صلاح محمد الشامي
تتسارع دول الخليج مؤخراً في تقديم التنازلات لدولة الكيان الغاصب، وكأنها تخوض سباقاً، وتريد كل منها الفوز بالمركز الأول في هذا السباق .. ولا يكاد المواطن العربي يستوعب مدى خطورة أو أهمية هذه التنازلات بالنسبة لحكامه، المخلصين لدولة الكيان اليهودي الصهيوني، الذي استفحل وجوده في قلب الوطن العربي، كغدة سرطانية بدأت تنشر خلاياها في كل خلية من جسده.
إن اللعبة الدولية التي تخوضها الصهيونية العالمية في قلب الوطن العربي لهي أكبر من اللاعبين العرب، الذين ليسوا سوى بيادق ‘1’ بين أصابع أيدٍ خفيةٍ ‘2’بدأتْ تتكشف، حسب رغبة اللاعبين الكبار ‘3’، في مدىً مُسيطر عليه، ليتقبل المواطن العربي واقعه المرير، تدريجياً، وفق ما تسيره ماكينات إعلامهم، التي وإن اعتقدنا ملكيتنا لها، فماهي إلا إحدى أهم أدواتهم، تغذيها أنابيب نفطنا، وعقولنا المبرمجة سلفاً على تقبل الأغلال باسم الحرية، والانغلاق باسم الانفتاح، والتقوقع باسم الانطلاق والتقدم.
إن ما مارسته وسائل إعلام البحرين – كمثال – قبل استضافة ما سمي بمؤتمر “حوار الحضارات”، من تقديم اليهود بتلك الصورة التي تبعث على التقبل لدى العامة، ماهي إلا جزء يسير مما هو مقبل، وتمهيد لتقديم المواطن نفسه سُخرة بيد اليهود، لكي تتضح لنا صورة ما وصل إليه اليهود من كيدٍ تطور عبر التاريخ، حتى أصبح من الخفاء بحيث يصعب على أذكى العقول اكتشافه، والتعامل معه، بالمعطيات التي قدمها هو، لتفقد فاعليتها، وتكون مكشوفة لديه، وليس لمثل هذا الكيد إلا العودة إلى القرآن العظيم، فقد كشف نفسية هذه الكائنات الطفيلية، وكيدهم عبر التاريخ، وكيف كان تعاملهم مع أنبيائهم الذين بعثوا لهدايتهم وجلب النفع والخير لهم، وكيف قابلوا هذا الخير بالشر المطلق تجاه أشرف وأنبل من خلق الله، فكيف بنا نحن الذين لا نمثل بالنسبة لهم سوى مجرد عبيد، حسب أدبياتهم المشتهرة.
فكرة حوار الحضارات
كان المفكر الفرنسي روجيه جارودي أول من تكلم بفكرة حوار الحضارات، عبر نظريته الرائدة ومشروعه للجمع بين الحضارات المختلفة على أساس أرضية مشتركة للتفاهم على مستوى شعوب الأرض، وسماه بـ”حوار الحضارات”، ثم طرح الرئيس الإيراني محمد خاتمي نظرية حوار الحضارات في سبتمبر 1997م خلال كلمة ألقاها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يرى أن فكرة حوار الثقافات / الحضارات محاولة من أجل التفاهم بغية دحض التصادم.
* الأمم المتحدة .. و”تحالف الحضارات”:
بدأت الأمم المتحدة بممارسة لعبتها على نقاء الفكرة، بعدة أساليب، لتتحول فكرة الحوار إلى النقيض تماماً، وهي الصدام أو الصراع، صراع الحضارات. فباللعب بالمصطلحات والتعريفات، أنشأت الأمم المتحدة مشروعاً أطلقت عليه اسم تحالف الحضارات، ولأن الأمم المتحدة ليست إلا معبراً واضحاً عمَّن أنشأها، وهي قوات التحالف، التي في الوقت الراهن تذيق الشعب اليمني أقذر أنواع الحروب باسم ‘ التحالف ‘، لذلك فقد حولت وحورت كلمة ‘حوار’ إلى تحالف، وهذا بحد ذاته، بنظري، ينفي الحوار نفسه، لأنه لم يعد يتعامل إلا مع المتحالفين فقط، فأين الحوار مع المتباين والمختلف؟
وتحالف الحضارات هذا وُضع له تعريف من قبل منظمة الأمم المتحدة يفضحه، وهو كالتالي: إن تحالف الحضارات هو ( حركة دولية تشجع الحوار بين الحضارات والأديان لمحاربة الأفكار الجامدة والمواقف السلبية تجاه الشعوب، وتنوي هذه الحركة بلورة نموذج للتعايش السلمي والإنسجامي لكل الناس ).
