الأمم المتحدة تقر بأن 6 ملايين يمني فقط يملكون مقومات العيش ولا تقوم بدورها
المحامي والناشط الحقوقي حميد الحجيلي لـ «الثورة» : مطلوب الدفع بإجراءات حقوقية دولية لمحاسبة دول العدوان
حميد الحجيلي محامٍ وناشط حقوقي على المستوى المحلي والدولي، حائز على جائزة التحدي البلجيكية لعام 2016م وشهادة الشرف الإنساني لعام 2017م، يتحدث لـ»الثورة» في هذا اللقاء عن الوضع الحقوقي في اليمن طيلة خمسة أعوام من الحرب والعدوان والدمار، والدور الذي يجب على الحقوقيون القيام به لنصرة المظلومية اليمنية وتداعيات الوضع الانساني في البلاد وما فاقمه الحصار من تضاعف أعداد المرضى والوفيات والفقراء، داعياً لإيجاد قاعدة بيانات لكافة تلك الانتهاكات لحقوق الإنسان ومواثيقها ومقاضاة مرتكبيها أمام المحاكم الدولية.. إلى التفاصيل:
الثورة / أسماء البزاز
بداية.. كيف تقيم الوضع الحقوقي والإنساني في اليمن بعد خمسة أعوام من العدوان والحصار؟
– لا تزال الانتهاكات ضد المدنيين اليمنيين مستمرة بلا هوادة، مع الضرب بمحنة الشعب عرض الحائط وغياب أي إجراءات دولية لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم.. لقد خلف قصف طيران التحالف الذي تقوده السعودية دماراً شاملاً في البنية التحتية، والمنشآت الحيوية والصناعية، ناهيك عن قصف المدنيين العزل .وأدى الى انهيار متدرج في اقتصاد البلاد التي تعد من الأفقر في العالم العربي حتى قبل الحرب.
كارثة إنسانية
وهل لديك احصائيات حول تداعيات الوضع الانساني في البلاد ؟
– نعم 80% من اليمنيين بحاجة ماسة للدواء والغذاء وهذا العدد هو بحد ذاته كارثة إنسانية وهم يعلمون حجمها، فالإنسان في اليمن يموت جوعاً ومرضاً في وضع قاس لا تخفى على الأمم المتحدة تفاصيله، وقد خلص فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن الذي شكّله مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى أن الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، قد استفادتا من «غياب المساءلة» حول انتهاكات القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.. ودعا التقرير إلى وقف فوري لجميع أعمال العنف التي ارتُكبت ضد المدنيين، وشكّلت انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي الساريين، وطالب الأطراف باتخاذ الإجراءات لحماية المدنيين وضمان العدالة لجميع الضحايا.
مهمة إعلامية
هل ترى أن الإعلام اليمني نجح في عكس الصورة الحقيقية للحرب والدمار في البلاد وخلق تعاطفاً دولياً…؟
– الإعلام اليمني كان دوره جيداً، حيث وجدنا تفاعلاً لدى كثير من الشبكات الإعلامية المستقلة، خصوصاً ممن يعملون على نقل الواقع الحقيقي لما يجري في اليمن من حرب عدوانية، وحصار خانق على شعب بأكمله، ونحن بدورنا نشكرهم على ذلك.. ولكن كل ذلك ليس بالمستوى المطلوب، ويحتاج إلى المزيد من التفاعل على مستوى الإعلام الوطني في الداخل، وكذلك الإعلام العالمي الحر والمستقل والمهني الذي يرفض دائماً الإغراءات أياً كان ثمنها، بل يظل صادحاً بصوت الحقيقة.
تجاذبات إقليمية
هل وصلت مظلومية القضية اليمنية دولياً، وما مدى تفاعل المجتمع الدولي معها؟
– لقد وصلت المظلومية لكن العالم لا يحرك ساكناً؛ لأن التجاذبات الإقليمية والدولية ألقت بظلالها على الوضع الإنساني في اليمن وسط حالة من تقاعس دولي واضح عن تقديم أي جهد حقيقي لوقف العدوان، وإنهاء الحرب، ناهيك عن أن تحالف العدوان الذي تقوده السعودية لم يحترم مبادئ القانون الدولي الإنساني، حيث مارس العقاب الجماعي ضد المدنيين بالقصف العشوائي والحصار، واستخدام التجويع وسيلةً من وسائل الحرب، وهي جرائم حرب بحسب اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولين الإضافيين الملحقين بها.
ظاهرة فارغة
ماذا عن دور المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن للتخفيف من حد الكارثة الإنسانية؟
– دور هزيل جداً حيث يعتبر دور المنظمات الإنسانية في اليمن خلال فترة العدوان مجرد ظاهرة إعلامية، وتصريحات جوفاء، وزيارات فارغة لا تقدم ولا تؤخر، ولا وجود لأي أعمال إنسانية على الواقع في مختلف المحافظات اليمنية، ورغم الوضع الكارثي الذي يعانيه المواطن اليمني في ظل الحرب من حصار اقتصادي، وانتشار وباء الكوليرا بشكل كبير، وتدمير كلي للبنية التحتية، وتردٍ للأوضاع المعيشية، وقصف مستمر على مدى خمسة أعوام، يطال المدارس والمستشفيات والمنازل والطرقات، وقتل متعمد للأطفال والنساء، وانعدام المستلزمات الطبية، وانهيار شبه تام في كل مقومات العيش والحياة، ومع ذلك لا يوجد دور إيجابي للمنظمات الإنسانية.
