نهاية العدوان مرتبط بصمودنا

السفير عبدالله سلام الحكيمي لـــ”الثورة”: اليمن يملك اليوم زمام المبادرة الاستراتيجية بعد نجاح أبطاله في صناعة الأسلحة المتطورة

> تعزيزات القوات الأمريكية في السعودية مرتبطة بهزائمها المتلاحقة وبتصاعد التوترات في منطقة الخليج و”الشرق الأوسط الكبير”
> الحل للقضية الجنوبية يكون عبر التوافق الوطني الاخوي وليس عبر المراهنات الخاسرة على الخارج
> إخواننا في الجنوب وقعوا ضحية سوء تقدير فالسعودية والامارات تستهدفان اليمن شماله وجنوبه
> التحركات الأممية هي ترجمة لمصالح الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي
> العالم للأسف الشديد انساق وراء ثروات البترودولارات الخليجية

حوار / مجدي عقبة
أكد السفير عبدالله سلام الحكيمي أن صمود وتضحيات الشعب اليمني أذهل كل حسابات المعتدين والغزاة المحتلين وداعميهم الدوليين.
وأشار السياسي والقيادي الكبير عبدالله سلام في لقاء مع (الثورة) إلى أن مخططي العدوان وداعميهم وقعوا في خطأ التقدير لما قاموا به وفعلوه تمهيدا لعدوانهم منذ المبادرة الخليجية وآليتها والتلاعب بنصوصها وجعلها خارج نطاق(التزمين).
السفير سلام أوضح أن اليمن بات اليوم يملك زمام المبادرة الاستراتيجية، بعد نجاح أبطاله في صناعة الأسلحة المتطورة، وتوجيه الضربات الموجعة الى داخل أرض العدو وفي عقر داره.
وتطرق السفير الحكيمي إلى جملة من الملفات على مستوى الساحة المحلية والدولية وأشار إلى محاولات مرتزقة الإمارات تشطير اليمن وتنفيذ أجندات غربية.
كما تطرق الحكيمي في هذا اللقاء إلى الدور الإماراتي الخطير في جنوب الوطن، وكيف استطاعت أن تجند المرتزقة والبلاطجة وأصحاب السوابق وتكوين جماعات مسلحة لتنفيذ أجنداتها الخبيثة داخل أرض اليمن.. تفاصيل اكثر تجدونها داخل هذا اللقاء .. نتابع:

سعادة السفير.. ماهي قراءتك لما آلت إليه الحرب العدوانية على اليمن بعد أربعة أعوام من انطلاقتها؟
– بداية يجب علي توجيه التحية لصحيفة (الثورة) وكل العاملين فيها والقائمين عليها للدور الإعلامي الكبير الذي تلعبه في مرحلة وطنية خطيرة تحيط بوطننا وشعبنا.
كل قراءة موضوعية منصفة لمسار الحرب العدوانية التي حملت السعودية أوزارها بتنصيبها قائدة لتحالف عدوان دولي وإقليمي على اليمن، في عامه الخامس على التوالي وبما نتج عنه وتخلله من حصار بحري وجوي وبري محكم ومن قتل لآلاف الأبرياء وتدمير لكل مقومات حياة شعبنا وبناه التحتية، ودعم وتسليح وإنشاء وتمويل وتدريب عشرات الميليشيات والجماعات الإرهابية المتطرفة المتعارضة فيما بينها – وإن ربط بينها رابط المال – فإن قراءة كتلك لا شك تخرج برؤية ماثلة للعيان بكل جلاء وتؤكد:
أولا: صمود وتحد وإصرار وبذل التضحيات الجسيمة من قبل شعبنا وجيشنا ولجاننا الشعبية على نحو أذهل كل حسابات المعتدين الغزاة المحتلين وداعميهم الدوليين، الذين كانت أقصى توقعاتهم أن يتمكنوا خلال أسابيع أو أشهر قليلة جدا، على أبعد تقدير، من حسم الموقف عسكريا، وإخضاع اليمن كلها لاحتلالهم وسيطرتهم الكاملة. هذا الصمود والتحدي الباسل ما كان ليفهم ويقدر تقديرا سليما استنادا إلى معايير الأرقام وحجم القوى والحسابات المادية المجردة، لأنه غيب حساب الإيمان والحق والوطنية والدفاع المقدس عن النفس والأرض والعرض.
