> نشر مشاهد من الجريمة النكراء يحفز الأسر على مراقبة سلوك أبنائهم وحمايتهم من الأفكار الضالة
من يقوى على نسيان تلك المشاهد المرعبة التي بثتها القنوات الرسمية التي لعب فيها المجرمون دور البطولة بحسب مفهومهم المغلوط لمعنى الدين دين السلام وليجسدوا صور القتل والإجرام بأبشع صورة حين قتلوا الأبرياء بدم بارد دون أن يرتبكوا أي إثم سوى أنهم تواجدوا في مستشفى العرضي يوم قرر هؤلاء نزع آدميتهم وارتداء قناع الوحوش الضارية التي لا تميز بين أحد حين تجوع هذه هي الحقيقة وإلا كيف نفسر استمتاع أفراد تلك العصابة بالقتل¿ تفاصيل أكثر عن الجوانب النفسية لدى هؤلاء المجرمين وخلفياتهم الإجرامية نتابعها على لسان أطباء نفسيين ومختصين في علم النفس الجنائي.. نتابع:
أصابنا الذهول وغمرتنا الدهشة عندما رأينا مقطع فيديو العمل الإجرامي هذا ما قاله عبدالعزيز قائد موجه في وزارة التربية والتعليم ويضيف: هذا العمل الإجرامي الذي قلما حدث مثله في تاريخ البشرية بضعة أشخاص تجردوا من كل قيم الإنسانية وبحق أبرياء عزل من السلاح وأطباء كالملائكة ومرضى يتمنون الشفاء والعافية وطفلة بريئة لا تستطيع أن ترد رصاصات المجرمين وأجزم هنا بأن هؤلاء المجرمين القتلة لا علاقة لهم بالإسلام ولا يفقهون منه شيئاٍِ فالإسلام حرم قتل النفس وأوصى بالرحمة وتعزيز العلاقات الإنسانية ومشهد كهذا يجعلنا نتساءل من أين أتى هؤلاء المجرمون بكل هذا الشر ومن الذي حولهم إلى دمى بشرية توزع الموت المباغت والمجاني على الأبرياء سؤال لا بد له من إجابة استمر عبدالعزيز في سرد تفاصيل وأسئلة لطالما حيرته ولكنه لم يجد تفسيراٍ مقنعاٍ سوى أن هؤلاء من المجرمين يعتقدون أنفسهم على الصراط المستقيم نظراٍ للأفكار السامة والهدامة التي تغلغلت في عقولهم ومن وجهة نظره لن ننجح في محاربة الإرهاب والإرهابيين إلا إذا قمنا بتجفيف منابع هذا الفكر الباطل ودحره مع العلم بأن هذه الصور المؤلمة كشفت حقيقتهم الدموية ضد كل ما هو إنساني وكشفت حقيقة جهادهم المزعوم الذي لا يحصد إلا الأبرياء والنساء والأطفال وما قام به أولئك المجرمون يبعد كل البعد عن دين الإسلام الذي هو في الأساس دين للسلام والأمن والرحمة ومثال يقتدى به في الإخاء والتسامح.
مدمنو مخدرات
جلال العماد صيدلي يروى لنا الأسباب التي أدت إلى زوال إنسانية منفذي الهجوم من وجهة نظره يقول: لا شك بأن من رأى هؤلاء وهم يقتلون بهذه الطريقة قد أيقن بأنهم يتعاطون المخدرات التي تجعلهم خارج الوعي والإدراك فمثل هكذا جنون وتوحش لا يقوم به إلا من ذهب عنه عقله ولا يستبعد تعاطي هؤلاء لبعض العقاقير والأدوية الخطيرة ومن المعروف بأن هناك أنواع من الأدوية تعطى للمقاتلين في الحروب تجعلهم يفقدون وجدانهم ومشاعرهم ولها خاصية في عملية التهدئة ومنع الخوف ومن أهم هذه العقاقير الطبية (BENZODIAZHINE) والذي يستخدم بكثرة عند هذه الجماعات الإرهابية وهذا ما أثبتته بعض التقارير عن تعاطي أفراد القاعدة في أبين لهذا النوع كما أن هذه العقاقير في الأصل تعطى للمرضى قبل إجراء العمليات الجراحية كجزء من عمليات التخدير ولعمليات استرخاء العضلات وللعلم فهذا العقار يجعل متعاطيه مائلاٍ للعنف والاعتداء على الآخرين وارتكاب جرائم جسيمة كذلك منبه (ADRENALINE) والذي له التأثير الكبير حيث يشعر من يقوم بتعاطيه بالقوة وعدم الخوف واللامبالاة وعدم الاعتبار بالمشاعر الإنسانية ويستخدم هذا العقار في الحروب ليزيل الخوف عن المقاتلين لكي يمنعهم من التراجع أثناء المعركة ويجعلهم في أوج النشاط والانتباه وهذا العقار يستخدم في حالات أمراض القلب لتنبيهه وإعادة نشاطه وهذه الأدوية لا تباع إلا بوصفة طبية محدودة الفترة وليس بشكل دائم.
