إيضاح وبيان في مقاطعة بضائع دول العدوان (2)

عدنان الجنيد
تعريف كلمة (المقاطعة) :
كلمة (المقاطعة) مصدر من الفعل (قاطع ) يقاطع مقاطعة ، تقول : فلان قاطع فلاناً إذا هجره، قال الراغب : ” وقطع الوصل هو الهجران ، وقطع الرحم يكون بالهجران ومنع البر ” (1)
قلتُ : إن معنى كلمة المقاطعة -في جميع القواميس العربية- لا تخرج عن
” المنع والهجران والإبانة ” (2) .
وفي القواميس الحديثة نجد كلمة (المقاطعة) قد اتسعت دائرة معناها ، ففي المعجم الوسيط جاء فيه ما نصه : ” قاطع فلاناً : هجره ، والقوم : امتنع عن التعاون معهم وحرم الاتصال بهم اقتصادياً أو اجتماعياً وفق نظام جماعي مرسوم ، ويقال : قاطع بضائعهم ومنتجاتهم ( محدثة ) … ” (3).
والتعريف الشرعي (للمقاطعة) لا يخرج عن معانيها اللغوية التي ذكرناها آنفاً، فهي شرعاً : قطع أي صلة بين المسلمين وبين أعدائهم، والامتناع عن معاملتهم اقتصادياً، وعدم التعاون معهم في أي مجال من المجالات، ويكون ذلك وفق نظام جماعي بهدف ردعهم وزجرهم وتغيير سياستهم التي تقوم على إفساد الشعوب واضطهادهم وقتلهم ونهب ثرواتهم والسيطرة على أراضيهم ومقدراتهم …
إن مقاطعة بضائع ومنتجات دول الاستكبار وأحذيتها من دول العربان التي شاركتهم ومونتهم وساعدتهم على قتل المسلمين لهي من الأمور الضرورية التي يوجبها ديننا ويحتم على القيام بها إيماننا..
فلا ينبغي لأي إنسان -بحالٍ من الأحوال- أن يشتري منتجات الدول التي تقوم بقتل الشعوب، وتصادر حرياتهم، وتنتهك حقوقهم، وتستعمر أرضهم، فإن ذلك يُعدُّ إعانةً ودعماً لاقتصادهم …
وكذلك لا يجوز -تحت أي ظرفٍ من الظروف- استثمار الأموال في بلدان أعداء الإنسانية، حيث نرى الكثير من التجار يودعون أموالهم في بنوك الدول التي تعادي الإسلام والمسلمين ، وهذه طامة كبرى بُلي بها تجار المسلمين ، وفعلهم هذا يُعدُّ من المحرمات الكبيرة؛ لأنهم لا يدركون أنهم بعملهم هذا يمثلون عاملاً داعماً في تقوية اقتصاد الأعداء الذي -من خلاله- تقوم به مؤسساتهم ومجالاتهم العسكرية التي يسخرونها لضرب الشعوب الإسلامية والإنسانية …
لقد كان الأحرى بتجار المسلمين أن يستثمروا أموالهم في بلدانهم الإسلامية، لا في بلدان أعداء الإسلام والإنسانية.. لهذا أدعو _عبر هذا المنبر الفكري الحر- أصحاب الأموال، سواء كانوا أفراداً أو مؤسساتٍ أو حكوماتٍ، إلى سرعة سحب أموالهم من بنوك دول العدوان، وإيقاف الاستثمار فيها ، فبلدانهم الإسلامية بحاجة ماسة إلى أن ينهض اقتصادها، ويقوى بنيانها، وتظهر ثرواتها، وتسعد بها شعوبها، ويُقضى على البطالة فيها..
فكما أسلفت آنفاً أنه لا يجوز، بل يُحرم دعم اقتصاد دول العدوان، سواء باستثمار الأموال في بلدانهم، أو شراء بضائعهم ومنتجاتهم؛ لأن أرباحها جميعاً تُستخدم في قتل المسلمين..
وإنه لمن الواجب على جميع المسلمين – اليوم – أن يعلنوا بكل جدية وصرامة واقتناع عن مقاطعتهم -قولاً وفعلاً- استيراد أو شراء كل منتجات وبضائع دول العدوان، أو استثمار أموالهم في بنوكهم ، فالمقاطعة من أعظم صور الجهاد فضلاً عن كونها أقوى وسيلة لضرب اقتصاد الأعداء..
وهناك أدلة على وجوب مقاطعة منتجات دول العدوان، وسوف نتناولها في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى .
الهامش
(1) ” المفردات في غريب القرآن “، للراغب الأصفهاني، ص 409 .
(2) انظر ” القاموس المحيط ” للفيروز آبادي، [ 2 / 1008 – 1009 ]، و ” لسان العرب ” لابن منظور، [ 8 / 276 ]، و ” مختار الصحاح ” ، ص 226 .
(3) ” المعجم الوسيط ” [ 2 / 745 ] ، الطبعة الثانية .

قد يعجبك ايضا