ثانيا: وقع مخططو العدوان وداعموهم في خطأ التقدير لما قاموا به وفعلوه تمهيدا لعدوانهم منذ المبادرة الخليجية وآليتها والتلاعب بنصوصها وجعلها خارج نطاق(التزمين) وهي (المزمنة) وتعمدوا عدم تنفيذ الجداول المزمنة للمهام التي تضمنتها، وخاصة تأخير عقد مؤتمر الحوار الوطني حتى شارفت مدة المبادرة والمرحلة الانتقالية على الانتهاء، وتسليم كافة مقومات السيادة الوطنية (من جيش وأمن والمخرجات المفترضة لمؤتمر الحوار الوطني ومشروع الدستور والشؤون المالية والاقتصادية لسفارات الدول الاجنبية النافذة والمنظمات الدولية الخاضعة لهيمنتها) ففككوا الجيش والأمن وأداروا أخطر وأوسع عمليات التصفيات الدموية الرهيبة لقيادات وكوادر الجيش والأمن والقيادات الوطنية النظيفة.. إلخ. كل ذلك كان بمثابة تهيئة المناخ والأرضية لعدوان كان مخطط له من قبل ينتظر التنفيذ! وظنوا أن لا مقاومة ولا صمود سيواجههم إلا من ردود فعل منفصلة هنا وهناك لن تلبث حتى تنطفئ.
كما أن مخططي العدوان وداعميهم الدوليين وقعوا في خطأ استراتيجي قاتل حين أوعزوا لعملائهم الخونة عرقلة إتمام الحوار السياسي لمرحلة ما بعد انتهاء المرحلة الانتقالية (حوار موفنبيك) بصنعاء برعاية أممية، ثم تبعوا ذلك باستقالات جماعية (الخائن عبدربه منصور هادي وخالد محفوظ بحاح) أي استقالة الرئاسة والحكومة الانتقاليتين التوافقيتين، والإصرار على تعطيل مبدأ تصريف الأعمال إلى أن يحل الإشكال، في تعمد فاضح لإيجاد حالة فراغ سياسي دستوري يوقع البلاد في حالة انهيار شامل وبما يسهل للعدوان ابتلاع البلاد سريعا وبسهولة، وظنوا أن ليس هناك في الساحة من قوة تستطيع ملء ذلك الفراغ، وتحول دون حدوث الانهيار الشامل، فكان أول فعل على طريق مواجهة قادم العدوان، مبادرة حركة أنصار الله الى القيام بفعل الضرورة إذ أمسكت بزمام الامور تفاديا للانهيار الشامل للاوضاع، ولم يكن ذلك الفعل فعلا انقلابيا بحسب المتعارف عليه في الانقلابات العسكرية وغير العسكرية، كما يحلو لأبواق العدوان ومرتزقته تكراره على المسامع بكرة وعشيا، بل كان فعلا وطنيا مبادرا، لولاه لكانت اليمن قد استبيحت من قبل تحالف العدوان العسكري الأجنبي الغاشم دون مقاومة فعالة وطويلة المدى، وهي التي ألقي على كاهلها لاحقا عبء قيادة حركة تحرر وطني عمادها الجيش واللجان الشعبية في مواجهة تحالف العدوان والاحتلال الاجنبي بقيادة واعية كفؤة ووطنية مخلصة لا تساوم على المبادئ وقضايا السيادة الوطنية واستقلال القرار الوطني بعيدا عن مؤثرات القوى الأجنبية.
ونحن في العام الخامس للعدوان والحصار، وبتضحيات جسيمة وبصمود أسطوري وعزم لا يلين، ضاعفنا قواتنا أضعافا وطورنا أسلحتنا بعد أن نفضنا عنها غبار المخازن وصنعنا العديد من الأسلحة المتطورة في ظل الدمار والحصار، وبفضل من الله وبتضحيات آلاف الشهداء العظماء الأبرار والجرحى الذين رووا بدمائهم الطاهرة تربة اليمن العزيز السيد الكريم الحر المهاب، أصبحنا نملك زمام المبادرة الاستراتيجية ، ووجهنا الضربات الموجعة لتحالف العدوان داخل أرضه وفي عقر داره، وسيطرنا – ولا نزال – على عمق أراضيه، ودمرنا منشآت حيوية له في أقاصي مملكته، وكذلك الحال في مواجهة قواته الغازية ومرتزقته داخل وطننا، وكل تلك المنجزات والانتصارات، التي لا تراها أعين بها رمد، هي التي أدت إلى تفكك دول تحالف دول العدوان وانفضاض عدد منها عنه، وتصاعد الآثار والانعكاسات الاقتصادية والمالية والاستثمارية والتنموية السلبية والمدمرة لقادة التحالف (السعودية والامارات).
