حرب سرية بين المؤتمر المنشق والإصلاح سبقت تنصيب البركاني بطريقة غير شرعية لرئاسته (3)
اجتماع سيئون.. هشاشة موقف مفروض.. ونوّابٌ خارج نطاق الخدمة
> مليشيا الإمارات تحذر من عقد جلسة ثانية وتدعو الجنوبيين للتصدي لذلك
> أعضاء الاجتماع غير قادرين على فرض تواجدهم في أي محافظة لأن الشعب لا يرى فيهم ممثلين له
> بيانات الاجتماع لا تعني للشعب والبرلمان والسياسي الأعلى شيئاً
الثورة /عبدالقادر عثمان
اجتماعٌ سقطت عن أعضائه المؤيدين للعدوان على اليمن والتابعين له شرعية تمثيلهم لشعبهم، فاتجهوا خارج الوطن ليتشتتوا في دول العدوان، فيما عادت الدول المعتدية لاستخدامهم مؤخراً، فقررت إعادة تفعيلهم لخدمة مشروع حربي واحتلالي قتل الآلاف من اليمنيين، بما فيهم الأطفال والنساء، ودمر البنية التحتية وخلق أزمة اقتصادية وغذائية وخلّف أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
اجتماع سيئون الذي جاء بعد سنوات من القتل والدمار الذي تسبب به العدوان لم يكن له قبول في الوسط الشعبي في عموم المحافظات، بل على العكس من ذلك، فقد أثبتت الفيديوهات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي حجم الرفض الشعبي في محافظة حضرموت للاجتماع، وتمثل ذلك في التظاهرات اليومية التي نفذها أبناء المحافظة قبل أن تعزّز السعودية قوات عسكرية إلى المحافظة لقمع الأهالي وفرض إقامة جلسة واحدة.
عاصمة محتلّة
قبل ذلك، كان من المقرر عقد الجلسة في عدن التي يعتبرها الرئيس المنتهية ولايته عبدربه هادي عاصمة مؤقتة ويعتبرها المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات وأتباعه عاصمة ما يسمونه بـ “الجنوب العربي”، غير أن الأخير عارض الجلسة وهدد السعودية بتصعيد غاضب حال أصرت على الاجتماع في عدن باعتبارها مدينة لا تمنح موطئ قدم واحد لمن أسماهم بالمرتزقة (رغم أنه لا يختلف عنهم).
وجه قبيح
تلك التهديدات دفعت المملكة إلى اختيار سيئون التي تسيطر عليها مليشيات حزب الإصلاح التابعة للسعودية منطقة آمنة لعقد جلسة للنواب، وهو خيار يخالف لوائح مجلس النواب ودستور الجمهورية اليمنية اللذين يعتبران أي جلسة خارج العاصمة صنعاء باطلة وغير قانونية ولا تمثل الشعب، لكن السعودية التي خافت من سيطرة الإمارات على حضرموت كـ(عدن)، وما يمكن أن يخلفه ذلك من فشل لمخططها الرامي للوصول إلى البحر المفتوح، لم تكن تعنيها اللائحة الداخلية للمجلس ومثل ذلك الدستور بقدر ما يعنيها تعزيز قواتها لفرض السيطرة على الوادي والصحراء والساحل ما كشف للعالم واليمنيين قبح وجه التحالف الذي اتخذ من اسم “الشرعية” مبرراً للسيطرة على المحافظات وتدمير اليمن.
احتلال مدينة جديدة
وبعد ثلاثة أشهر من الجلسة الأولى التي ضمت نواباً سقطت عضويتهم واتُّهموا بالخيانة العظمى لليمن تعاود السعودية اليوم محاولة عقد جلسة ثانية في مدينة أخرى غير سيئون التي تحقق فيها الاحتلال، ومما لا شك فيه أن العدوان قد وضع عينه على محافظة أخرى يبدو فيها نفوذه قليلاً كالمهرة التي لا زالت تقاوم التواجد العسكري السعودي في أراضيها، وهو احتمال يقلل من شأنه حجم الرفض الشعبي القوي في المحافظة للتواجد السعودي الإماراتي.
