من بينها نقل المعركة إلى عمق دول التحالف .. تعاظم قوة أنصار الله وفشل " باتريوت "
عبدالباري عطوان : عشرة أسباب دفعت الإمارات إلى خطوات الانسحاب التدريجيّ من اليمن
الثورة /
قال الكاتب العربي عبدالباري عطوان ، أن الانسحاب الإماراتي من اليمن بات مؤكدا رغم تضارب الأنباء حول صحّة التقارير التي تحدّثت عن الانسحاب بشكلٍ مُكثّفٍ في الأيّام القليلة الماضية . وقال عطوان في مقال له بصحيفة ” رأي اليوم ” الإلكترونية التي يرأس تحريرها : الأمر المُؤكّد أنّ أبوظبي لم تعُد قادرةً على المُضي قدمًا في هذه الحرب بعد أربع سنوات من الخسائر الضّخمة، ماديًّا، وبشريًّا، وسياسيًّا، ومعنويًّا، وبات الاستمرار في هذا المأزق يُعطي نتائج عكسيّة، أبرزها نقل الخصم للمعركة إلى العُمقين السعوديّ والإماراتيّ، وتفاقم المُعارضة الداخليّة والمُجتمع الدولي لها في آنٍ ” .
وأورد عطوان عشرة أسباب دفعت الإمارات إلى اتخاذ قرار الانسحاب الذي لم تعلنه ، ولم تعلق على ما يثار حوله ، وتتمثل هذه الأسباب ـ بحسب عطوان ـ نوجزها في الآتي :
أوّلًا: نقل حركة “أنصار الله” الحرب من الأرض اليمنيّة إلى عُمق دول التحالف، سواء بشكلٍ مُباشرٍ أو غير مُباشر، لزيادة التذمّر الشعبي فيها، وزيادة القلق، وبالتّالي دفع الشعب إلى التّساؤل عن شرعيّة هذه الحرب، والخوف من تطوّراتها، والفائدة منها من الأساس وقصف مطار أبها، أحد أكبر المطارات السعوديّة وتعطيل المِلاحة الجويّة فيه، وفي ذروة موسم السياحة الداخليّة، الشّق الثاني منها.
ثانيًا: تعاظُم قوّة “أنصار الله” وامتلاكها أسلحةً مُتقدّمةً خاصّةً في مجال الصواريخ والطائرات المُسيّرة المُلغّمة، ونجاحها في تحقيق قوّة ردع فاعلة، حيّدت سلاح طيران التحالف كُلِّيًّا، وأبطلت مفعوله.
ثالثًا: تآكل ونفاذ موجودات بنك الأهداف المدنيّة والعسكريّة بالنّسبة إلى التحالف السعودي الإماراتي، ووجود أكثر من 400 هدف لدى أنصار الله في المُقابل بات في مُتناول صواريخه الباليستيّة المُجنّحة الدقيقة أو الطائرات المُسيّرة المُلغّمة.
رابعًا: انهيارٌ ملموسٌ للقُدرات الدفاعيّة الأرضيّة والجويّة لدول التحالف التي جرى إنفاق عشرات المِليارات لبنائها، فصاروخ “الباتريوت” الذي تبلُغ قيمته 6 ملايين دولار بات عاجزًا أمام صاروخ حوثي لا تزيد قيمته عن 1500 دولار، وبات يُهدّد مُعظم، إنّ لم يكُن كُل المطارات السعوديّة.
خامسًا: وجود قنوات اتّصال سريّة نشِطَة بين الإمارات وحركة “أنصار الله” ، نجحت في التوصّل إلى تفاهماتٍ غير مُعلنةٍ أبرزها عدم مُهاجمة الصواريخ اليمنية لمطارات أبوظبي ودبي، للانعكاسات السلبيّة لأيّ هُجوم على اقتصاد الإمارات، والصّواريخ التي تصِل إلى مطار أبها والرياض وجدّة يُمكن أن تصِل إلى دبي وأبوظبي.
سادسًا: وجود حالة تململ ضخمة ومُتزايدة في الإمارات الأخرى التي لم تكُن مُتحمّسة لخوض حرب اليمن، مِثل الشارقة ودبي ورأس الخيمة، رغم عدم ظُهور حالة التذمّر هذه إلى العلن، ولكنّ دُخول الحرب العام الخامس دون حسم، أو التوصّل إلى حُلولٍ سياسيّةٍ دفعها إلى الظّهور على السّطح.
سابعًا: تزايُد أعداد الخسائر في صُفوف مُقاتلي الإمارات، ومقتل وإصابة أفراد من الأسرة الحاكمة، والعائلات الكبيرة للمرّة الأولى في تاريخ البلاد.
ثامنًا: تراجُع مُستوى التّنسيق العسكريّ بين الحليفين الإماراتي والسعودي في ميادين القِتال، ولوحِظ أنّ تواجد السعوديّة في مِنطقة مثل المهرة، يتلوه انسحابٌ إماراتيٌّ منها، مُضافًا إلى ذلك انشِغال السعوديّة بالقِتال في الحد الجنوبي ومُحاولة منع تقدّم الجيش اليمني والقوّات المُقاومة الحوثيّة من جيزان ونجران وعسير.
تاسعًا: شكوى العديد من المَسؤولين العسكريين الإماراتيين من تواضُع كفاءات الجيش السعودي في ميادين القتال، رغم المعدّات العسكريّة المُتقدّمة، وقال مسؤولٌ خليجيٌّ كبيرٌ في جلسةٍ خاصّةٍ مع نُظرائه العرب “اكتشفنا أنّه لا يوجد جيش سعودي بما تعنيه هذه الكلمة من معنى”.
عاشرًا: توسيع دولة الإمارات لدائرة تدخّلاتها السياسيُة والعسكريّة وفوق قُدراتها، خاصّةً في ليبيا والقرن الأفريقي، وحتى في أفغانستان وكوسوفو، الأمر الذي فاقم من أعبائها وضاعف التزاماتها الماليّة والعسكريّة والسياسيّة في الوقتِ نفسه.
واختتم عطوان مقاله : ”
لا نستبعد أن تكون أنباء هذا الانسحاب الإماراتي التدريجي في اليمن هو ثمرة “مُراجعات” سياسيّة على أعلى المُستويات، وفي الملف اليمني على وجه الخُصوص، وربّما نرى نتائجها تنعكس أيضًا في ميادين أخرى أبرزها “بُرود” العلاقات المُتميّزة والتحالفيّة مع المملكة العربيّة السعوديّة بطريقةٍ أو بأخرى “.
ودعا السعودية إلى مراجعة مماثلة ، وقال ” : السعوديّة مُطالبة أيضًا بإجراء “مُراجعات” مثيلة وربّما أكثر تعمّقًا ووضوحًا، لأنّ الاستمرار في بعض السياسات وخوض الحُروب في السنوات الخمس الماضية باتت تكلفها الكثير ماليًّا ومعنويًّا، وتُؤثّر على صُورتها في العالمين العربيّ والإسلاميّ.
وأضاف : ” سياسة الحرب بالوكالة في اليمن فشِلت، وسياسة التّفاوض بالوكالة لم تنجح مُطلقًا، ولا بُد من الاعتراف بالطّرف الآخر والتّفاوض معه بشكلٍ مُباشرٍ، فأمريكا الدولة العُظمى اضطرّت للتّفاوض مع حركة طالبان ومن موقع النّد، مثلما اضطرّ رئيسها دونالد ترامب إلى شد الرّحال إلى سنغافورة وهانوي للقاء كيم جونغ أون، زعيم كوريا الشماليّة.” .