الخفايا كارثية لكننا هنا نتحدث عن المأساة والمشكلة وبينهما شيء من حياة، وكثير من التساؤلات المنطقية الموجعة تعيدنا لمربع (أين مخرج الطوارئ) ؟!
في السطور التالية شيء من قضية شائكة لم تعد خافية .. « تهريب الأدوية « بين ( تداعيات العدوان .. الإنسانية .. الجريمة.. وإصرار العدو على قتل شعب بأكمله).. لنتابع:الثورة/ سارة الصعفاني
خليل موسى ( مواطن) يقول: في زمن العدوان وتقسيم وطننا لا شيء يوحي بأن الأدوية النظامية جيدة وخضعت للفحص حتى نرفض دواءً مهرباً مجرباً، وليست كل الأدوية تالفة أو تعرضت للحرارة.
مضيفاً: السوق لا تنقصه الأدوية إلا ما يكتبه الطبيب في الوصفة الطبيّة لكن المشكلة في حيرة المريض وتشتته بين البدائل، ولكل صيدلية تسعيرة.
من جانبه يوضح الصيدلاني (ع. ك) – فضَّل عدم ذكر اسمه – دورهم في مواجهة الأدوية المهربة حيث قال: كل دواء ليس فيه ختم الوكيل يعد مهرباً لكن المواطنين لا يميزون ولا يدركون المخاطر المترتبة كما أن فارق السعر بين المهرب والمرخص كبير؛ كمثال سعر دواء للقلب عند الوكيل 25 ألف ريال في حين نجده مهرباً بثمانية آلاف ريال.
متابعاً: كل ما نستطيع توفيره من أدوية نعرضه في الصيدلية رغم وجود كاميرا مراقبة؛ فالواقع المأساوي فرض منطقه.. من يجرؤ أن يشارك في القتل.. الألم قاتل أحياناً.. حقيقة طبية.
حاولنا الاقتراب من القضية بالتوجه إلى الهيئة العليا للأدوية الجهة المكملة لدور وزارة الصحة والمعنية بالأدوية ومراقبة المنافذ، إلا أن مدير إدارة الرقابة والتفتيش الدوائي د. عبدالعزيز القدسي رفض التحدث رغم الموعد المسبق، وبعد قطع المسافات؛ ولأسباب غير معروفة.
متحدثاً عن دورهم الرقابي يقول د. سيف مسؤول عمليات هيئة الأدوية : ضبط المنافذ البرية والبحرية والجوية أساس مكافحة التهريب ولكن في ظل العدوان لم تعد كل المنافذ تحت السيطرة ولم تعد هناك ميزانية لكن الرقابة مسؤوليتنا وعمليات المصادرة والإتلاف لن تتوقف، متابعاً: تهرب الأدوية الحيوية والمعدومة والمحدودة بكمية لا تناسب حجم الطلب عليها وكل دواء مخفض في البلدان.
وفي حديثه عن كيفية حدوث التهريب قال: إشكاليتنا في التهريب أنه يتم على دفعات وبكميات بسيطة، تخبأ في أماكن لإتلاف الأدوية لا تهريبها كمحرك السيارة، وفي الأغلب ضمن بضائع، ويسلك المهرب طرقاً برية وعرة لا أحد يمر عبرها، وبعيدة عن النقاط الأمنية.
وفي إطار حديثه عن مختبر هيئة الأدوية والإجراءات المتخذة قال مسؤول عمليات الهيئة : إمكانيات المختبر ضعيفة ولا أظنه يستوعب فحص جميع الأدوية الرسمية المسجلة سابقاً لكنه لا يتوانى عن فحص الأدوية في ظروفنا الراهنة للتأكد من سلامتها، فإن كانت الأدوية مزورة أو منتهية الصلاحية أو لشركات ليست معتمدة من هيئة الأدوية فالاتلاف المباشر مهمتنا حيث ليس بالإمكان في هكذا وضع إعادتها لبلد المنشأ ،وتتكفل وزارة الصحة بمصادرة الأدوية المسجلة التي تصل البلاد تهريباً.
مضيفاً : ضبطنا مهربين وأبلغناهم أن الإجراءات ليست معقدة وأن بإمكانهم تسجيل شركة أدوية معينة إن كانت جيدة خاصة بعد أن درسوا الطب في الخارج بعد عمليات التهريب.. وفي أغلب الأحيان نضبط الأدوية وسائقي المركبات ونحيلهم إلى الشؤون القانونية لمباحث الأموال العامة ويفلت المهرب بجريمته لكن يكفي أنه خسر كل ما كان بحوزته من مبالغ بهيئة دوائية حيث صادرنا طن أدوية تعود لشيخ قبلي بمبلغ 50 مليون ريال، ومخازن الهيئة ممتلئة بالمضبوطات.
من جهته قال مدير عام إدارة الصيدلة والتموين الطبي في وزارة الصحة د. سمير السنافي: ليست لدينا معلومات في إدارة الصيدلة عن ماهي الأدوية الرسمية وغير الرسمية، لكن جميع الأدوية المهربة حيوية أو ذات رواج خاضعة لمعيار الطلب والبعض ليس له بديل أو أن هناك طلباً على الاسم التجاري الذي لم تعد توفره شركة أو وكيل، مع الأخذ بالاعتبار فارق السعر والسرعة بين الوكيل والمهرب.