إننا في العام الخامس للعدوان نمضي بخطوات واثقة ثابتة على طريق النصر بإجبار الغزاة المعتدين على لملمة امتعتهم المتبعثرة والرحيل عن وطننا مكللين بعار الخيبة والهزيمة.
إلى ماذا يؤشر التصعيد اليمني الأخير في استهداف منشآت سعودية لاسيما مع تنامي القدرات العسكرية اليمنية والإعلان عن دخول أسلحة نوعية جديدة ميدان المعركة مثل الصواريخ المجنحة كروز وقدس1؟
– ‏يؤشر كل ذلك إلى قوة موقفنا وصلابة صمودنا وعزمنا على هزيمة العدوان ودحر قواته الغازية المحتلة مهزومة عن وطننا، لكن المؤشر الأقوى لكل ذلك هو أن اليمن الآن وفي هذه المرحلة التاريخية أصبح منيعا وقوة مؤثرة في الإقليم كله فلم يعد اليمن اليوم كما كان بالأمس، وعلى أي قوة أجنبية تريد العدوان على اليمن مستقبلا أن تفكر ألف مرة وأن تعد نفسها للهزيمة سلفا مع فقدان سيادتها وكيانها إلى الأبد. اليمن اليوم بات يحسب له ألف حساب وسوف يلعب دورا محوريا في قادم الأيام في تقرير مصائر المنطقة الإقليمية برمتها.
كيف ترى ما يدور في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة وخطورة المخططات التقسيمية التي تتبناها دولة الإمارات وتعمل على تنفيذها، وإنشاءها كيانات ومليشيات وفق أسس مناطقية وقبلية قد تعيد الجنوب إلى عصر السلاطين والمشيخات؟
– كان هناك تشوش في الرؤية الوطنية (سواء على المستوى اليمني أو حتى على المستوى الجنوبي) حين بدأ العدوان على اليمن، فوقع الكثير من اخوتنا في خطأ التقدير حين رحبوا بالعدوان السعودي الإماراتي المدعوم أمريكيا وغربيا، ورفعوا أعلامه وصور قادته الذين ينظرون إليهم وكأنهم مخلصون أو منقذون أو الذين سيقدمون لهم الجنوب ويعيدون لهم دولة الجنوب على طبق من ذهب، ومع تشوش الرؤية تلك لم يميزوا بين الثابت الوطني والمتحول الأجنبي ولم يفطنوا إلى حقيقة جلية بأن كل من الإمارات والسعودية هما في الأول والأخير تابعتان للغرب الأمريكي البريطاني وحلفائهما وأنهما لا تستطيعان حتى حماية وجودهما إلا اعتمادا كليا على أمريكا والغرب وبالتالي فإن فاقد الشيء لا يعطيه، ومسألة فصل الجنوب أو عدم فصله ليست بيد أي منهما أصلا، وبدا لهم الأمر مؤخرا أن تحالف العدوان لا هو مع الوحدة ولا هو مع الانفصال ولكنه مع مصلحته المستمدة من مصالح أمريكا وبريطانيا والغرب عموما وهم يسعون إلى تمزيق الجنوب وتدمير الشمال وإغراق الكل في بحر من الاضطرابات والاقتتال والفوضى العارمة لكي لا تقوم لليمن جنوبا وشمالا أي قائمة كدولة وكيان وطني محترم، وإلا كيف يمكن لعاقل لديه حد أدنى من العقل أن يفسر إنشاء وتدريب وتمويل وتسليح عشرات الميليشيات والجماعات المسلحة المتطرفة والمجرمين واللصوص والقتلة في الجنوب تحديدا من قبل من قيل إنه جاء يحرر الجنوب مثلا والواقع إن إخواننا في الجنوب أدركوا مؤخرا انهم وقعوا ضحية سوء تقدير وحسن النية حين تبين لهم أن هدف العدوان بشقيه المتكاملين (السعودية والامارات) هو تمزيق اليمن كله والتهامه وشطبه عن الخارطة