
أكد وزير الخارجية الدكتور أبوبكر القربي انه على الرغم من أن الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية حرص على رعاية وإدارة الحوار الوطني الشامل و فك عقداٍ كثيرة كانت تواجهه بالصبر والمثابرة على إيجاد الحلول إلا أن بعض القوى السياسية المشاركة في الحوار تعمدت تجاهل الأهداف الخمسة الرئيسية التي تضمنتها المبادرة الخليجية وفي مقدمتها الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره التي أكد عليها أيضا قرارا مجلس الأمن رقم 2014 و2015 .
جاء ذلك في كلمة اليمن التي ألقاها مساء أمس الوزير القربي في اجتماع مجلس الأمن ـ المخصص لمناقشة ملف اليمن ـ برئاسة وزير خارجية استراليا جولي بيشوب بحضور وزراء خارجية عدد من الدول الصديقة والشقيقة على هامش اجتماعات الدورة الـــ68 للجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك.
وفي الجلسة التي عرض فيها مستشار أمين عام الأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى اليمن جمال بنعمر إحاطته الدورية حول آخر المستجدات في المرحلة الانتقالية اليمنية أكد الوزير القربي أن الحلول التي يتفق عليها اليمنيون يجب أن لا تنحرف عن الأهداف الخمسة التي جاءت بها المبادرة الخليجية.
ونقل وزير الخارجية تحيات الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي وتقديره للدعم الذي قدمه مجلس الأمن لليمن والذي مكنها من الخروج من أزمتها السياسية بصورة سلمية وسلسة حظيت بإعجاب وتقدير المجتمع الدولي.
وأشار إلى أن زيارة أمين عام الأمم المتحدة ووفد مجلس الأمن إلى اليمن كان لها أبلغ الأثر في نفوس اليمنيين كونها أكدت لهم التزام مجلس الأمن والمجتمع الدولي بالوقوف معهم خلال فترة المرحلة الانتقالية والعمل معهم للوصول باليمن إلى بر الأمان وأن مجلس الأمن أسهم في رعاية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ودعمها بإصدار القرارين رقم 2014 و2051.. وقال ” إنكم بلا شك تدركون أن الدور اليمني من خلال قياداته على جانبي الصراع أظهر الحكمة بالقبول بالحل السلمي وتحقيق انتقال ديمقراطي للسلطة كما أن دور الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي في إدارته للازمة بعد انتقال السلطة إليه تميز بالقدرة على احتواء كافة الأطراف ودفعها للعمل معاٍ لتنفيذ المبادرة الخليجية وفقاٍ لآليتها المزمنة كما استطاع نزع فتيل الصراع المسلح وتوجيه كافة الأطراف نحو الحوار الوطني الشامل الأمر الذي عكس مدنية وحضارة الإنسان اليمني وتغليبه لمصلحة الوطن على مصالح القبيلة أو الحزب أو الفرد”.
وقال وزير الخارجية إن مؤتمر الحوار الوطني أصبح منبراٍ للتعبير الحر والشفاف والشجاع عن المواقف المتباينة والمستفزة أيضا باعتبارها الوسيلة المْثلى لتقبل الرأي الآخر واحترامه والسبيل إلى تقديم التنازلات حرصاٍ من الجميع على إنجاح المؤتمر.
كما أثنى على جهود أمين عام الأمم المتحدة الحثيثة في متابعة العملية السياسية الجارية في اليمن ودور الدول الخمس دائمة العضوية ودول مجلس التعاون التي هيأت عبر سفرائها في صنعاء أجواء النجاح للحل السياسي من خلال توحيد مواقفها إزاء الحل السياسي وتأكيدها على أن هذا الحل ينبغي ان يكون يمنياٍ في المقام الأول.
