ثقافة المقاومة وقبْيَلة ترامب
أحمد المؤيد
ذات يوم كنت أتحدت مع فتاة إماراتية بداية العدوان عام 2015م, قالت انها بحثت عن حسابي في الفيس بعد أن رأت لي إحدى المقابلات القوية في قناة الـ” بي بي سي” .. ثم انبرت لمحاولة اقناعي ان العدوان في صالح اليمن وهو لإنقاذ اليمن من ايران وكيف أن الإمارات لديها مخطط لجعل اليمن مثالا يحتذى به في المدنية والنهضة والتطور, والعالمية , وكنت أقول لها هذا احتلال من قبل أداة صهيونية, بلدكم ليس إلا ذراعا صهيونيا أمريكيا في المنطقة, فكانت تقول ما معنى صهيوني ..!!
فصدمت قليلا, ثم قررت أن اصدمها بتقصيرها في المتابعة فأرسلت لها صورة فتاة فلسطينية يقتادها جنود صهاينة بلبسهم وعتادهم وأسمائهم باللغة العبرية واضحة على ملابسهم والفتاة للأسف من الخوف قد بللت نفسها, فقلت لها انظري .. ماذا يفعل المجرمون ..
فكتبت وبلهجة إماراتية تثير الغثيان (منو هذيلا ؟!!!) (وش فيهم ما سكينها چيه) ..!!!
انعقد لساني .. لا زالت بنت البعير تنتظر مني جوابا على سؤالها ؟! منو هذيلا .. وچيه ؟
تمالكت أعصابي .. وقلت لها ماذا ترين في الصورة ؟ قالت جنود .. قلت ايه جنود منين ؟ قالت وش دراني ..؟ ومنو هذي ؟
اقسم لكم بالله ساعتها .. تملكني غضب وبؤس وحزن .. وعرفت علامَ تربى جيل الإمارات منذ التسعينيات حتى اليوم, ذلك الجيل لا يعرف أساسا أن هناك قضية فلسطينية .. ولا يعرف أساسا ان هناك احتلالاً إسرائيلياً .. ولا يعرف أساسا أن هناك قضية عربية اسمها قضية فلسطين وأن القدس ثالث الحرمين وانه محتل من قبل الصهاينة .. لا يسمع في اعلامه شيئا من ذلك مطلقا ولا في المدارس ولا في الجامعات ولا في الشارع ..أبدا أبدا ..
وهنا نقارن بين مجتمعات المقاومة التي تربي وتثقف أبنائها على الكرامة والعزة ووجوب امتلاك القوة الذاتية في عالم لا يعرف إلا لغة القوة وعدم التفريط بالحقوق وان هذا هو ما تنتهجه كل شعوب الأرض الحرة، لاتينية أو أوروبية أو آسيوية في كل زمان ومكان .. وأن البديل هو الانبطاح ودفع المال والسؤال بكل بلاهة (منو هذيلا ..).
تذكرت قصة هذه الفتاة وأنا أرى الاحتفاء من قبل بعض عملاء الإمارات, وصمت شعبها الذي تمت تربيته وتثقيفه وتهيئته لمثل هذا اليوم .. ونتذكر كيف ان الكرامة إحساس ثم سلوك وموقف, فمن كان غائب عنه هذا الإحساس فلا يمكن حقنه به أو إعطاؤه على شكل حبوب وفيتامينات.
المضحك المبكي هو عبارات النخوة والكرامة والشهامة التي يصدع بها أولئك الأعراب رؤوسنا ليلا ونهارا, ثم نراهم يبيعون عروبتهم واخوانهم ومواقفهم ومبادئهم بالمجان .. مع انبطاحة قد تعتبر الأشهر في العصر الحديث ..
بينما نجد الفزعة والشهامة من قبل ترامب لصديقه نتنياهو في أعلى مستوياتها, فهو يفعل من أجله المستحيل ويقول له :
انا خويك لا عوى الذيب للذيب
وانا يمينك لا رقص كل شيطان
أنا معك سيفٍ على بعيد و قريب
وانا معك فوق المعادين طوفان