ومضى يقول: وهناك العديد من العقاقير الخطيرة المستخدمة في هذا المجال والتي لا نستطيع ذكر أسمائها لكي لا نقوم بالترويج لها ومن قراءتي لما حدث في مستشفى وزارة الدفاع أؤكد بأن هؤلاء كانوا في إدمان وتعاطُ سواء للمخدرات أو العقاقير الطبية التي منها ما يعادل مخدر (الكوكايين) كما أشرنا سلفاٍ والمستخدمة في أمراض القلب.
غسيل دماغ
التحليل النفسي والإعلامي لهذه المجزرة البشعة يعزز قناعات الناس بأن الأمر تجاوز الطبيعي في هذا السياق يرى أستاذ علم النفس الإعلامي بجامعة صنعاء الدكتور عبدالرحيم الشاوري أنه من خلال المشهد المروع الذي شاهده الناس بالصوت والصورة تبين أن هناك من كان يقوم بالاتصال يسير هؤلاء القتلة ويسيطر عليهم سيطرة كاملة سواءٍ باستخدام العواطف الدينية حسب مفهومهم وتفسيرهم لآيات الجهاد على الكيفية التي يريدونها وفي مجال الأهداف التي يحاولون أن يحققوها من فئة الشباب التي ليس لها حظ من العلم والثقافة والوعي ولا شك ولا ريب بأن من قام بهذه العملية الإجرامية قد تم غسيل أدمفتهم فهم مسلوبو الإرادة وأشخاص تم تعبئتهم بأفكار معينة ويقومون بتنفيذها طاعة لما يسمى لديهم بالأمير باعتقادهم أنه من الأولياء الصالحين والذي يقيم شرع الله لذا فهم ينفذون أوامره بدقة وبالحرف الواحد لأنهم مسلوبو الإرادة والتفكير.
ويتابع الشاوري بالقول: لا يمكن أن نطلق على هذا العمل الدموي أي مصطلح كونه لا إنسانياٍ وكأن ما حدث من قبل هؤلاء المهووسين بالقتل عبارة عن مجموعة من البشر تتحرك بالريموت كنترول جرى تهيئتم نفسياٍ وبما يسمى بالفكر العقدي الفكر المحصور الذي لا يفهم غيره ولا يمكن أن يسمح برأي مخالف لفكره.
وبصراحة كان لبث هذا الفيديو وقعاٍٍ إيجابياٍ لأنه يظهر للرأي العام ومستقبل الرسالة مدى بشاعة هؤلاء الناس وخطورتهم على الأمن والسلم الاجتماعي فعندما يشاهد رب الأسرة هذه المشاهد لهؤلاء المجرمين وهم يقتلون ملائكة الرحمة والمرضى والأطفال بهذا الشكل الشنيع يبدأ بالتفكير في إعادة تربية ومراقبة سلوك أبنائه وحمايتهم من الأفكار الضالة ولا يمكن بأي حالُ من الأحوال بأن يكون من قام بهذا العمل شخصية سوية بل إنه شخصية منحرفة ومسلوب الإرادة لذا يجب على كل قطاعات المجتمع التكاتف ضد الإرهاب ومحاربته بكل الوسائل الممكنة.
التحدي الصعب
العميد الركن الدكتور عبده العريبي مساعد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية للشؤون العربية والدولية يرى إمكانية تضاعف الأعمال الإرهابية بسبب وجود الكثير من قوى الممانعة التي لا تريد أن يخرج مؤتمر الحوار الوطني إلى خط النجاح ولذا فهذه الأعمال تحاول عرقلة التسوية السياسية وما حصل في مستشفى وزارة الدفاع يعتبر من أحد الأعمال النوعية للإرهاب الذي لا دين له ولا تاريخ.
ويضيف: هذا العمل الإجرامي فرض تحدياٍ كبيراٍ على الدولة بأن تقف بمسؤولية أمنية وعسكرية لتعزز من طبيعة الاجراءات على مستوى الأمن لأن الإرهابيين أصبحوا يمارسون أساليب مبتكرة ومتطورة وبالتالى يجب أن يكون لدى المؤسسة العسكرية والأمنية أساليب أكثر تطوراٍ وتقنية وحداثة وهذا يفرض إعادة تقييم المنظومة الأمنية بصورة حديثة بحيث تكون عناصر المعلومات حاضرة إلى جانب عنصر الحس الأمني والتعامل السريع مع مثل هذه الأعمال وردعها.