متابعاً: تفاقم التهريب نتيجة عجز من تبقى من الوكلاء في توفير الأدوية حيث انسحبت شركات الأدوية العالمية في عام 2011م فضلاً عن تداعيات العدوان، ومشكلة سعر الوكيل المبالغ فيه نتيجة الوضع ما تسبب في حدوث أزمة دوائية.
وعن إمكانية مكافحة التهريب يرى د. السنافي أنه ليس بالإمكان منع تهريب الأدوية كلياً في ظروفنا الحالية لاعتبارات إنسانية حيث وهناك من المرضى من تتطلب حالته الصحية تناول الدواء للبقاء على قيد الحياة.
وأضاف بالقول: حملاتنا الميدانية تستهدف الأدوية المهربة التي لها بدائل ووكلاء ومتوفرة في السوق.
موضحاً أن المنافذ والميزانيات أساس مواجهة التهريب، حيث قال: إشكاليتنا الكبرى في كل قضية هي الدوران حول الحلقة الأخيرة « الصيدليات «البالغ عددها ستة آلاف صيدلية على امتداد وطن وفي واقع ليس فيه ميزانية مرصودة للنزول الميداني وكل ما يتم تنفيذه من حملات أو استجابة لبلاغات صيادلة يكون بمبادرات ذاتية لعبت دوراً كبيراً لكن بالمقابل ضبط المنافذ هو الأساس لمكافحة التهريب.. هناك اختلالات في النقاط الأمنية وبدون تشديد الرقابة لن نعرف المهرب الرئيسي؟!
وعن العقوبات أوضح الدكتور السنافي أنه في حال إثبات الجريمة لا يوجد في القانون عقوبة رادعة؛ فغرامة التزوير ثلاثة ملايين ريال أما التهريب فالغرامة بين خمسين ألفاً وثلاثمائة ألف ، وعشرة آلاف ريال عقوبة مخالفة السعر.. إنها عقوبات لا تمثل رقماً لشبكة مهربين بإمكانهم توفير كمية كبيرة من الأدوية مرتفعة الثمن، وفي زمن قياسي.
لافتاً إلى أن وزارة الصحة تبنت مشروع تعديل قانون الصيدلة لتعديل ما يخص التهريب والعقوبات، وأن الضرائب لا تكون إلا على المستلزمات الطبيبة والأدوية التكميلية.
وختم حديثه بخلاصة القضية: الحالة الاقتصادية تلعب دوراً في التهريب، ومن النقاط الأمنية من يبيع القضية أمام إغراءات المال وسطوة النفوذ.. ولدوافع إنسانية بعد أن رفض الوكيل استيراد الأدوية، ولم تعد تهتم الشركات الدوائية إذ أن مبيعات الأدوية في سوق اليمن لا تتجاوز500 مليون دولار في حين قد تصل المبيعات في بلد مجاور إلى 3 مليارات دولار.
ومن زاوية جديدة تحدث مدير إدارة الصحة في وزارة الصحة د.عادل يحيى قحطة عن ضرورة تشجيع الصناعة الوطنية حيث قال: لدينا عشرة مصانع وطنية معتمدة لمسكن الآلام وتوجد مائة شركة أجنبية تستورده ، وما زلنا نضبط دواءً مسكناً للآلام مهرباً لاسمه التجاري.
وعن خطورة الأدوية المهربة يقول د. عادل: تمنع الأدوية المهربة من دخول البلدان؛ لأنها تهدد حياة الإنسان وليس لأنها فقط خارج الرقابة وغير خاضعة للإجراءات القانونية أو لكونها تنافس شركات دوائية مسجلة ؛ فالحرارة التي يتعرض لها دواء تحدد عمره وصلاحيته وليس تاريخ الانتهاء.. وكل الصيدليات دون استثناء تحت مظلة رقابتنا.
ومن ناحية طبية صيدلانية يتحدث د. خالد العزعزي/ مدير المكتب العلمي في المستشفى الجمهوري عن خطورة تهريب الأدوية حيث قال : التركيبة الدوائية تراكيز خفيفة تحارب المرض لكن إذا استخدم الدواء دون تعليمات ومحاذير وإشراف الطبيب والصيدلاني يعتبر سماً فكيف إن لم يحفظ الدواء في ظروف التخزين المناسبة والتي تختلف من دواء لآخر كأن يكون مهرباً.. هنا يخرج المنتج الدوائي عن إطار الأدوية ويصنف ضمن السموم والمواد الكيميائية التالفة الخطيرة.
لافتاً إلى ضرورة وجود قانون خاص بمزاولة مهنة الصيدلة يقول د. خالد : لا يوجد قانون خاص بمزاولة مهنة الصيدلة في بلادنا في حين أن أغلب البلدان تمتلكه « الدواء والصيدلة «كل ما لدينا قانون شامل لجميع المهن الطبية، وليس هناك نقابة للصيادلة في ضوء هذا القانون.