إننا حين نناقش هذا التعريف لحركة “تحالف” الحضارات، الذي وضعته الأمم المتحدة، نجد مدى المغالطة والتحوير الذي تظهر فيه البصمة الأمريكية بجلاء، من خلال سيطرتها على مجمل أدبيات ومخرجات المنظمة التي لم تعد تعبر سوى عن طموحات الحكومات المتعاقبة للولايات المتحدة، وكأن لفظة الأمم اختزلت في الولايات.
ولنعد لتحليل التعريف الذي طرحته الأمم المتحدة لمشروعها ” تحالف الحضارات ” الذي أنشئ أساساً لتقويض فكرة حوار الحضارات: _
– فمن العنوان “تحالف” تظهر جلياً أصابع الصهيونية الأمريكية، فكل غزو تقوم به أمريكا لاضطهاد الشعوب والاستحواذ على ثرواتها، يتم إرسال جيوش باسم التحالف، وآخرها تحالف العدوان على اليمن.
– يذكر التعريف أن تحالف الحضارات حركة تشجع الحوار بين الحضارات والأديان (لمحاربة) (الأفكار الجامدة) (والمواقف السلبية تجاه الشعوب) .. إن كلمة (محاربة) بحد ذاتها ليست جديرة بالمجيء في تعريف الحوار، بما تنطوي عليه من معنى الحرب والقتل والدماء وغيره، وكلمة ( محاربة الأفكار) تعني منع الحريات، وحرية التعبير هي أولى هذه الحريات وأجدرها بقاءً، ولا يجوز بحال توجيه الحرب لحرية التعبير، وحرية الفكر .. وكلمة ( محاربة الأفكار الجامدة ) تحمل من المغالطة ما يحمله اسم الأمم المتحدة تجاه كل شعوب العالم وأممه التي فرقتها ومزقتها منظمة الأمم المتحدة منذ نشأتها، فمن سيقرر أن هذه الأفكار جامدة أو غير جامدة غير الأمم المتحدة، ويظهر جلياً في هذه الفقرة وما بعدها تدخل الإسرائيلي، فالفقرة التالية تقول ( والمواقف السلبية تجاه الشعوب )،ولو كانت صدرت من غير الأمم المتحدة لصدقناها، ولكنها لن تخدم بصدورها من مثل هذه المنظمة إلا من أسسها ومن يسيطر عليها، وهم اليهود، ومن أهم مرتكزاتهم، محاربة أفكار شعوب العالم ضدهم، وهذه الأفكار راسخة أو قل عنها (جامدة)، ولكن بسببهم، فهذه الأفكار لم تنشأ من فراغ، بل من تاريخهم الأسود عبر قرون وقرون، ويكفي شاهداً عليهم الكتب السماوية، التي سعوا إلى تحريفها، وآخرها القرآن المجيد الذي أعجزهم عن تحريفه، وألجمهم ببيانه، وفضحهم بمعظم قَصَصِه، ولا يزال شاهداً على خستهم وبشاعتهم عبر التاريخ، وهو الذي يجيز لنا بل ويحفزنا على ذكر ما هم عليه من دناءة، تحذيراً للبشرية من خبثهم ووطاءتهم.
• وإذا كنا قد تطرقنا باختصار لمشروع الأمم المتحدة (تحالف الحضارات)، ومناقشة التعريف الذي وضعته هي لهذه المغالطة، فإن العنوان بحد ذاته ينفي الحوار كما أسلفنا، إذ أن الحضارات غير المتحالفة ستكون -بالضرورة- في حال صدام أو صراع، وهو ما تعنيه وتصبو إليه منظمة الأمم المتحدة، والحضارة المستهدفة لن تكون إلا الإسلام.