– ونستطيع القول ان المنظمات الإنسانية والحقوقية بمختلف توجهاتها ومسمياتها وعلى رأسها الأمم المتحدة عجزت وفشلت، بل تعمدت أن لا تفعل أي شيء لخدمة الشعب اليمني، فعلى الرغم من الحصار المفروض على جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية لم تستطع الأمم المتحدة أن تجبر دول التحالف على فك الحصار المفروض على مطار صنعاء، وكذلك السماح للمواد الإغاثية بالوصول إلى الموانئ اليمنية.
حيث يعاني النشاط الإغاثي في اليمن من إخفاقات جعلته محل انتقادات علنية، خاصة في ظل تدهور الوضع الإنساني في البلاد نتيجة الحصار والحرب الظالمة على بلادنا، حيث تشير تقارير وبيانات الأمم المتحدة إلى أن نحو 21 مليون يمني، من إجمالي عدد السكان البالغ 27 مليون نسمة، يحتاجون إلى المساعدات الإغاثية العاجلة، ما يعني أن من يقدرون على العيش في اليمن هم ستة ملايين فقط نتيجة التقصير في أداء المنظمات الإغاثية، سواء كانت محليه أو دولية.
نشاطات ذاتية
هل هناك عمل حقوقي موحد لنصرة القضايا الحقوقية في البلاد..؟ وما وجه القصور في ذلك؟
– لا يوجد عمل حقوقي موحد وإنما يتم بشكل فردي، سواء على مستوى المنظمات أو الناشطين الحقوقيين، ناهيك عن أن معلومات رصد الانتهاكات يتم احتكارها على منظمات حقوقية معينة، أو ناشطين حقوقيون معينين، وبالرغم من ذلك إلاَّ أن دور النشطاء والحقوقيين اليمنيين، ومن انضم إليهم من الناشطين العرب في العالم، ومنظمات المجتمع المدني في الخارج، كان فعالاً فقد نقلوا الجرائم التي ترتكب بحق الشعب اليمني للعالم، ولفتت انتباه الرأي العام العالمي، وكذلك الشعوب التي تقود أنظمتها هذه الحرب وتقف خلف هذه الجرائم بكل وسائل الدعم اللوجستي.
تداعيات كارثية
ماذا عن تداعيات الحرب الاقتصادية لتحالف العدوان على الوضع الإنساني؟
– تم نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، وانتقلت معه مصائر آلاف الموظفين في القطاع العام إلى المجهول. خاصة أولئك الذين يعيشون في المناطق التي تقع تحت سلطة حكومة الانقاذ الوطني، فلم تتعامل حكومة هادي (مرتزقة الرياض) معهم كمواطنين وتدفع لهم رواتبهم، حيث أن موضوع الرواتب هو من أخطر المواضيع التي تمس حياة أكثر من سبعة إلى ثمانية ملايين يمني، وهي آخر الأمور التي تربط الموظفين بالدولة، وبالتالي توقف المرتبات يشكل خطورة وسيضاعف من حدة الفقر، ويزيد من عدد الفقراء.
انعكس قرار نقل البنك إلى عدن، سلباً على الموظفين والمتقاعدين والفقراء الذين كانوا يحصلون على معونات مالية، في صنعاء ومناطق أخرى تقع تحت سلطة حكومة الانقاذ الوطني، ونعرف موظفين قرروا بيع جزء من أثاث منازلهم كي يستطيعوا شراء بعض المواد الغذائية لأسرهم، وبعضهم أضطر لنقل عائلاتهم إلى منازل أهاليهم في ريف صنعاء، كما اضطروا العديد من الموظفين لترك وظائفهم والبحث عن مصادر رزق غير مرتبطة برواتب وظائفهم الحكومية.
المفترض حقوقياً
ما هو الدور المترتب اليوم على الحقوقيين؟
– هو الحرص على العمل الحقوقي بشكل مهني وحيادي في رصد الانتهاكات حتى تكون تقاريرهم مقبولة لا يستطيع أي طرف الطعن فيها.
* كلمه أخيرة لكم؟
– أولاً: ندعو منظمات الأمم المتحدة إلى الاضطلاع بدورها تجاه معاناة المدنيين وتدهور حالتهم جراء العدوان والحصار، وتوقف الرواتب وما تسبب فيه من وضع كارثي وفقاً للتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني، وفي المقدمة الأمم المتحدة وهيئاتها، وندعوها إلى أهمية تفعيل التقييم الذي من خلاله تكون هناك وقفة إنسانية إيجابية للحد من تدهور الوضع المعيشي والإنساني للشعب اليمني، ونشدد على أنه لا يجوز الصمت إزاء الوضع الكارثي لأبناء الشعب اليمني، ولا بد من تقييم فوري وعاجل للوضع الانساني في اليمن من المجتمع الدولي والقيام بواجبه في أسرع وقت ممكن.
ثانياً: ما يقوم به اللواء عبدالكريم الحوثي وزير الداخلية من أجل تفعيل دور المحاسبة في التجاوزات التي تحدث من قبل أقسام الشرطة يشكر عليه، لكن نريد منه فتح قنوات تواصل مباشر مع النشطاء الحقوقيين لمعرفة تلك التجاوزات ؛ لأن هذه الطريقة سوف تحد من التجاوزات بشكل أكبر.
ثالثاً: ندعو مؤسسة الرئاسة إلى فتح قناة للتواصل مع النشطاء الحقوقيين عبر دائرة الحقوق والحريات.