ويضيف بالقول هذه الأعمال الوحشية التي أظهرها هؤلاء المجرمون تنم عن حقد دفين ولو لاحظنا في الفيديو ذلك الشخص الذي كان يصعد في سلم الدرج وكأنه ريبوت يدل على أن هذه العناصر خضعت لفترات من التدريب والتخدير والتلقين ولا يستبعد بأنهم قد تعاطوا بعض الأدوية والمخدرات التي جردتهم من أبسط القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية وهنا نطالب الأحزاب والقوى السياسية بوقفة موحدة وتاريخية حول عمل وطني يضع حداٍِ للعنف كذلك دور المسجد والأسرة والإعلام للوقوف صفاٍ واحداٍ ضد الإرهاب.
كشفت حقيقتهم
هذا الاعتداء حيواني بهذه الكلمات بدأ سعيد عبيد الجمحي باحث ومختص في شؤون الإرهاب حيث قال: بث هذا الفيديو وهذه الصور المؤلمة أثارت استياء شعبياٍ كبيراٍ غير مسبوق وكشفت عن كثير من الجوانب المظلمة لدى هؤلاء الذين قاموا بهذه الجريمة البشعة وتابع: صحيح أن هناك من اعترض على نشر هذا الفيديو على اعتبار أنها قد تثير آلام ذوي وأهالي الضحايا ولكن هذه ضرورة للكشف عن وحشية هؤلاء المجرمين إضافة إلى قطع الطريق على من يروجون أن هناك تضخيماٍِ للجريمة في العرضي بعد أن اتضح من خلال الفيديو بأن الواقع أكبر مما يتصور الناس خاصة عندما يشاهدون شخصاٍ يدعي الإسلام ويدعي أنه يريد اقامة خلافة إسلامية وأنه يريد شهادة في سبيل الله فيشهر سلاحه في وجه امرأة ويطلق عليها الرصاصات في الرأس وأطباء يقومون بعملهم الإنساني وذلك المتوحش الذي رمى بقنبلته على أولئك الأبرياء هذه المناظر لم نعتد عليها في اليمن ولا نستطيع حتى أن نصفها بالإنسانية وأنا أتصور لو أن حيواناٍ هاجم بعض الضحايا لن ينزل فيهم قتلاٍ مثل أولئك المجرمين.
مقاطع الفيديو التي بثت في وسائل الإعلام تثبت يقينا بأن هؤلاء من المجرمون لا صلة ولاعلاقة لهم بالإسلام وهنا يقول سعيد الجمحي: لقد ذهبوا للقتل في المستشفى المكان الذي توهب فيه الحياة ليقتلوا بوحشية مفرطة كل من يصادفونه وكل ذلك تحت غطاء الدين فيما الدين بعيد منهم ولنا أن تتأمل الآية: وهي قوله تعالى (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره) وهنا يقول الله لنبيه إذا استجارك أحد من المشركين فعليك أن تجيره ولكن هؤلاء الوحوش لا تطبقون القرآن وشريعة الله حتى مع المسلمين والأبرياء.
علم النفس الجنائي
فيما يحدثنا الدكتور حسن مجلي أستاذ علم النفس والقانون الجنائي في جامعة صنعاء عن الرأي النفسي والجنائي لهذه الجريمة حيث يقول: هؤلاء المجرمون يعتبرون مخدرين فكريا وهذا التخدير يضاهي التخدير الجسدي وهو أخطر وأشد كون هذه الأفكار الإرهابية والظلامية التي سخت في عقولهم قد انتزعت منهم إنسانيهم وجعلتهم كالوحوش تماماٍ وهذه الجريمة لا مثيل لها في تاريخ اليمن وهي ليست حادثة وإنما جريمة وأنا استغرب عندما يتحدث الناس بأنها حادثة كما أن هذه الجريمة تدل على أن من نفذها عبارة عن وحوش بشرية مصدر وحشيتهم تشبعهم بالفكر التفكيري الذي يجعل الآخرين جميعهم أعداء والذي يجعل هؤلاء الوحوش يعتقدون بأنهم هم الذين يمتلكون الحقيقة.
ويضيف سياسيا هؤلاء عبارة عن جماعات إسلام سياسي هدفهم الاستيلاء على السلطة وإقامة ما يسمونه الخلافة الإسلامية مع أن أعمالهم لا صلة لها بالمسلمين والإسلام فهم يريدون تحويل اليمن إلى أفغانستان آخر يسود فيها الإرهاب والفكر الظلامي المتخلف.