* أحداث 11 سبتمبر 2001م .. وما تلاها:
• حددت الأمم المتحدة عام 2001م عام حوار الحضارات، وعينت مندوباً متخصصاً لهذا المنصب، وهو العام نفسه الذي حدثت فيه المكيدة الأكبر، ‘أحداث 11 سبتمبر’ .. أعقبت هذا الحدث تصريحات عديدة وصريحة من شخصيات غربية هامة ومسؤولة تتحدث عن حتمية صراع الحضارات، ليكرس في استراتيجياتها المستقبلية، وأهمها تصريح الرئيس الأمريكي الأسبق “بوش” بأن الحضارة المسيحية أُجبرت بفعل الآخرين على دخول عهد جديد من الصراع، وناشد صراحة بعودة مجيدة لحروب صليبية لاهبة .. تلاه رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك “سيلفيو بيرلسكوني” الذي قال بعلوية الحضارة المسيحية بالنظر إلى الحضارة الإسلامية.
• أعقب هذا الحدث توجيه التهمة للأمة الإسلامية، وتحركت بعدها حاملات الطائرات والقوات الأمريكية ولفيف من ( التحالف ) لغزو واحتلال وتدمير دول تدين بالإسلام، ولتغيير إيديولوجي وجغرافي وديموغرافي للعالم الإسلامي والأمة الإسلامية ككل.
حوار .. أم صراع؟
• من البديهي إذاً، بعد المقدمة السالفة، أن ما تريده القوى المتسلطة، ويمكننا إطلاق لقب ‘دول الاستعمار الحديث’ عليها، وهي كل من أمريكا ومن تخدمها أمريكا، والقديم ‘بريطانيا وفرنسا’ كحليفين رئيسيين، وأتباعها من دول التحالف، إن ما تريده هذه الدول كقوى عظمى في العالم هو الصراع لا الحوار.
• إن الولايات المتحدة باعتبارها دولة عظمى، كما يُنظر إليها، لو أرادت جادّةً فرض الحوار بين الدول والشعوب، بدلاً من الصراع، لفعلت،، ولكنها تبنّتْ الصراع، لغرض واحد بعيد المنال، وهو القضاء على الإسلام.
• بعد حربها للثورة الإسلامية في إيران، بواسطة قرنها الأكبر النظام السعودي وتوابعه الخليجية، بثروات الجزيرة العربية العملاقة،، لم تكف الولايات المتحدة عن توجيه الضربات لأجزاء من جسد العالم الإسلامي، حتى ظهرت فكرة حوار الحضارات، فحولتها إلى ‘صراع حضارات’ ، مقتحمةً كل مبادئ الدين السماوي، والقوانين الدولية، والأعراف الإنسانية، والحق البشري بالبقاء، معتبرة الإسلام عدوها اللدود، حسب إملاءات اليهود والماسونيين والصهاينة، فاتجه الجنس البشري برمته إلى أتون حرب، لن تلبث أن تنفجر بمشعليها، فيتحولون إلى مجرد وقود لما بدأوه، وهذه هي سنة الحياة وما يحكيه التاريخ، فلنا فيه أبلغ الدروس والعبر، (ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون). الأنعام (33).
لماذا تتهافت دول الخليح على التطبيع؟
• إن اللعبة الدولية الصهيوأمريكية في المنطقة العربية تنبئ بتغيير الخارطة العربية، ومحو دول وإقامة أخرى، وهؤلاء العبيد حكام الخليج العربي على علم بالنزر اليسير من هذه اللعبة، ولكنهم على علم كامل بأن المطلوب منهم في الوقت الراهن تقديم تنازلات أكثر، وإثبات مدى ولائهم وطاعتهم لأمريكا ولإسرائيل، التي ما قعدوا على كراسيهم وعروشم إلا بشرط الاعتراف بها ودعمها ومحاربة من يعاديها، وها هو الواقع يتجسد الآن بوضوح من خلال اللقاءات التي جمعت سياسيين وعسكريين إسرائيليين بقادة دول الخليج، في كل من الإمارات والبحرين والسعودية، بعضها علناً وبعضها أحيط ببعض الكتمان، ولكن دول الخليج تُدفع دفعاً لإظهار هذه اللقاءات وإعلانها، مسخاً للهوية العربية، ومحاولة دفعها إلى الهاوية، عبر إجبار المواطن العربي على مشاهدة مثل هذه المناظر المقززة، لأعداء الأمة وأعداء البشرية، وهم يطأون بأقدامهم أوطاننا التي كانت طاهرة قبل أن يدنسوها بأقدامهم، كما دنسوها بأذنابهم وعملائهم وعبيدهم ومؤامراتهم وعصاباتهم التخريبية ممن يلبسون الإسلام قناعاً لكل جرائمهم التي لا تمت إلى الإسلام ولا إلى البشرية بصلة..
