الاغتيالات على أشدها بين أدوات العدوان بإشراف مباشر من الرياض وأبو ظبي
عدن “مدينة الموت” والفوضى الأمنية العارمة
الثورة /متابعات
لا تكاد الاغتيالات والتصفيات ومظاهر الانفلات الأمني المتنامي الذي تعيشه عدن والمحافظات الجنوبية والشرقية الخاضعة تحت سيطرة قوى الغزو والعدوان ومرتزقته لا تكاد تخفت قليلاً حتى تعود بصورة أكثر دموية وعنفا.
ويقول متابعون ومراقبون للتطورات في اليمن أن ما يعرف باتفاق الرياض بين مرتزقة العدوان والذي وقع عليه ممثلو حكومة الارتزاق ومليشيات ما يسمى المجلس الحنوبي الانتقالي الانفصالي المدعوم من الإمارات منذ أسابيع في عاصمة العدوان لم يؤد إلا إلى مزيد من التوتر والصراع المحتدم بين أدوات كل من السعودية والإمارات وتصاعدت بقوة خلال الأيام القليلة عمليات الاغتيالات لتنال من كوادر أمنية دون رادع أو معاقبة، بالتزامن مع عودة رئيس حكومة الارتزاق وبعد نحو شهر من اتفاق الرياض.
وتغرق عدن منذ يوليو 2015 حين بسط العدوان ومرتزقته السيطرة عليها في عمليات الاغتيال التي استهدفت وتستهدف خطباء وأئمة مساجد وضباطاً في الأمن ورجال قضاء، وقد عادت سلسلة الاغتيالات إلى الواجهة منذ مطلع ديسمبر الجاري باستهداف مسؤولين أمنيين، وسط سيطرة وانتشار لميليشيات (المجلس الانتقالي الذي تشير إليه أصابع الاتهامات في هذه الجرائم بإشراف وإدارة سعودية مباشرة للمشهد في المدينة.
عودة الاغتيالات مجددا إلى عدن لم يكن – كما يقول محللون سياسيون- سوى واحد من عدة ملفات تشير إلى فشل تنفيذ ما يسمى اتفاق الرياض الذي يهدف بحسب المحللين إلى تمكين مليشيات الإمارات الانفصالية والتهيئة لتقسيم اليمن وإعلان الانفصال رسميا لتسقط نهائيا الشعارات التي رفعتها دول تحالف العدوان في شن حربها على اليمن وفي مقدمتها أكذوبة دعم الشرعية.
وباتت عدن في الآونة الأخيرة تلقب بمدينة ” الاغتيالات”، على خلفية تزايد الفوضى الأمنية العارمة فيها حيث شهدت مؤخرا سلسلة من الاغتيالات الجديدة.
ففي الأول من ديسمبر الجاري اغتال مسلحون مجهولون، مدير البحث الجنائي بمديرية المنصورة في عدن، الرائد صلاح الحجيلي، برصاص مجهولين في حي العيادات.
وكان الحجيلي قد نجا، في يناير 2016م، من محاولة اغتيال بعبوة ناسفة زُرعت في سيارته.
وبعد أقل من 48 ساعة من هذه العملية أطلق مسلحان يستقلان دراجة نارية الرصاص على رئيس قسم البحث الجنائي في شرطة العريش بمديرية خور مكسر شرق عدن سالم لهطل، أثناء مروره قرب مسجد السنة في منطقة العريش، وتسبب في وفاته على الفور.
وما بين الـ30 من نوفمبر والـ3 من ديسمبر، شهدت مدينة عدن أيضاً 4 عمليات اغتيال، استهدفت مدنيين، بينهم أئمة وخطباء مساجد، وسط فشل أمني كبير في وقف تلك العمليات، وعدم تبني أي جهة المسؤولية.
كما نجا في 2 ديسمبر الجاري، عبد الفتاح السعدي، قائد ما يعرف بأركان اللواء الخامس عمالقة من محاولة اغتيال بعد استهداف سيارته بعبوة ناسفة في خط التسعين بمديرية المنصورة بعدن، إضافة إلى نجاة مدنيين اثنين آخرين.
ويتبادل المرتزقة من أدوات الرياض وأبو ظبي المسؤولية عن تلك الجرائم حيث يتهم مسؤولو حكومة الارتزاق الإمارات ومليشياتها بالوقوف خلف عمليات الاغتيالات ففي 25 نوفمبر الماضي نشرت قناة “الجزيرة” تحقيقاً عن ملفي الاغتيالات والسجون السرية، قالت إنها حصلت عليهما عبر محاضر تحقيق مع متهمين بتنفيذ عمليات اغتيال، وشهادات حصرية.
التحقيق ذكر أن المحاضر المسربة تقع في 87 صفحة، وتشمل إفادات 4 متهمين بالمشاركة في الاغتيالات، وتذكر الأسماء الكاملة للمتهمين الأربعة، وكل من يتعامل معهم، كما تضم اعترافات مفصلة باغتيالهم عدداً من أئمة عدن.
ونصت المحاضر على أن المسؤول الأول عن عصابة الاغتيالات في عدن كان يعمل مع الإماراتيين، وتحديداً مع ضابط إماراتي لقبه “أبو خليفة”، كما توثق إفادات المتهمين بأسماء الشخصيات المتورطة وأدوار المنفذين، بالإضافة إلى الجهات التي تمولها وتوجهها، وعلى رأسها مليشيات الحزام الأمني والاستخبارات الإماراتية.
وتتوافق الاعترافات مع ما ورد في تقرير لفريق من الخبراء البارزين تابعٍ لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أكد أنه رغم اختلاف الخلفيات السياسية والفكرية لضحايا عمليات الاغتيال فإن ما يجمعهم هو تأثيرهم في المجتمع وانتقادهم العلني للإمارات والمليشيات التابعة لها.
مدينة الموت
يقول المحلل السياسي اليمني ناصر الماوري، إن مدينة عدن تحولت بالنسبة لليمنيين إلى “مدينة الموت”، بعدما أصبحت الاغتيالات ملازمة لها في كل وقت.
ويضيف: “الإمارات منذ سيطرتها على مدينة عدن في 2016م، أثبتت تعاوناً تاماً لها مع تنظيم القاعدة الإرهابي، من خلال تصفية كل شخص يعارضها أو يعارض مليشياتها التي لا تزال تسيطر في جنوب البلاد، ولذلك لا عجب أن تعود هذه الاغتيالات”.
ويقول المحللون السياسيون بان التوتر المتصاعد بين أدوات العدوان في عدن والمناطق المحتلة عموما ينذر بمزيد من جولات الصراع الدموي بينهم خاصة وأن جميع المؤشرات تؤكد رعاية كل من السعودية والإمارات لهذا الصراع والعمل الدائم على تغذيته بهدف توسيع الخلاف بين أدواتهما وبالتالي تسهيل الوصول الى الهدف المشترك لدول العدوان بتمزيق اليمن وتعزيز الهيمنة على ثرواته ومقدراته.