عدن.. مدينة الانفلات الأمني والجريمة المنظمة

الثورة /
مثَّل الانفلات والفوضى الأمنية والعبث والنهب والسرقة والاختطاف وانتشار المخدرات، الصورة الأبرز التي جلبها تحالف العدوان منذ دخوله إلى مدينة عدن، وحتى اليوم.
وتأتي الانفجارات التي حدثت في مطار عدن أمس الأول قبل يوم من انتهاء العام بالتزامن مع وصول وزراء حكومة المرتزقة والتي راح ضحيتها نحو 25 شخصا ، امتدادا لما عاشته وعانت منه مدينة عدن وبقية المحافظات الجنوبية المحتلة خلال السنوات الماضية،وقد شهد العام 2020م تفشيا كبيرا للجريمة بكل مستوياتها، بالإضافة إلى عودة عمليات الاغتيالات واختطاف الفتيات، في ظل صمت ولامبالاة من السلطات الأمنية التابعة لحكومة الفنادق والمجلس الانتقالي التابع للإمارات.
وفي الوقت الذي اعتقد سكان عدن أن مدينتهم، التي لُقِّبت بـ”عاصمة الاغتيالات”، قد تجاوزت مرحلة شهدوا خلالها سقوط العشرات في جرائم اغتيال أرهقت المدينة منذ العام 2015، إلا أنهم فوجئوا بعودة مسلسل الاغتيالات ليحصد أرواح مسؤولين ومواطنين أبرياء.
مسلسل الاغتيالات الذي كانت المنظمات الحقوقية قد رصدت أكثر من 200 حادثة اغتيال، طالت قادة عسكريين وخطباء مساجد، وقُيِّدت في مجملها ضد مجهولين، عاد بقوة خلال العام 2020م وبأسلوب يشير إلى أن العمليات تُدار، ويتم تنفيذها من قبل عناصر أمنية ومسلحين محسوبين على تيارات وكيانات سياسية تمسك بزمام السلطة.
ورغم أن الكثير من المراقبين أرجعوا عودة عمليات الاغتيال في مدينة عدن إلى خلافات سياسية وعسكرية بين تيارات وأجنحة متصارعة داخل الكيانات السياسية والفصائل المسلحة، إلا أن آخرين اعتبروا فشل تنفيذ اتفاق الرياض، ومساعي أطراف سياسية لتحقيق مكاسب سياسية من خلال المشاورات؛ أهم الأسباب التي وقفت وراء عودتها.
وبالعودة لقراءة المشهد السياسي والأمني الذي عاشته مدينة عدن وبقية المحافظات الجنوبية، فسنجد أن عمليات الاغتيال انقسمت إلى نوعين، لكنهما وإن بدا أنهما مختلفتين إلا أن أسلوب تنفيذهما والنتائج المترتبة على نجاحهما تشير إلى أن الجهة التي تقف وراءهما تبقى واحدة، وإن تعدّدت الجهات الموكل إليها التنفيذ.
وإذا كانت عمليات الاغتيال التي شهدتها عدن خلال الفترة الماضية قد جاءت متزامنة مع سيطرة القوات الإماراتية على المدينة وعدد من المحافظات، وتبريرها بفشل سلطات حكومة فنادق الرياض وعجزها عن إدارة الملف الأمني، عودتها في العام 2020م جاءت متزامنة مع سيطرة مليشيات المجلس الانتقالي على المدينة، وبعد فرار حكومة هادي، ما يشير إلى أن السيناريوهات الإماراتية القديمة تم استحضارها من قِبل الانتقالي، وتنفيذها ضد خصوم ومعارضين لتوجهاته السياسية داخل مكون مليشيات الانتقالي نفسه.
اختطاف الفتيات
الانفلات الأمني الذي شهدته وتشهده مدينة عدن لم يتوقف عند حدود الاغتيالات والتصفيات السياسية، بل تجاوزه إلى تصاعد وتيرة ظاهرة الاختطافات، ما يكشف عن جريمة مُنظَّمة ومُمنهجة تتم برعاية أطراف قوية ذات تأثير في مكونات المشهد الجنوبي.
وتحوّلت ظاهرة اختطاف الفتيات من شوارع مدينة عدن إلى هم يومي ورعب يعيشه أبناء المدينة وحديثا يتناقله الشارع الجنوبي من أقصاه إلى أقصاه، خاصة بعد أن تطورت الظاهرة لم تَعُد أحداثًا ووقائع استثنائية وتنامت بشكل رهيب يبعث على الخوف في أوساط المجتمع.
وفي الوقت الذي أثارت الظاهرة الكثير من التساؤلات حول من يدير عمليات الاختطاف؟ ومن يقف خلفها ويموِّلها؟ في ظل توارد أنباء يتم تداولها منذ العام 2018م عن رعاية الإمارات لشبكات دعارة رسمية في عدن، نقلت وسائل إعلام خليجية عن أطراف محلية في المحافظات الجنوبية اتهامها لقوات المجلس الانتقالي -التابعة للإمارات- بالوقوف وراء عمليات اختطاف البنات بعدن، بهدف ابتزازهن وإجبارهن على العمل ضمن “شبكات دعارة” يرعاها ضباط إماراتيون.
وفي ذات الشأن أكد مكتب منظمة الأمم المتحدة صحة جزء كبير من المعلومات التي تم تداولها حول قيام الإمارات بتصفية عشرات الأشخاص الذين كانت تستخدمهم لممارسة الدعارة عبر مواد كحولية سامة بمدينة عدن، للتغطية على فضيحة الضباط الإماراتيين في ممارسة الدعارة واغتصاب الفتيات.
وأشارت تقارير نشرتها منظمات محلية ومؤسسات مجتمع مدني بالتزامن مع المكتب الأممي؛ إلى أن ما يقارب 13 شخصاً تعاطوا المواد السامة التي حصلوا عليها من مقر قيادة التحالف بالبريقة، وأن ضباطاً إماراتيين سلَّموها لهم كمكافأة، بحسب اعترافات لبعض الناجين.
ولفتت التقارير إلى أن الضباط والجنود الإماراتيين صوّروا الضحايا بأوضاع مُخِلَّة، لاستخدام ذلك كورقة ضغط وابتزاز وضمان التَّكتُّم على الجريمة.
وبحسب تقارير لمنظمات حقوقية وناشطين جنوبيين ، فإنه لم يكد يمرّ يوم إلا وتُسجَّل فيه عملية اختطاف فتاة أو طفل من شوارع مدينة عدن، وتُقيَّد وقائع اختفاء فتاة ذاهبة إلى العمل أو أخرى في طريقها لشراء حاجيات لأُسرتها، ما يوحي بوجود إرهاب مُنظَّم ترعاه دول ذات سجل غير مُشرِّف في هذا المجال، وأن جهات ذات علاقة بدول تحالف العدوان تقوم بتنفيذها.

قد يعجبك ايضا