كوطن (شمالا وجنوبا)، وإن لم يستطيعوا تحقيق ذلك فلا اقل من تفجير حروب وصراعات يمنية – يمنية واقتتال يمني- يمني يغذونه هم فيما بعد إن اضطروا إلى الرحيل عن اليمن ليبقى اليمن متقاتلا مدمرا مفككا متناحرا إلى ما لا نهاية، وهذه الصحوة المتأخرة، في الجنوب تحديدا، هي التي تفسر إرهاصات الرفض الشعبي المتنامي في الجنوب للعدوان الخارجي وبروز مؤشرات ميدانية على بداية مواجهته بوسائل شتى، ونحن نقول إن انفصال الجنوب لن يكون هو الحل بل قد يعود بالجنوب إلى عهود السلطنات والمشيخات السابقة ولكن على نحو أشد تناحرا وصراعات بتمويل خارجي ليسهل ابتلاع هذا الجزء أو ذاك والسيطرة عليه أرضا وثروات وهنا مكمن الخطر الداهم الذي ينبغي التنبه له من قبل إخواننا في الجنوب الذين عليهم أن يدركوا بأن الحل الذي يريدونه لأنفسهم لا يأتي من قبل الغزاة الأجانب مطلقا بل يأتي بتوافق وطني يمني صرف وأي حل يريدونه بإرادتهم الحرة يمكن أن يتحقق عبر ذلك التوافق الوطني دون قيد أو شرط سوى استفتاء إخواننا الجنوبيين بالحل الذي يقررونه وحدة أو انفصالا.. المهم أن يأتي الحل عبر التوافق الوطني الاخوي وليس بالمراهنات الخاسرة على الخارج وقواه الطامعة.
هل تعتقد أن المليشيات الموجودة اليوم خارج إطار مؤسسات الدولة قادرة على تأسيس دولة؟
– دعني إذا سمحت أن أزيل اللبس عن مصطلح الميليشيا حيث صار اليوم يعني غير مفهومه، فالميليشيا كلمة إنجليزية تعني المجموعات الشعبية المتطوعة لمساندة جيشها النظامي من ناحية، وتعني من جهة أخرى الجماعات المسلحة التي تقاتل من أجل التحرر الوطني لبلادها من الاحتلال الاستعماري الأجنبي ولهذا فهي تسمية لقوى ومجاميع شريفة لها غايات نبيلة.
أما ما هو قائم اليوم وخاصة في الجنوب فهو عبارة عن جماعات مسلحة من المرتزقة الإرهابيين والمتطرفين والمجرمين الجنائيين والقتلة واللصوص وأصحاب السوابق وحتى بلاطجة الحارات الذين جمعهم المال الحرام وحل محل رابط العقيدة والإيمان بعدالة القضية ونصرة الحق، وهذه المجاميع، والذين عبروا عن نزعتهم الإجرامية الشريرة والمتأصلة في مسار حياتهم في شكل جديد يرتبط الآن بقوى خارجية تمولهم وتسلحهم، بعد أن كانوا يمارسونه بشكل فردي أو جماعي محدود كعصابات خارجة عن القانون ولهذا تجد أن تلك الجماعات المسلحة – وإن تسترت بأسماء مموهة لتأكيد ارتباطها بمفهوم دولة – هي نفسها غائبة أو عميلة وخائنة لوطنها، وهي بحكم عقليتها وطبيعتها وسلوكها الإجرامي تمثل النقيض الكلي لمفهوم الدولة ومؤسساتها وقوانينها، فالإجرام فيها (طبع بغير تكلف والطبع في الانسان لا يتغير!) وهل يبني المجرمون دولة؟
‏فكل جماعة مسلحة تنشأ ما لم يكن الهدف من إنشائها دفاعا مشروعا وضروريا عن نفسها، أو دفاعاً عن وطنها وشعبها ضد قوى غازية معتدية على وطنها سواء ارتباطا بدولتها إن كانت موجودة أو بمبادرة وطنية ذاتية من قبلها إن لم توجد الدولة، فهي جماعات خارجة عن القانون ويغلب عليها طابع العصابة والإجرام.