ضعف وهشاشة
اجتماع سيئون، الذي هو بالنسبة للسعودية يمثل البرلمان والسلطة التشريعية للفار هادي، أثبت هشاشته من خلال بيان الجلسة الأولى الذي أكد عدم قدرة من يدعّون أنهم الشرعية على فعل أي شيء سوى التباكي على ضعفهم والاحتماء بالسعودية، وأظهر عجزهم عن إدانة الممارسات السيئة للقوات الإماراتية الاحتلالية بحق أبناء المحافظات الجنوبية أو حتى استنكار رفض الإمارات عقد جلسة النواب في عدن على الأقل، واكتفى النواب في بيانهم بإلقاء التهديد والوعيد للمجلس السياسي الأعلى الذي يقاوم العدوان ويرفض كل ممارساته ويتصدى لمحاولات النيل من السيادة والنظام والدولة والشعب، ولم يكتفوا بذلك بل دعوا – في بيانهم – العدوان إلى استمرار مشروعه في اليمن.
قدرات صاروخية
تلك الحالة من الضعف التي وصل إليها أعداء الوطن أفرزتها التطورات المتسارعة في الأحداث وتحولات الموقف من الدفاع اليمني إلى الهجوم ومن المقاومة إلى الرد بالمثل كما أثبتت قدرات القوة الصاروخية اليمنية خلال الأشهر الأخيرة، وما يبعث على السخرية في الأمر هو أن هذا الضعف دفع بالعدوان ومرتزقته إلى محاولة إيجاد إنجاز واحد يذكر خلال أربعة أعوام من الإقامة في فنادق الرياض وبعض العواصم العربية والعالمية يضاهي إنجاز القوة الصاروخية اليمنية فقرروا إنشاء برلمان يكون له الحق في سن القوانين واتخاذ القرار دون الأخذ بعين الاعتبار أن دراسة جدوى مشروع كهذا ستخبرهم منذ اللحظات الأولى أن هذا أمر لا فائدة منه لأنه غير قانوني.
لكن العدوان الذي انتهك كل القوانين الإنسانية والدولية وانتهك سيادة الوطن اليمني بتأييد من باعوا أنفسهم ووطنهم من السياسيين والعسكريين قرر تجاوز الدستور والقانون وأقام الجلسة بعد تنصيب القيادي المؤتمري السابق المقرب من الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح عفاش، سلطان البركاني رئيساً للنواب بطريقة سرية مخالفة للائحة البرلمان التي تنص على أن تتم عملية ترشيح وانتخاب رئاسة المجلس بشكل علني، وهذه التحركات سبقها خلاف كبير بين قيادات المؤتمر المنشق عن المؤتمر الشرعي في صنعاء وبين قيادات حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي رشح البرلماني السابق ووزير مالية هادي في حكومة الجرعة صخر الوجيه لرئاسة الاجتماع، لكن الصراع انتهى لصالح البركاني لأن الإصلاح (وهو فرع الإخوان المسلمين في اليمن) مصنّف لدى المملكة السعودية جماعة إرهابية ستتخلص منها حال انتهت من متاهتها في العدوان على اليمن.
لم يكتمل النصاب
وعلاوة على ذلك فإن اجتماع سيئون لم يكتمل فيه النصاب اللازم لعقد جلسته، حيث حضر نحو 106 من أصل 301 وهو أقل من نصف العدد بنحو 45 عضواً، كما أن هذا العدد مشكوك فيه خاصة مع الصور التي أظهرت القاعة شبه خالية إلا من أشخاص موزعين على مقاعد متباينة، ما يدل على الفشل الذريع الذي منيت به السعودية ومرتزقتها في محاولة إحياء جسد ميّت.
