بفعل استهداف العدوان للقطاع الصحي والخدمي بأسلحته المحرمة
“الكوليرا”.. وباء يهدد حياة اليمنيين مجدداً
الثورة / أحمد السعيدي
الكوليرا الوباء الذي اجتاح البلاد في العام 2016 يعاود الانتشار مجدداً وبقوة، ليهدد حياة ملايين اليمنيين، فقد أوضح تقرير غرفة عمليات طوارئ وزارة المياه مقارنة للوضع الوبائي لشهري يناير وفبراير 2015م مع نفس الفترة من العام 2018م وجود مؤشرات خطيرة لارتفاع معدلات الوباء بنسبة تجاوزت 28% عما كانت عليه في الفترة نفسها من العام الماضي.
وأشار التقرير إلى أنه سجلت 52 ألفاً و163 حالة اشتباه، منها ألف و362 حالة مؤكدة بالفحص السريع، وذلك عام 2018م بينما في هذا العام تم تسجيل أكثر من 67 ألفا منها تسعة آلاف و927 حالة مؤكدة بالفحص السريع على الأقل، و??? حالة مؤكدة مخبريا.
“الثورة” زارت مستشفى السبعين المكتظ بالحالات المصابة، والتقت عدداً من القائمين على استقبال هذه الحالات.. وخرجت بالحصيلة التالية :
مديرية السبعين هي أكثر مديريات أمانة العاصمة انتشارا لوباء الكوليرا، ومستشفى السبعين يعد أكثر مستشفيات العاصمة استقبالا للحالات المشتبة بالإصابة حسب تقرير حكومي، وبالفعل ما إن وصلنا مستشفى السبعين حتى وجدناه يكتظ بالحالات المصابة، ما دعا المختصين في مركز علاج الكوليرا في المستشفى إلى نصب الخيام الإضافية في حوش المركز، والتي تفتقد بعضها لأبسط الخدمات الأساسية.. وخلال تواجدنا في المركز منذ صباح السبت وحتى الساعة الحادية عشرة ظهراً تم استقبال 35 حالة اشتباه إصابة بالكوليرا منها 18 مؤكدة .
انتشار متصاعد
الدكتورة / ماجدة الخطيب – مديرة مستشفى السبعين – أكدت تصاعد انتشار وباء الكوليرا، وأطلعت “الثورة” على بعض الأرقام وأسباب تفشي هذا الوباء حيث قالت:
” المعروف أن هذا الوباء ينتقل عبر الماء الملوث وتلوث الخضروات بسبب غسلها بمياه ملوثة وعدم الاهتمام بالنظافة والصرف الصحي، ولذلك فإن انتشار الوباء في مديرية السبعين كأكبر مديرية في أمانه العاصمة وبعدها بني الحارث يعود لهذه الأسباب، ومن هنا أدعو فرق الاستجابة السريعة للتوجه لمعالجة المياه في هذه المناطق وتحديداً الآبار والمياه التي تسقي المزارع ليتم فحصها ثم كلورتها .
وأضافت: وبخصوص الأرقام التي رصدناها ففي اليومين الماضيين فقط استقبل المركز يوم الخميس 110 حالات منها 32 حالة مؤكدة وحالة وفاة واحدة وصلت من محافظة عمران، ويوم الجمعة 125 حالة منها 45 حالة مؤكدة، وكانت مديرية السبعين في الشهرين الماضيين قد سجلت 1634 حالة لتصنف في المركز الرابع على مستوى الجمهورية .
أما عن الامكانيات التي نقدمها، فنحن بحمد الله لدينا مركز متخصص فيه أكثر من 30 سريراً وخيام خارجية لاستقبال الحالات المتوسطة وكادر يعمل على مدار 24 ساعة وعدد من الاطباء المتخصصين والممرضين والمختبريين وعمال نظافة وعمال مغسلة وصيادلة مستعدون لاستقبال الحالات من النساء والأطفال الذين يعانون من الاسهالات ثم يتم تشخيصها وتصنيفها إلى أسباب كوليرا أو غيرها من الاسهالات، ونقدم جميع الفحوصات مجاناً وكذلك الادوية والسوائل وبتعاون من وزارة الصحة ومكتب الصحة ومنظمة اليونيسف التي تدعم مركز الكوليرا.
احتياجات عاجلة
لكن الدكتورة ماجدة الخطيب أكدت عوز المركز لإمكانيات إضافية قائلة: مع هذا الدعم الجيد فإن ازدياد الحالات في الأسبوع الأخير وضغط الحالات الذي فاق ما كان متوقعاً يتجاوز امكانياتنا خصوصاً في المستلزمات الدوائية والمحاليل الطبية، فخلال خمسة أيام فقط استخدمنا أكثر من الفين وخمسمائة قربة سوائل، وهذا يعتبر عدد هائل جداً، وتأتي اهمية هذه السوائل في مساعدتها على استقرار حالة المريض وعدم تدهورها لكي لا يكون هناك فشل كلوي لا قدر الله، لذلك نحن ندعو وزارة الصحة ومكتب الصحة ومنظمة اليونيسف والمنظمات الاخرى وفاعلي الخير ليدعمنا بالمزيد من الأدوية خصوصاً المحاليل الوريدية “.