هل ترى أن الحقائق اليمنية (الوحدة والهوية والعروبة والقومية) أكبر من المؤامرات التي تحاك اليوم؟
– اليمن عبر التاريخ لم ينهزم بمعنى الهزيمة الماحقة أبدا، كان اليمنيون يمتازون بخاصية امتصاص الصدمة واحتواء العدوان، ثم تتويهه واختراقه من داخله وتوجيه الضربات له من خارجه، في تناغم دقيق وخفي بين الأسلوبين، فكلما أراد المعتدون حسم المعركة سريعا أعاقوه بأساليب يمنية مبتكرة وإن أراد الهروب بجلده ثبطوه، وهدف اليمنيين في الأخير كان امتصاص العدوان واستنزاف قواه إلى الحد الذي يجعله يلوذ بالفرار ولا يفكر ثانية بالعدوان على اليمن، فالقوى التي كانت تبدو أنها تقاتل إلى جانبه وتستفيد من أسلحته وأمواله ، إلا قليل من التافهين، كانت في الحقيقة تنخره من داخله بقدر تنامي ساعدها من أسلحته وإمكانياته، فلا يفطن إلا متأخرا أنه وقع فريسة التكتيك اليمني المتفرد، وهذا العدوان الأخير أسخف من سابقيه بكثير، وإن كان أشدهم قوة وتسليحا وجبروتا، لكنه سيفاجأ عما قريب، إن لم يكن قد بدأ يتفاجأ بما تفاجأت به الاعتداءات السابقة على اليمن عبر التاريخ، ولاذت حين مناص، ولذلك فإن اليمن بحقائقه التاريخية والدينية والوطنية والقومية والإنسانية راسخة رسوخ جبالنا الشماء ولن يطمسها غازٍ همجي عابر وشرير فاليمن كان دائما ينهض من بين الركام ماردا منتصرا بما مثله ويمثله.
كيف تقيّم التحركات الأممية في الملف اليمني؟
– التحركات الأممية ليست أفعالا مستقلة بذاتها ولكنها تتحرك ترجمة لمصالح وأجندات ومواقف القوى الدولية الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي جميعها للأسف الشديد انساقت ولأول مرة في تاريخ المنظمة الدولية وراء ثروات البترودولارات الخليجية وفي صفقات الأسلحة أو مشاريع الاستثمار أو حرب أسعار الطاقة.. إلخ، وأيدت العدوان وصارت إما مشاركة فيه عسكريا أو مؤيدة له سياسيا عبر تأييد قرارات تصدر عن مجلس الأمن الدولي لصالح العدوان، والإرساليات الأممية لا تختار عشوائيا بل بعناية فائقة لأداء أدوار مرسومة لها سلفا وفقا لمسارات الصراع على الأرض، ولهذا يستغرب البعض الذين لا يدركون طبيعة ومهام تلك الإرساليات الأممية إلى مناطق النزاع في العالم الثالث، إن إرسالية اليمن منذ اول يوم لها وحتى اللحظة وعلى تعدد شخوص وجنسيات المبعوثين لم يتحدثوا في تصريحاتهم ولا مقابلاتهم ولا في إفاداتهم لمجلس الأمن ولا حتى بكلمة أو حرف واحد يشير إلى العدوان السعودي الإماراتي المدعوم أمريكيا وغربيا والمرضي عنه روسيا وصينيا على اليمن الذي ناصف عامه الخامس متواصلا بدون انقطاع ودمر كل مقومات الحياة في اليمن وقتل وأصاب عشرات الآلاف وحاصر واجاع الملايين من الشعب وولد أسوأ كارثة إنسانية في العالم وأكثرها هولا وترويعا.
هل سمع أي منا كلمة من مبعوث تشير ولو بأدب إلى هذا العدوان على اليمن؟! ولن يشير إلا إذا تطلب الأمر أن تبحث القوى الدولية الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن عن طوق نجاة ومخرج لانتشال تحالف العدوان الذي ورط نفسه أو تم توريطه في مستنقع اليمن ورماله المتحركة عبر تسوية سياسية للحفاظ على شيء من ماء وجه هذا العدوان الهمجي الأسخف في التاريخ والأبشع جرما!