تهديدات ودعوات
وفي الوقت الذي عاد فيه الحديث عن إمكانية عقد جلسة ثانية للاجتماع فإن ردود الفعل حول هذا الموقف كثيرة ومختلفة، فمنها ما يتعامل مع الأمر بسخرية ومنها ما يحذر ويهدد. ويرى الانتقالي الجنوبي أن عقد جلسة أخرى أمر في غاية الخطورة، ومعه وجّه دعوة لأبناء المحافظات الجنوبية إلى الثورة ضد ذلك واصفاً إياه بالاحتلال، كما شن نشطاء محسوبون عليه حملة اعتذار لمن أسموهم بـ “شهداء الجنوب” لأن الاحتلال عاد من جديد، في إشارة إلى مليشيات علي محسن الأحمر التي تسيطر على سيئون.
وعلى الرغم من أن المجلس الانتقالي هو أداة من أدوات الإمارات التي تحتل عدن وبعض المناطق الجنوبية من اليمن (بشكل مباشر عبر قواتها وآخر غير مباشر عن طريق مرتزقتها من اليمنيين والأجانب) إلا أن تحركاته في المحافظات الجنوبية قادرة على منع انعقاد جلسة أخرى بينما المجلس وأعضاؤه غير قادرين على فرض سطوتهم في تلك المناطق لأنهم يدركون أن لا حاضنة شعبية لديهم يمكنها أن تقف ضد تحركات مليشيا الإمارات فالشعب لا يعترف بهم ولا يرى فيهم ممثلين له بل يعتبرهم مرتزقة حالهم حال من يقاتل بالأجر اليومي مع السعودية في جبهات الحدود ومأرب وتعز أو مع الإمارات في الساحل الغربي والبيضاء وغيرها من المناطق.
لا يعني شيئاً
وإذا ما تم عقد جلسة أخرى فإن الشعب غير معترف بها؛ لأنها تخدم عدو الشعب والوطن، وتصب في مصلحة من أراد – بصورة علنية – تحويل اليمن إلى بلاد غير قابلة للعيش كما تروج لها وسائل إعلامه. ذلك الاجتماع هو بالنسبة للشعب وجه جديد للعدوان على اليمن بصورة مشرعنة لا شرعية لها ولا حق، وبالتالي فإن أي بيان صادر عن الاجتماع لا يعني للشعب أي شيء بقدر ما هو انغماس لمن حضروه في متاهات العمالة وسقوطهم في حضيض الارتزاق من المال الحرام المكتسب من دماء الأبرياء وأشلاء أبناء اليمن.
كما أنه لا يعني شيئاً لمجلس النواب الشرعي في صنعاء والذي يعتبر الأول باطلاً ولا قانونية لأي إجراء صادر عنه. ومثل البرلمان لا يعترف المجلس السياسي الأعلى بشيء من ذلك الاجتماع الذي يرى أن نوابه ارتكبوا الخيانة العظمى للوطن وأخلوا بالأمن، وبالتالي فإن قانون الجرائم والعقوبات اليمني يوجب الحكم عليهم بالإعدام ومصادرة أموالهم.
العدوان يراهم مرتزقة
دول العدوان هي الأخرى لا تنظر إلى أعضاء الاجتماع بصفتهم نواباً يمثلون شعبهم بل مرتزقة يعملون لصالحها، يحرّمون ما حرّمت ويحلّون ما أحلّت، وأدوات بيدها تحركهم كيفما شاءت وأنى شاءت وبما يحقق أهدافها الاحتلالية والتدميرية في وطنهم، وهم غير قادرين على التفوه بحرف واحد إلا بإذن تلك الدول، وغير قادرين على إدانة مجازرها بحق اليمنيين أو ممارساتها المهينة لأبناء المناطق الخاضعة لمليشياتها وقواتها، كما أن ليس باستطاعتهم اعتراض أي قرار من شأنه أن يصب بعيداً عن مصلحتهم لأنهم خرجوا عن نطاق الخدمة.
وعلى العكس من ذلك فإن البرلمان في صنعاء قادر على ممارسة مهامه بكل حرية باعتباره السلطة الأولى في البلاد والتي تمثل الشعب كل الشعب وتتحدث باسمه انطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتق النواب الذين رفضوا العدوان منذ الوهلة الأولى وصمدوا مع شعبهم الذي يقاسمهم همومه وأحزانه ويقف بجانبهم في خوض مرحلة الدفاع عن اليمن والتنكيل بالعدو.