وتابعت: “أما بالنسبة للتوعية المطلوبة، فنحن للأسف نعاني من قلة وعي المواطنين ما يجعلنا دائما في أخذ ورد مع مرافقي المرضى، فالكثير لم يفهم حتى الآن أن هذا المرض معد وأن المفروض إذا دخل المريض المركز أن يبقى المرافقون خارج المركز لمصلحة المريض ولمصلحتهم، كما ندعوهم لعدم احضار اي مستلزمات شخصية للمريض مثل البطانيات والملايات التي تعاد إلى البيت وتنقل العدوى للأسرة، فالمستشفى يقوم بتغطية تلك الاحتياجات والمطلوب اليوم من الوسائل الإعلامية التوعية بالتعامل بحرص مع مريض الكوليرا للحد من انتشار المرض.
100 حالة يومياً
وفي نفس السياق قال مدير مركز الكوليرا في مستشفى السبعين الدكتور عادل العلماني :
” لو تحدثنا عن عدد الحالات بداية العام 2019 فالعدد يتزايد يوماً بعد آخر، فمثلاً في شهر يناير كنا نستقبل ما يقارب 50 حالة في اليوم ومنذ 15 فبراير ارتفع العدد الى 100 حالة في اليوم، وحتى يوم أمس استقبلنا 125 حالة منها 45 حالة مؤكدة مخبريا، ومن بين 23 مركزاً في امانة العاصمة يبقى مركز السبعين من أكثر المراكز استقبالاً للحالات التي معظمها من كبار السن الذين يعانون من الضغط والسكر والفشل الكلوي ومضاعفات أخرى.
الدكتور العلماني وجه تحذيرا في المقابل، فقال: ولذلك نحذر المواطنين من خطر إهمال النظافة وعدم كلورة مياه الشرب والاستخدام وندعو إلى حملة توعية شاملة للحد من انتشار مرض الكوليرا الذي يهدد حياة ملايين اليمنيين الذين يعانون من الفقر والمرض والحصار والعدوان، كما ندعو الداعمين لنا إلى توفير المستلزمات الطبية مثل المحاليل الوريدية وأدوات التعقيم وتثقيف الناس والنزول الى البؤر الأساسية والبيئة المحيطة بانتشار المرض، كما نناشد بفتح مراكز إضافية في عدد من المديريات، فنحن في مركز السبعين نستقبل الحالات من جميع المديريات ”
ضرورة ” الإصحاح
كما التقينا بالطبيب المختص والمشرف على جميع الحالات المصابة في المركز الدكتور/ محمد عبدالمغني الذي تحدث قائلاً :
” استقبلنا خلال الأيام القلائل الماضية ما يقارب 100 حالة اسهال وطرش، وتكون نتيجة الفحص إما إيجابية أو سلبية وكانت النتائج الايجابية بنسبة 70 – 80 % فعملنا هنا في المركز ليس استقبال الحالات من المديرية نفسها بل من مديريات اخرى ومناطق كثيرة مثل الجراف والأزرقين وصنعاء القديمة وحزيز وخولان وسنحان وبني مطر، وغيرها من المناطق.
وفي تشخيصه لأسباب انتشار الوباء قال الدكتور عبدالمغني: يزيد من انتشار هذا المرض الوضع الصحي السيئ وقصور ثقافة الناس وعدم الأخذ بالأسباب الصحية كتعقيم المياه ورفع المخلفات وتوعية الناس بعدم التبرز في مناطق التلوث، فعندما يتبرز أحدهم عند مصدر مياه يتم ري الخضروات من مخلفات بني آدم.
وأضاف: نحن دورنا يتمثل في استقبال الحالات وعملنا علاجي فقط، ومكافحة الكوليرا لا تحتاج لعمل علاجي فقط وانما لابد من اجتماع ثلاث جهات تقوم بعمل اسمه ” الإصحاح البيئي ” هي: الصحة والبلدية والمياه، وهذا الإصحاح البيئي هو الذي يقلل من نسبة انتشار المرض وبالنسبة للعلاج الذي نقدمه فهو تعويض السوائل وبعض الحالات التي تتأخر في الوصول إلينا تصاب مباشرة بالفشل الكلوي فلدينا هنا 23 حالة رقود تعاني من الفشل الكلوي ” .
مناشدات مرضى
وأثناء تجولنا بين الحالات المصابة في مركز الكوليرا بمستشفى السبعين وجه بعض المصابين رسائل عبرنا وأهمها أن هناك مصابين لا يجدون أسرة فبعض المرضى يرقدون على كراس وآخرون يفترشون الأرض.
وطالب بعض المرضى بمكافحة انتشار الذباب الذي ينقل المرض عند الحوش الذي تقع فيه خيام المرضى بسبب مكب نفايات خلف سور المبنى.
بينما شكر المصابون بالكوليرا الجهود التي يقدمها المركز والأطباء والممرضون المتواجدون معهم باستمرار.