ولهذا فإن تعويل ورهان الجيش واللجان الشعبية والقيادتين الثورية والسياسية منذ اليوم الأول على صمودنا في الميدان وتضحياتنا وتطوير قدراتنا القتالية والتسليحية في ظل أقسى الظروف، غير المسبوقة في التاريخ، لتحرير وطننا وهزم العدوان الغاشم والانتصار لإرادتنا وسيادتنا الوطنية واستقلال قرارنا الوطني، وقد ثبت صدق الرهان وصوابيته فيما نراه اليوم من صمود وانتصارات يقف العالم أمامها مندهشا.
هل ترى ان اتفاقية الحديدة سيكتب لها النجاح وهل سيكون نجاحها مدخلاً للحل السياسي في اليمن؟
– ‏يسري على اتفاقية الحديدة أو ستوكهولم الرأي الذي قلناه حول تقييمنا للتحركات الأممية آنفا، فإذا يئس العدوان ومرتزقته عن تحقيق أي حسم أو حتى اختراق عسكري، وتبينت الآيات البينات لهم أن معركة الحديدة وساحلها ستكون محرقة مروعة لهم، إن اصروا عليها، فلا شك أن الاتفاقية ستنفذ وبحذافيرها كمدخل للحل السياسي أو التسوية السياسية العادلة والواقعية كسبيل لإخراج تحالف العدوان من مستنقع الوحل الذي غاصت فيه قدماه، وإن لم تنجح فقد أدت غرضها في إعادة ترتيب وتنظيم الوضع القتالي والتسليحي والميداني للجيش واللجان الشعبية ليس على مستوى الحديدة وساحلها فحسب بل وعلى امتداد جبال ومرتفعات الهضبة الشرقية للحديدة، على امتدادها لعدة محافظات، ففي هذه الحالة إن تنجح الاتفاقية نجح السيف، وعلى الباغي تدور الدوائر.
كيف تنظرون إلى إعلان السعودية عن وصول قوات أمريكية إلى الرياض؟ وهل للأمر علاقة بالتوترات الأخيرة مع إيران أم أن هذه القوات جيء بها لحماية السعودية من تصاعد هجمات الجيش واللجان الشعبية؟
– ليس جديدا ولا مستغربا أن تصل قوات أمريكية أو بريطانية أو غيرها من الدول الغربية إلى السعودية أو غيرها من سلطات الحكم الملكية في المنطقة العربية فهي قامت بتخطيط ودعم ومساندة من قبل تلك الدول الاستعمارية القديمة والحديثة بما في ذلك دفع رواتب شهرية لمؤسسيها الأوائل، وهي نظم لا تملك عوامل ومقومات البقاء اعتمادا على نفسها وقواها بالنظر إلى سوء العلاقة بينها وبين شعوبها القائمة على القمع والاستعباد والقهر المطلق لحرية وكرامة شعوبها المسلوبة من كل الحقوق إلا حق الأكل والشرب إن توفر والنوم وتقديس الحكام والمسؤولين، ولهذا لا غرابة أن ترى انتشار القواعد العسكرية في عموم تلك الدول تحت دعاوى حمايتها من تهديدات غير واقعية إلا الحماية من تحركات وغضب شعوبها فقط، وإن كانت لخدمة أهداف القوى الإمبريالية والصهيونية العالمية في الأساس، ولا شك أن تعزيزات القوات الأجنبية (الأمريكية خاصة) في السعودية مرتبطة أولا بالهزائم والضربات العسكرية المتلاحقة للجيش واللجان الشعبية والتي باتت تشكل تهديدا خطيرا للنظام في السعودية وايضا لها علاقة بتصاعد التوترات في منطقة الخليج، وقبل هذا وذاك فإن لها علاقة استراتيجية بمشروع الشرق الأوسط الصهيوني الكبير وتمزيق البلدان العربية لصالح هيمنة الكيان الصهيوني ومقدمته بدأت بتمكين الكيان الصهيوني من ضم باقي الوطن الفلسطيني وأراضي دول عربية إلى كيانه وصفقة القرن وضم القدس الشريف وهدم مساكن الفلسطينيين تمهيدا لترحيلهم، وتصفية وكالة «غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» الأممية وهرولة حكام عرب متصهينين للارتباط والتبعية للكيان الصهيوني، إضافة إلى علاقة تلك القواعد العسكرية وتوسيعها وتقويتها بالصراع العالمي لضرب الدول التي تشكل منافسا قادما للهيمنة الأمريكية الأحادية على العالم كالصين وروسيا والهند واليابان وأوروبا في حال وحدتها السياسية والاقتصادية، من خلال إحكام السيطرة على طرق وخطوط ملاحة نقل الطاقة والتجارة العالمية، هذا أحد جانبي الصورة أما الجانب الآخر للصورة المتعلق بمجابهة وإفشال هذا المشروع العالمي فيطول حديثه.
