الزّهراءُ البَتول رُوح وبِضعةُ الرسُول ..

 

مطهر يحيى شرف الدين

قبل الحديث عن الزهراء البتول بقيتُ أُحدّث نفسي عمّا سأكتبه و أدونهُ من تعبيرٍ يليق بمقام أمِّ المكارم والفضائل وديعةِ طَه وسرّهُ المكنون النور والقربى وريحانة الرسول وبضعة الروح والجسد المحمدي الشريف صلوات الله وسلامه عليه وآله الطاهرين ، ماذا يمكن أن تقوله أفواهنا وتحكيه ألسنتنا ونحن في حضرة سيدة نساء الدنيا والأخرى وسيدة نساء الأولين والآخرين من كان يقوم لها النبي إعظاماً وإكبارا ، ماذا باستطاعة الكاتب أن يكتب والباحث أن يبحث والمرءُ أن ينقل ويُحدّث عن النموذج الأوحَد للمرأة المؤمنة محرابُ مجتمع النساء الحرائر اللواتي ينشدنَ الحياء والطهر ويبحثن عن القدوةِ الحسنة والنموذج الحي الذي غُيّب عن الأمة المسلمة عدة قرون ، كيف يمكن للمرأة المسلمة أن تستلهم من حياة وسيرة وصبر الزهراء ثقافةً وسلوكاً ومنهجاً، وفعلاً كما قالت إحدى الزميلات الكاتبات ؛ لم نعُد نسمع عن الزهراء البتول في كل ما مضى من عقود من الزمن إلا القول النبوي المشهور
” واللّه لو سرقَت فاطمةَ بنت محمدٍ لقطعتُ يدها”
لكننا لم نسمع في مناهجنا السطحية عن حُب النبي العميق للزهراء ولم نسمع عن فضلها ومكانتها وقربها من أبيها صلوات الله عليه وآله، لم نعد ندرك المعنى العميق والدلالة الواضحة للتبيين والتفسير الذي يُثير ويسمو بمكانة الزهراء وعظيم فضلها ويثني على مقامها الشريف في قوله تعالى :
” فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ”
وذلك مما يشير ويؤكد على أن الزهراء عليها السلام هي الحُجة والبرهان على أعداء الله ورسوله والمؤمنين ،
وكما غُيّب فضل ومقامُ الزهراء في منهج الفكر الوهابي الدخيل علينا فقد غُيّبت مع ذلك السيرةُ الفاطمية و السلوك الفريد والأثر العلوي والتربية النبوية الواضحة آثارها وذكرها وضوح الشمس وجلائها والمشار إليها في القرآن الكريم في قوله تعالى :
“ويطعمونَ الطعام على حُبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا”
إنها الإنسانية والعطف والإيثار والرحمة تجلّت آثارها في خصال ومناقب البتول الزهراء ربّة البيت العلوي روحي ونفسي لها الفداء
لكن يأبى الزمان ويأبى الأعلام الهُداة من يحملون الفكر الإسلامي الصحيح إلا أن يُظهروا و يقوموا بإنصاف مثل تلك الشخصيات الخالدة ذكرها والباقية أثرها
ويبينوا للمجتمع الإسلامي قديمه وحديثه مقام ومكانة شخصية عظيمة هي أسمى من السمو في فضلها وقُربها من خير خلق الله وهي بنت الهدى وباب العلي الأعلى وهي حضن ودفء أهل الكساء وآل بيت النبوة ،هي بنت نبي الله وسرور وبهجة أبيها وقرة عينه ، هي غيرةُ وحميةُ الإمام علي وشجاعته وقوةُ إيمانه وصلابته ، وهي مصدر سماحةِ وخُلق الإمام الحسن وعزة وكرامةِ ابنها الإمام الحُسين عليهم السلام، هي التقية الطاهرة المغيبة تحت أثواب الثرى والكوكب الدُّري في سماء الله وعليائه ،هي أعجوبة الزمان والمكان بأرضه وفضائه ومحيطه الذي ازهر نوره باسم الزهراء ونورها ، ومن ذا يصلي ويسلم على رسول الله ولا يصلي ويسلم على البتول الطاهرة المطهرة ومن ذا يذكر العفة والطهر وزكاء النفس ولا يذكر تفاصيل تلك النعوت التي لا تكتمل أصولها ومعانيها إلا بذكر فضائل ومناقب ربّة البيت النبوي وأمان المنزل العلوي الهاشمي وهي الحصن الحامي للأسرةِ العلوية الحسينية الحسنية بالخُلق العظيم والقيم العُليا والفضائل السامية والسكينة والطمأنينة للأئمة الهداة الإمام علي وابنيه أبي عبدالله الحسين وأبي محمد الحسن عليهم السلام ، حين نتحدث عن الزهراء فنحن نتحدث مشكاة نور الله جل في عُلاه وريحانة سدرة المنتهى أكبر حُجج الله على خلقه ، صلوات الله وسلامه على أبيها سيد الأنبياء والمرسلين وعلى البتول المتفردة بالخصائص الفاطمية من بنورها وميلادها سُرّت جميع الخلائق واطمأنت نفوس البشرية ، كيف لا وهي كلمة التقوى والعروة الوثقى المفطومة عن النقائص من أذهب الله عنها الرجس وطهرها تطهيرا ،
ولذلك وأمام عدم امتثال وتأسي المجتمع الإسلامي وبالذات المرأة المسلمة بالنموذج الفاطمي و بشخصية الزهراء العظيمة واتخاذها سيرةً وسلوكاً ومدرسة فإنها وبلا شك ستجد أمامها ثقافاتٍ غربية منحطة وامرأةً ماجنة مبتذلة كسلعةٍ رخيصةٍ تباع وتُشترى أُريدَ لها أن تكون هي المثال والأسوة ،ويكفي تلك العقود من الزمن أن سادها المنهج الدخيل الذي تعمّد تغييب شخصيات وأعلام أهل البيت عليهم السلام ..

قد يعجبك ايضا