وعبر الدكتور القربي عن تقدير اليمن لدور مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي قدمت المبادرة الخليجية ورعتها بصورة دائمة خلال الفترة الماضية ولأمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني وللمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشئون اليمن جمال بنعمر على جهودهما ومثابرتهما بغيه الدفع باليمنيين نحو التوافق على الحلول للقضايا المعقدة لاسيما خلال اللحظات الصعبة في مسيرة الحوار الوطني الشامل.. وقال ” لقد استمعتم في هذا المجلس على مدار أكثر من عامين إلى عدد من الإحاطات التي قدمها السيد جمال بنعمر والتي أظهرت التزام اليمنيين بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وبالحوار الوطني الشامل طريقاٍ لإخراج اليمن من أزمتها السياسية والسير بها نحو يمن جديد”.
ولفت إلى الجهود المضنية التي بذلها الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي مْنذ تحمله مسؤولية المرحلة الانتقالية لتعزيز الأمن والاستقرار وتحسين الأوضاع الاقتصادية رغم المحاولات المستمرة للإضرار بها نتيجة أعمال الإرهاب والتخريب.
وأكد على مسؤولية مجلس الأمن في التمسك بقراراته ورفض أية أطروحات لا تلتزم بتلك الأهداف لأن الخروج عليها يعني إعطاء الفرصة لكل طرف للتنصل مما يريد من مكونات المبادرة الخليجية والعودة باليمن إلى المربع الأول مربع العنف والصراع الذي تجنبته اليمن ونجحت في تجاوزه حتى الآن نتيجة لتبني المبادرة الخليجية ووحدة موقف مجلس الأمن مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دعم المبادرة .
وأكد الوزير القربي أن القضايا الخلافية والمطالب المشروعة لأبناء اليمن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه قد بْحثت في مؤتمر الحوار الوطني بكل شفافية ودون خطوط حمراء وتم التوافق بين أغلبية المكونات في الحوار على الحلول الناجعة لها و وضعت المعالجات في إطار الدستور الجديد الذي سيضع ملامح نظام الحكم الجديد ويحقق العدالة والمشاركة للجميع في الحكم والثروة وفي بناء دولة اتحادية ديمقراطية ويعالج الاختلالات في الإدارة والحكم والتي كانت سبباٍ رئيسياٍ في الأزمات السابقة وسيوفر الضمانات التي تمنع تكرار تجربة الماضي.
وقال إن الضامن الحقيقي للمستقبل هو الدستور والقانون ومؤسسات الدولة التي ستقوم بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني بينما الضمانات الخارجية ستكون سنداٍ للقوى السياسية اليمنية في تمسكها بتنفيذ ما اتفقت عليه.
ونوه وزير الخارجية بإحاطة السيد جمال بنعمر التي شملت مجمل التطورات في العملية السياسية منذ إحاطته الأخيرة ..لافتا إلى أن سبعاٍ من فرق العمل التسع قد أنجزت عملها عدا فريق القضية الجنوبية وفريق بناء الدولة مشيرا إلى أن عمل الفريق الأخير متوقف على نتائج عمل فريق القضية الجنوبية وبالذات ما يتعلق بشكل الدولة.. وقال ” إنه وفي محاولة لحسم هذا الخلاف تم تشكيل لجنة مصغرة من ستة عشر عضواٍ من فريق القضية الجنوبية تْمثل فيه كافة المكونات السياسية في اللجنة وعلى أساس ثمانية أعضاء من أبناء المحافظات الشمالية وثمانية أعضاء من أبناء المحافظات الجنوبية بهدف تقريب وجهات النظر وتحقيق توافق على شكل الدولة إلا أن المخاوف من تبني صياغات غير واضحة تفتح الباب أمام احتمالات الدعوة للانفصال في المستقبل قد أعاقت عمل اللجنة المصغرة .
وأضاف ” إلا انه وبعد تدخل الأخ الرئيس عبدربه منصور هادي والسيد جمال بنعمر استأنفت اللجنة اجتماعاتها من جديد ومن المؤمل ان يتمكن مبعوث أمين عام الأمم المتحدة من تجسير الهوة القائمة بين المتحاورين.
وأوضح وزير الخارجية انه ونظراٍ لأهمية هذه النقطة على نتائج الحوار ومستقبل اليمن فإن علينا إتاحة الفرصة للتوافق كما تم في المبادرة الخليجية عندما انتظر الجميع حتى تم التوافق على وضع آلية تنفيذيه لها.. مشيرا الى ان الهدف الرئيسي يجب أن يتمثل في نجاح المرحلة الانتقالية والحوار الوطني والوصول بهما إلى تحقيق الهدف المنشود منهما وبصورة كاملة .”