من خلال تجربتكم السياسية الطويلة.. هل ترى أن المنطقة العربية مقبلة على تغيرات ستلقي بظلالها على العدوان على اليمن؟
– المنطقة العربية وحكومات بلدانها دائما، إلا من فترات تاريخية قصيرة ولت، جهات منفعلة وليست فاعلة ولهذا فلا عبرة لما يحدث فيها من متغيرات، وفي الغالب الأعم تكون تحت سيطرة مراكز التحكم لدى القوى الإمبريالية النافذة عالميا، وما جرى ويجري في اليمن من عدوان وحصار مرتبط بالأجندات والاستراتيجيات لتلك القوى الإمبريالية المهيمنة وخاصة أمريكا وبريطانيا وما تسمية تحالف العدوان على اليمن بـ (السعودي) إلا من قبيل دغدغة أحلام الحكم في السعودية وإشعاره بالأهمية من أجل تحميله مسؤولية وتبعات الجرائم والمآسي الإنسانية المروعة وشفط ثروات شعوب تلك النظم المنغلقة وسوقها كقطيع من الماشية لتلبية وخدمة مشاريع الصهيونية في المنطقة على حساب مصالح شعوبها وبلدانها، ولهذا فإن نهاية العدوان على اليمن مرتبط بصمودنا وتنامي قدراتنا القتالية والتسليحية من ناحية، وبمحور ومعسكر مقاومة المشروع الامبريالي الصهيوني العالمي، فالصراع في العالم اليوم هو مفروز بين المشروعين تاريخيا.
كيف تقرأ ما يحدث في المهرة وسقطرى؟ وهل الهدف من التواجد السعودي الإماراتي هناك هو السيطرة على الثروات ومد أنبوب نفط أم أن الأمر يتعدى ذلك إلى محاولات استهداف أمن واستقرار سلطنة عمان؟
– ما تقوم به قوى العدوان والاحتلال في المهرة وسقطرى وحضرموت وشبوة وعدن ومارب وتعز هو التأكيد العملي القاطع على حقيقة الأهداف الاحتلالية الاستعمارية لتحالف العدوان السعودي الأمريكي التي تستهدف اليمن أرضا وشعبا وكيانا وثروات ووجودا، من خلال محاولات فرض وجوده العسكري وإحداث وقائع واستحداثات عسكرية على الأرض واقتطاع أجزاء واسعة وعزيزة من الوطن ومد أنابيب نفط إلى بحر العرب والسيطرة على الجزر والموانئ اليمنية في البحر العربي وخليج عدن والبحر الأحمر وتمزيق اليمن إلى دويلات صغيرة يسهل ابتلاعها أو جعلها خزانات بشرية جائعة لتجنيدها بدوافع الضرورات الحياتية كمرتزقة لخدمة المشاريع العدوانية للقوى الإمبريالية الصهيونية العالمية في مختلف مناطق التوترات والصراعات المفتعلة في العالم.
ولا أعتقد أن سلطنة عمان مستهدفة في الوقت الراهن فهي في الحقيقة ليست معادية للمعسكر الغربي وحلفائه، وإن كان المراد محاصرتها سياسيا في إطار صراع تقاسم المصالح والنفوذ ربما يسعى تحالف العدوان على اليمن إلى إقامة ترتيبات عسكرية وأمنية واستعدادات لمرحلة ما بعد السلطان قابوس بن سعيد لإخضاعها سياسيا وعسكريا لإملاءات السياسة السعودية باعتبارها القوة المهيمنة على مجلس التعاون الخليجي.

قد يعجبك ايضا