدائل من وجهة نظركم؟
-المدير التنفيذي. لبنيان: منع الحصار دخول الأسمدة وخاصة «سماد اليوريا»، حفز مهتمين ومبتكرين نحو إنتاج بدائل؛ فريق منهم لجأ إلى استخدام الزراعة العضوية التي تمثل اليوم توجهاً عالمياً وخاصة في الدول المتقدمة بعد ما ظهرت الكثير من المشاكل والأمراض على النبات أو الحيوان أو الإنسان الناجمة عن آثار استخدام المبيدات والمواد الكيمائية، وتتمثل الزراعة العضوية في اتباع الطرق والأساليب والممارسات الزراعية الصحيحة والسليمة في كافة العمليات الزراعية والإنتاجية حيث كان الآباء والأجداد لا يستخدمون المبيدات قديما، وكانوا لا يعانون من ظهور أمراض وحشرات على محاصيلهم، وقد حان الوقت لإعادة هذا الموروث الزراعي التقليدي اليمني الأصيل، وتعميم تجاربه ومحاولة إنتاجه علميا.. هذا التوجه من شأنه إعادة العملية الزراعية إلى الوضع الطبيعي.
ولجأ فريق آخر إلى تبني المكافحة الحيوية وهي الاعتماد على الأعداء الطبيعيين من الحشرات والتي تتغذى أصلا على حشرات وآفات زراعية تضر بالنباتات، هؤلاء الأعداء الطبيعيون كادت أن تنقرض آثارهم بسبب استخدام المبيدات الكيمائية بطرق عشوائية أو بمقادير ارتجالية.
وثالث لجأ إلى إنتاج الأسمدة والمخصبات الزراعية من مخلفات النباتات والأطعمة، فهناك مشاريع قيد التنفيذ تعمل على إنتاج الأسمدة والأعلاف من مخلفات الأطعمة في المطاعم، وكذا أسمدة من مواد محلية طبيعية نباتية، حيث تمكن بعض الشباب من استخلاص مبيد طبيعي من أشجار النيم (المريمرة).. المدخلات الجديدة المنتجة محليا من الأسمدة والمبيدات ما تزال في مرحلة التطور والاختبار، وقد لا تقارن حاليا بالأجنبي، لكنها تتقدم بسرعة، لذلك نقوم بعرضها لخلق الأمل والحافز لدى المبدعين للتقدم نحو الأمام، وبالتأكيد سنشرك المزارع بجمعياته ومبادراته مع المبدع في الإدارة العامة لوقاية النبات مع الهيئة العامة للبحوث الزراعية مع التجار، لإنتاج منتجات يمنية صالحة كي نصل للغاية في الاستغناء عن الخارج.
الثورة تركزون بالتحديد على الجانب الزراعي أكثر من مجالات التنمية الأخرى.. لماذا؟
-رئيس الزراعية العليا: الاكتفاء الذاتي في كل مجالات الحياة هدف استراتيجي نسعى إلى تحقيقه، لأن ذلك يحقق السيادة واستقلال القرار «فمن يملك قوته يملك قراره».. هذه الحقيقة نسعى مع الشركاء إلى تطبيقها على أرض الواقع من خلال الاهتمام بالزراعة وتشجيع المزارعين على التوسع في زراعة الحبوب بشكل خاص في ظل استمرار العدوان والحصار على بلادنا، وإمعانه في الحصار لمحاولة تركيع وتجويع أبناء الشعب اليمني، وكيفية استغلال الفرص والموارد الطبيعية المتاحة والميزة الزراعية التنافسية لكسر مخططات العدوان والاعتماد على الذات لكسر الهيمنة الأمريكية الصهيونية، من خلال التنمية الزراعية وصولا لتحقيق الاكتفاء الذاتي.. وهنا يأتى دور كل قيادات المجتمع في حشد الجهود نحو جبهة الزراعة وتحفيز الناس على الاهتمام بالزراعة وتفعيل المبادرات والاتجاه نحو زراعة الحبوب.