الواتس والفيسبوك..دمار شامل ضحيته نساء وفتيات

الأسرة/ جميل القشم

 

تتردد على مسامعنا دائما عبارات مفادها ” مخطئ جدا من يمنح البنت هاتفاً محمولاً وتطبيق واتس وبرامج تواصل تجرها لمخالب وحش مخادع في هيئة محب مرهف يجيد انتقاء الرموز والعبارات الجميلة ونسخ الرسائل والقلوب عبر عالم افتراضي وهمي تكون عواقبه غير محمودة”..!!
بضغطة زر منحت ثقتها وصورها وخصوصياتها وكل تفاصيلها وانفتحت بسهولة لوحش مغرم ومحب رومانسي غالبا ما يكون مجهولاً ويتم تجاذب الاحاسيس إلكترونيا بلا معرفة وبلا ضوابط فتكون النتيجة مدمرة لنماذج عديدة بضغطة زر ..!!
عالم مفتوح وفضاء واسع لسلاح ذي حدين يحلق فيه المراهقون من الصغار والكبار ويدمن كثيرون على استخدام الواتس والفيسبوك للتسلية والعواطف والتواصل المضر ، نتجت عنه مؤخرا تداعيات أسرية سلبية وضحايا مجتمعية لظاهرة التواصل الاليكتروني والحوارات المطولة والتعارف وتبادل عواطف وغراميات سقطت على إثرها فتيات وشابات وتدمرت بسببها علاقات أسر معينة في المجتمع.
عالم وهمي يخترق القلوب ويكسر بسهولة حاجز الصمت والخوف من العادات والتقاليد المجتمعية التي طالما أحاطت بالمرأة لسنوات طويلة وحاصرت حريتها وقيدت طموحاتها خصوصا في بلادنا رغم الاحتفاظ بعادات ايجابية والتحفظ المجتمعي لدى كثير من الأسر ، فحينما اتسعت رقعة التواصل الاليكتروني الناعم اتسع سقف الخروج من حالة الكبت وضغوطات الحياة في اوساط المجتمع بشكل عام.
السهر الليلي العميق والانسجام والشرود المتواصل لساعات طويلة حتى في أوقات النهار يسلب الجلسات واللقاءات المجتمعية والأسرية جاذبيتها ويفقدها خصوصيتها ونكهتها القديمة والسبب هو حوار الايدي والعيون لأصنام تعج منازلنا باتت في متناول الصغير والكبير، فالغالبية هنا بمنازلهم صامتون يبتسمون للشاشات ويعبدون الحروف والصور حتى في أوقات الصلاة.
هذه الأصنام التي بأيدينا صارت تسحر الجميع وتتسبب في حدوث مشكلات اجتماعية في أوساط فئات متباينة في المجتمع منها ضياع الأطفال بسبب انغماس الآباء والأمهات مع هواتفهم وفي برامج حواراتهم التي ليس لها حدود زمنية ، فيما الأبناء يسرحون في ضياع من المذاكرة والتعليم والمتابعة وفي رقعة متسعة من شوارع الضياع مع أصناف شتى من السلبيات المضرة بهم وبأولياء أمورهم.
المسألة لا تقف عند ضياع الأطفال فحسب، بل تتعدى التضاريس والجغرافيا والأسلاك الشائكة وحدود الدول مع بعضها البعض في علاقات حب أزلية تبدأ برسالة جمعة لرقم مجهول فتبنى قصور من المحبة وأنهار من عسل الود والتواصل العميق بين حسين وهيفاء ونبيل وميساء وفؤاد وهند ويصير الكل شعراء وأدباء ومثقفين وأدعياء للنزاهة والفضيلة.
تمر الأيام والشهور والحب الأزلي يمضي بعمق بين أروى المطلقة مع فهد المتزوج وبين سلوى العانس مع العم صالح المتوفية زوجته وبين العازبة نوال غير الجميلة مع الشاب الوسيم أحمد، الجميع يتبادل الصور وأناقة الحروف وعسل الكلمات ، والجميع هنا أبطال في ميدان الوفاء وساحة الغرام.
عامان من علاقة حب كبيرة بين حسين وهيفاء انتهت بتهديدها بنشر صورها ان لم تقدم فدية مالية خوفا من الفضيحة ، وثلاثة أعوام من غرام ميساء بنبيل انتهت بسجن العاشق المخادع بعدما استنفدت معشوقته أموال أسرتها بالسرقة لتنقذ نفسها من فضيحة نشر الصور والدردشة اللا أخلاقية مع حبيبها، أما هند استشهدت على يد أخيها بعدما عجزت عن تلبية رغبة حبيبها أكثر من مرة بإرسال مبالغ مالية فاستسلمت للموت بما جنته حروفها وعاطفتها القاتلة.
أروى المطلقة هي الأخرى ضحية حب وغرام كاذب مع صعلوك استدرجها وأوقعها في شباك الخطيئة ثم رماها كقارورة ماء فارغة ، العم صالح خمسيني العمر سار على نهج المراهقين الشباب لكن بطريقة مختلفة فكتب قبل موته وصية لابنه علي بأن يتزوج سلوى بعدما لهط ذهب المرأة وبعض من مالها بحجة خطبتها من أهلها والزواج بها لكن القدر سرقه منها فمات بعد خمسة أعوام من الوعود والتهرب من الزواج ، ولنوال غصة ألم وخوف عنوانها مقاطع صور وفيديوهات لا أخلاقية تبادلتها مع فارس أحلامها أحمد، فصارت بيد عصابة من أصدقاء حبيبها للابتزاز والتهديد المستمر.
قصص عديدة ومواقف ومآسٍ تثير لغطاً وأحزاناً تتدمر بسببها بيوت وأسر وتجرح قلوب وتنتهك فيها الأعراض بفعل رسالة أو عبارة بعضها بشكل عفوي عابر، كقصة القلب الذي بعثته سميرة لزميلها في العمل أثناء حوارهما فجعل الزوج ينقلب بقلبه وكل احاسيسه على الزوجة فرمى لها ورقة الطلاق في غمضة عين، تاركا أولاده الخمسة بلا أم وللمجهول المؤلم والقاسي.
وإلى جانب بعض هذه المجازفات والمغامرات الانثوية وسوء أخلاق عديمي التربية والضمير تظل ثقافة العيب الأسود السائدة في المجتمع والافراط والمبالغة في الغيرة عند بعض الأزواج والأسر تجاه عملية التواصل عبر هذه الوسائل سبب معين لحدوث مشكلة ضحيتها المرأة ، وقد جسدت المعلمة رشا بدردشة عادية مع مجهول تطفل على صفحتها غيرة زوج متهور فدفعت حياتها ثمنا لذلك بمقتلها على يد زوجها تاركة وراءها حزنا عميقا لكل من عرفها وخبر أخلاقها وسلوكها المهذب.
رسائل واضحة ليست مشفرة أو قصصاً من نسج الخيال بل اختزلها الكاتب من صميم الواقع لينسج من خيوطها عبرة وموقفاً للجميع خصوصا المرأة والفتاة، فعلى القوارير الحذر ثم الحذر وعلى المغامرات منهن الاتعاظ من التواصل المفتوح دونما قيود وعلى المجتمع أن يرفق بالأبناء والبنات من الضياع في نوافذ اليكترونية مفتوحة وغرف دردشة قد تكون مآلاتها مدمرة وقاتلة..!!

قد يعجبك ايضا