انقلاب عسكري في ميانمار يطيح بالحكومة والقائد الأعلى رئيساً مؤقتاً

 

أطاح الجيش البورمي بالحكومة في ميانمار في انقلاب عسكري وتعيين قائد الجيش مين أونغ هلانغن، رئيسا مؤقتا للبلاد، واعتقال رئيسة الحكومة أونغ سان سو تشي ومسؤولين كبار آخرين.
وأعلن الجيش البورمي حال الطوارئ لمدة عام، وقال في بيان نشر عبر القناة التلفزيونية العسكرية إن هذه الخطوة ضرورية للحفاظ على “استقرار” الدولة، واتهم اللجنة الانتخابية بعدم معالجة “المخالفات الهائلة” التي حدثت، على حد قوله، خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر وفاز بها حزب أونغ سان سو تشي بغالبية ساحقة.
وبحسب وكالة “أسوشيتد برس”، نقل تلفزيون “مياوادي” المملوك للجيش في ميانمار بيان للجيش قال فيه إن “السلطة نقلت إلى القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنرال مين أونغ هليانغ”.
وكان متحدث باسم حزب الرابطة الوطنية للديمقراطية الحاكم في ميانمار قال أمس، إن زعيمة البلاد أونغ سان سوكي وشخصيات بارزة أخرى من الحزب اعتقلوا في مداهمة في الصباح الباكر.
تأتي الخطوة بعد أيام من توتر متزايد بين الحكومة المدنية والجيش أثار مخاوف من انقلاب في أعقاب انتخابات وصفها الجيش بأنها مزورة.
من جهة أخرى أعربت الأمم المتحدة وعدد من الدول عن قلقها إزاء الانقلاب العسكري الذي شهدته ميانمار صباح أمس الاثنين، داعية للعودة إلى المسار الديمقراطي، في حين اكتفت دول أخرى بالقول إنه “شأن داخلي”.
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدة باحتجاز مستشارة الدولة أونغ سان سوتشي وغيرها من القادة السياسيين في ميانمار، معربا عن قلقه البالغ حيال نقل جميع السلطات في البلد إلى الجيش.
وقال متحدث باسم غوتيريش في بيان له إن التطورات الجارية في ميانمار تمثل ضربة خطيرة للإصلاحات الديمقراطية، وحث غوتيريش القيادة العسكرية على “احترام إرادة شعب ميانمار” و”حل الخلافات من خلال الحوار السلمي”.
من جانبه، استنكر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل استيلاء الجيش على السلطة في ميانمار وحثه على الإفراج عن جميع المعتقلين، مطالبا بـ”احترام نتيجة الانتخابات واستعادة العملية الديمقراطية”.
وكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عبر “تويتر”: “أدين الانقلاب والاعتقال غير القانوني للمدنيين بمن فيهم أونغ سان سو كي في ميانمار.. يجب احترام (نتائج) تصويت الشعب وإطلاق سراح القادة المدنيين”.
بدورها، دعت أستراليا جيش ميانمار إلى إطلاق سراح أونغ سان سو تشي والزعماء السياسيين الآخرين، متهمة إياه “بالسعي مرة أخرى للسيطرة” على البلاد.
وقالت وزيرة الخارجية ماريز باين في بيان لها: “نؤيد بقوة إعادة الانعقاد السلمي للجمعية الوطنية بما يتفق مع نتائج الانتخابات العامة في نوفمبر 2020″.
وقالت اليابان إنها تدعم بقوة العملية الديمقراطية في ميانمار وتعارض أي تراجع عنها، داعية الجيش إلى إطلاق سراح أونغ سان سو كي وغيرها من المعتقلين و”استعادة الديمقراطية في أسرع وقت ممكن”.
وصرحت الخارجية الهندية بأنها تتابع التطورات في ميانمار بـ”قلق بالغ” وتعتقد أنه من الضروري “دعم العملية الديمقراطية” هناك.
وأعربت الخارجية الصينية عن أمل بكين بأن “تتمكن جميع الأطراف في ميانمار من إدارة خلافاتها بشكل صحيح بموجب الدستور والإطار القانوني وبما يدعم الاستقرار”.
وأشارت الخارجية الإيرانية إلى أنه “من المبكر الإعلان عن موقف طهران بدقة إزاء التطورات في ميانمار”، معربة عن الأمل في “احترام حقوق الأقليات والمسلمين هناك”.