وأكد ان ما تحتاجه اليمن في الوقت الراهن هو تجنب فرض الحلول من أي طرف كان والحفاظ على وحدة موقف مجلس الأمن وتمسكه بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقراريه ذوي الصلة وتصديه لأية محاولات لإعاقة تنفيذ المبادرة او عرقلة الحوار الوطني .
واستطرد قائلا ” إن الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي مْصمم على نجاح المرحلة الانتقالية والحوار الوطني وإنه لن يسمح بعرقلة مسيرة الحل السياسي أو الانحراف به نحو العنف ويؤكد دوماٍ ان كافة الحلول الدستورية والقانونية مقبولة وبما يحقق العدالة والحرية والمواطنة المتساوية ومعالجة مظالم الماضي غير ان كل ذلك يجب ان يكون تحت سقف الوحدة اليمنية التي لا تمثل صمام امان لأمن واستقرار اليمن فحسب بل وللمنطقة والعالم.”
وتطرق الوزير القربي إلى التحديات الاقتصادية والأمنية التي يواجهها اليمن والتي بحثتها مجموعه أصدقاء اليمن بالتفصيل منذ يومين ..مشيرا الى أن الجهود التي تبذل اليوم للانتقال باليمن إلى نظام حكم ومستقبل جديدين لن يكتب لهما النجاح إلا اذا عولجت التحديات الاقتصادية والأمنية إلى جانب التحديات السياسية خاصة في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تواجه اليمن.
وأشار إلى أن دعم المجتمع الدولي لايزال محدوداٍ رغم إدراكه ان اليمن سار في طريق حل الأزمة السياسية بأسلوب لا يستحق الإشادة فقط وإنما الدعم وتوفير كافة الإمكانيات حتى يتسنى له المضي قدماٍ في طريق النجاح والوصول باليمن إلى مرحلة الاستقرار الحقيقي وأن ذلك بلا شك سيكون اقل كلفة على المجتمع الدولي من انجرار البلاد إلى طريق العنف والصراعات ولكي يبقى اليمن الشمعة المضيئة في تجربة الربيع العربي والتي يجب الحفاظ عليها .
وسلط وزير الخارجية الضوء على المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها ما يقارب 600 الف نازح يمني نتيجة الحروب والأعمال التخريبية للعناصر الإرهابية بالإضافة إلى وجود أكثر من مليون لاجئ من القرن الأفريقي فضلا عن البطالة والفقر وسوء التغذية التي تهدد حياة أربعين في المائة من الشعب اليمني .
ولفت إلى ان خطة الاستجابة الإنسانية للعام الجاري 2013 لم تحظ الا بـ 44 في المائة من المبلغ المرصود الأمر الذي يتطلب من مجلس الأمن البحث في سبل توفير العجز للاحتياجات الإنسانية على اعتبار ان ذلك يْعد عنصرا هاما لاستقرار اليمن .
واختتم وزير الخارجية كلمته قائلاٍ “إن الشعب اليمني يتطلع إلى موقف واضح من مجلسكم يؤكد كما أعلنتم دائما التمسك بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقراري مجلس الأمن رقم 2014 و 2051 وأن مخرجات الحوار الوطني وليس سواها هي الوسيلة الوحيدة لصياغة المستقبل الجديد لليمن وان اليمنيين وحدهم هم الذين سيقررون مستقبلهم وان اليمن الموحد هو مطلب يمني ودولي من أجل الحفاظ على امن واستقرار اليمن والأمن والسلم الدوليين .
وقال ” كما أننا على ثقة بأنكم ستكونون دائماٍ سنداٍ لليمن كما عهدناكم دائماٍ ونؤكد لكم بان اليمنيين من جانبهم مصممون على نجاح نموذجهم الفريد للحل السلمي للأزمة السياسية في اليمن وإنهاء المرحلة الانتقالية وفقا لما هو مخطط لها”.
سبأ