نكبة تعز

 

عبدالله الأحمدي
عندما تصبح الجماهير أداة بيد المستبد يحقق بها أغراضه ولا يحقق لها شيئا هنا نكون قد وصلنا إلى قعر الكارثة، ويكون الحاكم قد استغل الجماهير وحولها إلى هتيفة تلوك شعاراته، وتلوح بأعلامه، وترفع صوره وتؤيد بقاءه، رغم الخسارات الفادحة التي تلحقها. بهكذا فعل تعامل عفاش مع الجماهير ( ما لنا إلا علي ) وها هم ورثته يواصلون المسيرة بإنتاج اسوأ ما كان في نظام عفاش.
مثل هكذا ممارسة حدثت في أواخر شهر مارس من عامنا هذا في مدينة تعز الحالمة التي كانت تسمى مدينة الثقافة.
حيث خرجت مسيرتان الأولى لبقايا العفافيش والثانية لجماعة الاخوان. والفارق بينهما يومان فقط.
كانت الاولى تهتف ضد الحملة الأمنية التي قادها المحور والامن تحت غطاء اوامر المحافظ العفاشي نبيل شمسان بالقبض على المطلوبين امنيا، لكن مليشيا الحشد الإخواني استغلوها في ضرب منافسهم في المدينة القديمة الإرهابي ابو العباس، كما استغلوا الحملة السابقة في عهد الشيخ الكندي امين احمد محمود.
تعز مدينة منكوبة بابنائها. عفاش نكبها بالفاسدين والمخبرين، ومن كانوا يفتون بعدم الخروج على الحاكم الظالم ما لم يأت بأمر سفاح.
بداية ثورة 11 فبراير أطلق جهاز عفاش سجناء القاعدة ومعظمهم من قاعدة السلفيين لتخريب الثورة فتعاضدوا مع الاخوان ضد حكم عفاش. وكل يريد أن يقتطع الجزء الاكبر من الكعكة. اجتمعوا على باطل فشتت الله شملهم. وما بني على باطل فهو باطل. وفي 2015م اطلقت مليشيا الإخوان سجناء مركزي الضباب واستخدمت المجرمين منهم في خدمتها. استقوى الإخوان بالمال والسلاح الذي نهبوه من الدولة، والذي أغدقه التحالف عليهم. مؤخرا خاضوا معركتهم المؤجلة. قفزوا فوق السلفيين في المدينة القديمة متهمينهم بالإرهاب. آخذين في الاعتبار ما حدث في الجنوب. ( يعني تغدى بالقبيلي قبل ما يتعشى بك. واسبق اليهودي قبل سبته ). كانت الغزوة السابقة ايام المحافظ الشيخ امين محمود قد ضربت ما سموه الارهاب في الحوض وشرق المدينة. اما هذه المرة فالغزوة استهدفت المدينة القديمة معقل العفافيش والسلف.
في تسجيل صوتي لأحد مليشيا الاخوان قال : ( بالولاعة سنحارب إرهاب ابو العباس) وكررها ( بالولاعة الشرعبي.) وحلو ان مليشيا الاخوان تستعير تكتيكات انصار الله، لكن في المكان الخطأ.
العفاشيون تعلقوا ( بأبو العباس ) واتهموا الإخوان ومعهم المحور والأمن بإبادة الناس في المدينة القديمة.
ثلاث جماعات تتصارع في تعز الاخوان والسلف وبقايا العفافيش والمواطن هو الضحية، ومن يدفع الفاتورة الباهظة من دمه وعرضه وماله.
في مظاهرة الاخوان ارتفعت صور المجرم سلمان وابنه المخبول، وصور محمد بن زائد. وعادت نغمة شكرا سلمان وإمارات الخير. وغابت نغمة الإخوان في توصيف الإمارات كقوة احتلال. مشروعان يتجاذبان الأدوات في تعز؛ القطري والإماراتي ومن ورائهما أمريكا وبريطانيا واسرائيل. والكل بدأوا من نقطة ( شكرا سلمان ) التي يكررونها اليوم.
يقال إن الاخوان يريدون أن يعطوا رسائل للإمارات والسعودية أن تعز اصبحت في ملك اليمين. ولا مكان لغيرهم في المدينة، وأن اي تعامل لابد أن يكون عبرهم.
ورسالة للإمارات للتزلف إليها على أن تعتمد عليهم في مهمتها في احتلال تعز. الإخوانية توكل كرمان كانت الأعقل فقالت مخاطبة الإخوان ان السعودية والإمارات لن ترضيا عنكم.
المحافظ نبيل شمسان هرب الى مدينة التربة بعد أن رفضت المليشيات تنفيذ أوامره بإيقاف تقدم الحملة الأمنية إلى المدينة القديمة، وقيل بعد مشادة بينه وبين سالم الدست. ذهب الى التربة محتميا بالحمادي ومليشياته بعد ان أصبح مكشوف الظهر في المدينة ولا نصير له بعد سقوط معاقل الإرهابي ابو العباس وأعوانه.
عندما خرجت تعز الى الثورة الشبابية في 2011 كانت تبحث عن دولة مدنية تحقق العدل والحرية. اليوم تعز تبحث عن ذرة أمان، وعن قطرة ماء، وعن جرعة دواء بعد ان اجتاحتها الأوبئة الفتاكة نتيجة الإهمال وتراكم القمامة في شوارع المدينة.
من ورثوا عفاش لم يتخلوا عن أساليبه، بل أنهم اضافوا اليها الفوضى والقتل المجاني والإختطاف والإخفاء القسري، وحرمان الناس من الخدمات، وأولها الامن.
عفاش باع للناس الأوهام لأكثر من ثلاثين عاما ومعه الجماعات المتأسلمة التي شاركته، وروجت لفساده وعيشت الأمة في وهم استعادة الخلافة التي اصبحت من الماضي ولمدة ما يقارب القرن وهم يسوقون الخرافة، منذ ان صنع المستعمر البريطاني جماعة الاخوان، وتبعه الامريكي في صناعة القاعدة وداعش.
أهالي تعز سكتوا حتى وصل الباطل إلى غرفهم. قلنا لهم من اليوم الاول اخرجوا ضد الحرب فرفضوا، وخرج بعضهم مؤيدين للعدوان. واليوم يحصدون ضريبة سكوتهم وتقاعسهم.
قلنا وسنكرر القول إن العصابات والمليشيات وقطاع الطرق لن يبنوا دولة، لكن البعض كان يسخر من قولنا، كما كانوا يسخرون من قولنا في عهد عفاش. كنا نقول إن البلد فيها فساد، فكانوا يردون علينا هاتوا شهوداً وإثباتات على الفاسدين.

قد يعجبك ايضا