وعبرت سنغافورة عن قلقها “البالغ” بشأن تطور الأوضاع في ميانمار وحثت جميع الأطراف على التحلي بضبط النفس والعمل من أجل التوصل إلى “نتيجة سلمية”.
ودعت الخارجية الماليزية جميع الأطراف في ميانمار إلى “حل أي نزاع انتخابي سلميا” وعبرت عن تأييدها “لاستمرار المناقشات بين قادة ميانمار لتجنب العواقب الوخيمة على شعب ميانمار والأوضاع في البلاد، لا سيما في ظل الوضع الصعب الحالي بشأن وباء كوفيد-19”.
وحثت إندونيسيا جميع الأطراف فى ميانمار على الالتزام بالمبادئ الديمقراطية والحكم الدستوري، مؤكدة أن جميع الخلافات الانتخابية يجب أن تعالج وفقا للآليات القانونية المتاحة”، ودعت إلى “ضبط النفس” وأن تلتزم ميانمار بمبادئ ميثاق “آسيان”.
في موقف مغاير، اعتبر عدد من الدول الإقليمية ما حدث في ميانمار “شأنا داخليا”، مثلما وصفه نائب رئيس وزراء تايلاند براويت وونغسوان للصحفيين ردا على طلب التعليق على انقلاب ميانمار.
وقال رئيس وزراء كمبوديا هون سين إن بلاده “لا تعلق على الشؤون الداخلية لأي بلد على الإطلاق، سواء كان عضوا في آسيان، أو أي دولة أخرى”.
من جانبه، أشار المتحدث باسم الرئيس الفلبيني إلى أن بلاده تعطي الأولوية لسلامة مواطنيها في ميانمار، وترى أن الأحداث هناك “شأن داخلي لن نتدخل فيه”.
وكانت الولايات المتحدة قد طالبت بإطلاق سراح القادة الذين اعتقلهم الجيش في ميانمار، متوعدة بالرد في حال رفض الجيش التراجع عن خطواته الانقلابية.
من جانبه أعرب البيت الأبيض عن قلقه، بشأن تطورات الأحداث في ميانمار.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في بيان، “تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ من التقارير التي تفيد بأن الجيش البورمي قد اتخذ خطوات لتقويض التحول الديمقراطي في البلاد، بما في ذلك اعتقال مستشارة الدولة أونغ سان سوكي ومسؤولين مدنيين آخرين في بورما”.
وأضافت، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن أطلع على التطورات التي حدثت في ميانمار.
وتابع البيان “الولايات المتحدة تعارض أي محاولة لتغيير نتائج الانتخابات الأخيرة أو إعاقة التحول الديمقراطي في ميانمار، وستتخذ إجراءات ضد المسؤولين إذا لم يتم التراجع عن هذه الخطوات”.
كما دعا وزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكن، جيش ميانمار للتراجع فورا عن هذه الإجراءات.
كما دعت وزيرة الخارجية الأسترالية، ماريس باين، إلى إطلاق سراح سوكي وآخرين قيل إنهم محتجزون.
وقالت ماريس: “نحن نؤيد بقوة إعادة الانعقاد السلمي للجمعية الوطنية، بما يتفق مع نتائج الانتخابات العامة في نوفمبر 2020”.
يذكر أن مين أونغ هلانغن، إلى جانب ثلاثة قادة آخرين في جيش ميانمار، أدرجوا على قائمة العقوبات الأمريكية منذ ديسمبر 2019، وذلك لـ”تورطهم في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان” ضد أقلية الروهينغا المسلمة في البلاد.
ولا تزال عدة دعاوى قضائيا ضد العسكريين المينماريين قائمة أمام محاكم دولية، بما في ذلك محكمة العدل الدولية.
وفي عام 2019 أيضا، حث محققون تابعون للأمم المتحدة زعماء العالم على فرض عقوبات مالية موجهة تستهدف الشركات المتعاملة مع جيش ميانمار.
وأدت حملة شنها جيش ميانمار عام 2017 إلى هروب أكثر من 730 ألفا من مسلمي الروهينغا إلى بنغلادش. وقال محققون أمميون إن عملية ميانمار تضمنت جرائم قتل واغتصاب جماعي وإشعال حرائق متعمدة على نطاق واسع وتم تنفيذها بنية “الإبادة الجماعية”.
ونفت حكومة ميانمار ارتكاب تلك الفظائع، مشيرة إلى أن حملتها العسكرية في شمال ولاية راخين كانت ردا على هجمات شنها مسلحون من الروهينغا.

قد يعجبك ايضا