قد يرى البعض أن الجمهورية الاسلامية في ايران تسبح أمس عكس التيار الجارف ، تيار الانبطاح امام الهيمنة الامريكية ، وتيار التطبيع مع عدو الأمة ومغتصب مقدساتها، باستضافتها مؤتمر الوحدة الاسلامية بمناسبة المولد النبوي الشريف، الذي اعلنه الامام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) اسبوعا للوحدة الاسلامية، وتأكيدها على القضية الفلسطينية كقضية محورية للامة الاسلامية.
بعد إخراج أمريكا وحلفائها في المنطقة وفي مقدمتهم السعودية والكيان الاسرائيلي، مصر والعراق وسوريا من دائرة التأثير في القرار العربي ، وبعد تطبيع بعض الدول العربية مع الكيان الاسرائيلي ، وبعد اخذ القرار العربي والجامعة العربية رهينة بيد انظمة رجعية متخلفة كالسعودية والامارات والبحرين، بات الحديث عن القضية الفلسطينية وضرورة الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني ضد العدوان الصهيوني، وكذلك الحديث عن الوحدة العربية والاسلامية ، لا طائل من ورائه، بل حديث تجاوزه الزمن.
ما أصبح لدى من يقود الجامعة العربية اليوم ، شيء من الماضي بل لا طائل من ورائه، هو بالضبط الشغل الشاغل للجمهورية الاسلامية في ايران، رغم كل ما تعانيه من ضغوط وحروب نفسية واقتصادية طالت الغذاء والدواء، فالإرهاب الاقتصادي الذي يطال ايران على مدى اربع عقود سببه الاول والاخير، هو موقفها المبدئي من القضية الفلسطينية، التي ترى ايران فيها القضية الوحيدة التي يمكن ان يتوحد حولها المسلمون ، لتشكل بذلك الارضية امام الوحدة الاسلامية.
هذه الحقيقة اشار اليها قائد الثورة الاسلامية اية الله السيد علي الخامنئي لدى استقباله المشاركين في مؤتمر الوحدة الاسلامية ، عند تأكيده على ان ضعف اتحاد المسلمين هو السبب الرئيسي لكل مآسي المسلمين ، بمعنى ان الوحدة الاسلامية هي مفتاح حل جميع مشاكل المسلمين، وهذه الوحدة يمكن ان تجد في القضية الفلسطينية منطلقا لها ، لذلك فإن أي تجاهل أو استهداف للقضية الفلسطينية، من قبل اي كان، هو في الحقيقة استهداف للوحدة الاسلامية.
كما أكد سماحته على أن سبب عداء امريكا لإيران هو بسبب موقفها من القضية الفلسطينية، لذلك فان كل ما يقال عن إيران من قبل الامريكيين واذنابهم هو كذب في كذب، فأعداء الاسلام وعلى رأسهم اميركا يعارضون اصل الاسلام وجميع الدول الاسلامية وإن سلاحهم الرئيسي في المنطقة هو التغلغل إلى المراكز الحساسة ومراكز صنع القرار وزرع الفرقة بين الشعوب.
عندما تعارض امريكا البرنامج النووي الايراني السلمي ، فإنها لا تعارضه لأنه يشكل خطرا على الكيان الاسرائيلي ، فهي وجميع القوى الكبرى في العالم ، يعلمون علم اليقين ان ايران ليست في وارد امتلاك سلاح نووي، الا ان امريكا تسعى من وراء هذا الضجيج المفتعل حول البرنامج النووي الايراني ، وقف الحركة العلمية ومنع حصول ايران على المعرفة والصناعة النووية، ومن حرمان المسلمين من اي فرصة للتطور والحصول على التقنية العلمية والابقاء عليهم تابعين ومحتاجين دوما للغرب.
وفي تفنيد دامغ للحرب النفسية التي تشن على ايران من قبل امريكا والصهيونية العالمية، بسبب موقفها المبدئي من القضية الفلسطينية ومن الكيان الصهيوني، اشار قائد الثورة الاسلامية الى ان ايران ليست ضد اليهود، مؤكدا على ان اليهود يعيشون حاليا في إيران في أمن وأمان.
الجمهورية الاسلامية في ايران حاولت وبكل ما تمتلك من امكانيات ان تجسد عمليا الوحدة الاسلامية، عندما تبنت القضية الفلسطينية ، منذ تأسيسها على يد الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه وحتى اليوم، كما تجسد ذلك في رفض هيمنة المستكبرين على المسلمين في كل مكان، فالصفة الغالبة على السياسية الايرانية، كما اشار الى ذلك الرئيس الايراني حسن روحاني في كلمته التي القاها على هامش استقبال قائد الثورة الاسلامية للمسؤولين والضيوف المشاركين في مؤتمر الوحدة الاسلامية وسفراء الدول الاسلامية، هي اتباعها سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وانه لا فرق بين عربي او اعجمي الا بالتقوى.