• ومن خلال ذلك، يعتقد قادة دول الخليج أنهم يريدون بذلك التطبيع الإثبات لدول الاستعمار أنهم جديرون بالاستمرار بالعمالة، عبر فهم ما تخطط له دولة الكيان الصهيوني، ومستعدون لتقديم خدمات وتنازلات أكبر لدولة الكيان، ولأمريكا وبريطانيا، عبر تقديم الولاء والطاعة لليهود عبيد الشيطان والقائمين بدولته لتحطيم البشرية.
• بالمقابل نجد أن ما تريده دولة الكيان الشيطاني الصهيوني من هذه الخطوات التطبيعية، في زمن الحرب الصهيونية على العرب والمسلمين، ليس إلا خطوات مزمنة في إطار تخطيطها العام والمسبق، تجاه الوطن العربي والعالم الإسلامي، فهي في الوقت الراهن تحاول أن تمحو من الذاكرة العربية حقيقة كونها كياناً غاصباً يكن العداوة للعرب والمسلمين، وبهذا ينبغي التعامل معه طبيعياً، تمهيداً منه لما هو مقبل عليه من مآسٍ يخطط لصنعها في هذه المجتمعات التي قد تتقبله نزولاً عند ( حكمة ) أسيادها الحكام الذين ليسوا سوى عبيد مقهورين لهذا السرطان الأعمى الذي لا يفرق بين العضو المُضيف من حكام عبيد، وبين العضو المُضاف من مجمل الشعوب الرافضة لمبدأ التطبيع مع كيانٍ استفحل وجوده وآن اقتلاعه، بعد أن عبث بالأرض وسفك الدماء وصادر الحريات، وفعل ما فعل بشعب مسلم عربي عريق (فلسطين)، ويريد أن يصدر شروره تلك لبقية دول الوطن العربي وشعوبه.
• يريد مخططو دولة الكيان شغل العرب بأنفسهم، عبر الحروب الملتهبة فيما بينهم، وما زيارات الصهاينة للإمارات والبحرين – على سبيل المثال – إلا لإملاء الأوامر على هؤلاء المنبطحين، ذوي الكروش والقروش، الذين لا يفهمون من السياسة إلا إطاعة من أجلسهم على العروش، تلي هذه اللقاءات تحركات، شهدها اليمن في أوضح صورها عدواناً سعودياً وإماراتياً، وقوات إماراتية ومعدات ثقيلة تجوب شوارع عدن والمحافظات الجنوبية، والساحل الغربي، وجميع الجبهات، تحارب بالنيابة عن المحتل الأمريكي والبريطاني ودولة الكيان، وتمول وتدعم وتنشئ العصابات التخريبية، وتستجلب الجيوش، وتلجم المنظمات الإنسانية، وتشتغل بأخرى في أعمال دنيئة للغاية لتخريب المجتمع اليمني من الداخل.
• وتهدف دول العدوان من خلال هذا إلى تعميق العداوات بين الدول العربية، وبين الشعوب العربية، وتأصيلها وجعلها المستقبل الأسود للعرب، باعتبارهم قطعاناً لا عقول لهم، ولا قيادة لهم، بعد استيفاء تعبيد حكامنا العرب والمسلمين الخانعين، والتشكيك بكل قيادة حرة تظهر، وجعل العرب أنفسهم يحاربونها، ويقضون عليها عبر تضليلهم الإعلامي الذي وصل حداً من الترف المادي والأثر النفسي لدى المتلقي، جعل منه السلاح الأقوى في حرب غير متكافئة الأطراف، نتائجها معلومة وفق خطط مدروسة بعناية، ما لم تقف النخب المستنيرة، بإيمان قوي، وكفاءة عالية، لصد هذا الطوفان الرهيب، الذي يهدد كل القيم والمبادئ البشرية والإنسانية، ويهدد حتى الوجود البشري، بوجوه تتكلم بالحوار، ولا تبطن سوى الصراع، والصدام، والقتل، والاحتلال، والاستعباد المادي والمعنوي، وبأبشع صوره.
الخروج من المأزق
• ما من محيص لمن تكالبت عليه وسائل إعلام العدوان، حتى باتت رعونته -في نظره- هي العقل، وشذوذه الفكري هو الرأي السديد المستقيم،، أما من لا يميل إلى تصديق وسائل إعلام العدوان فإنه في منجىً من مثالبه.
