أشواق مهدي دومان
عجيب هذا الصنف من الجرائم انّه يخالف توجيها ونهيا في القرآن ظاهرا لا يختلف عليه اثنان وأنّ معشر من يقترفه يتواصون ، ويحضّ بعضهم بعضا ، وبالتالي تقوم جريمتهم في برود أعصاب ، وكأن ّ شيئا لم يكن ، هؤلاء من يتزوّجون ( خورة ) ويختارون بناتا ونساء من صنعاء (خاصة) فقد سمعوا عن لطافة كلامهن ونظافة عيشهن ودلال أسلوبهن ورقّة منطقهنّ ، ثمّ يقضون معهن أشهرا معدودة فيشعرون بثقل المسؤولية خاصة وزيجاتهم هنا للمرة الثانية أو الثالثة أو الرّابعة ، فيتركون هذه النساء إمّا بطلاق مباشر يصدم المرأة ، وكم سمعت عن دخول البعض منهن في صراع مع أنفسهن لدرجة اكتئابهنّ وإصابتهنّ بحالات نفسيّة تحيا معهن إلى ما شاء اللّه ، أو يتركونهن بالتّدريج بتركهن كقطع الأثاث الاحتياطيّة ويستمتعون بهجرهن والقسوة عليهن واختلاق العيوب بهنّ لتبرير الانفصال عنهن أمام المجتمع الذي يستغرب ويستهجن تفاقم وزيادة مثل هذه الزّيجات المنتهية بالفشل والفراق الموجع ، وإن لم يجد أولئك الأزواج عيبا واضحا في أزواجهم كشمّاعة يعلّقون عليها عقدا مكبوتة فيهم فهم يحلّلون لأنفسهم هجرهن بالأشهر بمبرّر أنهم سُحروا سحرا يفرّق بين الزوجين ، وقد يكون مبرّراً آخر يقول : بنات صنعاء دلوعات وكثيرات طلب، أو غير صبورات أو غير متحمّلات مسؤولية ، وبهذا يخلقون لهم مجتمعا للظلم يمارسون فيه الإجحاف بهن وكسر قلوبهنّ وبذلك لا يختلفون عمّن يتزوّج الزّواج التّجاري و زواج المسيار الذي كان قد كثر في آونة ما قبل العدوان وأكثر من تزوّج به أهل الخليج والسّعاودة بتسهيل سماسرتهم حين يغرون أولياء البنات بأموال أولئك، وباتفاق بينهم يشترطون بقاءهم لديهن شهورا محدودة معدودة ( كمتعة ) ثم يتركونهن دون تفكير بما يمكن أن يكون حمل في أحشائهن وغير مهتمين بأبناء منهم وغير مهتمين بالآثار السلبيّة الخطيرة التي تخلق فيهنّ ، وبعضهم يتركونهن دون طلاق فتسعى للطّلاق ولا تجد حتّى الفسخ في ظل قضاء مماطل لا يردع تجار الأراضي الذين يبيعون ما ليس لهم ولا الأمناء الذين يكتبون عقودا مزوّرة وما أكثرهم ، فكيف بمن ينتصف لامرأة استهين بها ، وتمنّت وأدها على أن تكون كعقار الإيجار بمخالفة نهج القرآن الذي قونن لكلّ حركة للمؤمن به ، وفصّل ومن حرصه على المرأة تكلّم بل وسمّى سورة كاملة باسم : “النساء ” – فهل بات من الضروري تقديم الشكوى بلسانهن إلى السّيد القائد الذي زاد الهمّ عليه ولولا قرآنيته أو كونه قرآنا ناطقا وبشرا ملهما وموفقا ومؤيدا من اللّه ما تحمّل حمله إنسان !!
فإلى متى يستمر أولئك الرّجال بهدم العلاقات الإنسانية وتمزيق الأنسجة الاجتماعية وإضعاف الروابط و هلهلة القيم الأخلاقية التي تضيع بأبغض الحلال وهو الطلاق الذي يفرح شياطين الجن قبل الإنس حين تتهدم المحبة ويحلّ الحقد والبغض والرغبة في الانتقام ؟ !
كيف تخاطب من يخالفون آية في القرآن تنهى عن ترك المرأة معلّقة لا متزوجة ولا مطلّقة حيث يقول ( تعالى ) :” فلا تميلوا كلّ الميل فتذروها كالمعلقة ” ،
وكأنّ هذه الآية جاءت تخصّ هذه الفئة من الرّجال ، تصفهم فهم يستعذبون تعذيب الضحايا اللاتي هن زوجاتهم وقد حرّموا زواج المسيار والزواج التّجاري والزواج العرفي من جهة و من أخرى يحللونه بمبررات أوهن وأوهى من بيت العنكبوت ؟!
فكلّ زيجة تجعل من المرأة ألعوبة لزمن محدد تجرح كرامتها ، وكلّ ما يختزنها قطعة أو تحفة احتياطيّة هو عصف عنيف وكسر لقلبها وهدم لها كعنصر فاعل مع المجتمع تهجر كل قيمة فيه بهذا النّكران والهجر والجفاء، وهذا بالتالي إجحاف بنصف المجتمع وهو إهدار للأمومة والحنان والحبّ والإيثار والجمال والحياة دونما رادع أو رقيب من ضمير أو دين أو عرف أو تقليد.
نعم : كلّ كسر لقلب المرأة واستهانة بها هو تمزيق للمجتمع وإهداره في معركة عبثيّة فوضويّة ، وهو جريمة مزدوجة لها وجه الشّرع المحلّل للزواج بالثانية والثالثة والرابعة ، ولكنّه في الوقت ذاته يظلمها، ويئدها روحا وحياة ولو رأيناها جسدا يعيش بين جموع البشر فهي جسد مفروغة منه روح الحياة .
وكم أتمنّى من مرتكبي هذه الجريمة التّفريق ( قبل الزّواح ) بين معنى كلمة زواج وبين معنى كلمة ( خورة ) التي يتضح فيما بعد أنّها تحمل معنى النّزوة التي تحمل معنى التوقيت المحدّد وهذا ما يخالف مفهوم وقيمة وغرض الزواج في الإسلام حيث وهو يعني الأمن لا الخوف، والسكينة والطّمانينة لا القلق، والحبّ لا البغض ، والبناء لا الانتقام .
موضوع للنقاش عن ظاهرة انكشف فيها مرض جديد في فئة من الرّجال الذين لا تعني الرجولة لديهم إلّا استعراض عضلاتهم أمام نساء تزوجنهم رغبة في الاستقرار والأمن والهدوء والحياة الزوجية السعيدة ثم سرعان ما تقذف بهن الريح إلى مكان سحيق من الحيرة والتيه والحزن والألم ولا ذنب لهن سوى رضاهن بالزواج منهم ، وقد اغتررن بالشّكل والظّاهر ، والسّلام .