المهرولون نحو مستنقع التطبيع

 

عبدالفتاح علي البنوس

ليس بغريب سقوط دويلة الإمارات في مستنقع التطبيع مع الكيان الصهيوني ، فمنذ تولي المسخ المتصهين محمد بن زايد مهام قيادة الإمارات بالنيابة عن شقيقه خليفة الذي يصارع الموت ، بدأت السياسة الإماراتية تتجه نحو التصهين واليهودة ، زيارات سرية متبادلة بين مسؤولين إماراتيين وإسرائيليين ، لقاءات متبادلة ، وتناغم في التصريحات والمواقف، مشاركة إسرائيلية في المنتديات والمهرجانات والمسابقات والأنشطة الرياضية والتكنولوجية والفكرية والسياسية، مناورات عسكرية مشتركة ، تقارب في الرؤى والأفكار التي تصب في خدمة ومصلحة الكيان الإسرائيلي ، رحلات غير منتظمة لشركات الطيران الإسرائيلية من تل أبيب إلى دبي وأبو ظبي ، أصوات إماراتية صادحة بضرورة التقارب مع الكيان الإسرائيلي وحق الصهاينة في إقامة دولتهم المزعومة ، وضرورة تعايش الشعب الفلسطيني معهم ، وهناك من ذهب إلى الترويج للرواية اليهودية التي تدعي الهوية اليهودية لفلسطين والقدس الشريف ، إلى أن حصل بن زايد على الدعم والإسناد والحماية الأمريكية ليطل معلنا التطبيع مع هذا الكيان والتبجح بتضليل برج خليفة بالعلم الإسرائيلي والتباهي بذلك غير مبال بمشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم ، في مشهد يصور خذلان الله لهؤلاء النعاج الذين ظلوا يضحكون على فلسطين والفلسطينيين ويتاجرون بقضيتهم حتى فضحهم الله على الملأ ، وكشفهم على حقيقتهم.
سلطنة عمان كانت في مقدمة الدول العربية التي باركت هذه الخطوة الإماراتية ، والتي كانت قد سبقتها في وقت سابق ، متجاوزة حالة العدائية والكراهية التي تطغى على العلاقات التي تجمعها مع الإمارات ، التي تتهمها السلطنة بالتآمر عليها والتخطيط للانقلاب على نظام الحكم ، وكأن السلطنة تريد أن تأمن شر الإمارات، مستعينة بالكيان الصهيوني الذي ترى فيه الذي يمتلك القدرة في تهذيب السياسة الإماراتية والحد من شطحاتها ، وبدا واضحا من خلال تعاطي الفضائيات الخليجية حالة الارتياح جراء ذلك ، فقطر كانت السباقة في التطبيع مع الكيان الإسرائيلي ، ولحقت بها سلطنة عمان ، ومن ثم الإمارات ، وسيليها البحرين والسعودية ، وستلتحق بهم الكويت مكرهة لتفادي هبوب رياح التغيير العبرية التوجه ، السعودية التمويل ، لضمان حصول مجلس التعاون الخليجي على سبق الكيان العربي الأول الذي يعترف بالكيان الإسرائيلي.
وإذا ما أضفنا مصر والأردن والمغرب وجمهورية جنوب السودان، فإننا نلاحظ تساقط الأنظمة العميلة الواحد تلو الآخر في مستنقع العمالة والتطبيع والتصهين ، وباتت تتشكل ملامح المؤامرة التي تحاك ضد القضية الفلسطينية ، وصرنا نرى المهرولين نحو التطبيع يتزايدون في أوساطنا ، تحت إغراءات الثروة والسلطة ، ومن غير المستبعد أن نشاهد الكثير من الأصوات التي لطالما ارتفعت لمناصرة القدس والأقصى وفلسطين ، وهي تروج للتطبيع وتشرعن له وتدافع عنه وترى في ذلك ضرورة لا بد منها ، وغيرها من المبررات الواهية ، التي دأبوا على استخدامها لتبرير تناقضهم في المواقف والتصريحات ، ولكننا في الوقت ذاته نلاحظ حالة من الثبات في المواقف لدى محور المقاومة والأنظمة التي تحترم نفسها وشعوبها ، وتحترم القضية الفلسطينية وحق أبناء الشعب الفلسطيني في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس ، هذه المواقف التي جلبت عليها سخط البيت الأبيض وتل أبيب ، وعملت جاهدة على إشعال الصراعات وإذكاء الفتن وتغذية الخلافات والصراعات الداخلية فيها ، بغية تركيعها وإذلالها ، وهو ما عجزت عنه ، وفشلت فيه فشلا ذريعا ، فلا تزال القدس قضية محور المقاومة الأولى ، ولا مجال للتفريط بها ،
بالمختصر المفيد، مهما هرول المطبوعون وتسابقوا على كسب ود تل أبيب والبيت الأبيض ، ورفعوا العلم الإسرائيلي ، وتبادلوا مع تل أبيب فتح السفارات ، وتناغموا معها في المواقف والتصريحات ، وتسابقوا على تنفيذ مخططاتها والمؤامرات التي تستهدف فلسطين والمقدسات ، فإن فلسطين ستظل عربية ، ولن ينفع الصهاينة ترامب وصفقته ، ولا بن سلمان وثروته ، ولا بن زايد وإماراته ، ولا قطيع المطبعين ومن دار في فلكهم ، وسيتحقق الوعد الإلهي بالنصر والتمكين لفلسطين برجال مؤمنين أولي بأس شديد ، يضعون نهاية للغطرسة الأمريكو صهيونية ، وللخيانة والعمالة العربية ، وتنتصر لفلسطين الإنسان والأرض والتاريخ والقضية.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.

قد يعجبك ايضا