• إن أقوى سلاح يمتلكه العدو، الذي يريد فرض الصراع باسم الحوار، هو الإعلام. ولما لهذه الوسيلة من تأثيرات ساحرة، فإنها هي من يمهد لتقبل الشر بصورة الخير، فالمحتل والغازي أصبح هو المُحرر، والذي يدافع عن وطنه وشعبه هو المستعمر والمحتل والذي يجب الاستعانة بالأمريكي -ذي الأطماع الاستراتيحية- عليه .. والذي يقتل الأطفال ويغتصب النساء والرجال ويدمر البنية التحتية ويدمر العملة الوطنية ويحرم المواطن من القوت الضروري بحصاره واستهدافه للمدنيين، هو الوطني الغيور والحليف الصديق، ومن لا يؤذي حتى الأسرى، ويقوم بالدفاع عن وطنه وشعبه ويصون الأعراض والممتلكات هو الهمجي الذي يجب التصدي له.
• إن ما تفرضه وسائل الإعلام من أخطار على أمتنا، يلزمنا التصدي لها بمثلها، بوسائل الإعلام، والإعلام المسؤول والجاد والهادف.. لا يحتاج الموضوع إلى دراسات مستفيضة، ولا يجوز التقاعس والكسل، في زمن متلاحق، لا تدري ماذا تخبئ لك الساعات المقبلة من مفاجآت.
• إن رجال الرجال في ميادين العزة والكرامة يبذلون أنفسهم العزيزة رخيصة للدفاع عن كل معتقد وأرض وعرض، وهم بذلك لا يصونون وجه الوطن اليمني فحسب، بل ويصونون وجه الإنسانية من الزوال، والبشرية من الإندثار، إنهم يقدمون الصورة الجلية، والمثال الواضح لإمكانية دحر الباطل مهما تمنطق بالزيف، وتدرع بالإمكانيات الهائلة التي لا مجال لمقارنتها بجندي حافي القدمين لا يحمل سوى سلاحه الشخصي، وبرغم ذلك تفر أمامه أقوى وأحدث دبابات عدوه،،
إن الخطر الحقيقي، ليس بآلات العدو، بل بفكره، بإعلامه، بما يريده لهذه الأمة من هوان وذل وعبودية، وكل ذلك قد يأتي تحت مسميات فارهة المعاني، وهي مفرغة من كل معنىً حقيقي، قد يدعو حتى للوقوف على أثره، فالاستعمار والاستعباد باسم التحرير، والصراع باسم الحوار.
• إن الوعي، والتوعية المستدامة هي أهم من تقديم الخبز والدواء، وعلى النخب السياسية والفكرية والثقافية إعداد وتنفيذ برامج جادة لتوعية المجتمع بخطورة المرحلة، وما تنويه دول وأنظمة العدوان، وجعل هذه التوعية مستدامة، كونها ضرورة حتمية للتصدي لأعنف هجمة شهدتها حضارةٌ إنسانية، عبر التاريخ.
• إن ما تخبئه الأيام القادمة ليس إلا النتائج الطبيعية لتحركنا، أو لجمودنا وانبطاحنا واستسلامنا، وعلينا أن نصنع مستقبلنا، وفق ما نريد، لا وفق ما يريد لنا من يبذل كل ما سخره بالعلم والمعرفة والتقنية لإذلالنا، ومحقنا، ومحونا من الوجود .. ولن يتبقى وقت للمنبطحين للتباكي على وقت ضيعوه، أو ناصر خذلوه، وستكون النتيجة الحتمية إما حياة بكرامة، أو عيش مقيت بذل واستكانة، فالقادم من خطط أعداء الإنسانية فوق ما يتصوره عقل، أو يفرضه منطق.
=====================
المراجع :
1 – القرآن الكريم.
2 – وليم جاي كار. أحجار على رقعة الشطرنج.
3 – شيريب سبيريدوفيتش. حكومة العالم الخفية. ترجمة: مأمون سعيد. دار النفائس. بيروت – لبنان. الطبعة التاسعة 1411 هـ.
4 – من يحكم العالم سراً.
5 – صراع الحضارات. ويكيبيديا.
6 – روجيه جارودي. حوار الحضارات. كتاب إلكتروني.
7 – روجيه جارودي. الإرهاب الغربي. 2004م pdf.
8 – بروتوكولات حكماء صهيون. دار الكتاب العربي.بيروت . لبنان. الطبعة الرابعة.