معركة الوجود العربي
عبدالرحمن مراد
تهدف الاستراتيجيات التي تستهدف العرب والمسلمين الي إطالة أمد الحروب الطائفية وفق أحدث الدراسات الاستراتيجية طبعا وبحيث تكون أبدية أملا في الوصول الي حالة التدمير الشامل للعرب والمسلمين وبحيث تتحول هذه الأمة بنظر العالم الي محاربين لا يحبون السلام والاستقرار , وتحركهم أحقاد وثارات لا تنسجم مع حالة العالم ومصالحه وبذلك ينشأ توافق عالمي على أن القضاء على الاسلام هو الحل الوحيد لإنقاذ العالم من شروره .
“إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، والحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية» ……جاء ذلك بالنص في مقابلة أجرتها وكالة إعلام مع ”برنارد لويس”، مستشار البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط في عهدي بوش الأب والابن، وهو مستشرق بريطاني يهودي الديانة، وصاحب أخطر مشروع في القرن العشرين لتفتيت العالم العربي والإسلامي .
ومشروع التفكيك بدأ في عام 1983م وظل يراوح مكانه الى أن ظهر في بداية الألفية بالتمهيد له بأحداث 11سبتمير , وكانت تلك الاحداث مع موجات التفجير التي اجتاحت العالم هي المحرك الأساسي له ,إذ طرأت منذ 2004م فكرة الشرق الأوسط الجديد التي تمخضت فولدت حرب تموز 2006م بلبنان وهي الحرب التي لم تكن نتائجها مرضية للمنظومة الصهيونية العالمية , وللسيطرة على مقاليد الزمن وحركة التاريخ سارعوا الى تبني استراتيجية راند لعام 2007م بهدف انشاء شبكة اسلام معتدل وهي الرؤية الاستراتيجية التي نجحت الى حد ما في بلوغ أهدافها في التحكم بمصائر الشعوب , وفي الاحتلال , وتدمير الثقافة الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية , عن طريق موجة الربيع العربي وتداعياتها التي لن تقف عند حد التدمير فقط بل الى أبعد من ذلك وهو مرحلة اللا الدولة وهو الامر الذي يحدث بالفعل في جل الدول التي عصف بها ربيعها , وجار التمهيد لدول أخرى هي الآن فاعلة لكن تدميرها في قائمة الانتظار
والسعودية علي رأس القائمة من خلال اشتغال الاعلام الامريكي ضدها والتركيز على استنفار مشاعر المسلمين في خطين متوازيين هما:
– خط تدمير التطبيقات الدينية .
– والخط الثاني بيان رغبة النظام السعودي في طمس قبر الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة حيث كانت الصحف الامريكية قد أثارت هذا الموضوع ثم جاءت قضية جمال خاشقجي لتحتل الصدارة وقد لاحظ المتابع اشتغال المنظمات الامريكية على موضوع الحريات في السعودية بالتزامن مع التظاهرة العالمية لاجتماع منظمة الامم المتحدة والمنعقدة في أواخر شهر سبتمبر من عامنا هذا 2019م .
مشكلة النظام السعودي أنه ينساق وراء أمريكا دون وعي أو حسبان للعواقب التي تترتب عليها المقدمات فهي تستخدمه اليوم تحت غطاء مبررات واهية في ضرب مقدرات الأمة وضرب مراكز قوتها ويستغل العداوات لهدم تلك المقدرات والمراكز من باب الانتقام والنكاية .
والسعودية من خلال حركة التحديث التي تنتهجها اليوم تسعى لتقويض التطبيقات الاجتماعية والفكرة الدينية من خلال هيئة الترفيه ومن خلال منظومة من الاجراءات التي تتخذها من أجل أن تجاري العالم وتجلو صورتها التي تبدو أنها شاهت من خلال اشتغال العالم المتحضر على جلائها لتبدو كما هي في حقيقتها لا كما يريد المال المدنس أن تكون .
بيد أن عدوان السعودية على اليمن مع ما صاحبه من توحش ومن جرائم حرب وقعت فيها ستكون هي القشة التي تقصم ظهر البعير وتظل السعودية تدفع فاتورتها زمنا طويلا .
الموضوع الذي تستغرق السعودية نفسها فيه في اليمن لن يكون ذا أهمية في الجانب السياسي ولا في الجيوسياسي لا على المدى القريب ولا البعيد ولكنها تنساق وراءه سوق البعير الضالة , فالمركزية الإقليمية ستكون لإيران من خلال جملة من المعطيات التي يفرضها واقع الحال , منها على سبيل المثال : تنامي قدرات ايران العسكرية , واتساع رقعة نفوذها في الاقليم , ودوليا لن يكون من مصلحة امريكا أن تنحاز ايران لخط الصين وروسيا فهي اليوم تقوم بترويضها حتى تضمنها في خطها أو تضمن الحدود الدنيا من الحياد , رغبة منها في لعبة التوازنات التي تدير حركة الاقتصاد العالمي بعد خروج الصين بكل ذلك الثقل لتفرض شروطا موضوعية تقلل من فرص أمريكا في التحكم بلعبة التوازنات الدولية .
لقد خاب ظن السعودية مرات عدة خلال مدة زمنية وجيزة وبان لها خذلان امريكا لكنها لا تعتبر وتظن الأمر عاديا , فالسعودية وفق إعلامها كانت تؤمل نصرة امريكا في أزمة سفن الخليج , وضربة السفن النفطية في الفجيرة , ونصرتها في ضربة أرامكو , ولكن أمريكا قالت بصريح العبارة لن نحارب بالنيابة عن أحد , ذلك أن أمريكا تسير وفق استراتيجية واضحة الخطوط والاهداف , ولا يمكنها أن تحيد عنها والسعودية كانت وما تزال هدفا رئيسا في تلك الاستراتيجية بما تمثله من رافعة دينية ورمزية مكانية في قلوب المسلمين قد يترك ذلك أثرا واضحا في البنية الثقافية والعقائدية للعرب وللمسلمين .
لن يطول بنا الامد حتى نرى السعودية واقعا متحولا ومتشظيا وفتاتا تأكل منه الطير ولا يجد آل سعود من يسقيهم كاسات الكرامة التي أترعوها بغباء لا نجد له مثيلا في تاريخ الدول فقد أحاطوا أنفسهم بالعداوات وحاصروا جغرافيتهم بالثأر وحالات الانتقام ولا نصير للظالمين .